-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 14 - 4 - الثلاثاء 4/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الرابع عشر

4

تم النشر يوم الثلاثاء

4/6/2024



كانت بسمة من بعيد تجلس تضع يدها فوق خدها، و تراقب تقرب ضحي و منذر عن كثب.. كانت دومًا تعقد تلك المقارنة المؤلمة بين زوجها و منذر أو الآخرين.. تمنت لو شعر زوجها بتلك الحرقة المتأججة في نفسها من عدم اهتمامه وكلما وجدت ما تتمناه وتريده يحدث أمام أعينها مع غيرها وهو غير مهتم تشعر بالحسره.. فمؤلم أن تتألم رغمًا عنك وأقرب الأشخاص إليك لا يشعر بوجودك.


فهي بحاجة ملحة للرجل الذي يكون زوجها أن

يكون حبيبها أيضا.. قولا وفعلا !!. 


اقتربوا اصدقاء وزمائل ضحى ومن ضمنهم نرمين صديقتها وسحبتها الي بعيد وهي تشبك ذراعها بذراع ضحي لتخترقا جموع النسوة اللواتي يصفقن ويزغردن ويرقصون فتزغرد نرمين معهن لترسم المزيد من الفرح والبهجة على وجه ضحي.. بينما جذب الأصدقاء والاقارب منذر و بعض الجيران الى ساحه الرقص أيضاً على الجانب الآخر.


الفرح كان قطعة من الخيال بالنسبة لضحي و بالفعل حلقت عالية تلك الليلة! غير مدركة أن كلما رفعت آمالها وطارت بعيداً كلما كان السقوط مؤلماً.


❈-❈-❈


كانت ديمة في غرفتها كعادتها و كلما اغمضت عينها تذكرت ما يحدث لها حاولت مقاومة ذلك الشئ المرير الذي يمنو داخلها لكنها فشلت بسبب الوحده و الشعور بالذنب الذي يلازمها طول الوقت، وفي ذلك الأثناء استمعت الى طرقات فوق باب غرفتها وصوت قائلا


= ديمة ممكن ادخل.


اعتدلت فوق الفراش ببطء دون حديث وهي تفكر ماذا يريد منها بهذا الوقت، بينما هو عاد يهتف باسمها ويطرق باب غرفتها وعندما لم يجد رد مره ثانيه اضطر ان يفتح الباب ويدلف


تفاجأت من مظهره حيث كان يرتدي بدله كلاسيكيه تناسبه بشدة! تنهدت بقوة وهي تدقق النظر الي ملامحه للمره الاولى بعد زواجهم تتاح لها الفرصه، حيث كان رفيع البنية فارع الطول ذا ملامح حادة لكنها جذابة، تلونت عيناه باللون الأسود فزادته وسامة... العمر حقا ليس واضح عليه من يراه يعطي ثلاثون عاماً وليس ثامنه وثلاثين .


أيضاً كان عطره طيب جدآ دخل الى جيوبها الأنفية وداعب أنوثتها... وبقت تفكر ترى اي نوع يستخدم يا ترى ليجعلها هائمة كذلك ..

و أكثر ما اعجبها فيه هو عضلاته وهذا دليل

على انه رجل رياضي عادت من شرودها عندما

سمعت صوته الخشن يقول بجدية


= انا كنت رايح فرح صديق ليا في السيده زينب مكان سكني القديم، احتمال اتاخر وكمان ممكن ابات هناك فبقول لو عاوزه تيجي معايا البسي وتعالي 


صمتت كعادتها للمره الثالثه مما جعله يضيق منها بشده وهو لا يفهم هروبها وصمتها منه طوال الوقت اهو خوف منه أم بسبب نفسيتها السيئة هي من تجعلها تميل للوحده! أضاف مجدداً بنبره يلوحها فروغ الصبر والحد


= بلاش تقعدي لوحدك وقت طويل وانتٍ على طول حبسه نفسك هنا، تعالي معايا غيري جو ... هستناكي بره ما تتاخريش 


ظلت ديمة مكانها لحظات حتى تحركت بقلب حزين.. نحو خزانه الملابس لتخرج منها فستان طويل باللون الموف الفاتح ترتديه وتركت شعرها للخلف حر، ولم تضع إلا القليل من الأحمر فوق شفتها خرجت بعدها له وهي ترتدي ثيابها بأبهي حله وتضع الأساور الذهبيه فوق معصميها دون النظر إلى الأمام مشغوله في عقد الاسوره ! 


