رواية جديدة تمر د عا شق الجزء الثالث (عشق لاذع) لسيلا وليد - الفصل 41 - 1 - الأثنين 15/7/2024
قراءة رواية تمرد عا شق
الجزء الثالث (عشق لاذع) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية تمر د عا شق
الجزء الثالث
(عشق لاذع)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سيلا وليد
الفصل الواحد والأربعون
1
تم النشر الأثنين
15/7/2024
أعلم بأن المسافات قد سرقتك مني وأن الأيام خذلتني
ولكني ..
ورغم الفراق ..
مازلت إليك وحدك أشتاق ..
أريد أن أكتب لك عن كل شيء يمر بي ..
أن أقول لك أنني أحبّك ..
وأن الوقت الذي يمضي بدونك بغيض ..
وأنك هُنا مستقر بداخلي و بين ثنايا روحي ..
أريد أن أقول لك كل شيء يطرأ على عقلي دون خوف ..
دون أن أُفكر بما سيحدث بعد ذلك... فقط أريدك...
فمازِلت أُمارس سرقة النظر إلى صورتك ..
لأسلب منها كل ما يُسعد روحي ..
ويُزيل همي ، ويُهدئ حنيني ..
وكأنكـ بجانبي ..
ف أنا دائما اشتاقُ لك
وحين أشتاقك ..
أراك في كل الوجوه ..
واسمع صوتك في كل الأصوات فأبتسم ..
فيظن من حولي أني في حالة جنون ..
ولا يدركون اني فقط في حالة اشتياق
فكيف نخبر .. أولئكَ الذين ابتعدوا عنا ..
أنهم أصابونا .. بأذى شديد لا يرى ..
كيف نخبر الذي أفلت يدنا في منتصف الطريق ..
واختفى... بخيبة الأمل التي شعرنا بها ..
حِـين .. وجدنا أنفسنا بمفردنا تمامًا ..
الذين .. لطالما اعتقدنا أننا سنراهم بجانبنا دائما
كيف .. نخبرهم أن وجع رحيلهم لا ينسى
ياساااادة عندما رحل أخذ خيوط الشمس وضوء القمر ...
فَعَلَى عَيْنَيْه التي عادت تُتْلى آيَةٌ واحِدَةٌ:
﴿إقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾
❈-❈-❈
بعد عدة أيام
تدهورت حالتها وانقطعت عن الحديث والطعام، فتح باب غرفتها بالمشفى ودلف إليها، كانت تحتضن نفسها كالطفل ونظراتها تائهة كالذي لا يشعر بشيئا، حملها بهدوء، حاوطت عنقه ووضعت رأسها بعنقه تبكي بشهقات مرتفعة
-اتأخرت ليه..ضمها بقوة يطالع الذي يراقب المكان ..
-المهم اني جيت..دفنت نفسها بداخل أحضانه
-خدني من هنا !! ابتسم على طفولتها ثم تحرك وخرج من الباب الخلفي للمشفى ، تحركت السيارة سريعا لوجهتها، كان يضمها بقوة كأنها ستهرب منه، نظر لنومها بسبب الأدوية وطبع قبلة على جبينها ثم اتجه بنظره ليحيي
-يحيى وديني المكان اللي قولتلك عليه، وارجع انت علشان محدش ياخد باله، واعمل زي ما قولتلك
ثم رجع بنظراته لتلك التي تبتسم بنومها تهمس اسمه ، رفع كفها يقبل باطنه
-آسف ياعمري ..اسف ..قالها وهو يضمها كالأم التي تحتضن طفلها حتى وصل لمكانه المنشود ..توقفت السيارة..ليترجل منها بهدوء ملتفتا حوله ، ثم حملها ليتحرك إلا أن أوقفه ذاك الصوت الذي صاح باسمه
"جاسر"..جعل جسده يرتجف، وعيناه على زوجته المبتسمة بأحضانه
توقف مستديرًا ينظر إليه ..ارتسمت ابتسامة عريضة على محياه،
-هدخل جنى علشان نايمة ..اومأ له متفهمًا، ثم تحرك للداخل، وضعها على الفراش بهدوء كأنها أغلى الجواهر الثمينة، ثم قبّل رأسها هامسًا
-حبيبي بابا برة هشوفه وهرجعلك ..ابتسامة بنومها وكأنها تستمع إليه وتشعر به، لا يعلم أنه يراودها أحلامها ككل ليلة منذ اختفائه
تحرك للخارج ونظراته عليها إلى أن خرج للخارج
❈-❈-❈
اتجه إلى والده يلقي نفسه بأحضانه ..احتضتنه يربت على كتفه
-عامل ايه ياحبيبي..؟!نظر لوالده يتفحصه بعيناه ثم اجابه بأعين حزينة:
-حضرتك اللي عامل ايه يابابا..وماما اخبارها ايه !!..قاطعه جواد حازم
-إنت عايش!!
