-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 1 - 4 - الأربعاء 24/4/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الأول

4

تم النشر يوم الأربعاء

24/4/2024


بـعـد مرور سنة.


بداخل قاعة حفل زفاف، جلست سيده تدعي اسمها رانيا في الأربعين إلى جوار احد اقاربها التي ربتت بقوة على فخذها كنوع من الترحيب بها، أستمتعت بالأجواء الطيبة حولها وهي ترى من بعيد شقيقتها ديمة ترقص مع العروس شقيقتها الاخرى "زينب" فهم ليس اشقائها فقط بل أولادها فرانيا هي من تولت رعايتهم بعد وفاه الأب والام، ثم هتفت تلك المرأة التي تجلس جانبها قائلة باهتمام كبير


= مبروك يا حبيبتي عقبال ديمة يا رب، ربنا ان شاء الله هيباركلك عشان ساعدتي اخواتك ووقفتي جنبهم وخدتي دور الأم في حياه كل واحده فيهم بس كملي جميلك بقى وخلي بالك من ديمة


عقدت رانيا حاجبيها باستغراب مرددة بابتسامة ودودة


= لسه بدري أوي يا طنط على ديمة لو تقصدي على الجواز وكده دي عندها ١٦ سنه، و دراستها اهم دلوقتي 


أصرت المرأة علي إكمال حديثها قائلة بتوضيح جاد


= يا رانيا انا مش قصدي كده عارفه طبعا أن لسه بدري، بس انا يا حبيبتي قصدي ان انتٍ واختك اتجوزتوا وهيبقى ليكم حياه وهي هتقعد لوحدها في الشقه خلي بالك منها وطلي عليها على طول دي في سن مراهقه برده صعب


ردت قائلة بخوفاً علي أصغر أخواتها "ديمة"


= بس انا يا طنط مش هسيبها لوحدها اكيد في سن زي ده هتقعد معايا طبعا انا وجوزي وعيالي وممكن عندي شويه وعند زينب شويه 


عقدت حاجبيها بعدم رضا وهي تقول باهتمام أكبر


= زياره قصدك ولا تبات! اصلها لو هتبات هتبقى صعب وما ينفعش طبعاً، جوزك في النهايه غريب عنها و أختك زينب نفس الحكايه وبلاش الثقه الزياده دي.. انا وانتٍ فاهمين كويس اقصد ايه! واللي عمله زمان عمك قبل ما نتبرى منه، يلا اهو ربنا يجازيه على اللي عمله المهم دلوقتي اذا كان القريب عمل كده يبقى الغريب مش هيعمل وبلاش تقولي لي انا واثقه في جوزي والكلام ده احنا برده كنا واثقين في عمك ان عمره ما هيعمل حاجه زي كده.. بس عمل!. 


تفهمت اعتراضها بعد صعوبة، ولم تستطيع فتح ذلك الحور الخاص بعمها المتحرش الذي حاول لمسها وهي صغيره و عندما علمت العائله لم تجد غير أن تتبرأ منه ولم يعلم أحد عنه شيء من بعدها لكنها بالطبع مازالت تتذكر هذه العقده النفسية التي تركت لها أثر صعب النسيان و بالتأكيد لا تريد أن تتكرر هذه التجربه مع شقيقتها الصغيره، فاقتربت منها متسائلة بتوجس


= هو انتٍ بتقلقيني ليه يا طنط يعني انا اكيد مش هسيبها لوحدها برده انا فاهمه قصدك وخوفك وانا كمان خايفه عليها بس انا هعمل ايه انتٍ عاوزاني اسيبها لوحدها في البيت، ما انتٍ عارفه ان احنا ملناش قرايب غيركم وانا فاهمه برده ان انتٍ عندك صبيان كبار ومش هينفع .


ربتت المرأة علي كتفها بحنو كنوع من الدعم قائله بجدية أكثر


= هو قرار صعب بس هو ده الصح، عشان نكون ضامنين ان محدش هيتعرض لها ولا يعمل لها حاجه.. ديمة واثقين في تربيتها 

بس مش واثقين في تربيه اللي حواليها.. اسمعيني كويس انتٍ واختك ما تسيبهاش لحظه وتفضلوا على طول تزوروها وتودوها وتيجي عندكم مش هيجرى حاجه انما البيات  والنوم يبقى في بيت ابوها وامها الله يرحمهم.


تنهدت رانيا هامسة بقلق طفيف بدأ على قسماتها بعدم تفكير


= فكره كويسه ماشي، لازم احرس من دلوقتي فعلا.. انا مش مستعدة أخسر حد من أخواتي مهما كان .


❈-❈-❈


في منزل منذر أو عش الزوجيه الخاص به هو و غاده زوجته، وضع ما يحمله فوق الطاوله الكثير من الأكياس البلاستيكية المليئة بالخضروات و الفاكهة، ثم نظر إلي زوجته النائمه بتأفف وقال من بين أسنانه


= يا غاده انتٍ لسه نايمة لحد الضهر، انا مش قبل ما امشي عشان اجيبلك الطلبات اللي طلبتيها مني قلتي هتصحي وتروقي الشقه وتغسلي الغسيل اللي متكوم جوه، ولا انتٍ مش شايفه الشقه تضرب تقلب ولا انا كمان لازم اعمل دول بنفسي ذي كل مره.


