رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 6 - 2 - الثلاثاء 26/11/2024
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل السادس
2
تم النشر الثلاثاء
26/11/2024
مساءًا
خرج كمال من عزلته يجلس مع صغاره وزوجته في الصالة .
كان الصغيران يلعبان بالكرة ويضحكان وكان يطالعهما بشرود ، البيت ينبض بالحياة بسبب ضحكاتِهما ، نظر حوله لبرهة ، لم يعد هناك صراخ والدته باسمه ويمكنه بسهولة الاسترخاء دون أن توتره ولكنه اشتاق لها .
اشتاق لرؤيتها وهي تدافع عنه بشراسة ، اشتاق لها وهي تبث فيه العزيمة والقوة ليكمل حياته بهيبة ورجولة تكمن في نبرته العالية وتوبيخه على أخطاء ديما .
جاءت ديما من مطبخها تحمل صينية محملة بالمقرمشات والتسالي واتجهت تضعها أمامه ثم نادت على صغارها بهدوء قائلة :
- يالا يا مالك يالا يا رؤية تعالوا كلوا .
تقدم الطفلان نحو الطاولة يأكلان من التسالي التي ناولتهما لهما ديما وتمسكت بصحنٍ تعبئه لزوجها ثم ناولته له واتجهت تجلس جواره وتبتسم متسائلة بترقب :
- عامل ايه دلوقتي ؟
تنفس بعمق ثم تناول منها الصحن ووضعه على ساقه يلتقط منه القليل ويلوكهم في فمه ثم أردف بشرود :
- كان زمانها عمالة تصرخ دلوقتي .
- الله يرحمها ويغفر لها .
نطقتها ديما بصدق ثم تابعت بتريث :
- افتح موبايلك يا كمال وانزل شغلك ، هون عن نفسك شوية .
أومأ مؤيدًا يردف وهو يلتقط إحدى المقرمشات :
- صح ، كفاية كدة ، لازم أنزل الشغل بقى .
زفرت بقوة تود إخباره بما تريد لذا أردفت بنبرة قلقة :
- كمال عايزة آخد رأيك في حاجة .
التفت يحدق بها وتساءل بترقب :
- خير ؟
ابتلعت لعابها وأجابته بتوترٍ ملحوظ وهي تفرك كفيها :
- إنت عارف إني بحب الكتابة ونفسي من زمان آخذ الخطوة دي وأجرب أكتب روايات وكدة وقلت آخد رأيك .
- اسمها تستأذنيني يا ديما مش تاخذي رأيي .
نطقها بنظرات ثاقبة لتتنفس بعمق وهي تومئ له مؤيدة وتجيبه :
- استأذنك ، إيه رأيك لو أجرب ، وماتقلقش مش هجرب أنشر ورقي خالص دلوقتي ، هكتب روايات إلكترونية وأشوف نفسي الأول ، إنت عارف إني بكتب خواطر وبنزلها وناس كتير جدًا بيعجبها كلامي .
انزعج من تصريحها الذي قالته بنية صافية أو ربما أرادت أن تثبت له تميزها ولكنه تجهم وتساءل بنبرة أنانية مغلفة بالغيرة :
- ناس مين ؟ أوعي يكونوا رجالة ؟
- لاء لاء ، كلهم ستات ، اطمن يا كمال هو إنت مش عارفني ولا إيه ؟
أومأ بصمت ثم بحث عن شيء يحبطها به فتابع :
- وافرضي الكتابة دي عطلتك عن بيتك واولادك وعني ، يبقى ليه وجع الدماغ ده ؟
تحلت بأقصى درجات الهدوء حتى يقبل وأردفت بنبرة هادئة مقنعة :
- مش هتعطلني يا كمال ، ومش وجع دماغ بالعكس دي بتحسن مزاجي ، وأنا هعرف أنظم وقتي كويس ولو لاحظت مني أي تقصير وقفني .
أومأ بقبول فها هي تقدم له الحجج على طبقٍ من ذهب لذا زفر وأردف بنبرة مبطنة بالكذب :
- ماشي ، اكتبي ربنا يوفقك ، وبعدين أنا افرح لك بردو لما تعملي حاجة بتحبيها .