بينما هو كان شارد ينظر لها لكنه يشعر أن ملامحها مميزه عن الجميع فيها مزيج من براءه طفل في السابعه وحزن عجوز في الثمانين، و شقاوة فتاه في العشرون.. وضعف إمرأه في الخمسين.. كل شئ وعكسه بشكل غريب لكنه مميز, وعيناها التي رفعتها الآن قضت على الباقي من ثباته.. عينان بلون البحر الأزرق الرائع فيهما صفاء وحزن اختلطا ببعضهما ليعطيا بريق جميل ومحبب


صحيح طول الوقت صامته وترد على أسئلته باختصار كأنها لا ترغب بالحديث معه، لكن يتذكرها جيد عندما كانت طفله صغيره و يتذكر شقاوتها عندما كان يتردد الى منزل والدها ويزوره! لكن كل ذلك اختفى وحلت بها صفه واحده وهي الحزن واي شئ آخر يميل إلى الكابه.... أزال نظراته عنها بسرعه بحده يعاتب نفسه في حين هتف قائلاً


= يلا عشان ما نتاخرش .


بعد فتره هبطوا وركبت بجانب آدم الذي قاد بسرعة نوعاً ما رغم ان الارض تزاد وعورة كلما

اقترب إلا أنها تجاهلت ذلك ديمة ايضاً !!

حيث كانت تنظر من نافذة السيارة ونسمات الهواء البارد تلفح ارنبة انفها فتحولت الى حمراء دموية مع خدوش زهرية تتزين بها

وجنتيها النمشية الخفيفة كانت تفكر بصمت و لم تعترف لأي احد بما تفكر به حتى لنفسها ! كانت تارة تفعلها وتارة اخرى تتجاهل كل شئ ، فصمتها المخيف يسجن شخصية اخرى داخلها إلا انها لا تخرج للعلن سوا الصمت الرهيب !


كان كل شئ داخلها وخارجها هادئاً بطريقة غريبة بصراحة لم تتوقع نفسها الصاخبة القديمة ان تكون بهذا الهدوء المريب و كل شئ صامتاً !. لكن بنفس الوقت كان ذلك مؤشر خطأ توحي الى بوادر الاكتئاب الدائمه في حياتها.


بدأت تطلق أنفاس حاره دلالة على توترها مع صوت بلعومها المشير الى ابتلاع ريقها الجاف! كان ذلك الصمت يزعج الآخر الذي جانبها جدآ فليته يستطيع الصراخ بها للتوقف واللعنة وتتعامل مثل البشر والناس الطبيعين إلا أنه لا يستطيع ! 


بقيت الأخري تنظر للطريق شاردة كعادتها رغم انها لم تسائل عن تفاصيل الطريق واين هو بالضبط؟ وماذا يقرب له العريس.. لم تكن تعلم سوا شاردة ..سارحة بعيداً عن هنا... كأن لا تنتمي لهنا ولا شئ هنا ينتمي لها !!



❈-❈-❈


عدلت كوثر من طرحة العروس قبل أن تبتعد بحذر من جوارها، لتنسحب في إثرها باقي النساء والفتيات واحدة تلو الأخرى من الكوشة تاركين فسحة للعروسين للجلوس سويًا، فيما 

مالك إبن معاذ وبسمة ظل مسند أعلي مقعد العريس متغنج بنفسه بمرح وهو يرتدي مثل عمه بدله رسميه.


