-->

رواية جديدة قابل للكتمان لخديجة السيد - الفصل 33 - 4 - الجمعة 2/8/2024

  

قراءة رواية قابل للكتمان كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى

رواية قابل للكتمان

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة خديجة السيد



الفصل الثالث والثلاثون

4

تم النشر يوم الجمعة

2/8/2024

❈-❈-❈

وضع منذر قبضته على رقبته ثم دلك عنقه وبدأ في فركه بحركة تدليكية خفيفة، وتأوه بصوت خفيض قائلاً بارهاق


=آه الواحد تعب النهارده من الشغل أوي، و والدك ضغط علينا كلنا وعلى نفسه عشان الشغل يخلص على اخر الشهر 


ردت عليه رغد بابتسامة متسعة


=معلش أنت يعني مش عارف بابي وقد ايه بيحب الانتظام في الشغل امال هو عينك ليه هنا وادالك منصب كبير بسرعه، عشان حس ان انت برده ذيه بتحب الانضباط في الشغل..


عبست بوجهها وهي تتابع حديثها باهتمام


= بس ما قلتليش يعني اخبار مراتك ايه كانت اسمها تقريبا ضحى! اتصالحتوا ولا لسه مخاصماك اصل انا يعني فهمت الموضوع علي طول و انها جريت واتضايقت عشان ما قدرتش تتحكم في غيرتها 


رد منذر متعجبًا من سؤالها وهو يشير بيده


= صالحتها من بدري، ضحى طيبه جدا و بتحبني أوي وانا وهي ما نقدرش نقعد وقت طويل واحنا مش بنكلم بعض عمرنا ما عودنا بعض على حاجه زي كده ولا نقدر نعملها دلوقتي بعد العمر ده كله . 


عقدت حاجيبها ساخرة وردت باستنكار ساخط 


=صالحتها! قصدك يعني مش هي اللي جت وصالحتك كمان واعتذرتلك على الموقف البايخ ده، أصلا أنا ما رضيتش اقول لك بس المره اللي فاتت الناس كلها هنا استغربت جيرك وراها، بصراحه انت غلطان كنت سبتها ولما روحت تتجاهلها خالص وانا اراهنك هي اللي هتصالحك من نفسها، احنا ستات زي بعض وانا افهم دماغ الستات كويس .


لم يكن بحاجة إلى مثل تلك العبارات و النصائح في كيف تسير أموره مع زوجته لأنه بالفعل حريص على أقل شيء يخصها، فالتفت نحو وجهها، وقال بصوت آجش


=الموضوع مش حكايه مين يفهم دماغ مين؟ كل واحد لي مواصفات غير الثاني وانا فاهم كويس دماغ ضحى، الدليل ان اول ما كلمتها هي كمان نسيت كل حاجه وما فتحناش الموضوع تاني.. وهي ما كانتش تقصد اللي حصل ولا انتبهت ان احنا في مكان عام، و بيني وبينك بصراحه هي معاها حق انا لما قعدت افكر فيها مع نفسي لاقيت أن اي واحده مكانها كانت هتعمل كده و انا ما كنتش لازم اعمل كده من البدايه.


اشتعل وجهها بحمرة غضب خفية وردت ببرود


=بس لازم بعد كده تاخد بالها انت عارف اي حاجه كده ولا كده هتتنشر عنك والصحافه لما بتصدق تصطاد الناجح، و ياتري هي أيه بقي الحاجات اللي بتثير عصبية مراتك؟ عشان ناخد بالنا وانت تحذر 


تنهد الآخر وهو يرد قائلاً بهدوء رزين


= ضحى مش من النوع اللي بتتعصب اصلا، ده أنا ممكن اعدلك الايام اللي كانت ممكن تغضب فيها و لما بتحصل بتكون عشان مصلحتي وبس انما دلوقتي الوضع اتغير شويه، وانا للاسف خدت بالي متاخر .. انها بدات تتعصب لما واحدة تقرب مني غيرها أو تبدي إعجابها بيا حتي.. لكن أنا لازم مش أعمل حاجة تثير غيرتها بعد كده.


أردفت رغد قائلة بابتسامة صفراء


= بتشتري عمرك انت يعني 


ليحدق فيها بنظرات لامعه و بوميض مشرق أثر حديثه عن زوجته، وهو يقول بحب 


= بشتري إحساسها.. ماحبش أعمل حاجة تضايقها وهي ما تستاهلش أن اضايقها، هي عملت معايا كتير أوي وفوق ما تتخيلي.. هي بالنسبه ليا زي الملاك، امال انا بقول لك ليه هي مش بتتعصب الا لمصلحتي عمرك بقي شفتي ملاك بالشكل ده .


