-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 19 - 4 - الإثنين 24/6/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل التاسع عشر

4

تم النشر يوم الإثنين

24/6/2024 


مر الوقت سريعاً وبعد ساعات عادت بسمة لبيتها مع زوجها وطفلها الذي انطفت سعادته بسبب أفعال والده بنهايه اليوم وحاولت والدته أن تجبر بخاطره واشتريت له كل ما يريد من الشيبسي والعصير لكن مع ذلك لم يتوقف عن البكاء بحرقة 


خلع معاذ ملابسه ليرميها بفوضاويه بكل مكان

ثم يرتدي غيره بكل عدم مبالاة، ليهزه صوت زوجته الغاضبة


= قولت مية مره بطل إهمال هيجريلك حاجه لو دخلت هدومك جوه بدل ما ترميها كده في الصالة 


نظر نحوها بضيق وهو يقول بعدم اهتمام 


= هوووف هو انتٍ عندك وسواس قهري ولا إيه يا بسمة! ما تشيليها وخلاص ولا ايه اللي هيجرا لو سبتيها مكانها 


جذبت ملابسه لتضعها فوق الأريكة جانب قائله بسخرية طفيفة 


= هو عشان بحب النظام وبيتي يكون نضيف يبقا كده عندي وسواس قهري، لم هدومك حالا وبطل العاده دي، ده أنا ربنا يصبرني عليك و خلاص جبت اخري ومش قادره استحمل اكتر من كده 


رفع بصره إلى حيث أشارت بعينيها، اختلس النظر إلى طفله الذي يبكي، عقد حاجيبة باستغراب ثم صرخ معترضا يخفي غضبه 


= هو انت يا ابني اتعلمت من امك النكد ذيها بتعيط ليه دلوقتي مش عملت لك اللي انت عاوزه! وغصبت على نفسي اروح المكان اللي انا مش حابه


لم يجيب إنما ظل بيكي فارتفع صوته قاصفا وهو يزجرها


= ما تقولي لابنك يبطل عياط، وشوفي ماله 


ردت بسمة بلا مبالاة 


= من غير ما أسأله عارفه بيعيط ليه عشان فضل ينده عليك هناك تتصور معاه وانت طنشته وما رضيتش وهو اصلا رايح الخروجه دي عشان يتصور معاك ويوري أصحابه زي ما بيوروه 


اتسعت عيناه ببريق دهشة وأردف ساخراً


= يخرب بيت ام المنظره اللي فيها انتٍ وابنك

بطل هيفاء واسكت انت التاني مش هتعيط على حته صوره أكبر ! كفايه أوي ان انا رضيت ورحت المكان المقرف ده وجيت على نفسي

علشانك


كانت عينا بسمة تضيقان وتضيقان مع كل كلمة يهتف بها.. حتى بدت في آخر كلماته كخط رفيع من الخطر والشرر، قبل أن تقول وتفرغ ما في داخلها


= لا انا خلاص جبت اخري منك هو انت ليه بجد بتعمل معانا كده؟ كمان بتقولها في وشنا أنك مجبر تفرح معانا شويه وتفرحنا.. هو احنا ما نعرفش نعيش حياه سعيده زي غيرنا و هاديه وما فيهاش الكابه اللي انت بتبقى فيها و بتعملها وفي الاخر بتيجي تتهمنا أن نحن معيشينك في نكد..ده انت دايما اولياتك مع اصحابك اكتر مننا اللي بتروح تفرح وتتبسط معاهم وناسي أن انت عندك أسره! اذا مش فاهم انك مطلوب منك تراعي اسرتك و تبسطهم فاديني بقول لك اهو وبفهمك انك لازم تنسى حياه العزوبيه بتاعه زمان ومش لازم طول الوقت كل حاجه تقضيها مع أصحابك واخرك تيجي بالليل تنام من غير ما تشوف طلباتنا


لم تنحسر واجهة الصرامة عن ملامحه مما جعل الأخري تستطرد هاتفة وخرج صوتها مرتعشا وهي تهتف به باستهجان والقهر في داخلها يتفاقم صارخاً 


= طالما ربنا هداك ووديتنا كمل جيميلك للاخر وخلينا نستمتع ونفرح لاخر لحظه مش لازم تنكد علينا وتفكرنا أن ده يوم مؤقت وهترجع زي الأول تنكد على اللي جابونا.. ما كنتش هتخسر حاجه ده حته صوره هتتصورها معاه وكانت هتفرق معاه كتير انا مش عارفه كام مره هفهمك الموضوع ده، كل حاجه هايفه بالنسبه لك عكس غيرك مش لازم نمشي على هواك.. و ده طفل صغير 


