-->

رواية روضتني 2 (الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد) طمس الهوية -لأسماء المصري - الفصل 39 - 2 الأحد 10/3/2024

  

قراءة رواية روضتني 2 (طمس الهوية) كاملة
  تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

 

 


رواية روضتني 2

(الجزء الرابع من رواية ترويض الفهد)

طمس الهوية

للكاتبة أسماء المصري



الفصل التاسع والثلاثون

2

تم النشر يوم الأحد

10/3/2024

ظل يجوب الأرض إيابا وذهابا وهو ينظر لساعته بين كل لحظة وأخرى ويهتف متوترا:

-فارس لسه متحركش وكده هنتأخر.


اقتربت منه والدته تربت على كتفه:

-مش قالك نص ساعه ونتحرك؟


أومأ وهو ينظر لساعته مجددا فصدحت ضحكات أخيه الأصغر ساخرا:

-عدت نص دقيقة يا يزن لسه والله النص ساعه مخلصتش.


رمقه بنظرته الحادة وصر على أسنانه وجلس يزفر ويهز قدمه اليسرى بعصبية منتظرا الفرج حتى استمع لرنين هاتفه فأجاب فورا وهو يتحرك للخارج بعد أن وجدها نبض قلبه:

-حبيبتي.


خجلت وضغطت على شفتها وهمست:

-اتحركتوا ولا لسه؟


اتسع فاهه بسعادة وشاكسها:

-مستعجل أنت يا جميل، شويه وهنتحرك مستنيين الباشا.


جلست أمام المرآة تضع اللمسات الأخيرة على وجهها وعقبت عليه:

-كنت عايزه ياسمين تيجي من بدري بس شوشو قالت لي فارس متعصب عشان عملوا اللي في دماغهم .


انعقد جبينه متجهما وسألها:

-اللي هو ايه ده؟ 


ارتبكت من زلة لسانها واضطرت لاخباره:

-شيري عملت إن هي أنا وراحت واجهت مازن بس الحمد لله عدت على خير، ولما فارس عرف اتعصب عليهم وأنا خايفه ميجبهاش معاه عشان شوشو قالت لي انه مش هيجيبها.


لم يعقب عليها وشرد قليلا فهتفت تسترعي انتباهه:

-يزن أنت معايا؟


أجاب مؤكدا:

-ايوه، هو مازن عرف إن اللي كلمته شيرين مش انتي؟


أومأت وكأنه أمامها:

-ايوه وفارس كمان عرف، المهم دلوقتي هتعرف تكلمه تشوفه هيجيبها و ﻷ عشان أنا خوفت اكلمه يعند أكتر؟


وافق وأغلق معها وعاود الاتصال به فأجاب الأخير بعصبية:

-يا بني قولت نص ساعه وهتحرك.


سأله الآخر ضاغطا على أسنانه بالغيظ:

-هتجيب ياسمين؟


أخرج ضحكة ساخرة:

-لحقوا ينقلوا الخبر، بص يا بني من دلوقتي أعمل حسابك إن مفيش في بيتك أسرار، الثلاثي ده مبيخبيش الهوا عن بعضه.


أنهى كلماته وهو ينظر لها وهي تجمع شعرها وتضع حجابها بعد أن وضعت لمسات رقيقة جدا وغير مرئية من مساحيق التجميل:

-يعني زيتنا هيبقى في دقيقنا وهنبقى عارفين عن بعض كل حاجه.


ضحك فارس وشاطره يزن الضحك وهتف يحثه بلهفة حقيقية:

-طيب انجز الله يخليك مش قادر استنى أكتر من كده.


ضحك فارس على لهفته وأغلق معه وانحنى صوب الحقيبة البلاستيكية الموجود بداخلها زي الرقص؛ فهرعت ياسمين تخطفها من يده وتخبئها خلف ظهرها فضحك عاليا وشاكسها:

-هاتيه معانا ويلا شهلي.


اتسعت حدقتيها بذهول:

-ليه؟


غمز لها:

-عاملك مفاجأة، مش انهاردة عيد ميلادك برده؟


أومأت وعادت تسأله:

-والولاد؟


اقترب ساحبا منها الحقيبة من خلف ظهرها وقبلها من وجنتها:

-هيكونوا مع الناني.


رفعت وجهها تهز رأسها رافضة:

-انا مش هسيب ولادي تبات من غيري مع ناني، الكلام ده مبقاش ينفع من بعد داده حنان الله يرحمها.


تنهد بألم وحسرة وسحبها من يدها خارجا من الجناح ونازلا الدرج:

-مش هنبات بس هنسهر شويه بعد الخطوبه.

❈-❈-❈


خرجت من المطبخ دالفة غرفة ابنتها وتحدثت بصوت مرتفع حتى تستمع لها الفتيات:

-انا خلصت الأكل كله أهو، حد فيكم بقى يبص على النار عشان ألحق ألبس أنا كمان.


رفعت نرمين وجهها ناظرة لوالدتها واخبرتها:

خلى عمتو يا ماما البنات لسه بتجهز.


