-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 23 - 3 - السبت 6/7/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد


الفصل الثالث والعشرون

3

تم النشر يوم السبت

6/7/2024


في الصباح الباكر بحث منذر عن زوجته في المنزل بضجر وهو يزفر بصوت مسموع، و عندما وجدها أمامه هتف مرددًا باستفسار 


= هو فين الفطار اللي هفطره قبل ما امشي؟ 


قطبت ضحي جبينها قليلاً ثم هزت رأسها باستغراب مرددة


= هو انت من امتى بتفطر قبل ما تروح الشغل ما انا قبل كده اقترحت عليك وحضرتلك الفطار في اول جوازنا وانت رفضته وقلت لي مش متعود 


جلس فوق السفره بجمود وهو ينظر إليها بثبات ثم رد عليها بتهكم 


= وغيرت رايي هو انا لازم اقول لك كل حاجه بنفسي يعني اتفضلي الحقي بسرعه اعملي الفطار قبل ما امشي.. ما تيلا انتٍ هتفضلي تتفرجي عليا 


رغم حديثه بلهجه غير مريحه لكنها تحركت بكل هدوء حتى تصنع له الفطور محاوله ان تتفادى أي غضب منه، لكن لا تعرف بأن بعد اليوم سوف يشتعل الغضب وليس يهدئ! و عندما تناول أول لقمه تجهمت ملامحه بضيق وقال بغضب دون مبرر 


= مين قال لك ان انا بحب على البيض فلفل وكمان الملح كتير فيه؟ هو انتٍ اول مره تطبخي دي حاجه بسيطه ومش مستاهله


هتفت ضحي بجدية خفيفة وهي تشير بيدها


=هي فعلا مش مستاهله مالك على الصبح قاعد بتتلكك ليا على كل حاجه ليه ؟. كنت وفرت على نفسك وقلت لي انك مش عاوز البيض إزاي لان المعروف ان انا اكيد هحط عليه فلفل وبالنسبه للملح فانا ما حطيتش أصلا والملاحه اهي جنبك .


نظر لها شزراً و تمتم منذر من بين شفتيه بصوت قاسي 


= إيه اتلككلك دي؟ ليه شايفاني مجنون بشد في شعري يا هانم.. ضحى حاسبي على كلامك واي حاجه اقولها لك في البيت ده لازم تمشي كلمتي انا .. عشان انا الراجل هنا.


هزت رأسها بيأس وهي لا تفهم ماذا حل به ولا تفسير لتصرفاته، وهتفت متساءلة بتوجس وهي تنظر إليه


=وانا ما قلتش غير كده يا منذر فبلاش تخلق حاجات انا ما عملتهاش ولا قلتها ولا اقصد حاجه غير كده، هروح اعمل لك بيض غير اللي مش عاجبك


رد عليها ببرود وهو يرمقها بنظرات شبه مستخفة 


= وانا لسه هستنى سيادتك لما تعملي غيره مش عاوز سددي نفسي، ورايا شغل كتير تحت ومش هيستنوني العمال اديني هنزل من غير فطار عشان يعجب.. ابقي اتعليمي المره الجايه بقى انا عاوز ايه ومش بحب ايه ؟ ولا انتٍ وراكي حد غير تهتمي بيه هنا 


فغرت شفتيها مشدوهة من قسوة كلماته ، لكن 

احتجت على حديثه رافضة بشدة وهي ترد بحده 


=لا ما عنديش للاسف وقاعده فاضيه ليك وبس طول اليوم! حاضر اي اوامر تانيه


شعرت بنوع من الإهانة في جملتها الضمنية ، فصاح معترضة 


= هو انتٍ بتلمحي لايه بقى ان انتٍ ما وراكيش حاجه طول اليوم غيري وللاسف كمان، آه قصدك اكمنك قاعده من غير عيل وان انا مش قادر احققلك ده.. بتعايرني بقى بطريقه غير مباشره مش كده 


جحظت عيناها بدهشة كبير وحاولت التبرير والدفاع عن نفسها وهي لا تفهم بالظبط لما أصبحت حالته هكذا معها ينتظر اي كلمه منها حتى ينقلب عليها


=انا ما قلتش كده ولا عمري هعايرك وقلت لك بطل كل حاجه تاخدها وتفسرها بمنظورك انت هو انت مش وراك شغل اتفضل عشان تلحقه وما تتاخرش وترجع تقول لي انتٍ السبب زي الفطار اللي ما لحقتوش 


كز على أسنانه بقوة ، ونظر إليها بحدة


= اه عاوزه تطرقيني بقى عشان زهقتي مني؟ مش قادره تستحمليني خلاص دقيقتين قبل ما انزل! هو انا بقيت تقيل على قلبك كده.. طب مش نازل عندك اعتراض؟ ويولعوا العمال بقى


حاولت السيطرة على أعصابها بصعوبة وهي تتحرك للرحيل لكنه حاوطها بجمود قاسي وهو يسحبها له جبراً قائلاً بنبرة آمرة


= استني هنا انتٍ ازاي تسيبيني وانا بكلمك؟ خلاص ما بقتيش عامله لي اعتبر لاي حاجه ولا عاوزه تحترمي جوزك وراجل البيت هنا 


اغتاظت من أسلوبه المثير لحنقها، ومن عدم ثقته بنفسه وتحكمه المفرط وكأنه يفرغ طاقته في اي شيء امامه ومن ضمنهم هي! لذلك 