ابتسمت وتنفست بارتياح ولكنه تذكر شيئًا ما لذا تساءل :
- بس هتكتبي على إيه ؟
توترت مجددًا وقررت مصارحته لذا نطقت وهي تدعو الله ألا تنقلب الأمور رأسًا على عقب :
- موبايل داغر لسة معايا يا كمال مارجعتوش .
كان يعلم ذلك ويلاحظ جيدًا ولكنه لم يعقب على الأمر ومع ذلك التفت يطالعها بنظرة حادة ويردف بهدوء مبهم :
- ماشي ، بس خدي بالك دي أول غلطة أهي في الصفحة الجديدة ، هعديها بمزاجي .
ها هو يؤكد لها أنه مخادع ، لم ولن يتغير أبدًا لذا نهضت تتجه نحو المطبخ لتستدعي الهدوء بينما هو أردف بحدة :
- واد يا مالك ، روح هات لي موبايلي من الدرج .
ركض الصغير يطيع والده وبالفعل عاد ومعه الهاتف فتناوله كمال وفتحه ليرى مستجدات غيابه ولكنه تفاجأ بكم رسائل نصية ومكالمات وصلته من تلك الزينة والتي يسجل رقمها باسم مستعار .
نظر نحو المطبخ ليتأكد من غياب ديما ثم نظر نحو صغاره فوجدهما يلعبان لذا بدأ يفتح الرسائل ويقرأها وعلى ثغره ارتسمت ابتسامة من وقع كلماتها ولكنه أجفل على صوت ارتطام أتى من الداخل لينهض ويتجه نحو المطبخ فوجد ديما تقف تنظر نحو كأسًا متهشمًا فسألها بتعجب :
- إيه اللي حصل ؟
رفعت نظرها تطالعه حيث جالت على عقلها مقولة ثائر فابتسمت وأردفت بغموض :
- وقع غصب عني .
❈-❈-❈
بعد مرور شهر
الإرادة
كلمة ليست مباحة للجميع ولا يمتلكها إلا أصحاب السمو والفخامة
لا يفقهها رجلٌ تعهد أن يغير سلبياته وفشل ، ولا تدركها امرأة قررت اتباع حمية غذائية ولم تفعل .
نحن نريد ولكن لا نتملك الإرادة . ( بقلمي آيةالعربي )
تعهد بالتغيير ولكن تغييره كان ظاهريًا فقط ، نقده على الهفوات لم ينتهِ ، رفضه على اللاسبب مستمر ، ضربه بالكلمات قائم ، ما تغير فقط هو اتباعه لأسلوب جديد بعيدًا عن الغضب ، أسلوب البرود والاستفزاز ولكن من المؤكد بروده لن يدوم فهو مثل البركان لا يُعرف موعد ثورانه .
أما هي فباتت تخرج طاقتها في الكتابة والنشر ، تكتب الروايات وتنشرها وتحدد اقتباسات راقت لها ثم تقوم بعرضها عبر الانستجرام ، حصدت الكثير من الإعجابات والمتابعات من داخل مصر ومن خارجها ، نساء راقت لهن كلماتها ، لمست داخلهن شيئًا تخفيه كلٍ منهن خلف رداء القوة والكبرياء .
نساءً ادعين الشموخ والنجاح والتعافي ولكنهن أبعد ما يكون عن ذلك ، كلماتها كانت مرآة لهن ، بل أنها أحيانًا تجردهن من هذا الشموخ فتقعن في فخ الوحدة والخذلان .
ذكورًا لم يكونوا رجالًا داسوا على قلوبهن ولم يبالوا ، ذكورًا لم يأخذوا من الإسلام سوى اسمه ، اتخذوا من الكتاب سطرًا وتركوا سطرًا آخر ليشبعوا فقط رغباتهم .
بخطٍ حزين كتبت على صفحتها عبر انستجرام .
( انقلبت موازين الطبيعة رأسًا على عقب وارتدى الخداع ثوب الفضيلة وأضحى الحق مدنسًا بعدما نجح الكذب في الوصول إلى العرش)
كان هذا آخر منشور دونته منذ ساعة قبل أن تنهض وتعد طعام الغداء ، اليوم ستذهب لترى أسرتها وتجلس بينهم ، تحتاج إليهم وتحتاج إلى ساعة فقط تحسن فيها مزاجها لذا ستعد الطعام له كما أخبرها وستذهب .
