رواية جديدة الضالين لزينب عماد - الفصل 1 - 1 - الثلاثاء 7/5/2024
قراءة رواية الضالين كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية الضالين
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة زينب عماد
الفصل الأول
1
تم النشر يوم الثلاثاء
7/5/2024
"قد يأتيك الألم على هيئه ندم...وقد يأتيك على هيئه فقدان...
ولكن اشدهم ألماً هو ذلك الذى يأتيك على هيئة
أشخاص أقسموا على قتل كل ما هو جميل بداخلك".
❈-❈-❈
كان كل شئ يمر بسرعه كبيره أمام عينيها وهى لا تملك القدرة على إيقافه...كما كانت عينيها تذرف الدموع بسخاء وتسمع نبضات قلبها الصارخ وهى تركض بأقصى ما تملك بين طرقات المشفى لعلها تصل لوجهتها...
ولم تلتقط أذنيها شئ سوى صوت تنفسها السريع وهى تدعو بتضرع:ياارب...ياارب نجيهم....ياارب أنا مليش غيرهم ياارب....
وباللحظه التى رأت شقيقها يقف مستنداً بإرهاق جوار باب نقش عليه بالخط العريض العمليات أصبحت تركض أسرع وعقلها يهيئ إليها أنها كلما أسرعت كانت هناك فرصه لرؤية والديها...ولكن قبل اقترابها خرج الطبيب بوجه غير مقروء قائلا بعمليه: البقاء لله....
هنا توقفت توبه عن الركض كما توقف عالمها عن الحركه...وأصبحت لا ترى شئ...كما أصبح كل شئ يسير ببطئ على عكس ما كانت تشعر به منذ لحظات...كما كانت تنظر لما حولها وكأنها ليست جزء منه....وظلت تنظر ل شقيقها الثائر وهو يحاول الدخول ليرى والديهم ولكنها لا تستطيع الحركه...
وبينما يحاول الجميع إيقاف شقيقها....الذى كان يصرخ بالكثير من الكلام الذى لم تستطع سماعه....
حاولت توبه السير نحوه إلا أن قدميها كانتا متيبسه كما كانت تشعر بثقل شديد على قلبها...وكلما حاولت التحدث منعتها تلك الغصه المريره التى حطمت قلبها لأشلاء...
عندها بدأت رؤيتها تتشوش وهى تضع يدها على عنقها لتحاول التنفس...إلا أن الأمر لم ينجح حتى قررت الاستسلام وشعرت بالظلام يجذبها...حينها فتحت عينيها على مصرعيها وهى تحاول إلتقاط أنفاسها....وهى تنظر حولها بذعر حتى تأكدت أنها بغرفتها وأن ما رأته ليس سوى جزء من ماضى سيظل يلاحقها حتى تزهق روحها....
كما كانت تتصبب عرقا وهى تحاول أخذ أنفاسها المتلاحقه بصعوبه....وهى تضع يدها على صدرها تحاول تنظيم تنفسها وتهدئة نبضات قلبها الثائره...
وهى تنظر لما حولها بتيه تحاول التأكد من المكان الذى تتواجد به.....حتى أدركت أنها بغرفه الفندق الذى تقيم به من أجل رحلة عملها...أغمضت عينيها بألم وهى لا تدرى لما عادت تلك الكوابيس بالظهور من جديد فقط توقفت عن زيارتها منذ عام تقريباً...
استقامت توبه بإرهاق من فراشها واتجهت للمرحاض وقامت بالإستحمام وارتداء ثيابها الرسميه...وخرجت من غرفتها وهى تتسلح بهدوئها الذى طلما عُرفت به....
وصلت توبه للمكان المخصص لمقابلة العملاء هى وزميلها بالعمل وصديقها أيضا...فشركتها دائما ما ترسل رجل وإمرأة لمقابلة عملائهم...والتى تعمل بها منذ ما يقارب العامين ولإجتهادها تم ترقيتهما للمنصب الذى تحتله الأن...
والذى لم يحصل عليه أحد من زملائها سوى بعمل لمدة لا تقل عن خمس سنوات أو أكثر...إلا أنها ولبراعتها إستطاعت أخذ تلك المكانه عن كفائه... وذلك لقدرتها الكبيره على إقناع أعتى وأقوى العملاء بقبول العمل مع شركتها...والتى تقوم
بتصنيع مرطبات للجسد والبشره ذو صناعة مصريه إلا أنها ذو جودة مرتفعه...وذلك بعد العمل عليه لما يقارب العامين حتى تكون بهذه الجوده التى أصبح عليها...كما تم تجربته على كثيرون وثبت نجاحه على جميع مستخدميه.... ىهذا كانت توبه من أكثر الموظفين سفرا للخارج لتقوم بالتعاقد مع الشركات الكبرى خارج مصر بالوطن العربى والغربى...
