-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 14 - 3 - السبت 21/12/2024

 

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الرابع عشر

3

تم النشر السبت

21/12/2024



مر الأسبوع في تجهيزات الأوراق الخاصة بها وها هي تقف على أعتاب المطار تودع داغر ودينا اللذان أتيا لتوصيلها بينما صغارها في المنزل مع منال التي ظلت تطمئنها عليهما طوال الأسبوع   . 


اتجهت تؤدي الإجراءات ثم جلست تنتظر موعد الطائرة ونبضات قلبها تعزف لحنًا من السعادة التي ودت لو يسمعها كل من في المطار  . 


حتى هذه اللحظة لا تستوعب كم الكرم الذي تتنعم به لدرجة جعلتها تخاف وتخشى من القادم لتعود سريعًا وتتسلح بالأمل والتفاؤل  . 


❈-❈-❈


في الإمارات كان قد وصل ثائر الذي قرر الذهاب خاصةً بعد القبض على مارتينا  . 


خرج من المطار حيث كان في استقباله حسين وشابان آخران يرحبان به بحفاوة بالغة ليردف الأول بترقب  : 


- شكرًا لحضورك أستاذ ثائر  ، الحين راح نروح الفندق وباجر إن شاء الله راح يبدأ المؤتمر الساعة تسعة  ، تحب كلمتك تكون الافتتاحية ولا في الختام  ؟


تحدث بثباتٍ وهيبة  :


- أفضلها الختامية  . 


استقل ثائر السيارة وجاوره حسين والشابان في الأمام ليسترسل موضحًا برصانة  : 


-  لنعطي الأولوية للمواهب الجديدة  . 


أومأ حسين يردف بطاعة  : 


- حسنًا  ،  كما تريد  . 


❈-❈-❈


منذ أسبوع يحاول والدها إخراجها بشتى الطرق ولكن باءت جميع محاولاته بالفشل  ،  حيث أن دليل توماس كان قويًا جدًا مما لم يترك مجالًا للشك لذا كان عليه أن يرضخ للقانون  . 


جلس حزينًا على ابنته  ،  لأول مرة يكون عاجزًا عن إنقاذها لذا صب اهتمامه على حفيده معاذ بعدما أوصاه ثائر عليه حيث أخبره بدعوته لحضور ذلك المؤتمر  . 


وبرغم كرهه لثائر إلا أنه يحب حفيده كثيرًا لذا قرر أن ينشغل معه إلى أن يجد حلًا أو يساوم توماس ليتنازل  . 


وبالفعل حاول الوصول إليه ولكن الآخر تسلح برجاله ولم يسمح لأحدٍ أن يساومه على شيء  ،  يكفيه أنه لن يقتلها بل سيجعلها تتحسر على حياتها وهي في السجن  . 




❈-❈-❈


بعد ساعات وصلت ديما إلى المطار حيث استقبلتها ليان تشير لها بتفاعل حماسي وصل لذروته لذا أسرعت نحوها تحتضنها ولم تبالِ بزوجها الذي يقهقه عليها  . 


بادلتها ديما العناق ورحبت بها وتحركتا سويًا نحو زوجها الذي رحب بوقار ثم اتجهت معهما تستقل سيارتهما  . 


جلست ليان معها في الخلف تترجاها بتلقائية  : 


- ديما بليز تعالي عندي  ،  بلاش الفندق  بليز  ؟


تنهدت ديما وأردفت موضحة بهدوء  : 


- معلش صدقيني مش هكون مرتاحة يا لينو  ،  وبعدين إنتِ قولتي الفندق قريب من بيتك صح  ؟ 


أومأت لها ليان باستسلام واسترسلت موضحة  : 


- أيوة قريب جدًا  ،  بس معقول تيجين الشارجة وما تقعدين وياي  ،  هو أنا كنت اتخيل  ؟ 


مدت ديما يدها تربت على كفها وتسترسل بهدوء  : 


- معلش تتعوض إن شاء الله  . 


