-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 5 - 2 - السبت 23/11/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الخامس

2

تم النشر السبت

23/11/2024



في اليوم التالي صباحًا . 


في مقر إحدى المجلات الفرنسية المعروفة . 


اتجه ثائر في تمام الساعة الحادية عشر ليقابل تلك المدعوة إلوا وليجري معها اللقاء الصحفي . 


كانت تقف في استقباله تبتسم بسعادة لا تصدق أنها حققت إحدى أمنياتها برؤيته ، تعشق القراءة له وتحب جميع كتبه بل وخصصت مكتبة باسمه في منزلها . 


مدت يدها تسلم عليه فبادلها برصانة وابتسم يقول : 


- كيف حالكِ آنسة إلوا ؟ 


- الآن أنا بخير جدًا . 


قالتها بسعادة وهي تتجه معه إلى الردهة المؤدية للغرفة التي سيتم بها اللقاء ، لم يرد إجراء اللقاء في مكان عام أو في منزله بل أراده في المجلة ذاتها لذا فقد رحبت كثيرًا به . 


اتجه يجلس على مقعد رتيب واتجهت تجلس قبالته متسائلة بلهفة وحماس وابتسامة مزينة : 


- بماذا نضايفك ؟ 


- شكرًا لكِ ، دعينا نبدأ . 


قالها بنبرة رخيمة فأومأت وبدأت تجهز أدواتها والمسجل الخاص بها ثم أردفت بعيون لامعة : 


- من المؤكد أن شخصًا مثلك غني عن التعريف ومع ذلك فأتمنى أن تعرفنا عن نفسك بشكلٍ مميز . 


فرد نفسه على المقعد وسلط أنظاره عليها يجيبها بثبات وغموض يشرح من هو ولا يشرح : 


- أنا ثائر ذو الفقار ، الرجل الذي يفعل ما يريده بطريقة لا يريدها ، كاتب عمري اثنين وأربعين عامًا اسمي لا يعبر عني ولكنه يعبر عن عيني ، ابن وأب ولكنني لست زوجًا . 


نطق الأخيرة بنوعٍ من المرح الذي لا يمت له بصلة وبغمزة من عينيه قالها لتضحك إلوا وتجيبه بعيون متعسة : 


- أوه هذا مثير للاهتمام . 


ابتسم فزفرت إلوا وتابعت بترقب : 


- حسنًا الآن سأسألك عدة أسئلة وأعطني الجواب بكلمة واحدة أو جملة صغيرة ومعك فقط حق الاستفاضة والتوضيح لسؤال واحد منهم . 


أومأ بثبات فبدأت أولى أسألتها : 


- أي من كتاباتك يعبر عنك ؟ 


- بحر ثائر 


- كنت أعلم 


نطقتها بسعادة وحماس وعادت لهدوئها تسأل سؤالها الثاني : 


- لمَ تكره العرب وخاصة النساء بالرغم من أنك عربي الأصل ؟ 


- كلما ابتعدت رأيت بوضوح . 


أثار دهشتها بجوابه فعلقت متسائلة بفضول :


- كيف هذا ؟


- طلبتِ إجابة مختصرة .


قالها بذكاء فأومأت لتتساءل بالتالي : 


- هل لديك عائلة في بلدك الأم ؟ 


- نعم 


- وكيف علاقتك بهم ؟ 


- على تواصل منقطع . 


وكيف علاقتك بابنك ؟ 


- ممتازة 


وبطليقتك ؟ 


- جيدة 


- لمَ تفضل الكتابات الغامضة؟ 


- لأنني أُفضل الكتابات الغامضة . 


رفعت نظرها إليه فوجدته يعاود الغمز لها لذا ابتسمت وعادت تنظر في ورقة الأسئلة التي دونتها ثم تساءلت : 


- هل تحب فرنسا ؟ 


- كثيرًا . 


- ومصر ؟ 


توقف بعدما كان يجيب سريعًا ، دقق النظر بها ثم سبح للبعيد وتحدث مستفيضًا : 


- أحب التقدير ، أحب من يعطيني مكانتي ويقدر أهميتي ، أحب من يفضلني عن الغرباء ويحتويني مهما كانت الصعاب ، لذا اتخذت من الكتب موطنًا لي ومن القلم مسْكنًا ومن كلماتي مُسَكّنًا ولم أعد أهتم بشيء بعد ذلك . 


رفعت بصرها له مجددًا تلاحظ تبدل ملامحه ، لم يعد المرح مرتسمًا فوق محياه بل التجهم لذا تحمحمت وابتلعت لعابها تكمل سريعًا : 


- لأي بلد تحب السفر ؟ 


- فرنسا ومدنها فقط . 


هل تفكر بالارتباط مجددًا ؟ 


- ربما يومًا . 