جلست توبه وصديقها طارق أمام العميل الفرنسى وكالعاده إبتدأت توبه حديثها بلغة فرنسيه متقنه: أعلم أن هناك الكثير من العروض المشابه لعرضنا تم طرحه هلى شركه عالميه ك شركتكم...إلا أننى سوف أثبت لك أن منتجنا هو الأفضل على الأطلاق وأمام أنظارك أيضاً...
نظر لها الرجل الفرنسى بتعجب قائلا:وكيف سيحدث ذلك أنستى؟!...إتسعت إبتسامة توبه العمليه وهى تقول بثبات:لا أظن أن هناك شئ أفضل من تجربة المنتج حتى نعلم جوده...أليس كذلك؟!...
أومأ لها العميل الفرنسى مؤيدا..فنظرت توبه لصديقها ففهم ما تريده وأخرج من حقيبته منتجهم ذو الألوان الربيعيه والمريحه للأعين....كما أنه يجذب الأنظار إليه...
أخذت توبه المنتج من صديقها وإستقامت تسير بخطوات ثابته بين الطاولات المحيطه بهم...ووقفت بمكان يسمح لجميع من بالكافيه رؤيتها...وهى تقول بصوت فرنسى مرتفع نسبياً تجذب إليها الأنظار وبدأت تتحدث بإبتسامه هادئه تليق بها قائلة"عذرا هل من الممكن أن أجذب أنظاركم قليلاً؟!... فاليوم أحمل بين يدى منتج مصرى مئة بالمئه تم تحضير وصفاته من مخطوطات ملكات مصر الفرعونيه...ولمن لا يعلم عن هؤلاء الفراعنه فهم يفضلون استخدام كل ما يقربنا للطبيعه مما يجعل ما يتم استخدامه لا يضر بنا ك بشر....لهذا واختصاراً للأمر توقفت وهى تقوم بفتح تلك العلبه التى تحملها بيدها وتأخذ قطعه صغيرة منها وتضعها على ظهر يدها وتقوم بتدليكها بلطف....ثم رفعت يدها التى وضعت المستحضر عليها ويدها الأخرى وهى تقول اتمنى أنكم قد لاحظتم الفرق...
واقتربت من احدى السيدات التى كانت تتابعها بشغف قائلة:تفضلى سيدتى فالتجربى المنتج... فأخذت السيدة قطعه من العبوة وقامت بوضعها على ظهر يدها كما فعلت توبه وبدأت تدلكها....كما قربتها لأنفها فإشتمت رائحه عطرة تشبه العطور الشرقيه كما أنها جعلت يدها أفتح وأكثر مرونه...
فقالت المرأة بتلهف"هلا اخبرتينى ما أسم هذا المنتج؟!.."
وقبل ان تجيبها توبه اقترب منها عدد لا بأس به من النساء وهن يتسائلن عن الكثير...وتوبه تجيب على جميع تسائلاتهن بصبر وابتسامه هادئه...كل هذا كان تحت أنظار العميل الفرنسى الذى انبهر بما قدمته... وحين انتهت توبه عادت لمقعدها من جديد وقالت بعمليه"والآن فالتخبرنى ما هو قرارك سيدى؟!"
كانت نظرات العميل الفرنسى مليئة بالإعجاب الشديد من ثقتها....كما كانت نظرات صديقها لا تقل فخراً بما قامت به وهى تتحدث بهذه الثقه مع الجميع....
متذكراً كيف استطاعت توبه أن تلتحق بهذه الوظيفه رغم أنها ليست مجالها الخاصه....
"فلاش باك"
عندما انهت توبه رسالة الدكتوراه بعد عام ونصف من موعدها الاساسى بسبب وفاة والديها....وذلك بعد إلحاح شديد منه ومن الجميع على إنهائها لرسالتها التى حلصت عليها بدرجة الامتياز....قرر طارق أن يقدم لها بوظيفة مندوب عام للشركه خارج مصر... وهذا لأنها قررت عدم العمل بشهادتها....ولكون طارق يملك الكثير من المعارف استطاع أن يحدد لها مقابله مع المدير العام للشركه التى يعمل بها...والذى يكون صديق له إلا أنه معروف بصرامته الشديده بأمور العمل....كما أنه لازال يتذكر ذلك اليوم جيداً....فقد دلف معها لمكتبه ليحضر مقابلتهم وذلك بعد ان ترجى صديقه إسلام على الموافقه لحضور المقابله...
