رواية جديدة الضالين لزينب عماد - الفصل 2 - 2 - الأحد 12/5/2024
قراءة رواية الضالين كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية الضالين
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب عماد
الفصل الثاني
3
تم النشر يوم الأحد
12/5/2024
الجزء2بالنصف الأخر من العالم كان هناك مؤتمر عالمى لأشهر الأطباء والجراحين عالمياً بجميع التخصصات
يقام كل ثلاثة أعوام ب أمريكا وبتكاليف ضخمه تتخطى المليارات...وهذا لأنه يضم النخبه الأفضل على الإطلاق من حول العالم...يتم دعوتهم لهذا الحدث الضخم...بمبنى شاهق فسيح يتخطى الثلاثون طابق كما يوجد فندق خمس نجوم يبعد عنهم القليل...
يضم خمسمائة غرفه لهؤلاء النخبه....محصن بالحراسه المشدده لمنع هجوم الصحافه...وليحصلوا على الراحه التامه والخصوصيه طوال فترة مكوثهم بالمكان...ذلك خلاف لكل سبل الترفيه المتوفره لهم...
ولضخامة هذا المؤتمر وشهرته الواسعه صيته...
كان يحضره الكثيرون من الاطباء من حول العالم للإستفاده من خبرة هؤلاء الجراحين...من خلال حضور ندواتهم التى يشروحون خلالها كيفيه الوصول للعمل الناجح بأقل مجهود...أو الافضل
وهو الانضمام لفريقهم الطبى ليصبحوا مساعدين لهم....
وذلك من خلال تلك المسابقه التى تعقد كل ثلاثه أعوام...مع بدايه المؤتمر الذى يستمر ل شهر كامل
وذلك بعد أن يقدم ألاف الأطباء من حول العالم ملفهم الخاص للجنة مختصه....يتم إختيار أفضل ثلاثون طبيب منهم للقيام بأصعب العمليات على مدار هذا الشهر...
وتكون هذه العمليات مسجله ويتم مشاهدتها على بث مباشر إذا كانت من العمليات المستعصيه والنادره....كما كان يحق لكل جراح اصطحاب واحد أو إثنان من مساعديه لحضور المؤتمر...
كان الأجواء مشتعله بالحماسه بين الجميع...
وخاصه من ينتمون للتخصص ذاته...وذلك لأن
من قاموا بتمويل المؤتمر يقومون بإختيار أصعب الحالات...والتى تحتاج لجراحات مكلفه ليقوم بها هؤلاء العمالقه دون أن يقوم هؤلاء المرضى بدفع
بنس واحد...كما لا تكون عمليه واحده بل قد تتخطى العشرات باليوم الواحد...وذلك مع توفير كافة الوسائل التى يحتاجها الجراح ومريضه....ف كل جراح يتم دعوته يقوم هو الأخر ببعض الجراحات
أو يشرف على المتسابقين...
ولهذا فإن ذلك المؤتمر يكون محط أنظار الأطباء والاعلام من كافه انحاء العالم...والمرضى بصفه خاصه...فعل مدار الثلاث أعوام يتم إرسال المئات من الرسائل للمشرفين على هذا المؤتمر...من قِبل المرضى المصابين بأمراض نادره...أو أولئك الذين لا يستطيعون توفير نفقات علاجهم....أو تلك التى رفضها الكثرون خوفا من فشلهم الذى قد يسبب الإطاحه بمركزهم ك أطباء...
كان اليوم يوما مميزاً فاليوم سيتم إجراء عمليه حَجُ القِحْف (Craniotomy):وهى عمليه بالغه الصعوبه ل شاب مريض بالورم الدماغى الحميدى...هو ورم يكون قريب من أحد أجزاء المخ التى تتحكم بالوظائف الحساسه....ك النطق أو الحركه أو مراكز الشعور...
والمريض الذى سيتم إجراء العمليه له اليوم....
مصاب بالورم جوار أحد أهم هذه المراكز...وهو المركز الحركى وأى خطأ بالعمليه سيتسبب له
بالشلل الجزئى أو الكلى....
كان يوجد القليل من الأطباء بمثل هذا المجال...لهذا تم اختيار الابرع بينهم وهو دكتور جيمس وليم من ولاية كاليفورنيا...ودكتور جون برايد من إنجلترا... المتخصصان بجراحات المخ والأعصاب...
لهذا قام دكتور وليم بترشيح أحد طلابه دكتور كريس ول والذى يكون على صلة قرابه منه...بينما الدكتور برايد رشح مساعده الأول والأذكى بين مساعديه دكتور عبدالله الشافعى...
ولكن بسبب علاقات دكتور وليم العديده مع المشرفين على الأمر...استقر القرار على جعل دكتور كريس ول هو من سيقوم بهذه العمليه...وهذا ليس لكفائته فهو لايزال طبيب تحت التدريب...بل لأنه أمريكى الجنسيه ولسلطة رئيسه التى ساعدته على الوقوف أمام الجميع ليخوض مثل هذه التجربه التى يتمناها كثيرون غيره...وهذا يعد مجازفة كبرى إلا أن غرور دكتور وليم لم يجعله يرى هذا....