ابتسم يجذبه لأحضانه
-لا انا عفريته..لحظات وهو متيبس بوقوفه حتى لم يبادله عناقه سوى بعدما ربت جاسر على ظهره
-وحشتني ياحلوف ..
لونت الصدمة معالم ملامحه يستعيد ذكرياته على مشهد ضربه بالرصاص، ومشهد خروج جثمانه..تراجع يهز رأسه غير مستوعب مايحدث، تمتم كالمعتوه وهو ينظر إلى خاله
-ازاي، اومال مين اللي اندفن، يعني ..لا طيب سنة كنت فين
اقترب جاسر منه
-جواد ممكن تهدى وأنا افهمك على كل حاجة
-تفهمني!!..استدار إلى خاله متسائلا بصدمة:
-طيب لما هو عايش ليه قولت لي اتجوز جنى
تجمدت الدماء بأوردة جاسر، التفت إلى والده سريعًا وكأن أحدهم طعنه بخنجر بارد ..ابتلع جواد ريقه من نظرات ابنه فحاول تغيير الحديث
-جواد اسمع جاسر علشان تعرف هتعمل ايه ، انا عايزك تفهم منه كل حاجة علشان تعرفوا انتوا الاتنين هتعملوا ايه
اقترب جاسر منه وتحدث بنبرة متألمة
-جواد أنا مكنتش اعرف انا مين، كنت فاقد الذاكرة، لسة عارف بس من قريب، اول حاجة عملتها كلمت بابا وطلبت منه اقابلك مفيش حد اثق فيه غيرك ..ايه لسة مش مصدق
ظل يدقق النظر به لفترة
-يعني إنت كنت ميت ولا عايش عايز افهم
لكزه جاسر: متفهم يابغل ميت ازاي وانا قدامك اهو ..ايه كنت عايزني اموت حق وحقيقي، طيب انا قاعد على قلبك ومش هموت لما اموتك معايا
هنا انسابت عبراته رغم عنه يضمه بقوة يصرخ بصوتًا مرتفع
-والله انت صح، ايوة طولة لسانك .. دا انا دموعي نشفت عليك يابغل
قهقه جاسر وهو يداعبه برأسه ..ظل الاثنين بحالة من المزاح ..
بالخارج جلس جواد ينظر لتلك المزارع حوله ..توقف جواد حازم خلفه
-إزاي جاسر طلع عايش، وحضرتك عرفت إمتى
أشار له بالجلوس..ثم جلس على تلك الطاولة الخشبية يدقق النظر بجواد
مردفًا:
-تفتكر لو كنت اعرف كنت عيشت الألم دا كله.
-يعني ايه .؟!
.تنهيدة عميقة وشعور بالراحة رغم الحزن والألم الذي أحرق قلبه
-عرفت بعد ماجنى ضربتك بالرصاص
ذهب بذاكرته لذاك اليوم
فلاش باك قبل شهرين من آلان
تحرك جواد إلى منزل صهيب كعادته ..دلف إليه
-مساء الخير يا صهيب ..ابتسم يشير إليه قائلًا:
-تعالى عايز اتكلم معاك ..أردف بها صهيب بلسان ثقيل بسبب تعبه
تحرك جواد مستندًا على عصاه ثم جلس بمقابلته :
-عامل ايه دلوقتي..قالها جواد وهو ينظر لكفيه الذي بدأ يحركه بتثاقل
نظر لكفيه وأجابه:
-كويس الحمد لله ايدي بدأت تتحرك ..ربت على كفيه الموضوع على الطاولة
-إن شاءالله ترجع زي الأول ياصهيب
-جواد!! ..رفع نظره ينتظر حديثه فتابع صهيب قائلًا:
-"جنى"..ضيق عيناه متسائلًا:
-مالها جنى ياصهيب
-تاخدها للدكتور نفسي، يوم عن يوم بتسوء حالتها، انا خايف تضر نفسها
شعر جواد بقبضة تعتصر صدره فابتعد بنظره بعيدًا عن أخيه:
-مقدرش ياصهيب، مقدرش اتحمل فكرة أنها توصل لمستشفى الأمراض العقلية ..سبها شوية متنساش جاسر كان بالنسبالها ايه وطبيعي أنها تقعد فترة لحد ما تستوعب
هز رأسه وانسابت عبراته مردفًا:
-جواد من يومين كانت عايزة تموت كنان وبتقول هو السبب، يعني ممكن تضر ابنها، خايف على الولد وخايف لتسوء حالتها ، هي بتحبك وهتسمع كلامك..
