رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - اقتباس الفصل 5 - 4 الأحد 5/5/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الخامس
4
تم النشر يوم الأحد
5/5/2024
جلس مجدداً فوق الأريكة وبرر معاذ وجهة نظره باقتضاب
= مش بحب مين؟ كل ده عشان مش عاوز اخرج معاه ما انا جربت مره خرجت معاكم وندمت هو انا لسه عيل صغير هروح معاكوا حديقة الحيوان ولا النادي اكل ايس كريم واتصور مع الحيوانات! ايه الخروجات الهايفه بتاعتكم دي.. ومع ذلك ما منعتكيش وقلتلك روحي زي ما انتٍ عاوزه فسحيه وما لكيش دعوه بقى اخرج و اروح فين أنا.
زمّت شفتيها حانقة، وأردفت بتوضيح جاد
= اهي الهيفاء اللي بالنسبه لك دي مهمه لابنك ده طفل عاوزه يروح يقعد فين؟ علي القهوه يشرب شيشه ويلعب دومنيك مع اصحابة
ويقعد بالساعات يلعب قدام الكمبيوتر
استبد الغضب به مما تتحدث به فقال لها محذرا وهو يلوح أمامها بسبابته
= بسمه بطلي تلاقيح كلام واتلمي وما تدخليش في اللي ما لكيش فيه اعمل اللي انا عاوزه، انا ما بدخلش في تربيه ابنك وسايبلك تعملي اللي انتٍ عاوزاه بس الظاهر انك ابتديتي تدلعيه زياده عن اللزوم
حادت بعينيها عن عينيه متخاذلة إلا أنها أصرت أن تفرغ ما بجعبتها فعادت تنظر له هاتفة بانفعال
= وانا ما قلت لكش سيب المسؤوليه كلها عليا تعالى ساعدني هو انا رفضت ده انا شويه وهبوس ايدك انك تساعد في اي حاجه في البيت ده، وبعدين مش انا تربيتي غلط وبدلع ابنك اتفضل اتدخل بقي هو انا حوشتك قبل كده.. وبعدين شوف مين بيتكلم على الدلع خلينا ساكتين أحسن.
تنهد معاذ تنهيدة طويلة فاقد الصبر ليجيبها بشيء من البديهيات
= لا وتسكتي ليه ما انتٍ لازم تنكدي على اللي جابوني هو انا مفيش يوم يعدي غير لما تقعدي تنكدي عليا كده! عاوزاني اقعد اعمل معاه ايه يعني قلتلك ما برتاحش في خروجاتكم هي عافيه .
رفعت بسمة عينين بملل وتأفف نحوه ثم قالت بجفاء
= ما قلتلكش عافيه ومش لازم حتى تروح الأماكن اللي مش عاجباك معاه، خرجه في الاماكن اللي انت شايفها كويسه بس اقعد معاه شويه حسسه بوجودك.. إبنك حساس ولما بيشوف صحابه في المدرسه بيقعدوا يتكلموا على رحلاتهم مع ابوهاتهم وصورهم مع بعض بيزعل و نفسيته بتتعب..
ثم كتفت ذراعيها أمام صدرها و أضافت متحدية بصلابة
= ده غير كمان دلوقتي بقى يتكلم ويستغرب قعدتك في البيت من غير شغل ومع أن نص اصحابه في المدرسه بعضهم بيشتغلوا؟؟. وحتى اخوك كمان بيشتغل رغم انه مش متجوز دلوقتي، وبدأ يسأل ليه بابا الوحيد إللي مش بيشتغل زي عمو منذر
هدأت ملامح معاذ واستكانت قليلا لدرجة السكون المزعج والغير معبر عن شيء وهو يمعن النظر في وجهها حتى أن ذراعيها تراختا إلى جانبيها وهي تعقد حاجبيها باهتمام قبل أن يرد أمامها بنبرةٍ خفيضة مبهمة
= قوليله أن بابا بيشتغل بالليل وقت ما تكون نايم وخلصي موضوعك عشان انا مش ناقص صداع كثير .
ضيقت عينيها وكاد الشرر يتطاير منهما وهي تقول بغل مهددة
= آه تقصد اكدب على ابنك يعني، طب لو دخلت عليه دلوقتي مع ان ابنك مع الوقت هيفهمها لوحده لما يكبر موقفك هيكون ايه؟
وهو شايفك طول حياتك مش بتشتغل و مستني تاخد المصروف من ابوه.. وبطل اسطوانه بتاعه كل مره بشتغل وانتٍ ما بتشوفنيش عشان انا مش معشراك يوم ولا
ثلاثه دول سنين يا حبيبي وكفايه أوي افهم اللي فيها .
أخذ طبق الحلوى الذي أحضرته له على وجه الخصوص وبدأ يأكل أمامها دون اهتمام، بينما سقطت بعض فتات الحلوى على ملابسه، لكنه بدأ في زلقها على الأرض ولم يهتم بتنظيفها! فمنذ صغره كانت أمه تنظف كل ما خلفه دون أن يزعج نفسه، فكانت تقوم هي وتنظف ما يفعله من فوضى! خوفاً علي صحته من أي مجهود بسيط يقوم به بسبب مرضه.. والآن بدأت بسمة تقوم بهذا الدور تحت الإكراه!!
