رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 24 - 2 - الجمعة 12/7/2024
قراءة رواية قابل للكتمان كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية قابل للكتمان
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة خديجة السيد
الفصل الرابع والعشرون
2
تم النشر يوم الجمعة
12/7/2024
ابتسم منذر ابتسامه مشرقة وهو يرد بنبرة ناعمه
= لا عمري ما حبيت زمان! بس مش عارف دلوقتي إيه اللي ممكن يحصل، ضحي شكراً انك وقفتي معايا و شكراً علي وعدك ليا انك هتسنديني مهما حصل.
ازدادت ابتسامتها وفرح قلبها لتلك اللمعة التي احاطت خضراء عينه الداكن وهو شعر بسعادة لشعورها انها جواره دائماً و لن تتركه بمفرده.
تقدمت منه بلا ارادة تنظر الي عينه الساحرة
التي تجذبها للتأمل بها ثم مدت يدها و ربتت علي كتفه و تحدثت بتلقائية و هدوء
=انا معاك دايما يا منذر متخافش
تنفست بقوة و هي تشيح بوجهها عنه و عن
عينه التي تبتسم لتكتب في تاريخ علاقتهم ذكرى مؤلمة.. وفي نفس الوقت جميلة.. للتقارب الذي حصل بينهما بأول مرة.
وأثناء ذلك تعالى دقات هاتف منذر برقم والده حتى يستعجله للقدوم للعمل لكنه أجاب ولاول مره قائلاً بهدوء جاد
= ورايا مشوار مهم الأول هروحه وبعد كده هبقى اعدي على الوكاله سلام.
نظرت له مطولاً بدهشة وفرحه وقد فهمت بانه سيذهب الى الطبيب الآن مثل ما وعدها، لكن كانت غير مصدقة حديثة مع والده للتو! فمنذر بدأ في أول خطوات العلاج حقا.
❈-❈-❈
علي الجانب الآخر، حاولت ديمة كسر كل حواجز خجلها بفعل عشقها له لتتحرر من أوهامها باندفاع عاطفي موجه له حتى ينال كل الدلال الذي كانت تمنحه إياه بطريقة أطاحت بقلبه وعقله.. تُردد على مسامعه بلهفة وحرارة مشاعرها ما يؤكد له مدى حاجتها إلى وجوده في حياتها.. حريصة هي على أن تشعره بحماسها وبقبولها نحوه دون تحفظ أو قلق مما لا تجيده وتفعله لأول مرة..
وكرجل مثله محروم من الحب والدلال لسنوات بسبب فترة وحدته، كان يتطلع إليها هذه اللحظة ويريدها هي بالأخص أن تكون المبادرة.. من تقرر.. وتخطط أن تغويه.. أن تثير جنونه وتفقده آخر ذرات عقله.. ولا يظمأ من الإرتشاف من كأس غنجها.. وبالنهايه نامت بين ذراعيه بهدوء وهو ظل مستيقظ يراجع افكاره وما حدث وكيف استسلم بسهولة هكذا بعد أن فعل كل ذلك ليبتعد عنها وعن تلك اللحظه لكنها حدثت وبكل ارادته! فما الذي سيحدث الآن ؟!. وماذا عن الأخري التي ارتبط بها وأصبحوا الآن بحكم المخطوبين و سيتزوجها قريباً .
إبتعد عن ديمة النائمة بخفة وحذر دون
إصدار أي صوت، إلتقط قميصه الأسود ليرتديه
تاركاً أزراره متحررة وإستقام يأخذ جسده نحو
مكتبة صغيره ليضيء المكتب بشكل خفيف
ليأخذ مكانه ويسحب إحدى الأوراق البيضاء و
قلم مباشراً بعملة اليومي حتى يبتعد عن التفكير دون فائده..
كان قاطباً الحاجبان دليلاً على تركيزه الشديد
فيما يفعله ولم يشعر بالوقت الذي كان ينقضي
عليه وهو غارقاً فيما يفعله.. نقل عيناه مِن على الورق إلى نافذته التي كانت تبعث ضوء الفجر الأزرق فرك عيناه بتعب، مرر كف يده على رقبته يتحسسها بألم طفيف و شعر
بحركة خلفه وفي الحال حرك كرسية للخلف
لیری ديمة فتحت عينيها تلك الزرقاوتان اللواتي أوقعن به طريح هواها، تجلس على حافة السرير تحدق به بناعسة
إلتفت إلى الجهة الأخرى إستعدادا المغادرة لكن يدها الرقيقة التي حطت فوق كتفيه فجأة منعته لتصلب مكانه خاصة بعد أن سمع صوتها الرقيق و هي تسأله بارتباك
= إنت زعلت مني... او انا عملت حاجه ضايقتك؟
قفز من فوق المقعد كمن لدغه عقرب كيف سيبعد وهو لا يستطيع حتى التنفس بحرية عندما يكون بقربها.. يجب أن يجرب، لا ضرر من تجربة شيئ جديد حتى لا يندم! فهو الرجل و واجب ان يتحكم في مشاعره.. حقا كان يحمل نفسه كل شيء ويضغط على روحه وقلبه ليمنع نفسه عنها، تساءلت مجدداً باهتمام
= مالك؟ إيه خايف مني ؟
سلط أنظاره عليها مطولاً، لينطق بعدها بلهجته النافذة
= إمشي ابعدي عن طريقي يا ديمة
تنهدت ديمة ترجوه برجاء ناعم
= مش همشي وبطل هروب! مش عايز تبص في عنيا ليه طيب
كان صوتها ناعما مرتعشا مثل موسيقية حزينة ود لو انه باستطاعته الاستسلام إليها و أخذها في أحضانه ويطمنها بأن لا علاقة لها بما يشعر به من تخبط و ضياع.. هز رأسه بيأس وإحباط وهو يقول باعتراض
= لا مش عايز!.
