-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 19 - 3 - الإثنين 24/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل التاسع عشر

3

تم النشر يوم الإثنين

24/6/2024 


بالكاد تماسك منذر وهو يهزها ويبعدها قائلاً بحزم زائف


= تقصدي ايه بقى؟. هو انتٍ مش قلتي الإهتمام اللي نزل عليكي مره واحده ده مش عاوزه مقابل لي؟ يبقى ليه دلوقتي بتحاولي تفتحي نفس الموضوع بطريقه غير مباشره ولا انا غلطان؟ 


هتفت مستنكره تفكيره ضيق الأفق 


= موضوع ايه يا منذر قصدك موضوع الدكتور؟ طب ليه دي الحاجه الوحيده اللي كانت في دماغك على اساس ما عندكش مشاكل تانيه غيرها مش جايز عاوزاك تحاول مع أهلك تغير الفكره اللي مصممين يحطوك فيها وانك شخص فاشل و ما عندكش شخصيه! قلت مش عاوز تكشف عشان خايف من الفضيحه تمام بس انك تفضل زي ما انت ده كويس برده


استشاطت عيني ضحي على الأخير، وبرزتا من محجريهما وهي تضيف بصوت هامس بإصرار 


= منذر انا ما بقتش فاهمك حقيقي؟ انت كده فعلا زي ما بيقولوا عليك ولا مش كده وعاوز تستسلم وتكون زي ما هم عاوزين.. طول الوقت بحاول احط مبررات ليك لا إلا لو ما عملتش كده فالاختيار هيكون أن أبعد عنك

لانك هتكون بالنسبه لي شخص مؤذي ؟ انا لسه فاكره لحد دلوقتي كل اللي كنت بتعمله زمان بغرض انك توقعني ! واهمها موضوع انك اصريت اكشف وتتاكد ان انا فعلا بنت بنوت ولا بضحك عليك قبل الجواز؟ ما انت لو ما لكش اعذار يا منذر يبقى انت اللي شخص مش سوي ومحدش عاقل يعمل كده


لم يحبذ ان تفتح ذلك الموضوع فاعترض علي طريقتها بصوت قاسٍ


= قلت لك بطلي تجيبي موضوع او سيره انك تمشي عشان ده مش هيحصل، و بالنسبه لموضوع أن اجبرتك تكشفي قبل الجواز فانا وضحتلك الوضع اللي انا كنت فيه يا ضحى انا لحد دلوقتي مش عارف غاده كانت بتخوني من امتى ولا هي اصلا قبل الجواز كانت كده وبتضحك عليا 


تبدل لون بشرتها للحمرة المزعوجة ثم التفتت برأسها نحوه هاتفة بتجهم قليل


= آه فعشان كده قلت اضمن اللي جايه و لازم اخليها تكشف واتاكد هي هتخوني ذيها ولا لاء

بس هو مين فهمك ان الكشف ده هو اللي بيخليك تتاكد من عفت و شرف البنت 


قبض منذر على كتفها بأصابعه الغليظة، ورد عليها بسخط وهو يعتقد أنها متعمدة الاستهزاء منه


= ما فكرتش بس ده الحل اللي كان قدامي ونفذت وعارف انه كان غلط، بس بالنسبه لواحد زيي كان افضل حل 


أجابت عليه بصوت قوية وهي تقول بتحدي


= طب وليه ما تروحش تكشف ولما تبدأ تمارس حياتك بشكل عادي هيكون ده الحل

الصح 


لم يتحمل منذر أكثر من هذا، فقبض أكثر على ذراعها، ثم هدر فيها بصوت متشنج


= شفتي بقى ان انتٍ زيهم لفيتي لفيتي وبرده جيتي لنفس الموضوع، كل واحد بيدور على مصلحته صحيح انتٍ ولا طايقاني ولا عاوزاني أبقي جوزك بحق وحقيقي وبتجبري نفسك تقربي مني عشان تخليني اروح للدكتور و اتفضح عشان خاطرك مش كده


خشيت ضحي أن يتطور الوضع بينهما لمشاجرة عنيفة فتتسبب برفضه التام بسبب خوفه من إحداث فضيحة بالعائله، وهي في غنى عن هذا الأمر، سلطت أنظارها عليه بهدوء وهي تقول 


= ما فيش فضيحه هتحصل ممكن بكل بساطه تشوف دكتور بعيد عن المنطقة هنا ومحدش يعرف مكانه وهم الدكاتره اكيد بيتعاملوا مع الحاجات دي بسريه تامه، انت لو في نيتك تبقى احسن هتعمل المستحيل.. ما ترد يا منذر هو صح تفضل حاطط نفسك في ضغط نفسي وصعب بسبب اهلك وانت في ايدك تريح نفسك .