أطبق على جفنيه متألمًا على ماتشعر به قائلًا:
-هحاول ياصهيب اشوفلها دكتور كويس ..
مساء اليوم التالي بتمام الحادية عشر
كان جالسًا بحديقة منزله بعد حديثه مع باسم بتقديم استقالته، شعر بأقدام أحدهما خلفه..رفع عيناه وجده خاله
فنهض يقف أمامه :
-اهلًا ياخالو، حضرتك محتاج حاجة
أشار جواد إلى تلك الطاولة الدائرية التي توضع بمنتصف الحديقة، ثم أشار له بالتحرك إليها
جلس لبعض اللحظات بصمت، إلى أن اقتطعه جواد متسائلا:
-ليه عايز تستقيل، خايف لتموت زي جاسر
هز رأسه بالنفي سريعًا وأجابه:
-مبقاش ليا نفس ، ماليش نفس ياخالو اكمل من غير جاسر الله يرحمه ، مش هقدر صدقني مش هقدر
ربت على كتفه:
-حبيبي كلنا معرضين للخسارة، انا اكتر من تلاتين سنة خسرت جاسر الحسيني ودا كان بالنسبالي نصي التاني..ابتسامة حزينة ينظر إلى جواد
-هتصدقني لو قولت لك كنت بشوف فيك انت وجاسر شبابي، كان نفس العلاقة ويمكن اكتر، مهما تقول على اللي بينكم بس مكنتوش زينا ..استأنف بصوتًا متحشرج عندما تذكر وكأن الأحداث كانت بالأمس قائلًا:
-نفس السن حبيبي ، استشهد بنفس السن ، كأن القدر بيعيد نفسه وعلى رأي غزل كأن اسم جاسر مالوش الحياة
-خالو آسف ..أزال دمعته الغادرة التي انبثقت من جفنيه ..ثم أشار بكفيه ينظر إلى جواد
-بدول دفنته تحت التراب، وبعد سنين يتكرر المشهد بس المرة دي ضهري اتكسر ياجواد، اتمنيت في المرتين أكون أنا اللي اندفن مكانهم، بس المرة الأخيرة كانت اصعب وأمر من اي حاجة..مهما اقولك مش هتحس بوجع خالك ازاي
انسابت دموع جواد حازم يبتعد بنظره عن خاله ثم تحدث بشهقات :
-والله ياخالو حاولت انقذه، بس مالحقتش والله مالحقت ولو بأيدي اموت مكانه مكنتش هتأخر
ضم رأسه وثقلت أنفاسه ليصمت للحظات وكأن لسانه عجز عن الحديث، سحب نفسًا ليعيد توازنه، ثم أردف بهدوئه المعتاد
-متبقاش اهبل يالا..انت ابني وهو ابني بس الفرق بينكم الكنية مش اكتر، تفتكر هتكون أقل وجع يابن حازم، ليه ابوك ليه فيك اكتر مني، نسيت مين اللي مربيك يابغل
امسك كف جواد وقبله :
-ربنا مايحرمنا منك ياحبيبي ودايما فوق راسنا لحد ماتربي ولادنا
ربت على كتفه بحنان وهنا تذكر كنان ، حدج جواد بنظرة ثم أردف:
-تفتكر جنى هتقدر تربي كنان لوحدها دلوقتي ياجواد ..ضيق جواد عيناه
-وحضرتك هتروح فين، اكيد هتربيه زي ماربيتنا ..ابتعد ببصره واستأنف ماشق قلبه رغمًا عنه
-وأنا مش ضامن عمري، ولا بقى ليا حيل يابني
-بعد الشر عنك حبيبي ربنا يبارك لنا في عمرك
❈-❈-❈
تزآر الوجع بداخله حتى شعر وكأن جبلًا ثقيلًا فوق صدره، ليردف بتقطع كالطفل الذي يتعلم النطق:
-جواد عايزك بعد سنوية جاسر تكتب على جنى، مش هلاقي حد هياحفظ على ابن جاسر ومراته غيرك
هب من مكانه كالملسوع يهز رأسه بعنف ودقات عنيفة كادت أن تصيب قلبه بالتوقف ..وكأن كلماته سقط على أذنيه كالصاعقة التي تصيب الصمم ، فاردف مستنكرًا :
