-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 14 - 1 - السبت 21/12/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الرابع عشر

1

تم النشر السبت

21/12/2024


وماذا لو التقينا


وأشرقت الشمس 


على غير العادة


وتألّقتِ النجمات... 


على غير العادة 


ماذا لو التقينا فجأة


على غير العادة


ماذا لو في اللقاء


فر النبض منك إليَّ


و مني إليك ...... 


ماذا لو التقينا.... 


ماذا لو تعانقنا...


وانتهى اللقاءُ.... 


بوعد باللقاءِ...


( بقلم فيروزة  ) 



❈-❈-❈


بعد ثلاثة شهور أخرى 


ها هو حلمها يركض على هيئة كتب وحفيف الأوراق يطرب الآذان أثناء تمريرها على شريط آلة الطباعة  . 


يتم نسخ الطبعة الثالثة لكتابها الأول  ( رحلة قائدها الأمل  )  بعد أن تم بيع الطبعتين الأولى والثانية في وقت قياسي . 


وأخيرًا احتضنها الحظ وربتت على خاطرها السعادة  ، سعيدة بأول إنجاز حقتته لنفسها  ، راضية تمامًا عما كتبته في كتابها  .


ولم تنكر مساعدات بسمة لها حيث أنها تكفلت بالإعلانات رغمًا عن ديما التي رفضت  . 


نُشِر كتابها في مصر والدول العربية ونال إعجاب الكثير من السيدات خاصةً وأن القصة المسرودة بداخله لمست قلوبهن ومشاعرهن وتساءلن كيف لكاتبة أن تتقن براعة وصف إحساسهن الذي يعشْنه  ؟ 


طالبوا برؤيتها لذا قررت الدار عقد ندوة ودعوتها لحضورها مع غيرها من الكُتاب ولكنها كانت الأبرز من بينهم  . 


تجاور شقيقها الذي يقود بسعادة وكأنها ابنته التي يأخذها لحفل تخرجها  ،  سعيدٌ لما وصلت إليه  ،  يشعر بالفخر بها ولها  . 


التفت يحدق بها حينما وجدها شاردة تفرك كفيها بتوتر فسألها وهو يعاود النظر للطريق  : 


- إيه يا دمدومة متوترة ليه كدة  ؟  أنا معاكي أهو  ،  وبعدين هنحضر الندوة وتقولي كلمتك وخلاص كدة  ،  عايزك تكوني واثقة من نفسك وراسك مرفوعة لفوق  . 


زفرت بقوة والتفتت تطالعه بابتسامتها وتجيبه بتوترٍ  : 


- أنا فعلًا متوترة أوي يا داغر  ،  خايفة لساني يتعوج واغلط في الكلام  ،  أكيد كلهم هنا كُتاب مشهورين وحضروا ندوات ومعارض كتير ومتعودين على الظهور على المسرح بس أنا لاء  . 


أردف بثقة مغلفة بالتشجيع يؤكد : 


- بس أنا بقى واثق إنك هتقدري تقولي كلمتك زي ما قدرتي تسردي حكايتك بالطريقة اللي أبهرت الناس كلها  ،  يابنتي إنتِ مش شايفة اللي قصتك عملته  ؟  دي قالبة الدنيا حرفيًا  ،  وخليتي واحد زيي مش بيحب يقرأ قرأها وأعجب بيها جدًا وكان نفسي أدخل آخد البطلة في حضني  . 


ضحكت برضا وقالت بعدما انقشع توترها من تحفيزه  : 


- هو أي حضن والسلام  ؟  


أومأ يستطرد بمرح  : 


- ياستي سبيني أتخيل  ،  يعني هيبقى لا واقع ولا خيال  ! 