استمعت له بحزن ظاهر في نظراتها المثبتة عليه، وشعرت بالحقد تجاه زوجته وأنها لا تستحق كل ذلك العشق وهي الأجمل و الاغني والافضل منها لم تقابل الحب الحقيقي ابدأ فلما لم تحظي بشخص مثل منذر وفي ويحبها بصدق...اصطنعت التفكير بأسف وهي تقول بنبرة مقصودة 


=مش عارفه بس بحس علاقتكم مش موضوع حب، يعني انت مثلا دايما طول الوقت لما بتحكيلي عنها بتقعد تقول عملت معايا كتير.. فما فكرتش انك مخليها جنبك ولسه على ذمتك لحد دلوقتي عشان بس ترد شويه من الجمايل اللي هي عملتها ليك.


جمد أنظاره عليها بدهشة، فابتسم لها مشيرًا بيديه في الهواء قائلاً بجدية


= يعني ايه لسه مخليها على ذمتي لحد دلوقتي قصدك يعني عشان ربنا كرمني؟ هو العادي ان لما ربنا يكرمني هتنازل عن البنت اللي انا بحبها وادور على غيرها ولا ايه؟ ممكن ده بيحصل في مجتمعكم عشان كده قلتلي حاجه زي كده لكن معايا مستحيل.. اما بالنسبه ليه كل ما اتكلم عنها بقول انها عملت معايا كتير؟ فعشان بحب افكر نفسي بكل حاجه عملتها معايا عشان لما الغرور ياخدني شويه عنها افتكر على طول .


كورت يدها ضاغطة على أصابعها بقوة و اضطرت مجبرة ألا تعلق عليه حتى لا تكشف نواياها، وقالت بغيظ مكتوم


=ياه هو انت للدرجه دي بتحبها؟ وعامل حتى حساب حاجه لسه مش متاكد انها ممكن تحصل


نعم هو غارق حتى النخاع في حب امرأة سلبت قلبه وسيطرت على عقله، تمنى في نفسه أن تدوم تلك الفرحة وألا تعود الأمور إلى سابق مجدداً، أبتسم بهدوء مثير ثم أخرج تنهيدة عميقة من صدره هاتفًا


=أخيرا انتٍ إللي انتبهتي ان انا فعلا بحبها و

هي مش مجرد واحده اتجوزتها عشان اخلف منها وخلاص ولا عشان وصلت لسن الجواز! ولو بفكر كده كنت زماني سبتها وشفت غيرها من اول ما كان عندها مشاكل في الخلفه، ضحي اغلى واحلى حاجه ممكن تكون حصلتلي في حياتي يا رغد. 


شعرت بالاستياء من طريقته في التعبير عن حبهم بكلمات متزنة، وذلك مما يذكرها بحياتها السابقة وفشل العلاقات الزوجية التي عاشتها. فأجابته بحزن


= بصراحه بتفاجئني كل شويه يا منذر عمري ما شفت شخصيه زيك ولا حد وفي للدرجه دي.. ولا ممكن يكون بيحب حد بالطريقه دي


اتسعت ابتسامته وهو يقول بعدم انبهار بنفسه 


= مش شايف نفسي بعمل انجاز تنبهري بيه، عشان الانجاز الحقيقي اللي هي عملته معايا، انا لو قعدت اتكلملك عنها من هنا لـ 100 سنه مش هيكفيها عرفتي ليه يختصر ليكي الكلام عنها انها عملت معايا كتير.


رمقته بنظرات مزعوجة من أسلوبه في التعامل معها والحديث عنها بحب كبير وكأنها ليست زوجته وتستحق ذلك؟ وهذا نتيجة صبر الاثنين، ثم أشاحت بوجهها بعيدًا عنه مرددة بإحباط


= ما انت السبب برده ما بتحكيليش عنها، ما تجرب تحكيلي عشان اعرف الملاك اللي انت معاشرها بجد مواصفاته ايه.