قاد زوج ليان حتى وصل إلى الفندق وصعدت ديما مع ليان إلى الغرفة التي تم حجزها لها ثم عادتا سويًا إلى الأسفل حيث سيتناولوا الغداء في أحد المطاعم   . 


❈-❈-❈


لم يدرك أيٍ منهما أنّ الآخر يقطن جواره  ،  في ذات الفندق  ،  وفي الطابق نفسه . 


بينهما فقط عدة غرف  . 


قضت ديما اليوم مع ليان التي عبرت فيه عن سعادتها بوجودها ثم تركتها لترتاح وستعود لها صباحًا  ،  لتجلس بعدها تتحدث إلى عائلتها وصغيريها بسعادة تحاول أن تقتنصها عنوة  . 


أما ثائر فقد استعد للنزول حتى يحتسي كوبًا من القهوة في ذلك الكافيه الذي رآه من شرفة غرفته  ،  لأول مرة منذ اثنا عشر عامًا يشعر أنه طليق الإرادة  ،  يفعل شيئًا لنفسه  ، قريبًا من رؤية أفراد عائلته الذين اشتاق لهم حتى جف الشوق في قلبه وتصحر  . 


❈-❈-❈


في اليوم التالي استعد الكتاب والقراء والمنظمين لبدء المؤتمر الحاشد الذي يقام كل عام  ،  يأتيه الناس من كل حدبٍ وصوب  . 


مؤتمر أدبي يتمنى أبرز الشخصيات الأدبية التواجد به ودعوتهم إليه لتكون ديما صاحبة الحظ بحضوره وكأن الله أرسل لها الدعوة كتعويض عما حدث معها من صدمة نفسية أخيرة كادت أن تصيبها بجلطة  . 


أتت مع ليان وزوجها الذي تواصل مع شقيقه يخبره بوجود ديما الصابر معهما ويوصيه بها  . 


على الجهة الأخرى اصطحب حسين ثائر وقد وصل حماسه إلى ذروته حيث تحدث باحترام  : 


- أستاذ ثائر اتفضل وياي علشان نرحب بيك ترحيب حار أمام جمهورك   . 


بنبرة ثابتة غامضة مهيبة أردف وهو يضع كفيه في جيبي المعطف الخاص به ويرتدي نظارة تحجب عينيه عن الجميع حيث لا يعلم أحد بحضوره بعد وهذا حسب رغبته  : 


-  الأفضل أن أكون في الآخر زي ما اتفقنا  ،  خليني اقعد وسطهم من غير ما يعرفوا واتابع الأول  ،  كدة أفضل بالنسبالي  . 


تعجب حسين من رغبته في ذلك وتساءل  : 


- بس حضرتك ضيف الشرف  ! 


أجابه بثقة عالية يوضح  : 


- علشان كدة خليهم مايحسوش بوجودي  ، خليهم يعبروا بأريحية وأنا هتابع  ، عايز أشوف المواهب الأدبية الجديدة  . 


برغم أن هذه لم تكن الخطة التي وضعوها لاستقباله ولكنه أومأ يردف باحترام  : 


- تمام زي ماتحب  ،  اتفضل  . 


اتجه معه حيث المسرح ثم تحرك بمفرده يجلس في الصف الثاني بين الحضور منتظرًا بدء المؤتمر لتأتي ديما بعد دقائق ومعها ليان وزوجها وشقيقه الذي رحب بها وأخبرها أنها أول من ستلقي كلمتها فلتستعد  . 


وهذا جعلها تتوتر أكثر وتحاول تنظيم ما نوت قوله في عقلها وليان تدعمها وتضخ بها ثقتها لتتجه تجلس في الصف الأمامي وتحديدًا في المقعد الأمامي ليصبح ثائر خلفها مباشرةً  . 