جف حلقها كليًا، و ردت هامسة بحسرة
= عشان خاطري ليه بتقاوم؟ إدي لنفسك فرصة عينك هتقول كل حاجة.. فرصة واحدة بس عشان خاطري
أخفى إرتباكه ببراعة وهو لا يكاد يصدق ما يحصل معه هل آدم بشخصه من يرتبك من نظرات أنثى بعد كل صلابته التي لا تحصى و لا تعد... نظر إلى عيناها الزرقاء بتمعن قبل أن
يزفر بغضب من نفسه فما كان يخشاه منذ اعترافها وحاول بشتى الطرق تجنبه قد حصل؟ ان يضعف أمام إمرأة شيء جديد عليه حقا!. تحدث منفعل برجاء اكبر
= ديمة أرجوكي انتٍ مش فاهمه حاجه انا بعمل كده عشانك! ما ينفعش علاقتنا دي بلاش تربطي نفسك بواحد الفروق كتير بينكم وده لمصلحتك.
صرخت بألم هاتفه و هي تغمض عينيها بقوة لتكتم دموعها التي تجمعت داخل حدقيتيها
=عشاني!! كداب انت بتعمل ده عشانك وعشان مبادئك إللي مش عاوز تخالفها.. بتعذبني و تهقرني وتعلقني بيك وترجع تنسحب تاني وتقول لي عشانك ولمصلحتك، هي فين مصلحتي وانت مش جنبي؟ فين نفسي اللي بتعمل عشانها كل ده واللي بحبه بيعذبني ومش راضي يريحني و مصمم يخلينا نفترق عشان شويه تفاهات في دماغه هو بس
رفعت يدها تمسح دموعها الخائنة وتطلعت له مقهورة مما جعلها تتقدم خطوات للإمام ومن دون أن تعي على نفسها ضربت صدره بقوة عدة مرات تضيف بسخط ولوعة
= ارجوك رد عليا؟ اغضـب طلع كل اللي جواك بس ما تبعدش وشك عني.. لو فيه حد بيحبك في الدنيا دي كلها فهو أنا.. لو فيه حد مستعد يستقبل الموت بسعادة في مقابل انك ما تبعدش وشك عني فهو انا
تلاشت ملامحه القدرة على الإحتمال كانت
ضئيلة بعض الأسئلة تجيئ على شكل موجة
تضرب كل المشاعر السيئة وتعود للأستيلاء
على القلب، الهروب لم يكن حلاً ولن يترك هذه
المرة السؤال مُعلَّقاً ومُبهماً، قرر وللمرة الأولى أن يكون واضحاً.. ورقة مكشوفة.. ورد بصوت ثقيل
= عشان بحبك فعلا لازم اعمل كده .
هذه الكلمة التي كانت تتوق لسماعها، جاءت
ولكن بهيئة لا تثير الدهشة بل تثير الألم، غير
مناسبة لكل الإنتظارات التي إنتظرتها، ابتلعت ريقها وأخفظت بصرها تُحدّق فيه بحسرة وهنا تساقطت دموعها على يديها لترد بهمس وكأنها لا تريد أن يسمع ما تقوله
= بعد الناس عنك ووحدتك ما كانتش حواليك بغير ارادتك بالعكس كانت دايما جواك أنت؟
والدليل اهو بقدملك كل الفرص ومصر انك تبعد عني خلاص الرساله وصلت؟ انت مش عاوز تدخل حد في حياتك حتى لو انا وحتى لو كنت بتحبني زي ما بتقول.
لم تدري انه في تلك اللحظة يكبح نفسه
بصعوبة عن قربها لا يرغب بأن يجرحها من جديد بينما روحه تصرخ شوقا لها، سيكون عذابه طويلاً الى ان يهدئ قلبها المذعور، والى ذلك الحين يجب ان يروض قلبه الكامن
بداخله والذي يحثه على الاستسلام دفعة واحدة.
هل يتبع قلبه مرة أخرى ويستسلم لمشاعر الحب ام يستمع إلى صوت عقله الذي يحذره من جديد من الوقوع في الفخ، وحينها سيظلمها بكل تأكيد لذلك يرى علاقتهم يجب ان تنتهي قبل أن تبدأ .
رحلت وهي تبكي بحرقة بينما بقى آدم مكانه و هو ينظر إلى أثرها بألم وشرود...و قد أحس أخيراً بدقات قلبه المتحجر تعود رويدا رويدا إلى الحياة على يد هذه الطفلة التي لا يكاد يصل طولها إلى كتفه.
❈-❈-❈
في منزل شاهين كانت ضحى وبسمه يجلسون امام التلفاز بجانب مايسة يجهزون الغداء، وكان الاثنين يتحاورون مع بعض بمواضيع مختلفه حتي قالت بسمة وسط الحوار بعبوس
= الواد ابني كل يوم يوصل ليليفن في الكسل بيبهرني والله، بس هقول إيه ما هو طالع لابوه
يعني امبارح اقول له وانت بتصلي يا حبيبي بتدعي وتقول ايه لربنا.. فرد عليا وقال لي آه طبعاً بدعي وقلت اللهم استجيب لأمي وانتٍ بقى ابقي اتصرفي وادعيلنا احنا الاتنين وخلاص