رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 1 - 1 - السبت 9/11/2024
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الأول
1
تم النشر السبت
9/11/2024
( المرأة في بلاد العرب مثبطة الأفكار ، ليست كمثيلتها الغربية ، بل يبدو أن ذلك الشيء الذي تضعه على رأسها بذريعة الستر قد حجب عنها الذكاء فباتت تسمع وترى ولكنها لا تعقل )
ثائر ذو الفقار
رواية ( ما لم نسعَ لمعرفته)
كانت هذه ترجمة ما كتب بالفرنسية أسفل منشوره عبر تطبيق الانستجرام الخاص به وقد أرفق معها صورة امرأة عربية محجبة مجهدة الملامح، تقوم بالتنظيف أسفل الأغنام .
نفخت أوداجها وشعرت بالدماء تغلي داخلها وظلت تبحث عن إجابة مناسبة ترد بها على كلام هذا الكاتب الفرنسي عربي الأصل بل مصري الجنسية ولكنها لم تستدل على ردٍ قوي يمكنه أن يؤثر في ذلك الشخص البغيض ، فقد رأت بعض التعليقات المؤيدة لمنشوره والبعض الآخر يعترض ولكنه يتعمد استفزاز من يعترض أيضًا ويفحمهم بردوده التي أغاظتها بشكلٍ مبالغٍ به .
بالرغم من أنها لم تهتدِ لارتداء الحجاب بعد إلا أنها متيقنة من وجوبه ، كذلك تحمل انتماءً عظيمًا لبلدها ولبلاد العرب عامةً ولا تقبل أن يقلل شخصًا منهم ، ربما لو كان إنسانًا غربيًا ستتقبل تفكيره ولكن عربي ومسلم ومصري ؟ هذا أكثر ما أغضبها .
- بتعملي إيه يا ديما ؟
انتفضت من فوق مقعدها حينما استمعت لصوت زوجها المفاجئ لذا التفتت تطالعه فوجدته يتجه على الفور نحو سريره ليرتد عليه ، يطالعها بنزق قائلًا بملامح متجهمة :
- بردو هتفضلي قاعدة ع الزفت ده ؟ وبعدين مالك وشك جاب ألوان كدة ليه وريني كدة ؟
زفرت ونهضت تتجه نحوه وتجلس بجواره متجاهلة أسلوبه الفظ معها وقالت وهي تعرض عليه المنشور بعدما قامت بترجمته تلقائيًا :
- أبدًا ، كنت بقلب في الانستا لقيت البني آدم ده ، المفروض إنه فرنساوي بس أصله مصري ومسلم بس تقريبًا كل منشوراته ضد بلده وضد المرأة العربية وخصوصًا المسلمة ، تقول معقد .
ابتسم ساخرًا بعدما قرأ ما دوّن وتحدث وهو يهز منكبيه بسخرية :
- مهو معاه حق ، واحد متجوز فرنسية عايزاه يعجب بالعربية ؟ وبعدين مهما الستات كلهم زي ما قال كدة ، دماغهم فاضية ومش فاضيين غير للتفاهة .
اغتاظت من كلماته السامة وتحدثت بشموخ أنثى :
- اللي هي إيه التفاهة دي ممكن تقولي ؟ وبعدين بتجمع ليه كل الستات في خانة واحدة وإنت عارف إن التعميم لغة الجهلاء ؟ وآه العربية أحسن من الفرنسية مليون مرة .
باغتها بنظرة ثاقبة وتجاهل الجزء الثاني من حديثها يجيبها بعنجهية كاذبة :
- التفاهة دي زي البتاع اللي في إيدك ده ، شوفتي جوزك جه المفروض وزي ما الدين قال ترميه خالص وتقومي تشوفي طلبات جوزك مش قاعدة عليه ليلك زي نهارك كدة .
هذا الحديث تحديدًا يصيبها بالضغط فتصبح على وشك الانفجار لذا نطقت بنبرة محذرة قائلة ببعض الهدوء :
- كمال بلاش الطريقة دي لو سمحت وانت عارف كويس إني مش كدة ، ماترميش كل المجهود اللي بعمله في الأرض علشان خاطر تثبت إنك صح .