التفتت تحدق به وتساءلت بخبث مقنّع  : 


- طب ما نخليه واقع يا داغر  ؟  مش كفاية عزوبية كدة وتخطب بقى  ؟ 


ابتلع لعابه وقطب جبينه يردف بادعاء استعطافي  : 


- أخطب إيه بس يا ديما  ؟  مين دي اللي تقبل بواحد زيي  . 


- بسمة  . 


نطقتها بدون أي مقدمات وبنظرات ثاقبة نحوه اخترقت دهشته حينما التفت لها فرفعت حاجبيها وحدقت به تستطرد باستطلاع  : 


- ماتلفش وتدور عليا علشان أنا فاهماك كويس  ،  إنت معجب ببسمة  . 


عاد ينظر أمامه ويزفر بقوة ثم صمت لهنيهة لتسترسل هي  : 


- مش بتصارحها ليه يا داغر  ؟  قلقان من إيه  ؟ 


كيف يصارحها بشيء لم يتقبله بعد  ؟  كيف له أن يتجاوز الفروقات والطبقات بينهما  ؟  ماذا إن رفضته لأسبابٍ يدركها ويعلم أنها غير متكافئة  ؟ 


أردف بملامح باردة بعدما دخل قوقعة الكتمان  : 


- شكلك كدة اندمجتي في الروايات يا ديما  ،  بسمة إيه بس يابنتي دي واحدة أكبر مني وكمان غنية وانا عندي فوبيا من الفلوس وانتِ عارفة  ،  أنا باخدها باليمين بصرفها بالشمال يا ديما المهم اللي حواليا يكونوا مبسوطين  . 


صمت يترقب ردة فعلها على كلماته ولكنه خشي أن يلتفت لها كي لا تكذبه عيناه لذا ظل يقود  ليجدها صامتة تنتظر هي ردة فعله حيث أنها تعلمه جيدًا لذا استرسل يخفي سره   : 


- أنا عايز واحدة بنت حلال وحنينة وبتضحك علطول زيك كدة وتكون اصغر مني بكام سنة تدلعني وادلعها وتكون من مستوايا يا ديما  ،  أنا مش عايز واحدة تيجي في يوم تتكبر عليا أو تقولي إنت وانت  ،  مش هتحمل أنا الحوارات دي  . 


كلماته واقعية تميل إلى المنطق لذا استسلمت لها ولكنها تدرك جيدًا أن وراء جبل هذه الكلمات مدينة مشاعر خضراء لم يكتشفها أحد بعد لم يعترف لها آنذاك حينما كاد أن يعترف بل أنه سرد لها قصة عائلتها وخاصة ماجد الذي لم يرتح له لكنه أبقى مشاعره طي الكتمان. 


زفرت بقوة وأردفت داعية  : 


- ربنا يرزقك بالزوجة اللي يختارها قلبك يا داغر  ،  إنت تستاهل أحسن واحدة في الدنيا كلها  ،  ده كفاية حنيتك علينا  . 


توقف أمام المكان المنشود وأردف وهو يستعد للنزول  : 


- طب يالا علشان وصلنا   . 


❈-❈-❈


صافرات الأجهزة نبهت من في الجوار على استيقاظ المريض الذي دامت غيبوبته لأشهر  . 


غادرت وتركته غارقًا في دمائه وبصعوبة بالغة استطاع طلب الإسعاف قبل أن يفقد الوعي ولكن تطلب وصول الإسعاف إليه وقتًا طويلًا لذا فكان على وشك الموت وبرغم أنهم أسعفوه في اللحظات الأخيرة إلا أنه لم يستيقظ ودلف في غيبوبة طويلة  . 


نظر حوله بعيون واهنة وملامح ذابلة وجسدٍ هزيل ليأتيه الطبيب ويفحصه بعناية تحت أنظاره وعقله الذي يحاول الاستيعاب ليتحدث الطبيب بابتسامة قائلًا  : 


- هيا يا رجل لقد نمت كثيرًا  . 