ذكريات تسابقت فجأة ذكريـات تليها في عقله ليسرح فيها أكثر، ثم أبتعد عنها وهــز رأســـه بإيماءة خفيفة وهو يجيبها بصوت مؤلم 


= تعرفي أن اكتشفت الانسان لي بطاريات هي الحنان والراحة النفسية والحب والطمانينة؟


أجابته ضحي بهدوء حذر تأكد عليه 


= طبعا والدلع كمان.. في ناس لما تدلع كمان بتحس بالراحه وتبقى كويسه 


ابتلع ريقه ورد عليها بنبرة مرتجفة 


= انتٍ عارفه انا بدلع نفسي كل يوم عشان كنت مش لاقي حد يدلعني.. أقعد ابص لنفسي في المراية وانبهر بنفسي واقول ايه هتعمل ايه النهاردة يا منذر وابص لنفسي وابص لعيني وابص لملامحي وابتدي احس اني بدي لنفسي طاقة.. الكلام كان يديني طاقة.. الدلع يديني طاقة.. كل الحاجات الآمنة دي اللي فيها رفاهية العواطف.. ده يخليني في احلى وقت وهو سر قوتي في الحياة واني لسه مكمل بعد كل اللي بيحصل فيا وبشوفه من اللي حواليا 


أخفض رأسه متخاذل وهو يكمل بصوت حزين 


= لكن في نفس الوقت بحاول اكتم انفعالاتي لأني مش متخيل اطلاقا إن رغم كل اللي حواليا وفي الاخر بدلع نفسي؟ و مفيش في حياتي حد يدلعني ويهنيني ويهتم بيا ويطلع كل اللي في قلبي مخزون ؟


كانت ضحي تصغي كثيراً له دون ملل أو كلل 

بالرغم مِن عجزُها في أغلب الأوقات على فهمه إلا أنها كانت تعطي إهتماماً بكل شيء يخصه، للمرة الأولى تُقابل شخصاً يجعلُها

متوجسة للسماع لِما يقوله وهَذة المرة كانت

مختلفة تماماً، فهمت وأدركت كل حرف نطق

به، لربما لأن ذات الشعور راودها ..


فخفق قلبه بقــوة وهو يطالعها بنظرات قوية 

ثم أضاف بصوت لاهث 


= انا ملقتش حد يدلعني يا ضحى.. مفيش حد كان بيستناني على الغدا وما ينامش الا لما يطمن عليا! ده انا متهيالي اصلا لو كان جرى ليا حاجه في مره ولا مت كانوا هيحسوا بعضيها بفتره .


ظلت ضحي اكثر من دقائق تنظر له باعين متأثرة وتفكر كيف تخفف عنه هل بالحديث؟ لكن ماذا ستقول لتجعله ينسى جزء من معاناته السيئه للغاية، وعندما طالت الدقائق مجدداً اقتربت منه محتضنه إياه ربما لأنها أرادت ذلك، الشعور بدفئه ولمسه و خاصه حین بدی هادئ ويتحدث عما بداخله للمره الأولى منذ ان ألتقت به.. في حين انها تجاهلت التجاوب معه في الحديث وتجاوبت بالجسد .


شعرت بتصلبه إلا انها كانت لحظات معدوده

قبل ان يسترخي جسده.. ليرفع يديه يحتضنها بقوه ناحيته بينما يشتم رائحتها المغريه.. رعش قلبه من فعلتها تلك، وشعر بنفسه كطالب مجتهداً فاز بالتخرج فلقد كرمته والدته بتكريم مغلف بدقات قلبها.


دنى منها ولف خصرها بذراعيه يقربها منه و صدره يعلو ويهبط كلما تذكر أنه في أحضانها الآن، واضعا رأسه بعنقها وأنفاسه تتثاقل شيئا فشيئا، ثم خرج من أحضانها ونظراته التي تحاكي وتطلب الكثير والكثير، حتى شعرت به يتحدث بثقل 


= هو انتٍ بتعملي كده على طول؟ 


رفعت يدها تحتضن رأسه ليحشرها بين رقبتها مجدداً، قائله بابتسامه خجولة 


= قصدك عشان بحضنك هو انت بتضايق؟ 


نظر لها كأنه لا يصدق مثلًا، أو يريد ان يشعر بحنيتها الزائده عليه لأن وجع القلب لا يشفى غير بجرعة حنية كبيرة، إبتسم لها بعذوبة ثم 

تحدث واعترض بتلهف


= لا خالص أعملي كده على طول لو تقدري! 


تحدث بلهفة و دون وعي في حين ابتسمت برقه، وهي تهز رأسها بالايجاب ثم ضميته إليها زيادة و طبطبت عليه وهي تشعر إنها ترغب فيه ادخله داخلها حتى لا يتألم وتخرج قلبه بيديها وتقبله وتخبره أن لا يحزن.


بعد مرور وقت تمتم مستغفرا بخفوت ثم خلع قميصه ليلقيه علي الأريكة بإهمال ليتوجه بعد ذلك الي المرحاض ليغتسل قبل ان يخلد للنوم.. ارتمي منذر فوق الفراش ليغمض عيناه بإرهاق، بعد أن تأكد من أنه قد ضبط المنبه ليعاود من جديد وهو يقرأ أذكار المساء قبل أن ينام.. 


دلفت ضحي لغرفة نومها، وضعت مرطبها الليل وشددت من إغلاق مئزرها ثم رفعت الغطاء ونظرت لزوجها المتمدد بجانبها شارد العينين والذهن.. وعندما التفت لها عرفت بأنها أطالت السرحان فيه فأشاحت بوجهها جانبا .


ظل مستيقظ وشعر برغبه برجوعه لأحضانها فجأه، الرجوع لذلك الدفئ و الحنان الذي يقذفه مبتعدا عن مشاكل هذه الحياه التي يعيشها.. بالشعور بنبضها السريع حين يقترب منها، بدلا من الغوص عميقا في هذه الظلمات المحيطه به هو يدو الغوص بین یدیها و احضانها مستشعر الامان و الهدوء الذي فقده منذ زمن بعيد..لعل الحزن و الألم المحصور بقلبه يرحل و يتركه وحيداً.


نظر نحوها عندما اقتربت لتنام جانبه ليتنهد بقوة، أغمض عينيه بإرهاق فأتي بباله عينيها اللتان تعلقتا به عندما كان يتحدث اليها، كانت تناظره بهدوء بتيه و بـ.. حب!.. ماذا هل من الممكن ان يجد شخص يحبه؟ لأ لأ هز رأسه نافياً عن باله تلك الأفكار الحمقاء لكن لم يتوقف عقله عن رغبته في احتضانها وكأنها أصبحت بالنسبه له إدمان.


كان في داخله الأصوات التي تُخبره بأنه عاجز

عن الحب بعد الآن، ريما هو يستطيع أن يتوقف عن سماع العالم ولكنه لا يستطيع إيقاف الحرب الملحمية التي تقام داخله لا يستطيع صد جيوش الألم عنه، في داخله عواصم من القلق، بلدان محتلة من قبل الخذلان ووديان من الحزن.. 


أصبح الظلام الحالك يعمّ المكان لكن شعرت بتململه على السرير دليل عدم نومه! تماسكت وتصرفت كما لو أنها لم تشعر به أو بحركته و

سحبت الغطاء ثم اندست داخله..


مرت ثانية.. دقيقة.. دقيقة ونصف.. وبالفعل لم يمضِ الكثير من الوقت قبل أن تشعر به يقترب منها ويلفها بيديه.. لَم تعطي رده فعل مما جعله حائراً متأكد بأنها غاضبة الآن... لكن جفل لوهلة عندما مررت يديها نحو شعرها تُعيده للخَلف مُتنفسة الصعداء وفي تلك اللحظة إنتبه انها مستيقظه فقد ظن أنها نائمة لكن تفاجأ بها وهو يراها تدفن رأسها في عنقه تتنفس عطره الرجولي المألوف لها متلذذة به بتأوه مهلك لرجولته، ففهم تماماً بأنها تريد احتضانه كما يريد بالضبط، وقد ناموا هذه الليلة في أحضان بعضهم البعض.


الصفحة التالية