تملكته الذكورية واستطرد بنبرة قاسية و هو يشير حوله :
- نفسي أفهم مجهود إيه ده ؟ بتشيلي الحيطان مثلًا وبتبنيها تاني ؟ أومال لو جربتي تشتغلي شغلنا إحنا بقى هتعملي إيه ، كل مافي الأمر هو لقمة بتطبخيها وبيت بيتكنس .
نظرت له بخيبة دومًا ما يتعمد استصغار ما تفعله بقلة تقديره لها لذا باتت لا تفضل المناقشة معه ، أومأت مرارًا ونهضت بعدما التقطت منه هاتفها قبل أن يبدأ بالبحث والتنقيب فيه عن ثغرات ينشب به عراكًا لن تتحمله منه لذا استرسلت بيأس وهي تتحرك تغادر الغرفة :
- لا اشتغل شغلك ولا تشتغل شغلي كل واحد ربنا سبحانه وتعالى حطه في مكانه وبيعمل اللي عليه حسب ضميره ، أنا هروح اجهزلك الغدا .
تركته وغادرت ليتمدد هو على الفراش بأريحية ينتظرها لتجلب له الطعام متجاهلًا نداء والدته المريضة التي ترعاها ديما مثلها كمثل طفلٍ حديث الولادة ولكن الفرق والمجهود يفوق قدرتها ومع ذلك لم تشتكِ أو تعترض بل تصبر لأجل صغيريها .
اتجهت نحو المطبخ تشعل الموقد لتسخن له الطعام فأتاها صغيرها البالغ من العمر خمسة سنوات يقول ببكاء مشتكيًا شقيقته :
- ماما رؤية أخدت مني الألعاب بتاعتي .
التفتت تطالعه وقد خانتها دمعة سقطت من قوة الضغط والحزن اللذان تمر بهما لذا جففتها سريعًا وتنفست بقوة كبيرة ثم نظرت لطفلها وانحنت نحوه تملس على وجنته قائلة بحنان :
- حبيبي ماتعيطش ، إنت عارف إن رؤية صغيرة وبعدين الألعاب بتاعتكوا إنتوا الاتنين سوا ، العب معاها دلوقتي ولما بابا ينام هاجي العب معاكو .
شعر الصغير بالرضا وأومأ لها خاصة وأنه لاحظ دمعتها لذا مد كفه يمسحها قائلًا بحنان يغمرها به دومًا فيعينها على تحمل متاعبها :
- حاضر يا ماما خلاص ماتزعليش .
ابتسمت له بحبٍ بالغ وتمسكت بكفه تقبله عدة قُبل ثم أشارت له أن يذهب واعتدلت تطالع أثره بشرود ، تعلم جيدًا أنه إن ظل يبكي ربما عنفه والده لذا دومًا تسرع إلى مراضاة صغيريها فهما استثمارها الحقيقي في الحياة ولن تقبل بتعنيفهما أبدًا .
عادت حماتها تنادي على ابنها لذا زفرت واتجهت عائدة لغرفتها فوجدته يعبث بهاتفه متجاهلًا نداء والدته لذا تحدثت بغيظ :
- ماترد على مامتك يا كمال ! بتنادي عليك من إمتى .
زفر بضيق يلازمه دومًا وتحدث بانزعاج وهو يشير بيده إلى رأسه :
- إنتِ عارفة إن أمي عقلها بقى على قدها وهروح أكلمها هتمسكني بقى تحكيلي عن جدودها اللي ماتوا ، روحي شوفيها وقوللها إني لسة ماجتش .
- بس هي عارفة إنك هنا .
- يووووووه ، أقوم امشي واسيبلكو البيت ؟
نطقها بنزق لذا زفرت واتجهت لترى حماتها التي ترقد على فراش في غرفة مجاورة لا حول لها ولا قوة فتطلعت عليها ديما بشفقة متسائلة :
- نعم يا ماما بتنادي على كمال ليه ؟
نظرت لها السيدة المسنة نظرة طفولية بعدما أصابها مرض الزهايمر وتحدثت باستعطاف :
- بنده عليه علشان يطلع من الشمس ، الدنيا حر دلوقتي خليه يطلع يا عايدة .