جلست وجاورتها ليان تحاول تهدأتها حيث شعرت بتوترها لتنطق  : 


- اهدي يا ديما  ،  إيدج باردة وايد  ،  ليش كِل هذا  ؟ 


نظرت لها نظرة متوترة واستطردت برهبة من الجموع  : 


- أنا فعلًا اتوترت جدًا وحاسة إني هعك الدنيا  ،  شوفي الناس أد إيه  ؟  أنا هقف قدامهم واقول كلمتي إزاي بس  ؟ 


خجولة ومحرجة ومتوترة وهذا ليس عدم ثقة في ذاتها بل رهبة من الموقف برمته وخشيةً من أن تفسد الأمر لذا استمرت بقول الأذكار وقراءة القرآن . 


بدأ المؤتمر وبدأت فقراته وتقديم الأعمال الأدبية في كافة المجالات  . 


بدأ العرض الرائع والذي قدمه أطفال صغار من جميع البلاد العربية وهم يلقون شعرًا عن الشرق الأوسط وكلٍ منهم يتغزل في بلده واستطاع العرض انتشال التوتر من ديما التي كانت تنظر لهم وتتخيل طفليها وتبتسم  ،  فصاحة لغتهم وسلاسة كلماتهم جعلتها تُحفز نفسها وتهمس داخلها 


( لقد فعلها الصغار يا ديما هيا لا تكوني جبانة  )


انتهى العرض بعد دقائق ووقف مقدم الحفل في منتصف المسرح خلف الطاولة المعدة يردف بنبرة عالية رتيبة  : 


- أهلًا وسهلًا بكم في مؤتمر الشارقة للقراءة  ،  تشرفنا بحضوركم ككتّاب وقرّاء  . 


تم التصفيق الحار ليتابع المقدم بعدها موضحًا  : 


- لقد حرص القائمين على المؤتمر اختيار أبرز وأفضل القصص التي أضافت شيئًا للمجتمع وبعثت الأمل فيه  ،  وبتوظيف هيئة مختصة من المراجعين والمدققين استطعنا اختيار عدد هائل من الأعمال التي تم ترشيحها لنا وتذكروا أننا لا نختار الأكثر إثارة ولكننا نختار الأفضل والأهدف ولهذا نود أن نرحب معنا بالنخبة الرائعة من كتابنا الكرام حول الوطن العربي ولنبدأ من أم الدنيا مصر  ،  البلد الذي حصلت على أعلى نسبة قراءة  ،  والبلد الذي عرفت بالحضارة والسلام والثقافة على مدار سنوات  ،  علمتنا الكثير وصدرت لنا الأدب كما يجب أن يكون قديمًا كان مثال الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي رحمه الله وحديثًا كالشخصيات البارزة الذين أتوا بيننا الآن ومن بينهم كاتبة شابة وأم مصرية استطاعت من خلال قصتها الأولى أن ترسل رسالة مشفرة إلى المرأة العربية ليحصل كتابها على اهتمام بلغ صداه حول العالم العربي في فترة وجيزة جدًا ولتكن هذه معجزة العصر والتي سنتحدث عنها معها الآن  لذا دعونا نرحب بالكاتبة الشابة الأستاذة / ديما الصابر عن روايتها  ( رحلة قائدها الأمل  ) 


تهاوى قلبها أرضًا ثم ارتفع لحلقها في أقل من ثانية وهي تنهض وسط تصفيق الجميع وتخطو بتشجيع من ليان ولكنها شاحبة تشعر بالسقوط الحتمي وتمنت في هذه اللحظة لو لم تأتِ أبدًا ولكن هناك شيئًا داخلها دفعها لتتقدم  . 


ألم وقهر وعذاب سنوات دفعوها للأمام وشجعوها لترفع رأسها وتخطو نحو المسرح وألا تنحني مجددًا  . 