صاحت فيه بحنق كبير 


= طب يا راجل البيت نعم اؤمرني عاوز ايه قبل ما ادخل انام 


شعرت ضحي بيده تضيق على رسغها لتوجعها أكثر وكأنه يعتصرها فحركتها بحذر محاولة تنبيهه لكنه لم يكن واعياً بدرجة كافية، ثم مال عليها برأسه وظن انها تستهزئ به! احتدت نظراته نحوها وبدت كجمرتين متقدتين لكن لم يمنعه هذا من التحدث بقسوة شديدة 


= بتتريقي تاني ايه مش عاجبك ولا مش شايفاني راجل في عينك، ما تجيبي اخرك وتقولي اللي جواكي وشايلاه و ان انتٍ ما بقيتيش طايقاني 


حاولت التملص منه وتحرير ذراعها بقبضتها الأخرى لكنه لم يتركها بل تشبث أكثر بها وهو يبتسم لها ببرود، زاد إحساسها بالحنق نحوه ، ولم تكف عن حدجه بنظراتها المشتعلة من عينيها الحمراوتين وتوسلته راجية بغضب مكتوم 


= آآآآآه، منذر كده كتير ما هو مش معقول كده.. طول الوقت تلاكيك و كل كلمه اقولها تفسرها بشكل تاني، وكل ده عشان ايه عشان خرجت من غير اذنك واتاسفت ولا في حاجه ثانيه عاوز توصلها من اللي انت بتعمله .


لم تهتز عضلة واحدة من وجه منذر وهو يرد بصلابة متجاهلاً آلمها 


= هكون عاوز اوصل لإيه انتٍ اللي مش عاوزه تكوني صريحه معايا وعماله تحدفي كلام من تحت لتحت.. قلت لك انتٍ زيك زي غيرك هيجيلك اليوم وهتعملي زيهم معايا بس على الاقل هم كانوا صريحين انما انتٍ لا 


استشعرت ضحي القوة في نبرته و ألمه الخفي، لترد عليه محذراً بغلظة 


= هو اي كلام وخلاص اسمعني كويس انا لو عاوزه ابعد عنك ولا اقول لك حاجه هقولها في وشك! مش محتاجه الف وادور زيك واتلكك على قله فايده.. يا ريت انت اللي تكون صريح معايا وتقول لي بتعمل كل ده ليه 


أخفض نظراته بعينيه القاسيتين المحدقتين بها وضغط على شفتيه أكثر، ليحافظ على هدوئه كاتم الألم المتأججة في قلبه كما إعتاد أن يفعل، ثم هتف بعصبية منفعله 


= انا نازل الشغل عشان طهقت مش مستحمل اقعد هنا، اه يا ريت ما تنسيش بالمره تيجي على نفسك وتعمليلي الغدا لما ارجع.


راقبت رحيله أخيراً عنها وهمست له بنبرة مغلولة


= الصبر من عندك يا رب!. 


❈-❈-❈


بعد مرور أسبوعين.


امسك آدم بالقدح يرتشف المتبقي منها و هو  يقف ثم وضعه حين انتهي منه و ما كاد ان يتوجه نحو غرفه ديمة لتوديعها لانه سيغيب عنها أسبوعاً كاملاً ذاهب أو هارب إلي إبن عمه لكن تراجع في آخر لحظات وفكر ان من الجيد يذهب دون أن يودعها حتى تقطع كل الآمال لكن شعر انه هكذا يقسى عليها جدآ وهي لا تستحق ذلك! 


ادار المقبض ليفتح باب الغرفة اطل برأسه من

خلف الباب و نظر إليها و هو تجلس علي

الفراش وسط الظلام الدامس ليمد يده ببطئ

الي الحائط ليكبس زر الإضاءة لينتشر الضوء

بالغرفة، وضعت هي يدها علي عينها بانزعاج من الضوء ليتقدم هو من الداخل يزيح ستائر

النافذة ويفتحها حتي يدخل الهواء الي الغرفة

تأففت هي بضيق وقالت بحده 


= انت بتعمل اية


نظر إليها يتحدث بهدوء 


= حضرتك بقالك يومين في الاوضة مش بتخرجي للأكل وكمان الاوضه محتاجه تهويه ليه قاعده كده في الضلمه.. غير الجامعه اللي بطلتي تروحيها .


خرجت من الفراش بحده تتقدم منه بعصبية وهي تقول بغضب


= إيه؟ صعبانه عليك اعتقد ان انا ما افرقش معاك في حاجه يبقى ما تشغلش نفسك بيا، ثم دخلك فيا اية عشان تدخل وتعمل كده وعامل فيها داخل تطمن عليا وتهمك حالتي خلاص انا بقيت عارفه ومتاكده ان انت زيك زيهم.. زي عيلتي واخواتي بتعمل اللي تعمله عشان تريح ضميرك مش اكتر 


نظر إليها بهدوء ثم نفي برأسه و هو يقول بجدية 


= ديمه سيبك من الكلام ده و لازم تهتمي بصحتك حتى لو اللي حواليك فعلا مش مهتمين بيكي زي ما انتٍ فاكره.. بلاش تحطي مستقبلك قصاد معامله اللي حواليك 


نظرت له بحزن ويأس فهل يمزح معها وهو لا يفهم لما حالتها هكذا، تحركت للإمام لكن لحق هو بها قبل ان تخرج الي الخارج و تحدث

قائلاً بتردد


= على فكره انا مسافر أسبوع!. اتمنى تخلي بالك من نفسك عقبال ما ارجع


الصفحة التالية