ازدرد لعابه وأسبل جفنيه يهس بنبرة واهنة  : 


- منذ متى وأنا هنا  ؟ 


تنهد الطبيب وأجابه  : 


- منذ ثلاثة  شهور  ،  إصابتك كانت خطيرة وبصعوبة استطعنا إنقاذك  ،  هل تتذكر شيئًا   ؟ 


صمت لبرهة يستعيد عقله ما حدث ليمر من أمامه كل شيء  ، لم ينسَ أي تفصيلة حتى في غيبوبته وكأن عقله كان ينتظر العودة لينتقم لذا هز رأسه ببطء يردف بنبرة متعودة   : 


- نعم  ،  مارتينا ارتوا  ،  هي الفاعلة  . 


حدجه الطبيب بنظرة متفحصة لثوانٍ ثم أشار إلى الممرضة التي تجاوره وقال  : 


- أبلغي الشرطة في الحال  . 


أسرعت الممرضة تفعل مثلما قال  ،  منذ إصابته والشرطة تتحرى عن الفاعل ولم تصل لشيء حتى تسجيلات الكاميرات لم تجدها في ذلك المنزل  ،  الفاعل ليس سارق وسلاح الجريمة ليس له وجود لذا فكان عليهم انتظاره ليستيقظ  . 


وها هو يفعل  ،  يعلم جيدًا نفوذ صديقه لذا أخفى تسجيلات الكاميرات بعيدًا ليتحكم بها خاصةً حينما ظن أنه سيتخلص منها آنذاك  . 


❈-❈-❈



يجلس في مكتبه يتابع بعض تفاصيل النشر الجديدة  . 


هالة الغموض والهيبة التي تحيطه تجعله محط أنظار حتى لأولئك اللاتي تعملن معه ولكنهن تبتعدن عنه حيطةً من جنون مارتينا الذي وصل إليهن عن طريق الأقاويل المتناقلة  . 


رن هاتف مكتبه فالتقطه دون أن يحيد بأنظاره عن عمله يجيب  : 


-  ألو  ؟ 


جاءه الرد بنبرة رصينة متقنة للفرنسية ولكن ناطقها عربي حيث قال  : 


- مرحبًا سيد ثائر  ،  معك حُسين من دولة الإمارات  ،  هل يمكنني استعارة وقتك لثوانٍ  ؟ 


ولاه انتباهه وترك ما في يده يلتفت بمقعده ويردف بترقب  : 


- أسمعك   ،  تفضل  . 


أجابه حسين بنبرة رسمية  : 


- تعلم أن مؤتمر الشارقة الأدبي للقراءة سيقام بعد أسبوع ويشرفنا حضورك كثيرًا وهذا بناءً على طلب القراء  ،  سيكون من دواعي سرورنا قبول الدعوة لتسرد للشباب قليلًا من خبراتك في مجال الأدب . 


شرد يفكر لبرهة من الوقت  ،  لا يجب أن يأخذ قرارًا كهذا دون اتخاذ الحيطة  ،  ثوانٍ مرت حتى ظن المتصل أنه لن يجيبه لذا عاد يتساءل بتوتر  : 


- سيد ثائر هل أنت معي ؟ 


- نعم معك  . 


زفر بقوة ثم استرسل برصانة  : 


- حسنًا دعني أفكر في الأمر وسأبلغك قراري  . 


- حسنًا كما تريد ولكن نتمنى حضورك  ،  وسأنتظر اتصالك بالتأكيد  . 


أغلق ثائر معه وعاد إلى عمله وبدأ يفكر في الأمر  ،  منذ اثنا عشر عامًا لم يغادر حدود فرنسا قط  ،  يتجول في مدنها ولكنه لا يستطيع مغادرتها  ،  فهل يمكنه السفر إلى الإمارات  ؟ 


حن للأمر سريعًا وتمنى لو أنه حضر ذلك المؤتمر ولتجمعه صدفة مع شقيقه ، أي صدفة .


الصفحة التالية