عاد يستقل على الأريكة ليخبرها بنبرة خانقة وعدم مبالاة، وهو يلوح لها بيده الممسكة بجهاز التحكم بالتلفاز عن بعد
= طب ما تفهمي اللي فيها، انتٍ مالك انتٍ وابنك اشتغل ولا ما اشتغلش مش كل اللي انتم عاوزينه بيجي لكم ما لكيش فيه بقى.. و في النهايه فلوس ابويا هي فلوسي! يعني اذا ماكنتش انا اللي هصرفها مين اللي هيصرفها؟ وهو كمان اللي بيديها لي بايده و راضي فاطلعي انتٍ منها بقى وسيبيني اكمل الماتش .
عاد الغضب والكراهية إلى وجهها عندما تحدث بتلك النبرة الغير مهتمة فقد ظنت أنها عندما تخبره أن طفله بدأ يفكر فيه بهذه الطريقة الدونية، أو أنها تعرف ما كان يحدث طوال سنوات زواجهما وأنه كأن يأخذ مصروف المنزل من والده دون عمل...!! سيشعر بالحرج ويغير الترتيبات اللازمة له بسبب ذلك للأفضل! لكن يبدو أن لا مفر من تفكيره وعجزه ليظل بهذه الطريقة يسقط من نظرها، ومع الوقت سيسقط من نظر ابنه أيضا.
❈-❈-❈
بداخل مرحاض المدرسة، أغلقت ضحى الباب خلفها وهي تستند بيدها على الحائط الأبيض تتنفس الصعداء بثقل كأنها كانت تهرب من شيء ما؟ حيث بالخارج وجدت زميلتها بالعمل والاصغر منها سنا أيضا توزع بطاقات دعوه زفاف على الزملاء كلهم لحضور حفل زفافها! لم تكن الشخصية التي ربما تشعر بالغيره من ذلك أو الحقد لكن فرت هاربة دون ان يلاحظ أحد لأنها تعرف تلك المواقف التي تتعرض لها دوماً من الآخرين..
سيبدأ كل منهما يسألها لما هي أيضاً لم تتزوج
حتي الآن؟ وهل يوجد شيء لا يعرفون؟ وهل الرفض يأتي منها أو منهم؟ أو ربما هي من ترفض فكره الزواج كلها؟ أو تتدلل عليهن؟
أو لا يتقدم لها أحد من الأساس!.
ثم بعدها ستبدأ فقر التعاطف والشفقة و النصائح بالطريقه اللاذعه، يجب أن تسرع في الأمر حتى لا تجد نفسها وحيده بتلك الدنيا وتتوقف العرسان على طلبها او تجد نفسها لا تستطيع الإنجاب.. و تندم بعد فوات الأوان.
وسوف تظل هكذا تدوم فقره الاسئله دون توقف أو ملل دون ان يلاحظوا ما يفعلون بها بتلك الكلمات القاسية، لذلك وجدت الهروب من امامهم أفضل حل مؤقتاً!. فلا يعرف احد منهم ما تعانيه كل فتاه مثلها من تلك الضغوطات التي لا ترحمها أبدا.
مسحت علي وجهها بتعب ويأس فبسبب تلك الأسباب كانت ستوافق على الفرصه الوحيده التي جاءتها وليس مناسبه! من طرف شخص يريد استغلال ظروفها لتوافق أن ترتبط به مقابل الموافقه على زواجه للمره الثانيه .
لوت شفتيها بسخرية مريرة وهي تتذكر رده فعله عندما رفضت إياه وهنا ظهرت حقيقته وجعلتها لا تندم على رفضه، لكن بنفس الوقت لا تعرف متى ستتخلص من تلك الأشياء السيئه التي تمر فيها من حياتها، و متى سيأتي العريس المناسب!. أو ربما لم يأتي وستظل طول حياتها هكذا فالعمر يمر دون توقف، فهل بيدها شئ من الأساس تفعله؟ فليس من الفتيات التي ترخص نفسها وتركض خلف الشباب وتتنازل عن أخلاقها مقابل الارتباط .
لتفكر بجدية فمن الواضح بأنها ستقضي طول حياتها هكذا بالفعل دون زواج، و ربما لو استسلمت لتلك الفكره ستتخلص جزءا من معاناتها اليومية بسبب الزواج و العمر الذي يمر منها.
بينما في الخارج بحثت عنها صديقتها بالعمل داخل المرحاض وتنهدت بحيرة وهي تحرك أنظارها في الإتجاهات أمامها هاتفه بقلق
= ضحى هو انتٍ اللي في الحمام مالك طولتي كده ليه هو انتٍ تعبانه ولا حاجه .
رفعت رأسها نحوه باب المرحاض بخوف وأجابت بإرتباك يشوب نبرتها
= لا انا كويسه ما فيش حاجه، طالعه اهو .
جاءه صوتها مجدداً تردف بهدوء قبل أن ترحل للخارج
= طب بسرعه عشان كنت عاوزه اديكي دعوه الفرح بتاعي، ومش عاوزه اي اعذار لازم تيجي
زفرت ضحي بصوت مختنق وهي تتحرك للخروج، فمن الواضح ليس هناك مفر من تلك المواجهه .