-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 1 - 3 - الأربعاء 24/4/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الأول

3

تم النشر يوم الأربعاء

24/4/2024


وفي إحدي الأبنية القريبة لجت تلك السيدة بخطوات ثقيلة في عقده الخمسين ذات الوجه العابس و المتجهم، وقفت وسلطت انظارها على ابنتها الصغيره "بسمة" وهي كانت تجلس خلف المكتب تذاكر دروسها، تتمتم أمها بصوت غاضب


= هو احنا من شويه قلنا لك ايه؟ اقفلي بقى الكتب دي خلاص وارميها ما بقاش فيها مذاكره امال فتحت مين اللي قريناها من يومين دي؟ 


تركت الكتاب و نهضت قائلة بحده


= وانا ما وافقتش على الجواز اصلا عشان تروحوا تتفقوا مع الناس من ورايا، وبعدين تعليم إيه اللي عاوزه تقعديني منه ده كمان انتٍ عارفه انا مجموعي اللي فات في الثانويه كان كام و الجامعه اللي أما صدقت دخلتها؟ وانتٍ في الآخر عاوزه تقعديني عشان اتجوز


مطت أمها شفتها السفلى قائلة بعدم اهتمام


= و أنا مالي بمجموعك هيفيد بايه؟ ما تجيبي ٩٠ و لا ١٠٠٪ حتي، ابوكي كده كده حالف عليكي ما هتكملي تعليمك ولا انتٍ ولا اختك 

الجواز هو الاحسن من الهبل اللي بتذاكروه ده احنا مش عايشين ليكم طول العمر! اديكي شايفه احنا خلاص انا وابوكي عدينا الخمسين سنه نعمل ايه بقى حظنا جبناكم بعد 15 سنه جواز بعد ما فقدنا الامل أننا نخلف، والعمر بيجري ولو مطمناش عليكوا دلوقتي قبل ما نموت هتتلطموا .


ثم تابعت حديثها قائلة بذلك التفكير الغير حديث والخاطئ  


= واهو الحمد لله ربنا كأنه سمع مننا انا و ابوكي وانتم الاثنين جالكم عدلكم في يوم وأحد، واهو الحاج شاهين طلب ايدك لابنه معاذ وابنه الكبير لاختك يعني هتتجوزوا نفس الاخين كمان يعني فرصه مش هتتعوض يا هبله.. و الراجل ما شاء الله معاه ومقتدر، في حد عاقل بقى يرفض جوازه زي دي .. يا بنت الجواز ستره للبنات ما تقوليش لأ.. نفسي انا وابوكي نطمن عليكوا قبل ما نقابل وجه كريم .


رفعت بسمه إحدي حاجبيها بإمتعاض


= يا سلام وأنتٍ ضامنه منين بقى اللي هيتجوزونا دول هيسونونا، وبعدين دي حياتي و أنا حرة فيها، هو انتٍ بتعاقبيني يعني عشان خلفتونا بعد عمر طويل.. نفسي مره واحده تفهميني انتٍ وبابا انا طموحي اكمل تعليمي مش اتجوز.. 


وفي ذلك الأثناء دخلت اختها الكبيره غاده علي الأصوات، بينما هدرت فيها أمها بعصبية شديدة


= بنت انتٍ انا مش هوجع دماغي بلا تعليم بلا قرف، اعملي حسابكم انتم الاتنين اللي هتعترض على جوازها ملهاش عندي غير الجزمه فوق دماغها واللي نحن عاوزينه هيحصل مش على آخر الزمن هتمشي كلامك علينا.. قال طموح وتعليم قال.


وقبل أن ترحل أغلقت نور الغرفة بقصد حتي لا ترى شيء وتمنعها من الدراسه، وأضافت بقسوة قبل أن ترحل


= وادي النور اهو كمان وريني هتذاكري ازاي بقي، و اقسم بالله العظيم لو حد فتح النور ده تاني لا هروح اقول لابوكم على انكم رافضين تتجوزوا وهو يشوف صرفه معاكم .. بلا هم.


أثرت بسمه الصمت فلا تملك حق الدفاع عن نفسها، لطالما توسلت إلي أسرتها بعدم رغبتها بالزواج وانها تريد اكمال دراستها، لكنهم حقا لا يمتلكوا لغه الحوار بينهما ودائما يكون الأمر بهذا الأسلوب المؤذي فما كان من الأخرين سوي التهديد و الوعيد إذا لم تكف عن رشدها.


اقتربت أختها غاده وقالت بعدم رضا


= ارتحتي يا ست بسمه جبتلي الكلام معاكي مع أني ولا فتحت بقى ولا اتنيلت اعترضت على الجواز.