تنهدت بصوت مسموع شاعرة بالحزن الشديد ثم أضافت عليه بوهــــن


= بس إزاي مهما نحاول نفرح لازم تعمل موقف وتبوظ كل حاجه، عشان أنتَ عمرك ما حاولت تعرف إيه اللي بيبسطنا وتعمله تحسس ابنك بحنان الأب وصلته لدرجه النهارده عاوز ياخد صوره معاك عشان يثبت لاصحابه ان فعلا عنده أب ذيهم بيحبه زي ما بيشوف اصحاب ابهاتوا.. ده حتى الصوره عاملها حجه عشان يقرب منك حاول كده تفتكر اخر مره قعدت معاه تلعب وتضحك ولا حضنته ولا تروح تجيبه من المدرسه.. دائمًا تحاول بس الاستخفاف بطلباتنا ورغباتنا.. عاوز إبنك يشوفك ازاي وهو مش بيلاقيك اصلا وعلى طول مختفي ومشغول عنه! مع صحابك وخرجاتك.. اللي بدون مبالغه بتضحك وتفرح معاهم وتعمل كل اللي في نفسك وتيجي هنا بالعافيه تبتسم في وشنا


بدأت الصرامة تنحسر عن ملامح معاذ ويظهر فيها الضيق.. لم يستطع أن يحدد إن كان الضيق من جرأة زوجته أو من حقيقة كلامها الذي لا يعترف بأنه أمر هام لهم!


هز رأسه بيأس ثم قال مغير السيرة وهو يسمع قرقرة بطنه من الجوع


= بسمة انا جعان يلا شوفي اي حاجه من جوه أكلها انتٍ عارفه انا مش متعود على اكل بره وما عرفتش اكل معاكوا حاجه.. بس ما تكروتنيش بالله عليكي واعملي حاجه حلوه كمان 


خلعت حجابها وهي تنظر له بغيظ فلا تصدق

بعد كل ذلك لم يهتم الى حديثها أو يؤثر عليه، رغم بكاء طفله وغضبها إلا أن الآن يخبرها بكل برود أنه جائع! ويتجاهل كل غضبهم منه.


هو لا يتغير حقا، كان عليه بدلا من التفكير بإنهاكها بطلبات كالعادة أن يطلب لهم العشاء من أحد المطاعم حتى لو كان لا يحب كثيراً أكلهم أو ملّ منه! لكن يفعل ذلك كعربون صلح عما بدر منه اليوم وجعل طفله يبكي باقي اليوم بدلاً أن يكون سعيد بتلك النزهه الوحيدة في حياته مع أبيه .


نظر مالك إلي والده بيأس ثم بارح المكان لغرفة نومه يغتسل أسنانه ثم يخلد للنوم لعدة ساعات يشحن طاقته ويستعيد حيويته التي هدرها والده وجعله يحزن ويبكي بعد ان كان سعيد وظن ان والده لقد تغير .. لكن أصبح متاكد الآن بان ذلك لم يحدث أبدا.


نظرت بسمة إلي ملامح طفلها البائس وهو يتحرك إلي الداخل لذا لم تهتم بطلبه أو بعواقب ما قد يفعله، وهي تهتف بكل عناد سافر


= انا مش هعمل حاجه انا داخله انام عشان تعبانه، المطبخ عندك اتفضل اعمل لنفسك اللي انت عاوزه 


رمش بعينيه غير مصدق رفضها الصريح، ليعود صارم الملامح مشتعل العين ببريق خطير وهو يقول بغضب مكتوم 


= نعم!. هو ايه اللي مش هتعملي حاجه انا بقول لك جعان مش قادر استنى 


ازداد شيء من خوفها من ردة فعله إلا أنها تحدثت بأناقة مستفزة


= لا هتقدر ما تخافش انت شحط كبير ما شاء الله عليك مش عيل صغير عنده اربع سنين! لسه وانا راجعه تعبانه زيي زيك واكتر منك كمان على الأقل انت قاعد مكانك من ساعه ما خرجت وانا اللي راحه جايه اشوف طلبات إبنك و المشي هنا وهناك معاه 


انفعل معاذ بغضب أشــرس قائلاً


= وانا مالي روحتي ولا جيتي مش انتٍ اللي شبطانه وكنتي عاوزه تخرجي انتٍ وابنك، هي دي اخره المعروف!. 


إمتعض وجهها وهتفت بعبوس


= معروف إيه بس يا شيخ ده انت يوم ما عملتها طلعت عيني عشان توافق وطلعت عيني لما خرجنا و دلوقتي مش عاجبك كمان

نحاسبك عشان نكدت علينا 


تساءل معاذ بلهجة أكثر هدوءً لكن أشد غضب 


= هو كل الموشح ده عشان ما رضيتش اتصور مع ابنك فتروحي تعاقبيني و ما تحطيليش أكل؟!. 