جلست توبه أمام المدير العام بثقتها المعهوده.....
وبدأ إسلام حديثه قائلا بعمليه بعد أن نظر لملفها الشخصى بإعجاب:أستاذة توبه أنا شايف إن الملف بتاعك مثير للإعجاب والتسائل بنفس الوقت.... علشان كده أتمنى نتكلم بصراحه....
أومأت له توبه بهدوء قائله:طبعا أتفضل...نظر لها إسلام بعمليه قائلا بثبات:إيه الى يخلى دكتورة بعلم النفس تشتغل مندوبه...رغم إن ليها فرصه أكبر فى مكان تانى....
أغمض طارق عيناه يسب صديقه فهو طلب منه عدم سؤالها مثل هذه الأسئلة....إلا أن الحقير كعادته لم يلبى طلبه ونفذ ما يمليه عليه عقله...إلا أن نظرات توبه كانت ولاتزال هادئه كما هى....وهى تجيبه بثبات جعل من إعجاب المدير بها يتضاعف:أفضل منتدرجشى للأمر من الناحيه دى...بس ده ميمنعشى إن من حق حضرتك تطمن إنك حطيت الشخص الأنسب للوظيفه دى...وأنا عندى أسباب كتير تثبت إن أنا الأفضل....أولا أنا متقنه ل لغتين الانجليزيه والفرنسيه ودى من أهم الشروط الى حضرتك طلبتها فى المتقدمين للوظيفه....ثانيا تخصصى بيسمح ليا أنا أفهم الشخص الى قدامى بسهوله من أقل حركاته فقدر اعرف الأسلوب الأنسب لجذبه للمنتج المعروض...وأظن أن ده الى حضرتك كنت حابب توصله من سؤالك مش كده....
أراد طارق أن يصدر ضحكة عاليه بعد أن قامت توبه بالمراوغه...والإجابة على جميع التساؤلات التى كان سيلقيها عليها المدير بإجابه واحدة دون أن تتطرق لأى أمور خاصه....لهذا توبه كانت ولاتزال الفتاة المفضلة لديه...
تنحنح إسلام فقد أطاحت به الفتاة ببضع كلمات إلا أنه لازال لم ينتهى من مقابلته...لهذا نظر لها بهدوء وهو يقول بعمليه:كلامك منطقى جدا بس أحب أتأكد من ده....
أومأت له توبه ليكمل فقال وهو يقرب إليها منتج ما: ده منتج جديد الشركه لسه منتجاه للعناية بالشعر... وأنا ك عميل متقدم ليا أكتر من عشرين شركه لنفس المنتج...إزاى تقنعينى أن المنتج بتاعك الأفضل وان هو الوحيد الى يستحق الإختيار....
أمسكت توبه بالمنتج وقرأت ما كتب عليه جيداً ثم نظرت ل إسلام بوجه هادئ قائله بإبتسامة تظهر على شفتيها للمرة الأولى منذ دخلت مكتبه:أقدر أفتحه؟!..
أومأ لها إسلام بالموافقه قائلا:طبعا إتفضلى...قامت توبه بفتحه وقربته لأنفها لتشتم رائحته...ثم قامت بإبعاده وهى تنظر ل إسلام بثقه قائله:مش هاخد
من وقت حضرتك كتير وهقول لحضرتك إن منتجنا الأفضل...بس الى أنا متأكده منه أن حضرتك خبير بالمواد الى بتسخدم لتحسين جذور وخصلة الشعر... إلا أن بعض المواد دى بتسبب اتلاف للخصلة...أو تهيج فروة الرأس...وكمان جفاف للشعر...
وتساقطه...زى مادة Paraben أو Formaldehyde وغيرهم كتير من المواد الى بتتلف الشعر....وده هيخلى المستهلك يرفض المنتج مهما كانت نتجته كويسه فى البدايه... لان المستهلك عايز منتج يكون صحى لشعره.... والوقت نفسه يحميه من التلف ويقويه....وده الى هتلاقيه فى منتجنا الى بيهتم بصحه شعر المستهلك وقوته...منتج مصنوع من مادة ال Beta glucan ودى مادة نباتيه مبتضرش الشعر بل بتغذيه وتقويه...
ولو تحب ممكن نعمل إستطلاع رأى علشان نثبت جودة منتجنا...