بينما تم استبعاد دكتور عبدالله الشافعى لأنه مصرى الجنسيه...أجل فهنا أيضا يتم التفرقه بين الجميع من أجل عرقهم وجنسيتهم...لهذا لن يقوم دكتور عبدالله بالقيام بالجراحه رغم أنه الأفضل والأبرع من بين الجميع فى هذا المجال....خاصه أنه قام بمثل هذه الجراحات العديد من المرات...بخلاف دكتور كريس ول الذى سيخوض هذه الجراحه للمرة الأوله...
ورغم تلك السلطه التى يتمتع بها دكتور وليم إلا أن دكتور برايد نجح بطرقه الخاصه...أن يجعل دكتور عبدالله مشرف على هذه الجراحه....بعد أن أوضح للمسؤلين ضرورة وجود طبيب على درايه بمثل هذه الجراحه....عند حدوث أى خطأ او مضاعات للمريض أثناء الجراحه....وذلك لصالحهم العام حتى لا تحدث مشكلة ولا يستطيعون الإسراع بحلها...
وبالفعل اقتنع المسؤلين بقرار الدكتور برايد الذى أقنع تلميذه بأن يخوض هذه التجربه....فرغم شهرة هذا الفتى الذى تعرف عليه منذ سنوات مضت....إلا أن هذه الجراحه قد تقوم بنقله لمكان أفضل...خاصه أنها تذاع على الهواء مباشرة....
تحدث الدكتور برايد برزانته المعهود:لقد وافق المسؤلون على دخولك للجراحه.....أعلم أنك كنت تريد إجرائها...ولكن أنا متيقن أن وجودك بالداخل سيشكل فارق لك ولغيرك كما هو متوقع منك...
نظر له عبدالله بتعبير لا تدل على شئ إلا أنه أجابه بثبات:ولكن ما لا أفهمه لما تقوم بفعل ذلك من أجلى؟!...فأنا رغم رغبتي بالقيام بهذه الجراحه إلا أننى موقن أن الله يخبئ الأفضل لى...
ابتسم الدكتور برايد بود قائلا بحسم:أفعل ذلك لأنك الأفضل من بين الجميع شافعى....ولهذا يجب أن تستمع لى وتدلف مع هذه الصبى فقد يخطئ بشئ قد يسبب إصابة دائمه للمريض....وكما تعلم نحن لا نود حدوث ذلك..أليس كذلك يا رجل؟!...
تنهد دكتور عبدالله حين قام رئيسه بمحاصرته وهو يقول بإذعان:حسنا سيدى لك ذلك...اتسعت ابتسامة دكتور برايد قائلا بحماس لا يتناسب مع عمره:هذا
هو فتاى...أنهى حديثه بإبتسامه مشرقه...مما جعل ابتسامه هادئه ترتسم على شفتى عبدالله المعروف بهدوئه الدائم وابتساماته الدافئة....
دلف دكتور عبدالله للجراحه بعد دخول الدكتور ول الذى تفاجأ بحضوره...مما أصابه بتوتر مضاعف شعر به دكتور عبدالله جيداً...والذى ابتسم بإطمئنان من خلف قناعه وهو يقف جواره ويقول بلكنه انجليزيه ممتازه لا يشوبها شائبه:هلا بدأنا فالجميع ينتظروننا
اومأ له الجميع بالموافقه....ثم نظر دكتور عبدالله للمريض قبل تخديره قائلاً يطمئنه هو الأخر فهو يعلم بتوتره:لا تقلق سينتهى الأمر سريعا...
أومأ له المريض بخوف لم يستطع منعه وبدأ يغيب عن الوعى بسبب مفعول المخدر الذى انتشر بجسده....وبعدما تأكد من تخدير المريض قام أحد الممرضين بتركيب قناع الأكسجين للمريض....وأعطى أخر مكنة الحلاقه للدكتور ول الذى أمسك بها بأيدى تهتز قليلا...
حتى اقترب منه دكتور عبدالله قائلا بثبات:من الأفضل أن تتمالك ذاتك فهناك الملايين يشاهدوننا الأن...لهذا فالتحاول اخراج أفضل ما بك ولا تسمح لخوفك بأن يهزمك....
نظر دكتور ول للدكتور عبدالله براحه وتنفس بهدوء...بعد أن شعر أن وجود هذا الشخص بجواره ليس ليتصايد له الأخطاء كما ظن حين رأه....بل ليساعده عندما يحتاج لمساعدته....وبدأ بحلق شعر رأس المريض من الجهه التى سيتم بها الجراحه...
وبعد انتهائه قام مساعده بتطهير المكان جيداً...
ومن ثم أعطى الطبيب المشرط فبدأ الطبيب بصنع شق برأس المريض....خرج معه القليل من الدماء فقام الممرض بتنظيفه....
كان الطبيب ول يعمل بتركيز شديد بينما الدكتور عبدالله يتابعه بإهتمام شديد طوال أربع ساعات متواصله....فهذه الجراحات قد تصل مدتها لست ساعات حتى تتم بنجاح خاصه إذا كانت معقده
كالتالى يقوم بها دكتور ول الأن...