كتفت ذراعيها تقول بلهجة يلفها الإصرار


= لا، لأنك مش قادر مره تقدرني وتعرف أني بتعب زيي ذيك بالضبط، واذا كنت مش قادر تراعيني انا وابنك في طلباتنا البسيطه حتى يبقى ما تطلبش مني حاجه انا كمان من الأساس 


نظر لها بإنفعال واضح ثم رد عليها معاتبًا


= اتغيرتي أوي يا بسمه بقيتي تردي عليا الكلمه بكلمه وكمان بتقوليلي لا! فين ايام زمان كنت قبل ما اقول اللي انا عاوزه تقومي تنفذي علي طول من غير نقاش.. دلوقتي هتعملي زي الستات الفاشله اللي بتسمعي ليهم في التلفزيون وعاوزه تخربي على نفسك وبتقولي لجوزك لا


لوت شفتاها وهي تستمع إلى حديثه باستخفاف، ثم هزت كتفيها وهي تجيبه بفتور


= ما حصلش الكلام ده طبعا من امتى كنت بنفذلك كل كلمه، انت هتعمل فيها سي سيد و بعدين انا ما بسمعش لحد ده كلامي من نفسي! عشان خلاص جبت اخري وزهقت.. واذا كنت مش شايفني ست و عاوزه اخرب بيتي عشان بقول لك لا مش قادره اعمل لك اكل عشان تعبانه زيك! فكمان الرجاله اللي بحق بيقدروا ازواجهم في المواقف اللي زي دي و بيساعدوهم مش بيحملوهم فوق طاقيتهم 


شدّ معاذ على نواجذه وهو يراها ترد له كل كلمة، و غادرت بسمة الغرفة فلحقها قائلاً بغضب مكبوت


= هو انتٍ بتعامليني كده ليه يا بسمه هتنسي نفسك ولا إيه، الله يرحم أيام زمان هو انتٍ كنتي تطولي تتجوزي واحد زيي؟ ده انا الف وحدة تتمناني بس انا اللي اخترتك انتٍ مع الاسف تكوني مراتي بقي دي اخرتها 


لوت فمـها إستهزائاً، ثم أطفأت غليونها على مضض وهي تردد بسخرية 


= وانا مليون واحد اتقدملي بس رضيت بيك تكفير ذنوب مع الأسف برده!!. 


اغتاظ معاذ من أسلوبها المستفز في التصرف معه، ثم التفتت له واضافت بسخط متعمدة الاستهزاء منه


= تصبح على خير يا! يا بتاع ألف واحده تتمناك 


تحركت من الغرفة حتى لا يتصاعد صوت نقاشهما فيوقظ الطفل الذي نام وهو حزين بسببه كالعاده! وظل معاذ مكانه يشعر بغضب.. لكن هل تأثرت بسمة أبدًا بل شعرت بالاستمتاع.


فتلك العائلة حقا تشعرها بالاستمتاع كلما رأت غضبهم من شئ ما .


❈-❈-❈


في البلد، بعد أن أصر عم ديمة أن يظلوا هنا ويرحلون في اليوم التالي، رغم اعتراض ديمه الشديد إلا أن آدم اقنعها بأنهم محقون حتى لا يرحلون بالمساء ويحدث لها شئ سيء لذلك استسلمت لرغبته رغم عنها وبالنهايه هي ليست وحيده هنا وهو معها، حتى انها لم تظل معهم طوال الوقت وذهبت أولا الى غرفه بالمنزل تنام بها .


بعد مرور وقت، صعد آدم الي الاعلي الي تلك الغرفه يري حالتها الآن ليجدها غافية تقدم منها يدثرها بالغطاء جيداً و انزل احد اكمام

مازرها حتى يشعرها بالدفء كونها تشعر بالبروده بسرعه، التفت ينظر الي وجهها البريئة و هي تغفو بسلامة عينها المغلقة التي تبرز منها اهدابها الكثيفة انفها الصغير الأحمر كـ وجنتيها وشفيتها البارزة قليلاً و حمراء لشدة قبضة ذلك الوغد عمها عليها، و بشرتها الناعمة بيضاء اللون.. ارتفعت شفتيه بابتسامة هادئة تبدو صغيرة بريئة للغاية تأمله لها انتبه الي انتفاضة جسدها المفاجأة والتي جعلت جسدها يتحرك للاعلي ثم للاسفل مرة اخري كما انتبه الي قدمها التي بدأت بالتحرك بشكل عشوائي علي الفراش لا يعلم ما يحدث لها و لكن شهقة بكاء عالية قطعت تفكيره و يدها التي ارتفعت و كأنها تصد شخص ما يجثو فوقها جعلته مذهول من حالتها التي تبدو و كأنها تري أحد الكوابيس المزعجة تقدم منها و حاول ايقاظها بهدوء و هو ينزل يدها التي ترفعها بالهواء و لكن ما زادها ذلك الا انتفاضة وصرخت بصوت مختنق و مازالت نائمة 


= أبعد عني متلمسنيش.. لأ لأ بـابـا


الصفحة التالية