رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 2 - 3 - السبتط 27/4/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الثاني
3
تم النشر يوم السبت
27/4/2024
و في مكان آخر هنا بداخل محافظة القاهرة، أمام أحد الجماعات الشهيرة وقفت ديمة بالخارج بانتظار شخص ما فقد تخطت عمر العشرون، أمتدت إيدي ذات ملمس خشن فوق عينيها، وأبتسم و قال
= أنا مين؟.
أبعدت كفيه عن عينيها بسرعه و لكزته في كتفه قائلة بخوف
=حرام عليك يا هيثم خضتني، وبعدين ابعد كده شويه لحد يشوفنا ويروح يقول لاخواتي
نظر لها يقول بتجهم
= يادي اخواتك اللي هتفضلي خايفه منهم انتٍ عندك كام سنه دلوقتي يا ديمة! كبرتي ولسه سايباهم يتحكموا فيكي في كل حاجه، هو انتٍ مش واخده بالك انك عقبال ما تتخرجي واجي اتقدملك انهم هيرفضوني بسبب انك مدياهم الحق انهم يعملوا ما بدلهم في حياتك وانتٍ مش بتعترضي
ردت علي حديثه و هي تمسك بيده لتطمئنه
=ومين قال لك ان انا ساعتها مش هتمسك بيك وهفضل مصممه على قراري.. وبعدين انا مش خايفه منها كل الحكايه ان انا مش بحب ازعلهم بس لو عاوزه حاجه وهم رافضين و مش ضد مصلحتي كلامي انا اللي هيمشي
طبعا.
لوي شفتيه بسخرية ثم قال مستنكر بصوت أجش
= موت يا حمار، انتٍ بتضحكي على نفسك ولا عليا اول ما يزعقوا فيكي زي زمان هتقولي ليهم حاضر وهتنسيني.. انتٍ لو بتحبيني أصلا بجد كنتي وافقتي على اقتراحي من البدايه
انتشر التوتر على ملامح وجه ديمة.. كما كل مرة يلح حبيبها بتعجيل أمر ارتباطهم ولا بد أن يتزوجوا بالسر حيث من المستحيل ان يوافقوا أخواتها عليه بسبب فرق المستوي بينهما بكل شيء، إلا أنها قالت بنبرة مرتبكة تواري تذبذب صوتها
= تاني يا هيثم قلت لك مستحيل اعمل حاجه زي كده واتجوز من وراهم، ما تقلقش لما يجي ساعتها الكلام هيختلف .
اقترب إليها و أخبرها بنبرة تلعب علي أوتار فؤادها المُغرم به حتي النخاع
= الكلام بتاع زمان هو اللي هيحصل دلوقتي برده، هو انتٍ ناسيه لما قلت لها انك بتحبي وهي ساعتها زعقتلك وقالت لك تبعدي عني، بنسبه 90% هترفضني ثاني هي وباقي العيله أكمني يعني شغال على الله حته سواق تاكسي ومش زيكم معايا فلوس ومرتاح، اراهنك انهم اول ما يعرفوا أن بشتغل سواق هينزلوا اهانه فيا ويطردوني مش بقول لك مش بتحبيني يا ديمة .
داهم الحزن ملامح وجهها ورمشت بعينيها هاتفه بعبوس وهي تزم شفتيها
= يا هيثم والله العظيم بحبك انت ليه بتقول كده آمال انا ليه فضلت متمسكه بيك كل السنين دي كلها رغم انهم كلهم حذروني ان انا لو لسه بكلمك أبعد ولاول مره بخالفهم وافضل معاك .
التفت بعيد بوجهه بزعل وأجابها بصوتٍ فاتر
= الحب مش كلام وبس يا ديمة الحب افعال وانتٍ لو بتحبيني تعالي نتجوز عرفي زي ما قلت لك لازم نحطهم قدام الامر الواقع اخواتك هيرفضوني وعمرهم ما هيشوفوني نسب مشرف ليهم.. وساعتها انا اللي هقف قدامهم ومش هخلي حد يقربلك و غصب عنهم هيجوزونا لبعض رسمي.
أبتلعت ريقها متوجسة وسألته بقلق والتوتر يداهمان قلبها من ردة فعل أخواتها التي تتوقعها جيد
= ايوه بس لو حاجه حصلت زي كده هيزعلوا مني اوي انت مش عارف اخواتي، وبعدين انا اسمع ان الجواز العرفي بالطريقه دي بيكون حرام
أومأ نافيا برأسه والتفت نحوها باهتمام ثم تشدق قائلاً بابتسامته المشعة وصوته المفعم بالحماس
= يا حبيبتي احنا مش هنتجوز بحق وحقيقي احنا هنوهمهم ان احنا متجوزين والورقه دي اللي هتجبرهم انهم يوافقوا ويخلونا نتجوز رسمي! وبعدين انتٍ لسه ما كملتيش 21 سنه لا إلا كنت خدتك ورحنا عند اقرب مأذون ومش هيهمني ساعتها حد منهم وبعدين هو انتٍ مش واثقه فيا ولا ايه؟
هزت رأسها دون تفكير وهي تجيبه بعفوية
= طبعا بثق فيك، اوعى يكون عندك شك في كده كفايه أن انت الوحيد اللي ما بينهم بترعني وتهتم بيا لحد دلوقتي.. انما كلهم نسيوني وانشغلوا في حياتهم، انا من كتر ما هم بطلوا يزروني ويسالوا عليا بقيت احس أنهم نسيوا أن عندهم أخت اصلا .