تنفست ديما بقوة وطالعتها بحزن بعدما فقدت هذه السيدة عقلها ، فهذه المسماة بعايدة هي في الحقيقة شقيقتها التي تقطن بعيدًا عنها لذا أومأت ديما واسترسلت مسايرة :
- حاضر هخليه يطلع ، ارتاحي إنتِ بس ولما يطلع هيجيلك .
تحركت خطوة لتعاود السيدة النداء بصوتٍ عالٍ كما لو كانت تعاني من فزعٍ لذا التفتت ديما تطالعها مجددًا وتابعت بتروٍ :
- فيه إيه بس يا ماما أنا جنبك أهو !
نظرت لها واسترسلت بنبرة ملحة وهي تشير بيدها للجوار :
- تعالي اقعدي جنبي عايزة اتكلم معاكي ، الناس اللي أنا شارية منهم البيت عايزين يزودوا السعر عليا ، تعالي علشان ابعتك ليهم واقولك تقوللهم إيه .
مسحت ديما على وجهها مستغفرة وأردفت ببعض الضيق وهي على حالها :
- طيب هجيلك أهو اصبري بس عليا ربع ساعة وجيالك تاني .
تحركت تغادر فباتت السيدة تصرخ عليها وتبكي .
هي لم تعد تستطيع الحركة لذا نهض كمال بملامح محتدة غاضبة يتجه نحوها ثم قال بنبرة هجومية بعدما بات لا يحتمل أفعالها وصراخها :
- في إيه يا ماما ؟ بيت إيه وعايدة مين ؟ ركزي الله يصلح حالك مش ناقصين خلل ، ده بيتنا ودي ديما مراتي ، ماشي ؟
اومأت له والدته بفزع من قسوته ثم ابتسمت له وتحدثت وهي تشير إليه :
- تعالى يا كمال إنت جيت إمتى ؟ تعالى يا حبيبي جنبي هنا علشان المروحة الدنيا حر عليك .
زفر يستغفر ثم تطلع إليها ، دومًا كانت هي نقطة ضعفة وقوته التي كان يستقوي بها على ديما في بادئ زواجهما ، كانت دومًا مصدرًا لإشعال الفتن بينهما ، هي من جعلته يظن أن الرجل أولًا وأخيرًا إلى أن أصيبت وباتت قعيدة تعاني من مرض الزهايمر فلم تعد نقطة قوته ولم تعد حتى نقطة ضعفه ، تحرك نحوها وجلس مجاورًا لها يقبل رأسها فابتسمت وباتت تربت على ساقه وأردفت بحنان فطري :
- أقول لعايدة تحضرلك الأكل ؟
أجابها وقد بدأ يندمج معها :
- بتحضره يا ماما اهي .
أومأت له ثم بدأت تحك ظهرها من أثر النوم لتستطرد بترقب :
- طيب أنا عايزة استحمى يا كمال .
عاد الضيق يلتهمه فقال وهو ينهض مجددًا ويستعد ليغادر :
- ماشي يا ماما ديما هتحطلي الغدا وتيجي تحميكي .
اومأت له بطاعة كأنها تخشى الاعتراض أمامه وتحرك هو عائدًا إلى غرفته يجلس بها لتأتي ديما بصينية الطعام وتضعها على الطاولة في الغرفة وتناديه بعدما عاد ينشغل بهاتفه قائلة :
- يالا يا كمال قوم .
قالتها وكادت أن تجلس لتتناول طعامها معه فهي لم تأكل وانتظرته ولكنه نهض يقول وهو يتقدم من الطعام ولم يبالِ بها :
- أمي عايزة تستحمى يا ديما ، هو إنتِ ماغيرتلهاش النهاردة ولا إيه ؟ مانتِ عارفة إني هاجي تعبان من الشغل وهي هتفضل تزن .
نظرت له نظرة حادة وأردفت باستفاضة :
- لا لسة ماغيرتلهاش يا كمال ، مستنياك تساعدني مش هقدر أغير لها لوحدي .
