رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 25 - 3 - الأثنين 15/7/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الخامس والعشرون
3
تم النشر يوم الأثنين
15/7/2024
❈-❈-❈
تعالت أصوات طرقات على باب منزل شاهين لتفتح بسمه الباب وقد تفاجات بشقيقها امامها
وهي تحمل طفلها بين ذراعها! ولم تحتاج كثير لفهم الأمر على الفور وما جاء بها الى هنا هي وطفلها، لوت شفتاها باستخفاف فأخبرتها بكركرة مستفزة
= هتفضلي مصدومه كتير كده و عماله تبصيلي ما تبعدي ودخليني!. ولا.. الصدمه كبيره عليكي؟ اصلك ما توقعتيش زيارتي مش كده!. بس محدش بيسال قلت اسال انا
تعالي صوت شاهين من الداخل وهو يقول باستفسار
= مين اللي علي الباب يا بسمه
دخلت غاده بعد أن أبعدت بسمة من امامها بقوه و التي انصدمت من فعلتها وتحولها المفاجئ، تقدمت للداخل واصطبغ وجه غاده بحمرة خجلة مصطنعة وهي تردد بعفويه زائفه
= ده انا يا حمايا يوووه.. قصدي يا عمي الواد وحشكم وما حدش بيسال فقلت اعملها انا وانا مش غريبه برده ولا امشي يا عم شاهين.
وضع شاهين يده على رأسه مصدومًا من وجودها المفاجئ هاتفًا بذهول
=لا يا بنتي اتفضلي وحتي لو ما حصلش نصيب بينك وبين ابني هتفضلي ليكي مكان هنا انتٍ وابنك حفيدي.. ومعلش لو ما كناش بنزورك الفتره اللي فاتت بس عندنا مشغوليات
نورتي يا بنتي.
ادارات مايسة وجهها الناحيه الاخرى بضيق فلم ترغب بمجيتها الى هنا وتراها فهي لم تنسى اساءتها لها أثناء ارتباطها بابنها، مطت غاده شفتاها بزعل وهي تقول بعطف
خبيث
=البيت منور باهله يا عمي، ازيك يا طنط مايسه اخبارك ايه هو انتٍ لسه زعلانه مني
اكمن يعني كنت بضايقك لما كنت متجوزه منذر... ده كان زمان و وقتها كنت عيله ومش فاهمه حاجه وراح لحاله، حقك عليا
اقتربت تجلس جانبها عندما وجدتها ما زالت متهجمة الملامح، واضافت برجاء محاوله استعطفها
=وحياه حفيدك اللي وحشتيي لا تسامحيني! هو الولد ملوش خاطر عندكم ولا ايه ده حتى يا عيني متاخد من اول ما دخلت البيت بي عشان حاسس انه قاعد وسط ناس غرب اكنمه يعني مش بيشوفكم غير فين وفين؟
التفتت مايسه برأسها نحوها بعدم رضا وقالت بصرامة حاده
= هات الواد وما تقوليش كده تاني ربنا وحده إللي عالم انا بحب احفادي قد ايه وبتمنى يزيدوا واولادي يجيبوا كمان وكمان ويتربوا في عزهم وخيرنا
هزت رأسها ببراءة زائفة وهي تعطيها الطفل الذي بدأ بالبكاء والصراخ وحاولت تهديئته الأخري، وكان ذلك مؤشر جيد الى غاده التي استغلت الأمر وقلت مصطنعة
= حسره عليه وعليا مكتوب علينا لينا راجل ابوه موجود ومش بيسال علينا ومعلش في الكلمه ولا حتى اهله... ان شاء الله يا حماتي تشيلي عوض منذر قريب والله بتمنيله الخير حتى لو وحش معايا ومع إبنه، مش من قريب اتكلم وقال بابا يا حماتي... يقطعني انا مش عارفه مال لساني واخد على زمان وعماله اقول لكم يا حماتي وحمايا كمان وهو ما ينفعش دلوقتي.