و مع أخر جملة داهمها البكاء وهي تتذكر بعد أخواتها عنها دون رقابة منهم وبدأ الاخر حينها يقترب منها يلعب على الاوتار ويخبرها انهم لا يحبونها بالتأكيد و تخلوا عنها، فأطلقت لدموعها العنان وأقترب منها وكاد يعانقها لكن أوقفه رنين هاتفها أنتفضت وأخرجت الهاتف من حقيبتها، أتسعت عينيها بفزع عندما رأت إسم شقيقتها الكبيرة.
❈-❈-❈
وكالعادة بدأت الأصوات ترتفع داخل المنزل. فتحت ضحى عينيها بهدوء، رغم الأصوات الغير مرغوبة فيها، لكنها لم تتفاجأ. فهذا يحدث بشكل طبيعي في ذلك المنزل لذلك لقد أرادت الزواج والرحيل من هنا لهذا السبب. نهضت بضيق شديد وخرجت لتجد والدها وأمها يتشاجران وأصواتهما عالية جداً. وقفت في المنتصف. وعلقت بينهما بتحذير
= في ايه علي الصبح يا جماعه نفسي مره اصحى من غير خناق .. حرام عليكم الناس حوالكم بتسمع صوتكم صدقوني و انتوا بتنسوا نفسكم
أشار والدها بيده موضحًا وكان الأمر مهم بتلك الدرجه حقا
= تعالي يا ضحى شوفي امك وعمايلها ما هي لازم تحرق دمي وتنرفزني على الصبح وبتكون قصده تعمل كده كل مره، اديتها امبارح الفلوس عشان تشتري اكل الشهر وقلتلها النهارده عاوز اكل طاجن باميه راحت عملت قلقاس وهي عارفه ومتاكده ان انا مش بحبه .
نفخت كوثر بنفاذ صبر، و ردت ببرود
= عشان انت بتاكله في العادي بس لما يكون ليك مزاج، وبعدين قلت لك ما لقيتش باميه في السوق ما تاكل اللي موجود وتحمد ربنا وخلاص.. بس هنعمل ايه لازم تعلي صوتك اللي فرحان بيه عشان تسمع الناس كلها انك ما شاء الله عليك راجل وما فيش زيك بقله الأدب و الصوت العالي .
لوح والدها بيده عاليًا وهو يهتف بغضب
= شايفه قله ادبها انا راجل غصب عنك يا وليه يا خرفانه، وانتٍ كدابه تلاقيكي قاصده اصلا ما تجيبيش الباميه من السوق عشان تحرقي دمي على الصبح
تجهم وجهها بشدة وهي تردد بين شفتيها، فهتفت بلا وعي
= بقي انا خرفانه يا راجل يا واطي الحق عليا مستحمله قرفك انا كان لازم اسيبلك البيت واطفش من عمايلك السوداء عشان تعرف قيمتك حسبي الله ونعم الوكيل فيك .
امتعض وجهه على الأخير، هاتفًا بعبوس
= هو انتٍ ليكي قيمه بلا خيبه ده انتٍ اليوم اللي هتمشي فيه هكسر وراكي زير مش قله، يا..
رفعت ضحي وجهها في الاثنين المحدقتين ببعض بغضب شديد وهم مستمرين في اهانه بعضهم البعض أمامها دون حرج وما يزعجها أكثر ويخجلها بأن حديثهما يصل الى الجيران بالتأكيد مثل كل يوما، ومشاكلهم تكون بسيطة ولا تستحق كل ذلك لكنهما لا يهتمون بكل ذلك دون أو يشعرون بالخجل، فقاطعتهم ابنتهم قائلة بعتاب
= خلاص بقى بطلوا شتيمه في بعض خلاص يا بابا انا هبقى اجيبلك الباميه وانا راجعه من الشغل وهعملها لك وطي صوتكم بقى و ارحموني شويه.. انا همشي احسن اتاخر على المدرسه.
لم تنتظر ردهم ودخلت ترتدي ثيابها سريعاً حتى ترحل من ذلك المنزل وتذهب لعملها، خرجت بالشارع وهي تقف جانب تنفخ بضيق شديد وحزن! وفي ذلك الأثناء دنت منها نرمين صديقتها بالمنطقه بنفس عمرها، محدقة فيها باستغراب شديد، خاصة أن تعبيرات وجهها كانت مشدودة للغاية، فسألتها بتعجب
= صباح الخير يا ضحى عامله ايه مالك مبوظه على الصبح كده ليه ده انتٍ حتى ولا وراكي زوج ولا عيل زينا يخليكي تكشري وتكرهي عيشتك
ضربتها بكفها على ذراعها قائلة بحنق
= مش وقت هزارك انتٍ التانيه، خناقه بابا و ماما كالعاده إيه الجديد يعني
هزت رأسها بالإيجاب وهي تقول بأسف
= انا بصراحه سمعت صوتهم والله يسامحهم صحوا العيال على صوتهم ده انتٍ بصراحه الله يكون في عونك يا ضحى مش عارفه مستحمله ازاي الخناق والزعيق بتاع كل يوم
منهم.. هو انتٍ يا بنتي كنتي بتذاكري زمان في وسط الخناق ده ازاي، اذا كان انا مش مستحمله ساعه واحده.