-مستحيل، مستحيل ياخالو مع احترامي لحضرتك، جنى لو اخر ست في الدنيا مستحيل اقرب منها، مستعد اكون الاخ اللي يساندها طول حياتها، لكن اتجوزها واخد مكان جاسر، يبقى موتني الأول
امسك كفيه يجذبه بقوة ليجلس على المقعد وهتف دون جدال ..وطالعه بكم الآلام التي شقت صدره وامطرت شلال من أنهار الحزن ليتجمع بمقلتيه
-على عيني اطلب منك دا، انا بطلبه وكأن سكين على رقبتي يابني، بقولك خد روحي ياجواد، تفتكر أنا وغزل هنكون عاملين ازاي واحنا بنطلب منك تتجوز حبيبة جاسر ..ربت على كتف جواد واستأنف
-ساعات الواحد بيعمل حاجات مضطر أنه يعملها زي مابنقول الضرورة تبيح المحظورات
هز رأسه وغزت عيناه بحور من الدموع تنساب على وجنتيه ليهتف بألم روحه
-آسف ياخالو ..لو طلبت روحي مش هتأخر ، اعذرني مستحيل اقدر اخد حاجة كان بيعتبرها حياته، انا هنا هكون اللي موته بجد ..سامحنى
كفكف جواد دموعه واحتضن وجنتيه
يهز محاولا السيطرة على دموعه حتى لا يضعف أمامه
-جواد عايز أقولك سر بس اوعدني تحافظ عليه
اومأ بعيناه الباكية منتظر حديثه
-خالك قلبه مبقاش متحمل، الشريان التاجي محتاج عملية، والعملية خطيرة، يعني ممكن في أي وقت مكنش موجود بينكم، والمرض مالوش علاج
جحظت أعين جواد حازم مرددًا
-"شريان تاجي ياخالو"..لم يرد على حديثه ولكنه تابع قائلًا:
-جواد أنا مقدرش اثق في حد غيرك، مستحيل اترك ابن ابني لحد غريب، ومستحيل اظلم جنى وامشي ورا هواها ، البنت لسة صغيرة
-خالو اسكت لو سمحت..آسف كلامك بيوجع ، مستحيل اعملها لو هتقتلني
نظر بقوة لعيناه واستأنف قائلا حتى لا يتحدث معه مرة أخرى:
-اسمعني ياخالو انا خلاص لقيت البنت اللي هتشاركني حياتي ومستحيل أتنازل عن قلبي المرة دي
توقف جواد يتسند على عكازه ثم أردف:
-اسمعني يابن حازم علشان مش هعيد كلامي تاني
-أنا مش عارف هعيش بكرة أو لا، أو ممكن منكملش كلامنا ، بس اعرف انا وصيتك من دلوقتي على مرات اخوك وابنه، وانا دلوقتي هروح لجنى ولو جنى بعد سنوية جوزها وافقت انت هتوافق ...توقف عن الكلام يحدجه بنظرة صارمة وأكمل حديثه:
-لو ينفع حد من ولادي مكنتش جتلك ..قالها وانسحب متجها إلى منزل صهيب ..بعد قليل صعد إلى غرفتها دلف بعدما طرق الباب لعدة مرات دون رد ..دخل وجدها تجلس بالشرفة تحتضن ركبتيها و تضع رأسها عليها ..تحرك بخطوات بطيئة إلى أن توقف ينظر إليها بأسى ، فلم تشعر بدخوله
-"جنى" قالها بصوت خافت، رفعت عيناها تطالعه بصمت ..جلس بمقابلتها يطالعها لبعض الوقت، قطع صمتهم حديثها وهي تنظر إلى الخارج
-وحشني قوي ياعمو، وحشني لدرجة مش قادرة اتنفس في الدنيا دي من غيره ..رفع كفيه يمسد على خصلاتها
-حبيبة عمو لازم تفوقي يابنتي هتفضلي لحد إمتى كدا ..الاسبوع الجاي هتكون سنويته، يرضيكي الناس تقول عليكي اتجننتي
اعتدلت تنظر إلى عمها بنظرات متألمة تهتف ببعض الحدة :