لمعت عينا مايسة بفرحه وحماس،وهي تقول بلهفة
=بجد يا حبيبي قلت بابا، ربنا يهدي منذر من ناحيتك بس لما يجي هقرصلك ودنه في حد يسيب القمر ده برده، يلا سمعني و قول بابا
استدارت غاده إلي أختها لترمقها بنظراتها المحتدة، وهدرت بصوت مكتوم يحمل الغل
= بيقولها مع الناس اللي متعود عليهم وقاعد كتير معاهم، بس هو قالها قريب مش كده يا بسمه مش قالها وانتٍ عندي الاسبوع اللي فات لما جيتي زورتيني .
نظرت ناحيتها بسمة في حين اتسعت ابتسامة غاده المستفزة لتثير من هياج بسمة أكثر، ثم ابتلعت ريقها بتوتر وقلق محاولًا مجريتها في الحديث فقظ فهمت تهديدها الخفي وقالت بكذب
= هاه، آه حصل.
رسمت على ملامحها تعابير جامدة، وكأنها كالحمل الوديع وهي تقول بصوت منحسر
= مش انا اتقدملي عريس بس رفضته، خفت ما انا مش عارفه اللي جاي ده هيعامل ابني ازاي اذا كان ابوه إللي من لحمه ودمه رميه بس ابويا عمال يزن عليا.. ويقول لي اذا كان طليقك اتجوز و انتٍ تقولي لا ليه؟ وما تبقيش هبله العمر هيجري وهتندمي وهو بصراحه معاه حق! بس اعمل ايه خايفه على الواد .
نظروا الزوجان الى بعض وهم غير راضيين على افعال ابنهما ولقد شعروا بالقلق من اثر ذلك الحديث والحرج ايضا، هتف شاهين بنبرة مزدرية
= خلاص يا غاده هنتكلم مع منذر ان شاء الله وهيسمع كلمتنا ويكبرنا.. وهيسال على الواد
سلطت أنظارها عليهم رغم غيظها المحتقن من دفاعهم عن ابنهم والحل بيديهم ان يعودوا الى بعضهم البعض، وقالت بنبرة حزينة للغاية
= سمعت الكلام ده كتير منكم ما فيش حاجه حصلت! انا اللي مخوفني اللي انا هتجوزه ده ممكن لما يعرف أن طليقي مش بيسال علي إبنه يا عالم هو كمان هيعامله وحش ولا حلو يعني هيكون حنين عليه اكتر من ابوه.. وانا غلبانه ولو وقف قصادي انا والواد مش هنقدر عليه يا خوفي لا يمد ايده عليه في مره و يعمل له حاجه.. اصل ابويا قال انه العريس شغال في الجيم وبيدرب الناس على الضرب والخناق يعني ايده هتكون طويله وأنا مش قده
اكتفت بسمة بالمراقبة من على بعد ما يحدث، وكيف بدات ان تتلوى اختها مثل الحيه وتبوح سمها الخبيث؟ حقا كيف لم تلاحظ حقيقتها السيئه من قبل هي ليست سهله ابدا! فلقد اكتشفت جزءًا دنيئًا من شخصها الحقير، جزءًا لا يعرف إلا القسوة والجحود فكل كلمه تخرج من فمها تكون معتمدة ومقصودة حتى تجعلهم يشفقون عليها ويجعلوها تعود الى منذر من جديد وتخرب حياه المسكينه الاخرى التي لم تاذيها في شيء!
لكن هي لم تفكر و تهتم بها... هي لم يعد يهمها أحد بهذه الحياه غير نفسها فقط! احترقت أعصابها وهي تنتظر بفارغ الصبر رحيل تلك الحيه بسرعة، دون ان تحصل على ما تريده وتشتعل الجذوة التي أشعلتها وتحدث حرب بينهما وبين منذر بضراوة مهلكة.
شعرت مايسة بالرعبة على الطفل فاحتويته بين ذراعها بحنان وهتفت بتوجس
= وانتٍ إيه اللي يجبرك تتجوزي واحد زي كده اياكي توافقي، كسر ايده لو فكر يمدها على حفيدي.. ولو ابوكي هيغصب عليكي ولا حاجه عمك يقفله.. هو ابوك جري لعقله حاجه ولا ايه
عشان يجوزك واحد زي ده.
شعرت بحماس عجيب بعد أن وصلت إلي هدفها، وتشكل على ثغرها ابتسامة قله حيله تعكس نواياها الخبيثة
= معذور يا حماتي عاوز يفرح بيا وانا الوحيده اللي قاعده له ورجعت له بعد سنه جواز بعيل وهو اللي بقى مسؤول معايا و الحمل وزاد.. وحقه بصراحه يا حبيبي كل شويه يقول لي انا مش قاعدلك في الحياه يا بنتي وبكره هموت ومين هيخلي باله منكم.. وبعدين حتى لو منذر سال على الواد وسمع كلامكم هيعملها مره ولا اتنين وهيرجع يغيب ثاني، أنا خلاص مكتوب عليا افضل لوحدي و مشكلتي كبيره وما لهاش حل..
أخفضت رأسها بانكسار وحزن شديد وهي تتابع قائلة بحماس مصطنع
= لو الزمن رجع بيا والله كنت استحملت وحطيت جزمه في بقي وسكت عشان حته العيل اللي ما لوش ذنب ده بس هنقول ايه هو احنا نقدر نرجع اللي راح!. صدق اللي قال العيال هم اللي بيدفعوا تمن الطلاق...
نظرت بسمة لها باشمئزاز فكل يوم تثبت لها بأنها اسوء شخص على الحياه! هي برعت في ارتداء قناع البراءة وخدعت به عائلة زوجها، لكنها لم تتمكن أبدًا من إقناعها بحيلها، ثم هبت غاده واقفة بحرج زائف واردفت مصطنعة التهذب
= يقطعني دوشتكم بكلامي هاتي بقى الولد عشان اروح يا حماتي.
كانت مايسة مستغربه من تغييرها المفاجئ و الجيد ذلك، وصدقت بانها تغيرت بالفعل و اصبح كل ما يهمها في الحياه مصلحه طفلها لا اكثر، ليتها لاحظت ذلك عن قريب لتقع الإختيار عليها زوجه إلي منذر خصوصا بانها بدأت تفقد الأمل بضحى ان تنجب طفلاً بعد مرور عاماً على زواجهما !!.
وبدأت تقتنع بحديث زوجها بالماضي عندما أخبرها عوده غاده إلي منذر ستكون لمصلحه الجميع.. تفهمت هذا الأمر جيداً الان فقط و عندما حاولت اخذ الطفل منها مناعتها وهتفت بجدية شديدة
= لا خليه معايا شويه بقيلي كتير مش بشوفه وكمان عشان يتعود على اهله هنا وانا هخلي بسمه تروحهلك بالليل، روحي انتٍ وخلي بالك من نفسك واذا كان على ابوكي قريب انا و عمك هنيجي نزوركم ونشوف حل للموضوع ده.
لن تستطيع السيطره على ابتسامتها السعيدة فقد اقتربت كثيراً من حافه الرجوع إلي منذر مثلما ما خططت، فتعرف جيد ما الذي سيحدث بعد رحيلها من هنا سيطلب منذر ويجبره على الرجوع إليها خوفاً على حفيدهم من الضياع! وأكد شاهين على ما قالته زوجته و زادت نبرته غموضًا وهو يقول
= سيبيه يا غاده و ما تخافيش عليه وهو في بيت جدو، واسمعي كلام مرات عمك انتٍ برده ليكي اهل هنا ومش هنسيبك وقريب انا ليا كلام مع ابوكي .
صمتت للحظة وهي سعيدة بالانجاز الذي وصلت اليه والتي كانت تخطط له، كان باب المنزل مفتوح وكانت تهبط في تلك اللحظه ضحى لتذهب الى أسرتها وعندما لاحظت غاده وجودها وهي تهم بالاستدارة، لتصيح بنبرة مرتفعة تشبه فحيح الأفعى
= وانا هخاف عليه ليه ده وسط اهله! وابن منذر الوحيد والحفيد اللي مش هيجي زيه للعيلة .
عقدت ضحي المفاجأة لسانها وجعلتها تتجمد مجبرة مكانها في وجه غاده، بينما تنفست الأخري بارتياح كاتمة بصعوبة كركرة ضحكتها الشامتة لقد تحقق مبتغاها، وظفرت بجولة جديدة ضدها وظهرت الفرحة في نظراتها الشيطانية .