لم تتعمد قول ذلك لكنها لوهلة شعرت بالحرج الشديد كون الجميع يستمع الى خناق أسرتها على أشياء تافهه ومخجله للسمع
اصطنعت الهدوء قائلة بعدم اكتراث
= النصيب بقى أهو ربنا قادر يسمع مني و بيبعتلي ابن الحلال واتجوز واخلص
تنهدت بقله حيله وهي تنظر اليها ثم اقتربت منها وهتفت بفهم
= يادي الجواز اللي هتموتي عليه والله ما الحل فيه اسالي مجرب، يا بنتي انتٍ اصلا عاوزه تتجوزي عشان تخلصي من كلام الناس ومن خناق ابوكي وامك طب ولما تتجوزي فاكره الناس هتحل عنك ولا مش هتلاقي نفس خناق ابوكي وامك في بيتك بس مع جوزك ومعاكي.
قطبت حاجبيها بعدم اهتمام الي كلماتها، و ردت عليها بصوت حزين للغاية وهي تنتمي الإرتباط والرحيل من هنا حتى تتخلص من تعليقات الناس وخناق أسرتها
= يا ستي أن شاء الله خناقه كل ثانيه انا راضيه بس اتجوز واخلص بقى أنا بقي عندي 35 سنه يا نرمين هستنى ايه ثاني، واللي قهرني وحاسس في نفسيتي اكتر اني مش بيتقدملي حد خالص مش فاهمه ليه زي ما أكون جربانه ولا فيا حاجه معديه.. يخبط على الباب حتى ويترفض بعد كده لكن ولا واحد يتقدم في حياتي طول السنين دي كلها طب ليه.. هو انا فيا ايه وحش يعني عشان يخليهم يطفشوا كده ويخافوا يقربوا مني
هزت رأسها بضيق قائلة باعتراض
= هنرجع للهبل ده تاني عشان تخينه شويه طب ما في اتخن منك وبيتجوز برضه، مش هي دي الازمه يعني يا حبيبتي.. الموضوع أن هو في الاول وفي الاخر نصيب وانتٍ نصيبك لسه ما جاش .. بلاش الاستعجال ده، كل تاخيره وفيها خيره
زاد عبوس وجهها حتى كادت تبكي عفويًا، فهمست بنبرة مختنقة
= مش باين! انا عملت كل حاجه ممكن تتعمل بدعي وبقرا قران وبطلع حاجه لله يوميه وبرده ما فيش حد بيجيلي، حتي خالتي من كام يوم وزي كل مره لازم تسامم بدني بكلمتين و قالتلي هتتجوزي امتى والكلام ده امي من كسوفها قالتلها ده العرسان قد كده على الباب وهي اللي بترفض! واخواتي فضلوا يضحكوا من تحت لتحت واتريقوا عليا ما هم فاهمين اللي فيها ما فيش حد بيقرب اصلا من البيت ولا يتقدملي.. ده انا حتى سالت امي وانا صغيره طيب حتى حد كان بيتقدم لي وانتم كنتم بترفضوا عشان سني وكده.. قالتلي برده لأ، يعني انا طول حياتي كده و شكلي هفضل كده.
لوت نيرمين شفتيها بيأس قائلة بخفوت
= يا بنتي هو انا بكلم نفسي يا ضحى الجواز ده زي الرزق وانتٍ رزقك لسه ما جاش، وبلاش بقى تدي ودنك للناس اللي مش وراهم حاجه غير يقعدوا يتكلموا على غيرهم واللي عملوه.. مع أن نفسهم لو حد حاول يتدخل في حياتهم هيمنعوا ويقولوا وما يصحش وهم بيعملوا نفسه عادي يبقى انتٍ كمان اعملي زيهم وما تحاوليش تخلي حد يتحكم في حياتك ولا تسمعي ليهم .
أخرجت تنهيدة مطولة من صدرها، ونكست رأسها بإحباط واضح، للحظة شردت في لمحات سريعة من ذكرياتها البائسه، لم تكن مبشرة، هي أصبحت شبه متاكده بان لم يتقدم اليها شاب لخطبتها بسبب عمرها الكبير و حجم جسدها، ثم أجابت بإحباط ويأس شديد
= نرمين سمعت من الكلام ده كتير وعارفه، واديني مستنيه كتير وما فيش حاجه بتيجي انا هلاقيها من كلام الناس ولا خناق امي وابويا ولا سني اللي عمال يكبر! ولا العرسان اللي مش بيهوبوا ناحية بيتي أن شاء الله حتي بالغلط.