رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 6 - 3 - الأربعاء 8/5/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل السادس
3
تم النشر يوم الأربعاء
8/5/2024
بعد مرور أسبوعين.
منذ رحيل اخوات ديمة وهي تجلس في المنزل تبكي بشدة علي ما حدث معها وكيف ادي الى خسائر فادحه ليس لها حل ولا تصليح فحتى الندم لا يفيد؟ فقد بدأ الأمر واضح امامها أن لا هناك مجال للرجوع كما كانت تلك الفتاة البريئه الطاهره.. لكن عليها السعي قدمًا وإن كان الهلاك قادم لامحال .. فذلك الحقير لم يتركها الا وهو مستنزف كل طاقتها مستغلها بابشع الطرق .
وهي لما تصمت بعد اليوم فيكفي ما حدث و صار ولم تترك نفسها ضعيفه له يفعل ما يشاء؟ فلماذا ستخاف بعد الآن؟ اخواتها وقد علموا بالموضوع كله، ولتكن صريحه مع نفسها هذا افضل شيء قد حدث بانها تحدثت واخيرا عما تحمله داخلها منذ سنوات وهم لا يعلموا .
تعلم بأن لا يفيدها بالنهاية والامر ما زال كما هو لكن على الاقل كسبت خطوه للتحدث عما داخلها، حتي وأنه جرت بأذيال الخيبة الدمار
بعدها و الحزن غمرها كليًا .
بدقات منتظمة ومتناغمة استمعت الى خبط فوق الباب، ظلت مكانها تبكي دون حركه فلم يعد لها رغبه برؤيه أحد! أستمر الخبط فوق الباب حتي استمعت الى صوت شقيقتها الكبيرة تقول بقلق كبير
= ديمه افتحي انا اختك يا حبيبتي! افتحي الباب خلينا نتكلم انا سبتك الايام اللي فاتت لما شفت حالتك صعبه.. افتحي و ما تقلقيش ما حدش فينا بعد كده هيعاتبك لاننا واجب نعاتب نفسنا قبل ما نعاتبك، انتٍ معاكي حق احنا غلطنا وغلطنا غلطه كبيره كمان ما كانش ينفع نسيبك لوحدك تواجهي كل ده؟ واحنا اكتر ناس منك خبره وعارفين الدنيا .
انتبهت ديمة بالداخل الى صوتها ثم وضعت يدها على فمها لتكتم شهقتها قبل أن تخرج من جوفها وهي تشعر بالإنكسار والخزي، بينما تابعت الأخري هاتفه بصوت خفيض
= بس والله كان غصب عننا احنا ما توقعناش الامور ممكن توصل لكده ولا اننا ممكن نسيبك لكلب زي ده يستغل لك، ديمه احنا بنحبك احنا اخواتك وما لناش غيرك وما ينفعش حاجه تفرقنا عن بعض! انا عارفه كويس ان انتٍ ياما كنتي بتحاولي تنبهينا ان احنا مقصرين بس احنا برده ما كناش بناخد بالنا .. بس اوعدك يا حبيبتي اني احاول وكل حاجه تتحل زي زمان
نهضت ديمة بخطوات بطيئة بارهاق واضح عليها لتقف بجانب باب المنزل بصمت وهي تسمع صوتها وتنهيدة عميقة خرجت من جوفها قررت انتشال تلك الصامتة مجدداً قائلة برجاء
= افتحي الباب بقى وردي عليا، انا عاوزه اخدك في حضني واكون جنبك في موقف زي ده والله ما عاوزه اعاتب! او ممكن انا دلوقتي اللي محتاجه احضنك عشان اطمن، افتحي واسمعيني حتى لاخر مره!
تأثرت كثيرا أثر كلماتها ومسحت تلك العبرات التي علقت بأهدابها وهي ترد وأجابتها بإرهاق
= امشي يا ابله رانيا وسيبيني لوحدي انا مش قادره ابص في عين حد بعد اللي عرفتي .. انا ما بقتش زي زمان .. آآ انا ما بقتش بنتك اللي لسه طاهره وشريفه زي الأول .
تخشب جسدها عندما استمعت لـ نبرة صوتها تصدر من الداخل لتبكي على بكاء اختها الصغيره وهي تردف بصوتٍ باكٍ
= بس ما تقوليش على نفسك كده وما تزعليش من حاجه حتى مننا وانتٍ هتفضلي لحد اخر نفس اختي اللي بفتخر بيها و اللي حصل مش هياثر عليا ويخليني ابصلك بنظره تانيه، يا عبيطه انتٍ بنتي قبل ما تكوني اختي الصغيره
هزت رأسها يائسة عندما استمعت صوت بكائها يزداد وهي عادت صامته ولا تريد ان تفتح لها، مسحت دموعها وهي تقول بتردد وقلق
= طب كفايه عياط هحاول اجيلك مره ثانيه بس خلي بالك من نفسك عشان خاطري.. ما تفكريش في اي حاجه وانا اوعدك أن هشوف حل للي حصل.. والكلب ده هيتحاسب على كل حاجه عاملها معاكي.. مش انتٍ كنتي زمان اي مشكله بتجيلي وتحكيلي وانا بعترف المره دي رغم ان انتٍ جيتيلي بنفسك فعلا وحكيتيلي بس ما سمعتكيش بس صدقيني المره دي مش هسيبك .
