-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 1 - 5 - الأربعاء 24/4/2024

 

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الأول

5

تم النشر يوم الأربعاء

24/4/2024



بعد رحيل منذر من المنزل، استدعت غاده  حماها وبالطبع لم تصمت كعادتها حتى تاخذ حقها منه، أخذت تبكي و ترمقه بنظرة إستعطاف لعل قلبه يرق لحالها وهي تردد بحزن مصطنع


= يرضيك يا عمي اللي ابنك عمله فيا، ده كان هيضربني، هو مفكر جايبني من الشارع ولا انا ما ليش اهل ولو هو مش عارف يحترمني ازاي يبقى يخليني اروح ليهم احسن وكل واحد يروح لحاله .  


في ذلك الأثناء دخل منذر من باب الشقه و أستمع الى كلماتها الاخيره بعدم تصديق فهي من تطاولت عليه والآن تشتكي منه إلي والده! فبالطبع ستفعل وهي دائما ترى والده يبوخه على أي شيء دون احترام لشخصه أو أخذ رأيه وأحيانا أيضا يهين كرامته أمامها بالأخص، لذلك استدعته وهي تعرف جيد بأنه سينصرها عليه!.  


ربت شاهين عليها بمواساة و قال بصوت جاد


= بس يا غاده ما تقوليش كده عيب انا هخليه دلوقتي غصب عنه يعتذر لك.. انت جيت يا فالح إيه اللي عملته مع مراتك ده هو كل يوم حد يشتكي لي منك، قرب من غير ولا كلمه وبوس رأسها واعتذر 


أبتلع الأخر ريقه بتوتر بدي علي ملامحه فأجاب بصوت يكاد يكون مسموعاً من الحسرة


= اعتذر لمين انت حتى ما سمعتنيش ولا عرفت مين اللي غلطان فينا ؟. 


جز علي أسنانه بغضب ليقف مكانه وهو يقول بلهجة صارمة بأمر


= مش عاوز اسمعلك ولا كلمه من غير ما أسأل انا عارفك كويس، من ساعه ما اتجوزت حالك اصلا مش عاجبني حتى الشغل ما بقتش تركز فيه.. هو أنا كنت بجوزك عشان تشيلي المسؤوليه ولا عشان تبقى صايع كده ومش عارف تمشي بيتك ازاي.. ما تقرب يلا وتسمع كلامي ولا هتعمل راجل عليا . 


سلط منذر أنظاره على غاده ليرمقها بنظرات حاقدة بنفور وعلى مضض اعتذر وبعد دقائق رحل والده قبل ان يحذر إياه ببعض الكلمات بأن لا يتعرض اليها مجدداً وبطريقه شبه مهينه كعادته، دنت هي نحوه و أستندت علي يديها و علي مقربة شديدة منه، وهي تنظر إليه نظرة شامتة واطلقت ضحكه انتصار ثم قالت بإهانة مقصودة


= شفت حتى أبوك مش مقتنع ان انت راجل أصلا وهو مش عارف اللي فيها، يا اخي انا مش عارفه كان فين عقلي على رأي بسمه لما سبت التعليم زمان واتجوزتك انت بعد ما كنت باينه أحلام كثير وانت في الآخر.. بلا خيبه. 


أبعدها عنه بحده ودخل الغرفة ليظل وحيد وبدأ يشعر بدموعه تهبط رغم عنه من الاهانه التي يتعرض لها دوماً، وكونه كان يتعامل معه والده واسرته بتلك الطريقه دون ان يعطوه حق الاعتراض والرد! حيث بدأ يعتاد على شخصيته هكذا ضعيف ويتعامل مع زوجته بذلك التخذل و لا يستطيع تاديبها وقول ما تفعله معه.. بالاضافه كونها حتى الآن تحفظ سره! وهي تلعب علي أوتار ذلك حتى لا يستطيع الوقوف امامها. 


أطلق تنهيدة لا يعلم بماذا يواسي نفسه أو كيف يخفف عنه الألم، يدرك مدي قسوة والده  منذ الصغر لكن كلما كبر زادت قسوته و طغيانه عليه، و فوق كل هذا لديه أسوأ الخصال و هو التفرق في المعامله بينه وبين شقيقه معاذ الصغير لانه مريض!.  