أطفأت الموقد ثم حملت هاتفها وهاتفت شقيقها الذي أجابها على الفور قائلًا :
- أيوة يا ديما ؟
تنفست وقالت بترقب :
- داغر ممكن تيجي تاخد الولاد وتوديهم عند ماما لحد ما أخلص !
كان يجلس يتحدث مع صالح ويحتسيان الشاي في استراحة قصيرة ولكنه نهض يردف برحابة صدر :
- هعدي عليكي أهو يالا جهزيهم .
أغلق معها ثم اتجه يغسل يده جيدًا وتحرك نحو الخارج يردف موجهًا حديثه إلى صالح الذي نهض ليعود للعمل :
- مشوار لحد بيت اختي وراجع يا صالح .
أومأ صالح وتحدث بنبرة هادئة :
- الله معك يا باش مهندس .
❈-❈-❈
يجلسون حول مائدة الطعام وتجلس بينهم صامتة ، تشعر بالغربة كعادتها دومًا ولكنها تتصنع التأقلم .
قطع الصمت عمها الذي تحدث بنبرة جادة وهو ينظر في صحنه :
- جهزوا نفسكوا كمان يومين هنطلع رحلة لشرم ، في هناك منتجع سياحي شركتنا هتتولى إدارته ، هنروح كلنا نشوفه ونقعد هناك كام يوم .
تحدثت زوجته تجيبه بملامح منفرجة وحماس :
- أنا عن نفسي مستنية الرحلة دي من أسبوع من وقت ما قلتلي ، وأكيد ماجد ماعندوش مانع .
نظر إلى ابنه وتساءل بهدوء مبطن بنبرة آمرة :
- أكيد يا ماجد جاي معانا مش كدة ؟
رفع ماجد نظره إليهما ثم نظر نحو بسمة التي تأكل بصمت وتترقب القادم بانزعاج داخلي ليتنفس بعمق ثم قال :
- مادام شغل يبقى جاي ، بس ماقولتش يعني يا بابا إننا هنروح!
- مانا بقول أهو ؟
نطقها بجمود فتابعت بسمة صمتها الذي ضايقهم لذا تساءل موجهًا حديثه إليها :
- ساكتة ليه يا بسمة ؟
توقفت عن مضغ الطعام ورفعت نظرها تطالعه بنظرات مبهمة ثم ابتسمت وتحدثت بهدوء :
- لإني مش جاية معاكوا يا أونكل .
نظرات كسهامٍ حادة باغتها بها لتردف زوجته بحدة :
- ليه بقى إن شاء الله ؟ أومال عايزة تقعدي هنا لوحدك ؟ لا لا لا لاء مش هينفع الكلام ده خالص .
قالتها وهي تلوح بيدها فزفرت بسمة بضيق وتركت مافي يدها ثم صوبت نظراتها نحوها تردف بتأنٍ :
- حضرتك روحي وانبسطي وماتشليش همي خالص ، مافيش أي مشكلة إني اقعد لوحدي هنا .
اغتاظت ونظرت لزوجها الذي تحدث بنبرة صلدة :
- مش عايزة تيجي ليه ؟ قوليلي سبب مقنع ، وبعدين ده شغل تبع الشركة مش رايحين نلعب .
ابتسمت له وأجابته بثبات :
- علشان كدة بالضبط يا عمو ، لو كنا رايحين نلعب يمكن كنت فكرت بس ده شغل يبقى الأوْلى أخليني هنا وآخد بالي من الشغل هنا لحد ما ترجعوا .
نظر ماجد لوالده الذي صمت لبرهة وأردف بترقب :
- خلاص يا بابا مش مشكلة أنا ممكن أفضل هنا مع بسمة نتابع الشركة وحضرتك وماما تروحوا .
- لا أنت هتيجي معانا .
نطقها بصرامة وعاد يأكل ليشعر ماجد بالضيق ولكنه رضخ لأمره بينما ابتسمت بسمة تشعر بالانتصار خاصة ونظرات زوجة عمها لها تعبر عن مدى استيائها مما يحدث .