صدحت أصوات الزغاريد من بنات عمتها بفرحه وتكلمت إحداهما:

-قولي لماما يا طنط احنا عايزين نهيص شويه لنرمو.


زفرت مقوسه فمها ممتعضة وخرجت تتحدث مع اخت زوجها الجالسة باريحية بغرفة والدها وبرفقته:

-لو مش هتقل عليكي يا سحر اومي تابعي الاكل ع النار عشان الحق ألبس، الناس قربت توصل وأنا شكلي مبهدل اوي.


ضحك الجد فورا ناظرا لابنته وزوجة ابنه هاتفا:

-خلي بالك بقى يا سحر عشان والدة يزن اسمها سحر هي كمان وكده ممكن تعملوا قفله انهارده.


استمع لضحكات نرمين التي اقتربت منه وانحنت تقبل راحته ووقفت تمسك طرفي فسانتها الرقيق من الشيفون المبطن وحجاب رأسها وزينتها البسيطة وهتفت متسائلة:

-ايه رأيك يا جدو؟


اتسع فاهه ببسمة سعيدة وعقب عليها مطريا:

-زي القمر يا نرمو، أحلى من البدر.


رفعت هدى حاجبها متضايقة وأظهرت ذلك عن طريق مصمصة شفتيها وتذمرت هاتفة:

-حكمت رأيها متجبش واحده تمكيچها وقال ايه أنا هعمل لنفسي الميك أب.


ثم التفت تشير لها باذدراء:

-بقى ده شكل عروسه ده؟


علقت عمتها سحر عليها وهي واجمة:

-مالها يا هدى ما هي زي القمر أهي وبعدين نرمين مش محتاجه زواق.


دفعتها من كتفها لتخرج بعد أن ألقت نظرة ممتعضة ﻷخت زوجها وخرجت من غرفة حماها وهمست لابنتها ووجها يرسم ملامح التقزز:

-روحي ياختي اعدلي شكلك شويه ده انتي ولا كأنك حاطه حاجه.


ردت عليها بصوت حزين:

-أنا مرتاحه كده يا ماما وبعدين دي مش أول جوازه ليا وانا مش عايزه هوجه.


شوحت هدى بيدها متذمرة:

-كنتي على الأقل جبتي واحده تداري ضبك ده اللي وارثينه كلكم من اهل أبوكي.


لم تستطع الرد بعد أن استمعت عمتها لحديثها فصاحت بها:

-في واحدة تقول لبنتها العروسه كده؟ ضب ايه اللي عند نرمين؟ دي زي القمر ياختي والناس كلها بتتهبل على بناتنا اللي وارثين الضب ده يا ست هدى.


شعرت بشرارة الشجار القادمة كعادتهما كلما اجتمعتا فهرعت تستدعي بنات عمتها وتوأمتها:

-الحقوني، ماما وعمتو هيتخانقوا.


هرع الجميع ناحيتها قبيل أن يحتد الشجار بينهما وسحب كل واحدة والدتها بعيدا عن مرمى الأخرى فدلفت هدى غرفتها لتتجهز عندما اخبرتها نرمين باقتراب مجيئ نسبائهم ودلفت سحر للمطبخ لمتابعة الأطعمة المجهزة للحفل.


لم يمر الكثير حتى استمعت العائلة ﻷصوات أبواق السيارات فهرعت ساندي زوجة ياسين للداخل وهي تطلق الزغاريد؛ فصاح بها زوجها عندما وجدها تقفز بطفولة:

-براحه يا ساندي أنتي حامل.


ابتسمت بسعادة وهي تخبره:

-العريس وصل تحت.


أسرع الجميع للشرفة فوجدوا سيارتين إحداهما ليزن والأخرى ﻷخيه الأصغر فبحثت شيرين عن سيارة زوجها أو سيارة فارس فلم تجدهما؛ فدلفت تخبر نرمين:

-فارس لسه مجاش وواضح مش هيطلعوا إلا لما يوصل.


أومأت بسعادة:

-أيوه ياسمين بعتتلي مسدچ وجايين في الطريق ومعاهم ساجد.


تنفست بتوتر ولكنها استجمعت شجاعتها وأخبرت توأمتها:

-بقولك يا شيري، مش المفروض بابا وياسين ينزلوا يستقبلوهم ويطلعوهم؟ أصل مش معقول هيفضلوا في الشارع لحد فارس ما يوصل.


ايدتها وخرجت قاصدة غرفة والدها فطرقت الباب وأذن لها والدها الذي انتهى من ارتداءه لملابسه توا:

-بابا، يزن وعيلته تحت وشكلهم هيستنوا فارس، بس حضرتك مش شايف الأفضل تنزل تستقبلهم! 


وافقها ووقف متحركا للخارج فأوقفه صوت زوجته:

-طيب استنى أخلص لبس عشان استقبل امه بدل ما تقول كاني ولا ماني.


زفر بفروغ صبر:

-على ما أنزل وارحب بيهم واطلعهم تكوني خلصتي يا هدى، انجزي بس عشان عيب كده الناس في الشارع.

الصفحة التالية