❈-❈-❈

#


بعد عده شهور في منزل واسع، جلست ديمة  بإبتسامتها البشوشه دائما بوجهها الأبيض ذو الغمازيتن بالإضافة إلى عيناها الرماديه، جاءت أختها رانيا وهتفت بسعادة وهي تربت على ظهر اختها الصغيرة


= عامله ايه يا ديمه طمنيني عليكي معلش يا حبيبتي لو الأسبوع اللي فات ما حدش مننا طل عليكي، بس انشغلت في مدارس العيال

واختك مشغوله مع البيبي الجديد بس اكيد هنعوضك ما تقلقيش


لوت ديمة شفتيها بامتعاض قائله بإحباط


= انتم داخلين في شهر مش بتزوروني يا رانيا مش أسبوع!. بس انا مش زعلانه منكم عادي انتم فعلا مشغولين وانا فاهمه انتوا قد ايه بقيتوا تنشغلوا في حياتكم الجديده .


شعرت أنها محقة فالايام السابقه بالفعل انشغل الإثنين عنها، تنهدت بعتاب من نفسها ومسحت رانيا عى ظهرها بحنو مبتسمة، بتفاؤل


= معلش يا حبيبتي حقك عليا والله كل ما اقول بكره هنيجي نزورك انا وزينب ونتفق على الميعاد عشان نيجيلك مع بعض نيجي عند آخر لحظه ويحصل حاجه وما تنسيش كمان شغلنا، بس هنعوضك انا واختك ما تقلقيش يا حبيبتي .


ردت عليها مؤكدة كلماتها بنبرة غير مريحة


= انا مش زعلانه يا ابلة قلت لك، و فاهمه انه غصب عنكم بس انا كنت عاوزه اكلمك في موضوع ثاني ونفسي تفهميني من غير زعل ولا خناق.. تسمعيني الاول للآخر.


قطبت أختها حاجبيها و سألتها بقلق شديد


= مالك يا حبيبتي في ايه انتٍ قلقتيني! موضوع إيه اللي عايزه تكلميني فيه .


أخفضت رأسها بخجل شديد وهي تقول بصوت مرتبك


= أبلة رانيا انا في حد اتعرفت عليه في المدرسه وبحبه .. وهو كمان بيحبني .


أتسعت عيناها بذهول، واستشاطت نظراتها سريعًا وردت بتشنج


= نعم يا اختي حب إيه وانتٍ في السن ده هو انتٍ بتروحي المدرسه عشان تتعلمي ولا تحبي ومين الصايع ده كمان، في سنك ده بقى ولا أكبر منك تلاقي بيضحك عليكي طبعا.. هو انتٍ مستوعبه بتقولي لي ايه .


استنكرت ديمة طريقتها الهجومية على شخصها دون تقديم أي مبررات ولا تستجوبها وتفهم الأمر منها بالأول دون اعتراض، ناهيك عن اقتحامها لحريتها بشكل سافر، زاد توترها حينما التقطت أذنيها نبرتها الغاضبة وهي تقول بتوتر


= اهدي بس يا ابله رانيا وبعدين انا مش بعمل حاجه غلط وعشان كده جيت عرفتك وقلت لك عشان مش عايزه اخبي عنكم حاجه، وبعدين ده شاب كويس أوي حتى ممكن تتعرفي عليه ويـ ..


قاطعتها بقوة وإصرار بينما تعبيرات وجهها كانت مشدودة للغاية، فصاحت بحدة


= اتعرف عليه وزفت ايه هو انتٍ لسه طلعتي من البيضه يا بنت امبارح عشان تقولي لي بحب وبيحبني! اسمعيني كويسه وبطلي هبل الولد ده تنسي خالص وتقطعي علاقتك بيه و والله العظيم يا ديمة لو عرفت انك لسه بتكلميه لا هتصرف معاكي تصرف ثاني مش هيعجبك! هو احنا نغيب عنك شهر هتمشي على هواكي، لا فوقي انا هنا في مكان مامتك الله يرحمها ومن حقي امنعك من الهبل ده غصب عنك.. 


شعرت الأخري بانزعاج بأنها لم تعطيها فرصه للتبرير حتي وعقبت بقليل من الحزن


= يا ابله رانيا انا ..


نظرت لها رانيا شزرًا وهي تقول بأمر  


= انتٍ سمعتي انا قلت ايه ولا لأ ؟؟ ما فيش حاجه اسمها حب ولا انك تكلمي ولاد ولا الهبل ده يحصل تاني، ده حرام وما ينفعش من امتى واحنا لينا في كده أصلا، اللي بيتبني على باطل مش بيكمل.. انا اكبر منك وعارفه مصلحتك كويس وتسمعي كلامي من غير نقاش !.