مد يده يتناول ملعقته واسترسل وهو يستعد للطعام :
- اساعدك ليه ما إنتِ بقيتي تغيرلها لوحدك خلاص ، مهو لو كنتِ غيرتلها قبل ما اجي بدل ما تمسكي الموبايل وتقرئي منشورات الأجانب كنا ارتاحنا من وجع الدماغ ده ، اهي هتفضل تنادي ومش هتسكت .
بدأ يأكل طعامه وجلست تطالعه وسبحت للبعيد بأفكارها التي ودت لو تجسدت أمامه ولكمته في كل مرة يتحدث بكلمات تتسبب لها بهذا الكم من الضيق والضغط .
❈-❈-❈
صوت إذاعة القرآن الكريم صدح في ورشة عمله الخاصة بتصليح السيارات ، يحب دومًا سماع صوت القرآن الكريم أثناء عمله .
منذ أن تخرج من كلية الهندسة الميكانيكية ولم يجد عملًا مناسبًا لم يجلس مكتوف الأيدي ، خاصةً بعدما تركهم والدهم وتزوج بأخرى ، بل سعى وكافح حتى فتح ورشته الخاصة منذ ثلاث سنوات ، حبه لشقيقتيه يفوق الحدود وبالأخص ديما ، تعد هي صديقته التي يلجأ لها كلما شعر بالضيق برغم أنه لا يحب زوجها ويراها كثيرة عليه ولكنها دومًا تقنعه أن كمال رجلٌ جيد ولم يقتنع ، فهل يكذّب عينيه وإحساسه ويصدق كلمات شقيقته التي تكذّبها عينيها ؟
دلف ورشته بعد أن تناول غداءه مع والدته وشقيقته الصغرى يلقي السلام على الصبية الذين يعملون معه فردوا عليه فتساءل بترقب واهتمام :
- اتغديتوا ؟
قالها وهو ينظر للطعام الذي أرسله إليهم فلم يجد سوى العلب الفارغة لذا تابع ساخرًا بعدما أومأوا :
- أنا بسأل ليه دا كان ناقص تاكلوا العلب ، ياواد براحة منك ليه هتتخنوا وشغلكوا هيقل وهعلقكوا على باب الورشة .
ضحك الصبية الثلاث عليه وليقول بلية وهو يملس على معدته :
- مهو أكل الحاجة حلو أوي يا باش مهندس داغر ، داحنا بتنخانق عليه .
لم يعقب على كلام بلية لأنه يعلم جيدًا لذة طعام والدته واتجه نحو السيارة التي كان يعمل عليها قبل ذهابه وأردف لأحدهم وهو يمد يده ويستعد لتكملة إصلاحها :
- هات يا دقدق مفك صليبة وتيش وصامولة وتعالى جنبي يالا .
أسرع دقدق يلبي طلبات داغر بمهارة والآخر قد افترش الأرض ليتابع عمله بدقة ، دومًا عُرف بمهارته وضميره في عمله ويأتي إليه الناس من هنا وهناك ليقوم بتصليح سياراتهم .
عُرف بشهامته وجدعنته لذا جميع من في المنطقة يحترمونه ويحبونه عدا زوج شقيقته ديما ومن هم على شاكلته .
عاد ينادي بنبرة شامخة تبعث الرهبة في من يسمعها مسترسلًا :
- قوم يا بلية جري على حسن الوالي هات من عنده سير 10 سم وواير وقوله داغر هيبقى يعدي عليك .
- هوا يا هندسة .
قالها بلية وهو يركض نحو الخارج ملبيًا فبات جميعهم يعملون على قدمٍ وساق بينما هو تمدد أسفل السيارة يستمع إلى تلاوة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ويردد خلفه :
- الله الله الله الله .
❈-❈-❈
نهض من على السفرة يحمد الله بعد إنهاء طعامه ثم نظر لزوجته وتحدث بودٍ :
- تسلم إيدك يا حبيبتي ، الأكل تحفة .