سمعت خطوات رحيل أختها بالخارج وهي مازالت تكفكف عبراتها بظهر كفها، بينما مالت ديمة برأسها نحو الباب وهي تبكي بقلب موجوع قائله بحسرة
= يارررب!
❈-❈-❈
في اليوم التالي أتصلت ضحى على صديقتها نرمين الوحيده حتى تأتي إليها و قصت لها باختصار ما حدث معها، رفعت نرمين أنظارها للأمام هاتفه بتساؤل جاد
= منذر! وده عرفك منين عشان يطلبك للجواز
هتفت ضحي بلا تأخير
= بيقول شافني في فرح اخو جوزك مش عارفه شافني امتى وازاي من غير ما اخد بالي منه، بس هو بيقول كده كان معزوم على الفرح وان هو صديق جوزك مصطفي.
هزت رأسها بالإيجاب مرادفة بغرابة شديدة
= ايوه هو صديق مصطفى وانا اسمع عنه منه كتير بس مستغربه الموضوع! خصوصا انك لسه قايله لي من شويه ان انتٍ اكبر منه في السن بسبع سنين؟ فاشمعنى انتٍ بالذات يعني
حدقت فيها بأعينها الحزينة المنكسرة وهي عابسة الوجه، لم تنطق بحرف واحد في البداية، لكن نظراتها كانت تحمل الكثير و ضغطت على شفتيها بقوة بعد أن تنهدت بصوت مسموع قائلة بحسرة
= يعني ايه اشمعنا انا بالذات يعني، ناقصه أيد ولا رجل يا نرمين؟ ولا آه عشان هو لسه شاب صغير هيبص لواحده زي ليه ايه الميزه اللي فيها ملقهاش في غيرها كفايه حتى سنها اللي كبر و شكلها اللي مش حلوه أوي وجسمها المليان
عقدت حاجبيها بضيق شديد منها وقالت بتريث عقلاني
= هو ده اللي فهمتيه من كلامي هو انا عمري هقول لك حاجه زي كده برده يا ضحي مالك بقيتي حساسه من الكلام كده ليه انا اكيد ما قصدتش كده، بس مستغربه مش اكتر وقبل ما تفهمي كلامي غلط تاني انا بفكر معاكي بصوت عالي ايه دوافعه عشان يتقدملك ما هي برده حاجه عجيبه من اول مره شافك كده عجبتيه واتقدملك.. وبعدين هو انتٍ مالك حساكي مش ممانعه كده من الموضوع هو انتٍ موافقه بجد تتجوزي واحد انتٍ اكبر منه .
ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تنفي مخاوفها الخيالية قائلة بتردد
= وما وافقش ليه ولا حاجه عيب ولا حرام لو هو كويس فعلا زي ما بابا بيقولوا، و سال الناس عنه كله شكر فيه هو وعيلته وبعدين ده انا لحد دلوقتي اصلا مش مصدقه ان في حد اتقدملي تاني بعد اللي اسمه صالح ده زميلي في المدرسه وكان عمال يبيع ويشتري فيا.. أقوم أنا بقي اتبطر و ارفض طالما هو كويس وما فيهوش عيب
أجابتها نرمين وهي تشير بيدها بعدم رضا
= يا بنتي هو انتٍ لا كده لا كده ما فيش وسط خالص، مش قلت لك المره اللي فاتت بلاش ضغط المجتمع عليكي واهلك يخلوكي تقبلي بحاجه انتٍ مش عاوزاها، فكري مره ثانيه يا ضحى فكره انك ترتبطي بواحد انتٍ اكبر منه هتعمل لك مشاكل كتير لقدام انتٍ في غنا عنها.. ممكن دلوقتي تبصي للموضوع ان عادي سبع سنين مش مشكله بس بعد كده لما تكبروا هتفهمي قصدي .
أرجعت رأسها للخلف و رمشت بعينيها بنفاذ صبر من ضغط المجتمع لها حتي ترفض والكل يرى بأن ذلك المدعو منذر ليس مناسب لها، اشاحت وجهها للطرف الآخر بخيبة أمل هاتفه بجمود مريب قد حل عليها من كلماتها المقتضبة تلك
= هو انتٍ و ماما نفس الكلام حتى جابت اخواتي عشان يحاولوا يقنعوني ان انا ارفض و الجواز من الشخص ده غلط، بس انا بقى خلاص تعبت وزهقت من الانتظار مش كل حاجه عاوزينها بتحصل يا نرمين وان استنى شخص مناسب دي مش هتحصل غير في الاحلام يبقى اقبل بقى باللي قدامي طالما ما فيهوش عيب.. العمر عمال يعدي بسرعه وانا تعبت بجد من كل اللي حواليا وخايفه ان انا افضل لوحدي في الآخر وخايفه إن ما لحقاش اخلف بسبب السن وخايفه من حاجات كثير انتم عمركم ما هتفهموني عشان انتم مش مكاني .
وجدت الأخري بأن الحديث ليس له فائده معها لذلك سألتها بجدية
= انا شايفه أن الكلام معاكي ما لوش لازمه و برده مصممه تعيدي نفس الكلام وحطه اعتبار للناس في خطواتك، طب لما انتٍ مكرره كده وموافقه جايباني ليه وبتاخدي رأيي، لو هتساليني عليه عشان صاحب جوزي فانا ما اعرفش عنه حاجه وكنت بشوفه فين وفين صدفه معاه وحتى البيت المره الوحيده اللي جلنا هي ساعه فرح اخوه مصطفى.