جلست علي حافة الفراش و أخبرتها بسأم


= هو انتٍ يا بنت ما عندكيش دم انا مش عارفه اصلا انتٍ ما اعترضتيش ازاي و عادي كده يخرجوكي من التعليم عشان تتجوزي.


هزت غاده كتفها ببساطة وقالت بعدم مبالاة


= طب وايه يعني على راي امك وابوكي مسيرنا هنتجوز والعرسان ما يتفوتوش بصراحه، وبعدين بلا تعليم بلا هم شايفاني أوي يعني بطلع من الاوائل انا ما ليش في الجو ده اصلا و اهي جت منهم.. وانتٍ عارفه ومتاكده ان ابوكي وامك مش هيسمعوا كلامك فاستسلمي انتٍ كمان للأمر الواقع بقى


رمقتها الأخري بسخط و أعين غارقة بالدموع، وصاحت في وجهها


= لا مستحيل انا مش عايزه اتجوز انا نفسي اكمل تعليمي، انا من زمان ونفسي اطلع حاجه يعني دي اخرتها هيخرجوني عشان اتجوز و كمان لواحد صايع وفاشل و ما عندوش مستقبل وأبوه هو اللي بيصرف عليه لحد دلوقتي.. انا مش عارفه ابوكي وامك شايفين ان العريس مناسب ازاي؟ ده كل إللي في المنطقه عارفين اللي فيها انه مش بتاع شغل و غير مرضه .


وضعت الأخري يديها في خصرها و قالت بحماس


= بس ابوه ما شاء الله مقتدر وهيصرف عليكم وزياده فزعلانه ليه بقى، بسمه هاتي من الاخر ابوكي وامك تفكيرهم غير تفكيرنا وكل أملهم في الحياه من و احنا صغيرين انهم يجوزونا وعمرهم ما اهتموا بتعليمنا عشان خايفين يعني انهم لا قدر الله يحصل لهم حاجه قبل ما نتجوز عشان خلفونا وهم كبار.


عقدت حاجبيها بضيق ثم رمقتها بنفور و إشمئزاز من تفكيرها قائلة بحده


= اهو دي بقي التفكير السطحي بتاع الناس اللي زيك طالما ابوه هو اللي بيصرف عليه يبقى ده مش بتاع مسؤوليه وهيعذبني معاه المشكله ان ابوكي وامك مهما نتكلم مش بيفهمونا خالص يا ريت ما كانوا خلفونا وفضلوا طول حياتهم كده مش بيخلفوا صحيح مش كل واحد ينفع يشيل المسؤوليه 

تصدقي اصلا عمري ما حسيت انهم بيحبونا ولا حنينين علينا رغم انهم يعني حسب كلامهم كانوا هيموتوا اوي ويخلفونا .


نفخت بضيق شديد وهي تقول بنبرة مغتاظه


= انا مش فاهمه كلامك الكبير ده انا رايحه احسن انام و نصيحه مني ما تشغليش النور  عشان امك لما بتهدد بتنفذ على طول وشيلي بقى الكتب دي، مفكره يعني لما تذاكري هيرضوا يدخلوكي الامتحان السنه دي بالعافية.. هم ما بيجوش بالطريقه دي وانتٍ عارفه .


صمتت للحظة فوجدتها تقف أمامها مباشرة تمسك بساعدها و تسألها بسمة بترقب


= غاده هو انتٍ مبسوطه عشان هتتجوزي منذر، يعني عمركم ما اتقابلتوا ولا اتكلمتوا قبل كده !. 


إبتسامة عارمة دبت علي شفتيها عند ذكر اسم منذر وهي تردف بنبرة حالمة 


= وده هقابله فين يعني يا حسره وابوكي وامك منعين حتى نشم الهوا، بس كنت بشوفه وهو واقف في محل ابوه.. بس ايه طول بعرض وما شاء الله شكله حلو أوي، مش مصدقه نفسي اصلا لحد دلوقتي انه اتقدم لي وهنتجوز .


رحلت غاده تجاه الفراش لتنام وهي تتخيل ملامح منذر بإعجاب فذلك هو فتى احلامها، بينما أخفضت بسمه رأسها بتفكير عميق دون فائدة ثم همست بإحباط ويأس


= آمال هو كان بيبصلي ليه كل ما يشوفني و يبتسم! لما هو اتقدم لاختي انا مش فاهمه حاجه هو كان بيشتغلني ولا ايه، يا ريتك يا منذر كنت انت اللي اتقدمت ليا كان هيبقى عندي أمل انك هتوافق تخليني اكمل تعليمي وعارف ازاي تشيل المسؤوليه.. بدل الصايع اخوك.

الصفحة التالية