لا تستمر العلاقات بالحب فقط ، لا تستمر بشغف المشاعر فقط ، بل تشتد وتقوى بالتقدير ، فكلمة واحدة بإمكانها فتح أبواب قلبك للآخر على مصراعيها وكلمة أخرى قادرة على تشييد سدًا من الجفاء بينك وبين قائلها .
استطاع نثر السعادة على وجهها العابس باستمرار فطالعته بعيون لامعة وتحدثت وهي تنهض وتقابله :
- بألف هنا يا حبيبي ، مش هشوفك إلا الصبح صح ؟
رفع كفيه يحاوط وجهها ثم دنى يقبل رأسها ونزل نحو شفتيها يطبع عليهما قبلة رجلٍ عاشقٍ محب واسترسل بنبرة لينة :
- لو عليا مش عايز اخرج خالص بس هعمل إيه ، أسبوع كدة وأسبوع كدة ، تحبي تيجي معايا ؟
كان كفيها موضوعان على صدره لتتنهد مستنشقة رائحته وتجيبه بنبرة هادئة رزينة :
- لا لا مش هينفع يا دياب هاجي أعمل إيه في المطار مش عايزة يحصل معاك مشاكل بسببي ، يلا يا حبيبي اتوكل إنت على الله وأنا هتواصل معاك دايمًا ولو زهقت هتكلم مع ديما .
ابتسم برضا فهي تعينه على حاله دومًا وتبسط له جناح الهدوء حتى لو عبرت أحيانًا عن حزنها الناتج من مسألتهما الأساسية ألا وهي عدم الإنجاب .
تحرك يأخذ أغراضه وأردف مستعدًا للمغادرة :
- تمام يا حبيبي ، ولو حبيتي تطلعي مع ديما شوية مافيش أي مشكلة .
تحركت معه نحو الباب وهي تربت على ظهره واسترسلت بنبرة محبطة بعلمٍ مسبق :
- جوزها مش هيوافق يا دياب ، هنتكلم في الموبايل أحسن .
- اعملي اللي يريحك يا يسرا وماتتعبيش نفسك في شغل البيت ، وعالله آجي الاقي حاجة منقولة من مكانها هعاقبك عقاب من إياهم .
ابتسمت تطرق رأسها بحبٍ وخجل ثم عادت تطالعه وتحدثت بنبرة مبطنة بالحزن الذي تسعى لتطرح عليه أوشحة المرح :
- اللاه طب هعمل إيه بس ماطول الوقت مافيش حاجة اعملها ! يمكن اغير مكان الانتريه .
قالتها بخبثٍ تعمدته حتى لا يحزن فابتسم لها وتحدث وهو يميل برأسه عليها وينطق بهمس :
- على فكرة ممكن ماروحش الشغل عادي جدًا وادخل اعاقبك دلوقتي ، اسمعي الكلام يا يسرا .
- حاضر خلاص مش هعمل حاجة ، الأفضل تروح على شغلك قبل ما يبعتولك جواب رفد .
قالتها وهي تدفعه بخفة خاصةً وأنه يعطيها انطباعًا بأهميتها بدلًا عن عمله ليزفر ويقول بنبرة متكلفة تزيد من ثقتها :
- طب ياريت يعملوها وأنا اطول اقعد جنب حبيب قلبي من غير لا شغلة ولا مشغلة .
نطقها بعبثية لا تظهر لسواها لتضحك عليه وتعاود دفعه بخفة حتى تحرك خارج الشقة فودعته تلوح بيديها وتبتسم وهي تغلق الباب أمامه ليتنهد بعمق وراحة ويلتفت متجهًا إلى عمله .
لتقف بعدها تستند على الباب وتتنفس حبه ، تعشقه منذ سنوات وكل يومٍ يزيد من منسوب حبه داخل قلبها ، كانت تظن أن بعد زواجها منه سيتوه الحب وسط الحياة والمعاشرة مثلما قال البعض ولكنه أتى ليثبت لها شيئًا واحدًا فقط أن الحب لا يموت أبدًا إن أرادا هما ذلك ، فمنذ خمس سنوات مدة زواجهما لم ترَ منه إلا كل الحب والتقدير والاحترام ولكن ؟