استغربت "ديمة" بشدة من طريقة أختها الكبيرة المحبطة والهجوم عليها بذلك الشكل! فهي كانت تعتقد بانها ستتفهم أمرها وتتعامل معها بأسلوب أبسط عن ذلك، لكنها تفاجأت بردها وقد ندمت أشد الندم بأنها كانت صريحه معها واعتقدت أنها بمثانه امها حقا، وأثر ذلك إجبارها على عدم الحديث كي لا تنفجر فيها مجدداً بدلاً من أن تحاول فهم ما يدور في رأسها ولا التقرب منها حتى تكون سرها معها، لكن بتلك الطريقه ستفكر كثيراً بالأمر قبل أن تتحدث معها مره أخرى! أو ربما لم تعدها وتخبرها بأسرارها من الأساس .


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوع، كان منذر عاد إلي منزله  فوجد المنزل ساكناً دون أي صوت أو حركة حمد الله أن زوجته غاده نائمه حتى لا تستمر مواصله النكد والتبويخ منها كالعاده، ولج إلي غرفته و لم يهتم لإغلاق الباب، نام علي ظهره أعلي سريره يشعر بثقل و أنتبه فجاه لحركة وصوت في الظلام و حين ألتفت و نظر أمامه تفاجئ بالتي تقف أمامه بغرفة المعيشة وهناك أحد جانبها؟ دون وضوحاً من يكون؟. 


اعتدل بهدوء وبصيص من الضوء ينبعث من نافذة الغرفة ليسقط علي وجهها و يبدو من إبتسامتها و نظرة العشق التي تنضح من عينيها لكن لم تكن له بالتاكيد بل الى الشخص الذي كان أمامها و يحتضنها! 


ثواني أخذهم يستوعب الأمر وما يراه ونهض بعدم استيعاب فزوجته تخونه في منزله تحرك بسرعه إليهم وهو يصرخ بغضب كبيره، بينما انتفضت غاده زوجته مذعورة فجاه فهي لم تتوقع عودته الآن وبسرعه دون خوفاً فتحت باب المنزل ليهرب عشقيها للخارج و وقفت أمامه تمنع إياه من اللحاق به. 


صفعها بقوه شديده تفاجأت به حقا، فا في حياته كلها معها لم يعاملها بتلك الطريقه رغم معاملتها القاسية نحوه، ثم أخبرها بصوت هادر بانفعال


= بتهربي عشيقك قدامي يا زباله يا حقيره، انتٍ جيبي الجبروت ده منين كمان جايباه البيت هنا، طب ما خفتيش من الناس والفضيحه ولا امي تشوفك ولا ابويا اللي ساكنين تحتينا في نفس البيت . 


أغمضت عينيها بقوه بغيظ شديد ثم مسحت علي وجهها بعنف، و وضعت الأخري يديها في خصرها و قالت بلا خجل


= طب ما انت حلو أهو وعامل فيها راجل و بتعرف تضرب، امال ليه بس على طول ظاهر انك مش عندك شخصيه ودلدول لابوك و مش بتعرف تتكلم معاه وتقول له لأ.. ايه زعلان عشان خنتك ده أقل واجب والله لواحده ذيي استحملت قرفك سنه بحالها. 


رمقها بإزدراء و إشمئزاز وهو لا يصدق مدي وقحتها ثم صاح بقرف ونفور شديد


= أنتٍ طايقة نفسك إزاي! أنا لولا ربنا كنت دفنتك بالحيا بس خسارة ألوث إيدي بدم واحدة قذرة زيك.. غوري من هنا اطلعي بره مش طايق اشوفك.. انتٍ الحاجه الوحيده اللي هفضل طول حياتي اندم عليها ان انا سكت وما اتكلمتش و اتجوزت واحده زيك وفضلت سنه بحالها مستحمل قرفك ومعاملتك ومعاريتك ليا . 


لوت غاده شفتيها بسخرية هاتفه بسخط


= يا شيخ روح هو في واحدة هاتستحملك زيي، ابقى قابلني لو واحده طاقه اللي انا طايقته معاك.. وبكره هتعرف مهما عملت و لا لافيت أنت بتاعي في النهاية.. وده مش حبا فيك بس ما بقاش رغد غير لما أدفعك تمن القلم اللي اديته لي ده غالي أوي. 


برقت عيناه باللهيب مستعر، فقد السيطرة علي غضبه لذلك صفعها بقوة مرة ثانية، شقت شفتها السفلي و ذرفت دماء، و رد بصوت جهوري مُهدداً إياها


= انتٍ أكيد مجنونة أو شاربة حاجة انتٍ اللي هتهدديني وليكي حق عندي كمان وانتٍ لسه مهربه عشقيك قدامي، أطلعي برة البيت حالا بدل ما أنا اللي أخدك بأيدي و أرميكي تحت رجل ابوكي و هخليه هو اللي يتصرف معاكي. 