زمجرت الأخري من أسفل الفراش هاتفه بضيق شديد

  

= ما تقفل بقى النور وتطلع بره إيه الصداع اللي عامله لي على الصبح ده، وبعدين ما تعمل لنفسك ولا انت ولا منك نافعه في أي حاجه كده، على رأي أبوك


نظر منذر لها ليرمقها بنظرات احتقارية دونية وهو يرد بتشنج


= قلت لك بدل المره 10 احترمي نفسك وانتٍ بتتكلمي معايا وبلاش الاسلوب ده، ما هو لو  ليا كلمة عليكي مكنش بقي ده حالك. 


أزاحت الفراش بتأفف و نهضت أمامه، لترفع زواية فمها جانباً، فقالت له بتهكم ساخراً


= حالك وماله حالك امال انا اعمل ايه، وبعدين يا حبيبي فوق اللي ليهم كلمه على اجوازهم دول الرجاله إللي بجد مش اللي زيك.. ولا انت صحيح هتعرف الرجاله دول منين؟ خليني ساكته أحسن وحاطه في نفسي، حسره عليا .. وانا اللي كنت فاكره جوازه الهنا اتاريني من اول يوم جواز عرفت اللي فيها .


فهم ما تقصده وتضايق من سخريتها الدائمه و اهانتها له لأنها دوماً تراه ضعيف الشخصيه، ابتلع لعابه و نظر بتوجس إلي زوجته التي  ترمقه بتجهم و سألها بإرتباك


= و ليه المسخرة اللي مالهاش لازمة دي علي الصبح، احترمي نفسك يا غاده مش كل يوم هتقعدي تلقحي عليا بالكلام انا ساكت ومش عاوز اخد منك موقف لحد دلوقتي، اتقي شري احسنلك و ما تفتكريش ان انا مش هقدر عليكي، بس انا اللي مش بحب اتعامل بالطريقه دي .


تركته و لم تجب عليه، وتحركت تجاه غرفة المرحاض الملحقه بنفس الغرفة وهي تتمتم بسخرية لاذعه


= يا اخويا تبقى عملت جميله فيا بدل ما انا شايفاك كده ضعيف الشخصيه قدامي، لكن موت يا حمار ولا هتعمل حاجه ما انت اخرك كلام و ده اللي باخده منك و بس. 


رمقها من أعلي لأسفل بإزدراء و تذكرت كل ما تحمله من معاملة والده السوء له و ها هو الآن الإنسانه التي تزوجها تكمل عليه بائسه منه، فهتف بصوت هامس بضعف 


= الله يسامحك يابا هي دي اللي بالتني بيها انا هلاقيها منين ولا منين بس يا رب!. 


❈-❈-❈


في تلك المنطقه الشعبية، في الليل حيث بدأت الناس ترحل وتغلق أبواب الدكان للرحيل الى منازلهم، ليعم هدوء تام والظلام يسود بالمكان  ويتخلل شُعاع نور بسيط من السماء، وفجاه دون مقدمات بدأت الأمطار الغزيرة تهبط ..


استيقظت حينها من غفوتها وهي تشعر أنها أفضل قليلاً نظرت بجانبها على النافذه لتجد الأمطار تهبط أبتسمت بسعادة غامرة ونهضت وهي تلتفت حواليها حتي لا تراها عائلتها و تسمع ما الذي تتمناه من ربها و تنتظر بشده حدوثه! أو أي شخص آخر يسمعها ويشعرها بالحرج.


تحركت بخطوات بسيطة شابة تدعي ضحي بجسدها الممتلئ بعض الشئ وقامه متوسطة ببشره قمحاويه، فتحت ضحي النافذه ونظرت إلى الأمطار الغزيرة للاعلى وبدأت ترفع يديها للسماء وتدعي قائله برجاء


= يا رب ارزقني بالزوج الصالح النهارده قبل بكره نفسي بقى اتجوز وامشي من البيت ده، بدل ما أنا الوحيد اللي في عيلتي محدش بيتقدم وكل يوم اصحى على صوت خناق امي وابويا اللي مش بيخلص، ولا الناس والجيران اللي زهقوني .


تنهدت بيأس بعض الشئ فهي دائما تنتظر اي فرصه كذلك لتدعي هذه الدعوه بأن تتزوج،  حيث جميع أخواتها الفتيات تزوجوا إلا هي! غير أنها بدأت تشعر بالملل والضيق بسبب والدها و والدتها اللذين دائما في خناق دائم و جعلوها تكره هذا المنزل! ولم تجد حل أو تعتقد بان الزواج سيكون المهرب لها من هنا.


رفعت عينين الواسعة بلون العسل الفاتح إلي السماء مجدداً هاتفة بتوسل شديد


= يا رب أقبل مني بقي.. يارب .

  

ظلت ترددها أينما سمعت الأمطار تسقط بالخارج حتي سقطت جفونها ذاهبا في النوم وهي تحتضن وسادتها بقوه... وحزينة حزن ليس له مثيل.


الصفحة التالية