بينما علي الجانب الآخر من بعيد داخل قاعة الزفاف، كان معاذ يجلس بجانب زوجته التي كانت صامتة كعادتها منذ أيام ومتجهة الملامح

وبعد فترة نهضت بملل للخارج تستنشق الهواء وتريح رأسها من الضوضاء التي بالداخل، وفي ذلك الاثناء تفاجأت بزوجها قادم خلفها بقي وقت صامت مثلها حتي تحدث قائلاً بتردد


= بسمه مش عاوزه تقولي حاجه 


هزت رأسها وهي تردف بتبرير مزعوج


= حاجه زي ايه ما إحنا باركنا خلاص للعرسان 


تساءل زوجها بصوت خشن مقلق


= انا مش قصدي الفرح انا قصدي اي حاجه علينا، انتٍ بالك كام يوم مشغله الوضع الصامت من ساعه موضوع الشغل أياه.. وده قلقني بصراحه غير عادتك.


نظرت إليه نظرة ضيق، ثم ردت عليه بنبرة عادية


= عادي أنا إتعودت على كده.. وسكوتي ده عشان بحاول ارضى بالامر الواقع وان خلاص هتفضل طول عمرك كده ومش هتتغير


تنهد بيأس وقد تفهم أمرها بأنها بالتأكيد مزعوجه بسبب توقفه عن العمل الذي لم يبدأ لكنه أخذ القرار في ذلك ولم يشعر بالشغف او الحماس نحو ذلك أبدا، وليس لدي رغبه في التجريب أيضا، التفت نحوها وهتف بجدية 


= بصي انا اسف وعارف اني غلطان اني بوظت ترتيباتك بعد ما وعدتك واديتك امل على الفاضي.. بس انتٍ قلبك أبيض.. وبعدين والله انا حاولت قدامك اهو بس الموضوع طلع صعب وبصراحه يعني ما لوش لازمه ايه يعني لو ابويا هو اللي بيصرف على البيت ما فلوس ابويا هي فلوسي!. 


هزت رأسها بإحباط كبير نحوه وقد ملت من ذلك الأمر حقا، لذلك استجمعت قوتها عن عمد

مرددة بحسرة مؤلمة 


= معاذ هو أنا باجي في بالك انا وابنك! وبتفكر فينا يعني وتفكر كمان احوالنا هتكون ايه بعد كام سنه لقدام... وابوك وامك اللي معتمد عليهم طول حياتك دول بعد عمر طويل طبعا هيفضلوا طول الوقت قاعدينلك وبلاش بقى تقول لي ورث والكلام الاهبل ده لأن كل حاجه هتتغير بعدها والبنك اللي معتمد عليه طول الوقت هيتقفل.. و اول ما يروحوا.. صدقني انت هاتليس وهتبقى مش عارف تعمل حاجه وهتعرف قيمه كلامي بجد وقتها لما تلاقي نفسك لوحدك ومش عارف تصرف علينا انا وابنك.. أبقي ساعتها بقي دور على واحد غير ابوك يصرف عليك ولا تكونش هتعتمد على اخوك ولا عليا!؟. ما انت خلاص اتعودت على كده انت اللي تقعد في البيت وغيرك يصرف عليك.


اكفهر وجه معاذ قليلًا من ذكر موضوع العمل مجدداً ورد بتأفف غاضب


= تصدقي بالله انا استاهل ضرب الجزمه أن انا بتكلم معاكي واصالحك، كنت سبتك مكتومه أحسن.. هو انتٍ لازم كل مره تسممي بدني بالكلمتين دول! 


ضغطت بسمة على شفتيها متمتمة بسخرية مريرة


= ويا ريتهم بيحوقوا فيك، حتى الكلام الحاجه الوحيده اللي بعملها معاك بقيت افقد الأمل فيها ومش عارفه بعد كده هعمل ايه 


تقدم خطوه ليقف مقابل لها بصرامة واضحة بعد أن قست نظراته هاتفاً بحده


= طب تمام أنا غلطان! و انتٍ إيه ملاك ما بتغلطيش أبدا وما فيكيش عيوب.. مش بتشوفي نفسك وانت دائما بتكلميني زي ما يكون الغلط فيا انا بس، مش يمكن انتٍ اللي معقده كل حاجة حتي اللي بينا


ردت عليه بتجهم


= إنت هتقلب الايه ولا ايه؟


الصفحة التالية