غضبت وتألمت من ضربه مجدداً لها وشعرت بجسدها يهتز بقلق من تهديده فإذا علم والدها شيء كذلك بالتاكيد لم يصمت وسيقتله، هزت رأسها بنفي و كانت كالتي فقدت عقلها، جذبته من تلابيب قميصه بعنفوان و تملك و غضب


= طب و انت ما فتحتش بقه وعملت زي اي راجل بجد وصوت ولميت الناس عليا؟ يا شيخ ده لو واحد غيرك كان اقل حاجه كان عاملها موتني؟ بس عارف مش هتقدر تعمل كده ليه.. عشان انت مش راجل يا منذر وانا وانت فاهمين كويس قصدي! اقسم بالله لو رحت قلت لابويا كلمه واحده على اللي حصل لا هفضحك زي ما هتفضحني، وزي ما انت ما استحملتنيش عشان سواد عيوني انا كمان هستحمل واسكت لكن قصاد كده؟ انت كمان تكتم على سري .


دفعها بعنف علي الأرض و بصق عليها، ثم وقف إمامها بصعوبة و صاح بغضب رداً علي ما تهذي به تلك المجنونة


= أنتِ كده جبتي أخرك معايا، غوري بقي بره وأنسي من هنا ورايح انك مراتي.


وقفت علي قدمها بصعوبة وهي تبتسم ساخرة والتفتت لترحل لكن وقفت عندما هتف باسمها قائلاً بصوت منفعل متألم 


= استني، انتٍ طالق بالثلاثه يا ريت ما تورينيش وشك تاني، وهتفضلي اكتر حاجه في حياتي كريهه وبندم كل يوم ان انا ما اخذتش الخطوه دي بدري واستحملت قرفك

يلا بـــره.


بعد أن أخذت كل اشيائها ورحلت، جلس منذر فوق الأرض بثقل وهموم! كانت عيناه يغرقهما الدموع و تنهمر، يشعر بآلام شديده تنتشر بجسده و بالتحديد قلبا الذي يؤلمه من تلك الخسائر الفاضحه، لا يعلم ما الذي فعله في حياته ليتحمل كل هذا الضغط من الجميع! اذا كان من والده والذي دائما يلقبه بالفاشل وعديم المسؤوليه رغم انه يحمل كل العمل فوق اكتافه، ووالدته التي تهتم بطفلها معاذ فقط.. وكأنها ليس لها ولد آخر تسأل عن أحواله وتحضنه لتخفف عنه الاعباء! 


والآن زوجته في أي زوجه هذه!! وهو كان يشعر بانه يعيش معها في جحيم فلم يشعر بالراحه مطلقاً في هذه الحياه مع الجميع.. و بالاخص معها هي بالذات! كان الجميع يراها هي الملاك الوديع وهو الشيطان بجانبها.. فلم يعرف احدهم ما الذي كان يعيش معها وكانت دائما تعكر صفو حياته.. وبالنهايه ذهبت و خانته بلا خجلاً في منزله، لكن لا ينكر بأنه شعر بالراحة قليلاً عندما تخلص منها أخيراً وطلقها و ابتعدت عن حياته. 


ومن المؤكد أن أهله لم يقتنعوا بأنها ليست زوجة صالحة، ولم يكن يريد أن يكشف أسرار منزله مهما حدث، لكنه هذه المرة لم يهتم برأيهم. ففكر للحظة: أحقاً ليس رجلاً كما قالت له وكان عليه أن يقتلها هي وعشيقها ويدخل السجن بسبب امرأة مثلها! لكنه لم يفعل ذلك؟ ولا يعرف ما الذي منعه، حتى لو كان يكرهها. كان يجب أن يشعر بالانتقام لشرفه وكرامته كرجل، لكنه لم يفعل كل ذلك وجعلها تغادر بهدوء ...


فهل هذا يعني أنه ليس رجلاً حقيقياً كما يقول له الجميع دائماً ويخبرونه، أنه رجل بلا شخصية وضعيف! إذا كانت هذه الأشياء تعني الرجولة، فهو لا يمتلكها حقاً، والبيئة التي نشأ فيها لم تجعل منه رجلاً قوياً حقاً! كانت هذه نظرته للرجولة، وبدأت أفكاره تتسرب بهذه الطريقة مع قناعته بأنه إنسان عديم الرجوله.


يتبع

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة خديجة السيد، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة