رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 14 - 2 - السبت 21/12/2024
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الرابع عشر
2
تم النشر السبت
21/12/2024
بعد أن أخبرته يسرا بمَ حدث مع تلك الفتاة وهما يلتزمان حدودهما ولكنهما عاطفيان للدرجة التي جعلتهما يساعدانها خاصة وأنها دلفت في شهرها الثامن واشتد الحمل عليها .
لترضخ يسرا لنداء قلبها وتقرر مساعدتها مع أخذ الحيطة ووافقها دياب في ذلك .
وها هي تساندها بعدما عادتا من عند الطبيب الذي طلب منها الراحة التامة خلال هذين الشهرين .
أدخلتها شقتها واتجهت تجلسها لتزفر رحمة بقوة ولم تعد تستطيع التحمل لذا بكت من شدة الألم ورفعت نظرها إلى يسرا التي تطالعها بقلة حيلة لتردف :
- مش قادرة يا يسرا ، حاسة إني هموت .
جلست قبالتها وحاولت طمأنتها ومدت يدها تمسك بكفها قائلة بنبرة تبث فيها الأمل :
- وحدي الله بس يا رحمة وبلاش الكلام السلبي ده ، كل ده بسبب تعب الحمل وبإذن الله أول ما تولدي هترتاحي .
تنفست بعمق وحاولت التمدد قليلًا لتنهض يسرا وتنظر في ساعتها حيث قارب دياب على العودة لذا استطردت :
- خليني أعملك حاجة تاكليها وأروّح علشان دياب قرب يرجع .
أومأت لها فتحركت نحو المطبخ لتحضر لها طعامًا سريعًا وتمددت الأخرى على الأريكة تستدعي الراحة ولم تفكر في شيء سوى حالتها .
ربما التعب تولى سيطرته على أفكارها لذا قررت أن تلد وترى ماذا ستفعل في حياتها البائسة هذه .
❈-❈-❈
جلست ليلًا في غرفتها تستعيد ذكرى صباح اليوم وكيف وقفت بين المعجبات والكتّاب تحاول مواكبة حديثهم بابتسامتها الودودة .
تتذكر كلمتها التي ألقتها أمامهم ولولا وجود داغر وتشجيعه لكانت تلعثمت بكل تأكيد ، كانت شاردة تملس على خصلات صغيرتها التي قررت النوم في حضنها الليلة .
في يدها الأخرى كتابًا تقرأه وبالطبع كان عن كاتبها المفضل والبغيض في آنٍ واحد (ثائر ذو الفقار ) لدرجة أنها ظنت أنهما شخصان ولا يمكن أن يكون شخصًا واحدًا .
حينما تقرأ كتبه يلمس روحها ليكون مفضلها وحينما ترى منشوراته تبغضه ليكون عدوها .
انتبهت لصوت رسالة عبر الهاتف فأغلقت الكتاب تضعه جانبًا وهي تبتسم ثم استلت هاتفها تنظر إليه وقد صدق حدسها حينما وجدتها ليان تلك الصديقة الخليجية .
كانت مكالمة مرئية حيث اعتادت محادثتها بعد أن توطدت علاقتهما كثيرًا في الآونة الأخيرة واستطاعت ليان أن تحتل قلب ديما بعفويتها وجمال روحها وتعهدت بأن تزور مصر في أقرب وقت لتراها .
ضغطت ديما تبتسم لها وتجيبها بهدوء حتى لا يستيقظ صغيراها :
- إيه اللي مصحيكي دلوقتي يا لينو ؟
كانت نظرات الحيرة والترقب والقلق مرتسمة جميعها على تقاسيم وجه ليان لتنكمش ملامح ديما على أثرها وتتساءل بريبة :
- فيه إيه يا ليان مالك ؟ طنط كويسة ؟
أومأت لها بملامح قلقة لتنطق بحذر اختلط بالسعادة :
- ديما أنا سويت شي ، بس أعطيني الأمان .
- عملتي إيه يا ليان ، قولي ؟
نطقتها ديما وقد تعالت أنفاسها لتنطق ليان بسعادة لم تستطع حجبها :
- إنتِ لازم تيجين الإمارت كمان أسبوع .
- نعم ؟ آجي الإمارات ازاي ؟
سألتها ديما بصدمة فازدرت ريقها واسترسلت موضحة :
- طبعا تعرفين إن أخو زوجي أُهو المنظم لمؤتمر الشارقة الأدبي ، وإنتِ رفضتي أقدمج لُهم بس أنا قدمت اسمج في ترشيحات القراء واشتريت روايتج وعطيتها لاخو زوجي يشوفها ويقيمها بنفسه وبصراحة أهو طلب مني اتواصل معاج وابلغج انج مدعوة للمؤتمر خصوصًا إنج أخدتي المركز الخمسة وعشرين بتصويت القراء من ضمن أفضل 50 كاتب عربي للعام ، هم كانوا راح يكلمونج بس أنا طلبت منه أكلمج بنفسي واشرحلج اللي صار علشان لا تزعلين مني .
نظرت لها ببلاهة كأنها لم تسمع ما قالته وأردفت بعدم استيعاب :
- مافهمتش حاجة ؟ يعني إيه ؟
صاحت ليان بجدية وقد تخلت عن حذرها :
- أقولج إنج لازم بعد أسبوع تكونين هني في الشارجة يا ديما ، يعني يا دوب تحضرين نفسج .
- مستحيل ، مستحيل يا ليان ماينفعش خالص ، إمارات إيه بس مش هعرف ، أولادي واخويا و ... حاجات كتير أوي ، لاء مش هعرف خالص .
زفرت ليان بانزعاج منها واستطردت بتروٍ :
- يا ديما يا حبيبتي الله يهديج ، الموضوع كله أسبوع وبس ، ماكو حتى رفاهية إنج تقعدين وياي لحين ينتهي المعرض ، راح تيجين تحضرين المؤتمر واليوم الثاني حفلة توقيع لقرائج والباقي لي بروحي ، أبغى أدور وياج الإمارات إمارة إمارة ، بالله انج توافقين .
نظرت لصغيريها ثم عادت تنظر إلى ليان المجنونة وتفكر كيف يمكنها أن تقبل بهذا الأمر ولكن ... هذه فرصة لن تعوض ، هي لم تكن تتوقع أن يغمرها ربها بهذا الكم من الكرم والعطاء .
ستذهب ليكرموها وتتوسع دائرة قراءها بشكلٍ أكبر ، فرصة لا تحدث مع غيرها بنسبة 1٪ حتى لذا ... أخذت نفسًا قويًا وعادت تنظر إلي ليان وتزدرد ريقها لتحاول ليان إقناعها بطريقة أخرى خاصة وأنها تدرك أحلامها وطموحاتها :
- ديما هذي فرصة ممتازة ، الأولاد اتكلمي معاهم وأكيد خالة منال راح تاخذ بالها منهم ، ثلاث أيام بس يا ديما ، قصتج تستاهل وايد وإنتِ خابرة إنها أثرت فيا وذكرتني بوجع أمي ، وبعدين فيه بعد جايزة مالية تقدرين تبدئين فيها مشوارج اللي قولتي عليه ، يالا ديما قولي إيه .
ها هي المغريات تتراقص أمامها ، شهرة وجائزة وحب أناس بدون سعيٍ منها لذا تنهدت بعمق ثم أردفت بحيرة ممتزجة بالسرور :
- طيب خليني اتكلم مع ماما وداغر يا ليان وبعدين هكلمك .
أومأت لها مسترسلة :
- تمام كلميهم وأنا متأكدة إنهم ما راح يعترضون .
❈-❈-❈
من قبل كان يعاني كمن آلمه ضرسه فقرر أن يلكمه ويسقطه بدلًا من إصلاحه ظن أنه سيزرع مكانه آخرًا يحقق له المعادلة الكاملة ولكن ما حدث معه كان العكس فالألم الذي نتج عن أفعاله لم يكن يتوقعه بل أنه انتشر في محيطه بالكامل وأصبح الكمال الذي يتمناه هو كمال معاكس .
إهانة وتسلط وتبجح جعلوه يشعر بأنه لا شيء ، وكلما حاول كسب سلطته هاجت وصاحت هادمة فوق رأسه أي سلطة خاصةً بعدما حملت وأتقنت دور المدللة بل أنها تنتشل الدلال بالقوة ولم يستطع الاعتراض .
جلست على المائدة تفرد ظهرها شاعرةً بالتخمة بعدما تناولت وجبتها الدسمة ونهض يجمع الأطباق ويتجه بها نحو المطبخ بنزق وتأفأف لا يلفظه أمامها ، يقنع نفسه أنها ستلد ويعود كل شيء لمجراه ، هو فقط يساعدها قليلًا وهذا أمرٌ يعتبره جيدًا أو يقنع نفسه بذلك .
عادت ديما تحتل عقله ، لقد رأى نجاحها وشهرتها وحديث الناس عنها وهذا يشعله أكثر وأكثر ، حصلت على أشياءٍ لا تستحقها ، هو من يستحق الخير وليس هي ، هو الضحية هنا فكيف تنقلب الأمور ؟ ليلازمه سؤالاً يتكرر دومًا على عقله ، هل كان عليه اختيار زوجة أفضل ؟ ربما معاناته مع ديما جعلت عقله يسارع في البحث ليتعثر في زينة وها هو يجني نتيجة تسرعه أما هي فمن المؤكد تنتظرها أيام الانتقام ، يجب أن تعاني من بعده لتدرك أنه كان نعمة في حياتها وسينتظر هذه المعاناة عما قريب .
❈-❈-❈
استيقظت باكرًا لتتحدث مع شقيقها قبل ذهابه لعمله ، طوال ليلها تفكر في العرض الذي تحدث عنه ليان من قبل ولكنها ظنته حلمًا صعب المنال حتى أنها أخبرت داغر بذلك والآن بعدما أصبح حقيقة باتت متلهفة عليه لذا تحمست لمعرفة رأي داغر ومنال .
جلست بينهما وأردفت بترقب وابتهاج :
- ليان صاحبتي اتكلمت معايا بليل وقالت إن جالي دعوة لحضور مؤتمر الشارقة الأدبي وده طبعًا لإن أخو جوزها هو اللي بينظمه ، وطلبت مني أسافر الإمارات خلال أسبوع أحضر المؤتمر وارجع علطول ، السفر هيكون كام يوم بس .
السعادة التي تفشت على ملامحهما جعلتها تتنفس بارتياح وتسكنها البهجة ليتحدث داغر بفرحة وقلقٍ ممتزجان :
- بسم الله ماشاء الله ، أنا فخور بيكِ جدًا وعارف إنك تستاهلي كل حاجة حلوة في الدنيا ، بس موضوع السفر ده جه فاجأة كدة ، هتسافري إزاي ؟
نظر لوالدته كأنه يسألها لتبتسم له بسعادة وتجيبه بسرور :
- هتدبر ، تسافر وإيه يعني ده السفر للإمارات بقى أسهل من شرم دلوقتي .
التفتت تنظر لابنتها واسترسلت بابتهاج :
- سافري يا حبيبتي واحضري المؤتمر وحققي أحلامك كلها ، اوعي تضيعي أي فرصة تجيلك ، ربنا يقدملك كل السعادة اللي في الدنيا .
ابتسامة سطعت منها ثم نهضت تخطو نحو والدتها وتعانقها بقوة لتبادلها الأولى بحنانٍ بالغ وسعادة جعلت داغر يردف بمرح مبطن بالجبر :
- اللا لا لا لا لا لا ، دانا اتركنت ع الرف بقى .
ابتعدت ديما تضحك واتجهت تعانقه فوقف يبادلها بل حملها لترتفع قدميها فضحكت أكثر قائلة بحرج :
- لا يا داغر نزلني تقيلة عليك .
أنزلها بالفعل وأردف بنبرة استفزازية محاطة بالسعادة :
- أيوة فعلا تقيلة وأنا صحتي على أدي .
لكمته بخفة فابتسم وتنهد بارتياح ثم استرسل بجدية :
- طيب لو كدة بقى البسي وتعالي معايا نجهز أوراق السفر ، الوقت قليل .
نظرت لوالدتها التي أومأت لها ولكنها عبست تردف بحيرة :
- والولاد ؟
تحدثت منال مطمئنة :
- الولاد معانا طبعًا ، هتقلقي عليهم معايا ولا إيه ؟
هزت رأسها بلا وزفرت بعمق وعادت تفكر كيف ستتركهما لينتشلها داغر من تساؤلاتها :
- روحي بس البسي يالا يا ديما مافيش وقت .
أطاعته وتحركت تبدل ثيابها لتبدأ في إجراءات السفر
❈-❈-❈
استيقظت على نداء والدها المتكرر حيث ينتظرها في الخارج أفراد من الشرطة الذين أتوا للقبض عليها بعدما تبين لهم أنها من حاولت قتل توماس أور ليان وظهر ذلك من خلال تسجيلات الكاميرات التي قدمها المدعي بعدما أخبر أحد رجاله أن يحضرها .
نهضت بفزع حينما أخبرها والدها بوجودهم في الأسفل لتصيح بتبجح :
- أي شرطة ؟ هل جُنّ هؤلاء ؟ أنا لم أقتل أحدًا .
كشر عن أنيابه وهو يقبض على معصمها ويردف بغضب عاصف :
- أيتها الغبية ، لمَ لم تخبريني أنكِ من فعلتيها ؟ ماذا سأفعل الآن ؟
حاولت نزع يدها من قبضته وتلوت تردف باندفاع :
- أترك يدي ، أنا لم أفعل شيئًا َ.
ترك يدها ونفس عن غضبه واستطرد بغيظ من تهورها الدائم :
- حسنًا ، أبدلي ثيابكِ ولنذهب ونرى ماذا لديهم .
تحرك يغادر وتركها تقف تطالع أثره بغضب وقلق مما يحدث ، لقد ظنت أنها فعلتها وستنجو خاصةً بعدما أخفت السلاح ودلف في غيبوبة لم تتوقع أن يستيقظ منها ولكن يبدو أن ذلك التوماس بسبع أرواح وعاد لينتقم وسينكشف أمرها معه للعلن ولثائر .