أنهت توبه حديثها وهى تنظر له بثقه منتظرة جوابه إلا أن طارق هو من تحدث قائلا بثبات:توبه هتستلم الوظيفه أمته؟!...
لم تستطع توبه منع ابتسامتها من الظهور كذلك إسلام إبتسم هو الأخر قائلا بعمليه:تقدر تبدأ من
بكرة لو تحب....أنتهت المقابلة على خير بقبول توبه لوظيفة مندوب شركة الحكيم لمنتجات العناية بالشعر والبشرة....
"إنتهاء الفلاش باك"
عاد طارق من شروده على قبول العميل لمنتجهم وإكمال توبه حديثها لتثبت له صحة حديثها أكثر"كما أظن أنك لاحظت أننى لم أذهب لسيدات ذات بشرة موحده... لأن ما يميز منتجنا أنه رغم إختلاف ألوان البشرة من شخص لأخر وحساسيه بعض الأفراد من المواد الكيميائية....التى يتم إستخدامها لبعض المرطبات أو أى نوع كريم يتم وضعه لتفتيح البشرة والتى قد تؤثر سلباً على البشرة...إلا أن منتجنا يعطى نتيجه فعاله على أى بشره تستخدم منتجنا...وإذا حدث وفشل المنتج بإثبات مصدقيته...فهذا يهبط من أسهم أى شركة وخاصه إذا تم نشر الأمر على السوشيال ميديا...حينها ستخسر الشركه عملائها وأسهمها معا... كما أستطيع أن أطلعك على بعض
هذه الشركات..... إلا أننى متأكده أن خبرتك الواسعه بمجال الأعمال أُتيحت لك رؤية مثل هذه الأمور أم أننى مخطأه؟!.."
أومأ لها العميل بإعجاب شديد قائلا بإبتسامة قاتله قد تجعل أى إمرأة تسقط لها...ولكن ليست تلك النمرة التى تجمد قلبها منذ فقدت الكثير:ألا تفكرين بالإنتقال ل فرنسا جميلتى؟!...
أجابته توبه بإبتسامه ناعمه:بالطبع أفكر أن أفعل ذلك ولكن ذلك سيكون بعد زواجى....
بهت وجه العميل وحزن لسماع مثل هذا الخبر...إلا أنه حمم قائلا بحرج:مبارك لكِ جميلتى...أظن أن زوجك رجل محظوظ لحصوله علي تلك الجوهرة الثمينه...
إبتسمت له توبه مجاملة وبدأو بالإتفاق على الشروط التى سيتم وضعها بعقودهم...وكان هذا العمل من نصيب صديقها طارق...وبعد مرور ثلاث ساعات من العمل المتواصل إنتهى الإجتماع وكلا الطرفين فائزان...
بعد خروج توبه وطارق من المطعم...لاحظت توبه إبتسم طارق فنظرت له توبه بحاجب مرتفعه قائله بتسأل:بتضحك على إيه؟!..ضحكنى معاك...
فقال طارق ساخرا:لا أبدا افتكرت بس شكل العميل وإنتِ بتقوليله إنك هتتجوزى قريب...يا شيخه حطمتى أحلام الرجل بعد ما كان إتجوزك خلاص
فى مخيلته...
إبتسمت توبه بسخريه هى الأخرى وهى تجيبه قائله بصدق:ما أنت عارف الى فيها لو مكنتش قولتله كده مكنشى سبنى فى حالى...وأنا مش نقصه صراحه...
أومأ لها طارق بتفهم قائلا:عندك حق باين عليه أصلا إنه مقضيها على الأخر...ها فكرتى هنعمل إيه لحد معاد طيارة بكره...
نظرت له توبه بتفكير قائله:والله مش عرفه أنا كنت مفكرة الاجتماع هياخد مننا وقت أطول من كده... بس الحمد لله خلص على خير...وكمان مش حسه إنى مرهقه بالعكس حسه إن عندى طاقه أخرج...
إيه رأيك يا صديقى نخرج ونخربها؟!...
ختمت حديثها وهى تربت على كتفه بخشونه فأجابها طارق بمرح:أنا معنديش مانع..بس تعالى نروح الفندق نغير هدومنا ونلبس هدوم مريحه بَدل بِدل الإعدام دى...
أومأت له توبه موافقه فهى الأخرى لا تفضل تلك الملابس الرسميه...إلا أنها مجبره على إرتدائها أثناء عملها....
وبالفعل ذهب الصديقان كلا منهم لغرفته لتبديل ثيابه لأخرى أكثر راحه....لبدأ رحلتهم بشوارع
باريس عاصمه الجمال...