اذكر صفة تحبها في النساء 


- السلام . 


صفة تحبها في شريكة حياتك 


- أن تبتسم دومًا . 


هل ترى نفسك غامضًا ؟ 


- لا أعلم لماذا يراني الجميع غامضًا ؟ جميعهم لهم أسرارًا وخبايا أما أنا فأحب الصمت ولكن كتبي تشرح كل شيء عني . 


عادت تطالعه بتعجب ، لقد ظنت أنه سيجيب بنعم دون جدال ولكن جوابه يعد غموضًا في حد ذاته لذا ابتسمت تجيبه : 


- مخادع . 


ابتسم بثقل وتحدث وعينيه مصوبة عليها : 


- ليس بعد . 


ضحكت وهزت منكبيها تغلق دفترها قائلة : 


- لقد ظننت أنني سأكتشفك بعد هذا اللقاء ولكن تعقدت الأمور أكثر سيد ثائر ، يبدو أنك تتقن فن الرد ، ما رأيك هل نكمل الأسئلة الآن أم نتواعد غدًا لشرب القهوة ؟


زفر لثوانٍ ثم أجاب بهدوء مبطن بالغموض : 


- الأفضل لا ، دعينا لا نلتقي مجددًا ، ومع ذلك هذا اللقاء كان من دواعي سروري آنسة إلوا . 


نهض يغلق زر بدلته ويودعها فاتجهت معه تتساءل بتعجب : 


- لمَ لا إذا كان اللقاء من دواعي سرورك ؟ 


التفت يطالعها ويجيبها قبل أن يغادر المقر : 


- لأنني أقدر حماسك وليس شيئًا آخر ، طاب يومكِ . 


ودعها واستقل سيارته وغادر وترك خلفه قلبًا تعلق به أكثر وعقلًا تعجب من أفعاله . 


أما هو فقد أتى لشيء في نفسه ليس إلا ، هو ليس بحاجة لقاء صحفي ولكنه أراد توصيل رسالة مشفرة إلى توماس آو ليان ... وغيره . 



❈-❈-❈


بعد يومين . 


برغم أنها مسالمة لا تحب الخصام إلا أن هجره لها ومكوثه في الطابق العلوي عاد عليها بالراحة والهدوء ، جعلها تمارس عملها وهوايتها دون نقدٍ أو صراعات . 


تحسن مزاجها فباتت مرحة أكثر مع أطفالها في هذين اليومين وأوشكت على إنهاء قراءة كتاب بحر ثائر . 


قرأت الكثير من الكتب خاصة في مرحلة الثانوية ، قرأت عن الأدب الفرنسي وتعلقت باللغة الفرنسية وقرأت لكتُاب كُثر مشهورين ومؤخرًا باتت تقرأ روايات رومانسية على موقع إلكتروني ولكن بحياتها لم يثِر كتابًا فضولها وتساؤلاتها كما فعل هذا البحر ، غموضه جعلها تريد معرفة ماضي هذا الرجل وما أوصله لتلك الحالة وكيف يكون تارةً حكيمًا وتارةً أخرى متقلبًا عاصفًا مخيفًا . 


استلهمت منه بعض التدوينات التي حددتها لتدونها عبر الانستجرام الخاص بها ، لم تعِد الهاتف لشقيقها كما أمرها زوجها بل قررت الاحتفاظ به وإخفاؤه عنه . 


استيقظت وبدأت يومها بتحضير الفطور لوالدة زوجها أولًا بسبب أدويتها . 


اتجهت إليها تضع الصينية جانبًا وتوقظها ولكن السيدة كانت تنام بعمق وصوت أنفاسها عاليًا بشكلٍ أثار تعجبها . 


حاولت إيقاظها ولكنها فشلت فزاد تعجبها وقررت أن تنادي زوجها من الأعلى ليرى ما بها ربما كانت مريضة . 


اتجهت تناديه وحينما وجدها أمامه كاد أن ينفعل ولكنها أسرعت تقول : 


- كمال ماما نايمة وعمالة أصحيها مش راضية تقوم وفيه صوت شخير جامد . 


قطب جبينه وأبعدها ثم نزل الدرج مسرعًا ودلف الشقة يتجه إلى غرفة والدته ليراها فوجدها تنام على ظهرها وصوت أنفاسها حادًا فاقترب يناديها بحذر ويدنو بأذنه من فمها قائلًا : 


- ماما ؟ فوقي يالا . 


سمع همهمات منها فزفر براحة يبتعد ثم نظر بجمود نحو ديما التي لحقته وأردف : 


- نايمة ، سبيها تنام براحتها إنتِ عارفة إن بقالها كتير أوي مانمتش . 


اندفع يغادر وتركها تقف تطالعها بشرود وتعجب ، هل هذا نومًا ؟ 


الصفحة التالية