وخلال عمل دكتور ول الذى أزال جزء من عظم الجمجمه....رأى الورم أمامه بوضوح وكاد يزيله بنجاح على حد ظنه حين أمر الممرض أن يعطه المقص...وحين أمسك بالمقص وكاد يقص الورم لإزالته بعد أن رأه واضح أمامه....
أوقفه صوت الدكتور عبدالله القوى والثابت بالوقت ذاته:توقف....نظر الدكتور ول بتشوش له فأمره الدكتور عبدالله بالتنحى جانباً بإشاره منه....فتنحى الدكتور ول وسمح للدكتور عبدالله بإكمال الأمر...
تحت تعجب جميع من يشاهدون الجراحه...
فقال دكتور عبدالله بعمليه وتركيز:أنظر جيداً هنا أترى ذلك الجزء...وأشار بإصباعه نحو أحد الزوايا على الشاشه...فأومأ إليه دكتور ول فأكمل دكتور عبدالله وهو يبعد الورم بلطف....وأمسك بالمشرط وقال وهو يحركه بالهواء أمام الجانب الذى أشار عليه ليشرح جيداً للفتى الذى يجاوره...قائلا بهدوء:هناك جزء خفى بجانب هذا الورم قد لا تلاحظه أثناء عملك...ولكن كثرة تدريبك سيطلعك على الكثير من الخفايا...
أهمها أن بجانب هذا الورم جزء خفى للعصب الحركى...ولو كنت قمت بقص الورم قبل أن تبعده عن ذلك الجزء...وتراه بأكمله أمام عيناك منفصل عنه
قد تتسبب بشلل دائم أو جزئى لمريضك...لهذا يجب أن تحرره من كافه جوانبه حتى يسهل عليك إزالته بأكمله دون الإضرار بأحد المراكز الحساسه للجسم...
أومأ له دكتور ول فتنحا دكتور عبدالله من جديد... وأعطى المشرط للدكتور ول الذى أنهى العمل بنجاح هذه المرة....
وكان هذا يحدث تحت أنظار الطبيب وليم الذى اشتاط غضباً مما رأه...وهذا لأنه شعر بالإهانه من تصرفات هذا الطبيب العربى الأقل منه....
بينما ينظر الدكتور رايد ل تلميذه بفخر واعتزاز...
فرغم مقدرة عبدالله على اثبات خطأ هذا الكريس وإتمام الجراحه بدلاً منه ليجذب الأضواء نحوه...
إلا أنه قرر أن يتعامل مع الأمر بإحترافيه واحترام لزميله...وأثبت للجميع أنه رغم براعته بعمله هو أيضا رجل يحسن الإعتماد عليه....
انتهت الجراحه وتوقف البث ولكن لم يتوقف الحديث عن هذا الطبيب المصرى....الذى قام بتقديم المساعده لغيره ولم يفكر بأن ينسب الأمر لنفسه..... بل ترك زميله ينهى الأمر كما بدأه وهذا إن كان يدل فهو يدل على نزاهة هذا الطبيب...الذى تصدر عناوين أخبار وجرائد اليوم الذى يليه تحت إسم..."للمرة التى لا نعلم عددها استطاع الفرعون المصرى إثبات جدارته للعالم أجمع أنه قادر على فعل المعجزات"
أنهى الطبيب وليم قرأته للجريده وهو يلقيها على الطاوله بغضب وانزعاج...قائلا ل كريس الجالس أمامه:أترى كيف يمجدون بهذا الطبيب وينسبون الفضل له بنجاح الجراحه...رغم أنك من قمت بها...
ابتسم كريس بلطف قائلا بتأكيد:هذا لأنه بالفعل من جعل هذه الجراحه تنجح عمى...فأنا أخبرتك مراراً أننى لن أستطيع خوض هذه الجراحه.....فلازال أمامى الكثير لأتعلمه إلا أن عنادك هو من أوصلنا
لهذا الطريق....لهذا أنا مدين لهذا الطبيب العظيم بالشكر والتقدير....لأنه قدم لى يد العون بدلاً من أن يقوم بإصطياد الأخطاء لى...فقد كان يملك أن ينهى مسيرتى ك طبيب قبل أن تبدأ...إلا أنه لم يفعل لهذا بدلاً من الشعور بالغصب نحوه علينا أن نكون ممتنين له....ألا تتفق معى بهذا؟!...
استقام دكتور وليم غاضباً وهو يقول بحده:هل فقدت عقلك اللعين؟!...أنا دكتور جيمس وليم كيف لك أن تطلب منى الذهاب لشكر هذا المتباهى...وهو من تسبب لك بهذه الفضيحه....
تنهد كريس بسأم من تصرفات عمه الغير مسؤله رغم كبر سنه...لهذا قرر انهاء الأمر هنا واستقام ذاهباً وهو يقول بهدوء:إفعل ما تراه مناسباً لك عمى كما سأفعل أنا أيضا....وتحرك خارجا من غرفة عمه الذى يكاد يخرج نيران من أذنيه بسبب غضبه الذى ليس له سبب...