❈-❈-❈


في طريق كان معاذ يقود السيارة ومعه زبونه واولادها الخمسة جالسان في المقاعد الخلفية وكاد يفقد عقله من شقاوتهم وصوتهم العالي. ثم صف السيارة جانب وقال بضيق وهو ينظر إلى عبر زجاج النافذة بجانبه


= اتفضلي يا مدام خلاص وصلنا، انزلي وعدي عيالك واحد واحد احسن تنسي واحد منهم ولا حاجه، انا مش ناقص ده انا استحملهم طول الطريق بالعافيه .


فتحت المرأة الباب لتهبط عندما قالت له بغتة بصوتٍ يرتجف غضبا


= هو انا لاقياهم في الشارع عشان انساهم دول عيالي وتعبانه فيهم، أمسك خد اجرتك بعربيتك الخربانه دي إلا حتى شغلت شويه اغاني العيال يتبسطوا بيها .


احتقن وجه معاذ بالامتعاض و أخرج رأسه من نافذة السياره وهو يقول باستياء 


= اغاني إيه اللي اشغلها ما كفايه عيالك كانوا قلبين العربيه ملاهي وجابوا لي صداع.. دول كرهوني اجيب عيل تاني، هي المدام ما سمعتش عن حاجه اسمها تحديد النسب ولا ايه.


شهقت المرأة بغضب وظلت تلومه وتذكر بعض الآيات القرآنية عن الحسد، ورفعت كف يدها نحو وجهه خوفًا من أن تتعرض هي وأطفالها للحسد بسببه، نظر إليها بسخرية ثم تحرك ليقود السيارة مرة أخرى، ثم عاد إلى طريقه إلى المنزل.


بعد مرور وقت في المنزل، أطلق نفسا بائسًا وهو يرخي جسده ثم مرّ من الصالة ليجد مالك يمسح منضدة الطعام بعد أن انتهى من تناول الغداء فسارع يسأله بلهفة


= مالك انت كنت بتاكل، هو الاكل النهارده ايه؟ 


عقد إبنه حاجبيه لسؤال أبيه وأجابه بضجر


= ما اعرفش ماما هتاكلك ايه انا خلصت اكل و رايحه اتفرج على التلفزيون شويه وبعد كده ادخل انام عشان مش ورايا حاجه اعملها .


تفهم والده بأنه غاضب منه لان لم يعد يخرج معه مثل سابق، لكن تفاجئ مالك من لحاق أبيه به كأنه يحاول فتح حديث معه بأي عذر بالكلام.. سأله عن اسم البرنامج الكرتوني الذي كان يشاهده وأجاب الآخر بضيق واختصار علي اسئله ثم أشاح بوجهه بعيدا عنه بنفور، فحدَّق في عيني أبنه باضطراب ثم تحدث قائلاً 


= مالك حبيبي ما تزعلش مني عشان ما بقتش اخرجك زي زمان بس انا الايام دي بقيت مش فاضي وبشتغل 


تنهد بعدم تصديق فأجابه بنفاذ صبر


= بتشتغل بجد ولا بتقعد مع جدو ومش بتعمل حاجه زي زمان 


أنصدم من سؤاله ليعلم بان بسمه كانت محقه عندما قالت الأطفال يفهمون كل شيء يحدث حولهم جيد، شعر أنه جرح كبرياءه فأجاب بنبرة مشوبة بالاقتضاب


= لا بشتغل فعلا بجد، خلاص زمن الدلع بتاع زمان راح والوكاله كمان راحت و انا شغال دلوقتي سواق على العربيه .


كان تصرف الطفل منطقي.. فهو لا يذكر ولو مرة أنه قد بادر سؤاله عن حاله أو قام باصطحابه معه لنزهة إلا بعد انفصاله عن والدته، وعندما اقترب منه كان سعيد جدا وظن بانه تغير، لكن عندما أبتعد عنه مجدداً اعتقد أنه عاد مثل سابق لم يهتم لامره.. لكن إذا كان الأمر كذلك وما زال يعمل فمعنى ذلك بانه يحاول التغيير لأجلهم لذلك اجاب قائلاً 

ببراءة


= ماشي خلاص هعذرك، عشان ماما قالتلي لو حد زعلان منه عشان مش بيزورك ولقيته فعلا تعبان ومشغول بجد سامحه واعذره وانا هسامحك واعذرك.


أبتسم معاذ بشرود ثم بعثر شعر طفله وهو بفكر بأن بسمة نجحت حقا في تربيه طفلهما وبطريقه جيده للغايه، ثم تساءل باستغراب


= هي امك فين مش سامعلها صوت ليه؟ هي نامت بدري كده.

الصفحة التالية