ذكريات مرت كشهب على سماء عقلها ألهمتها ألا تنصر عليها عدوًا وتفرح فيها خائنًا وألا تهاب شيئًا فالذي أوصلها إلى هنا سيقف معها للنهاية لذا همست داخلها  : 


( يارب ساعدني يارب  ،  ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل العقدة من لساني يفقهوا قولي  )  


لم يمر اسمها مرور الكرام عليه  ،  علق في ذهنه  ،  ديما الصابر  ؟  امرأة السلام  ؟  لم تفلت من ذاكرته منذ ذلك الوقت لذا تسلطت عينيه عليها وهي تخطو نحو المسرح وليتسنى له رؤيتها بشكلٍ أدق رفع يده ينزع نظارته ويتفحصها بتمعن وتركيز . 


صعدت على المسرح ورحب بها المقدم ثم أشار لها بالتوجه نحو مكبر الصوت وإلقاء كلمتها وكيف كانت رحلتها ومن ألهما لكتابة قصتها  . 


توجهت تبث العزيمة داخلها حتى وقفت تستند على الطاولة وتتنفس بعمق ثم أشرقت شمسها على الجميع وهي تبتسم وتردف بتوترٍ تسعى لإخفائه وبلهجتها قالت : 


- أهلًا وسهلًا بيكم  ،  يسعدني ويشرفني إني أتواجد بينكم النهاردة وفي المؤتمر العظيم ده وطبعًا كل الشكر والامتنان لترشيحكم ليا ولكتابي  ( رحلة قائدها الأمل  ) . 


تحدث المقدم متسائلًا بنبرة رزينة  : 


- نحن الأسعد بتواجدك بيننا أستاذة ديما  والآن حدثينا عن كتابك وقصته وأهدافك داخله ومن ألهمك كتابته  ؟  وما هي نصيحتك للشباب خاصة الذين يملكون موهبة مثلكِ  ؟ 


تنهدت بحرارة تحاول سحب الأوكسجين بالقدر المستطاع ثم اتجهت أنظارها نحو صديقتها لتجيب ولكن وقعت عينيها عليه  . 


تجمدت كليًا فأصبحت كالتمثال وهي تمعن النظر في عينيه اللتان تحدقان بها وترسل إليها سهامًا مخترقة ضربتها كصاعقة سقطت عليها من السماء لتهمس من بين شفتيها متناسية أن مكبر الصوت يعمل ولكن لحسن حظها لم يفسر همسها سواه حينما نطقت  : 


- ثائر ذو الفقار  ؟ 


ابتسامة جانبية زينت محياه لتوقن أنه هو  ،  لا لم تتوهم أنه هو  ،  نعم هذه هي الملامح التي تراها على صفحته  ،  هذه نفسها العيون التي يعرضها فيبدو كأنه ينظر لمتابعينه  . 


طال صمتها فلوحت لها ليان بأن تتحدث قبل أن يلاحظ الحضور الذين بالفعل لاحظوا وتعجبوا   . 


بحثت عن شيءٍ تلملم به شتات نفسها لتجد منشوراته عن المرأة العربية هي القشة التي تعلقت بها قبل أن تلتهمها أمواج الصمت وصدمة ظهوره وهيبة حضوره لذا أسرعت تبعد أنظارها عنه وتنظر نحو ليان التي تشجعها بيدها ونظراتها وهمساتها لتسرع في التبسم ثم التقطت نفسًا قويًا ورفعت رأسها بشموخ وقررت الانتقام  ،  الانتقام منه أولًا ثم من كل رجلٍ استباح قلب ومشاعر امرأة  ،  من كل ذكرٍ خائن ومن كل شبيه رجال يهين ويقسو ويمارس نرجسيته على المرأة التي أعطاها الله حقوقها كاملة فمن هو لينتشلها بأفعاله لذا نطقت بعدما أعادت عينيها ثقب عينيه  : 


- رسالتي موجهة للمرأة لإن كتابي المتواضع هو قصة تحاكي الواقع للأسف  ،  حاولت أعبر فيه وأوصف معاناة المرأة العربية المضطهدة بشكل مؤذي جوة العالم العربي وكمان برا  ،  المرأة العربية اللي بالنسبالي هي أساس المجتمع وأساس الأسرة السليمة  واسمحولي أعبر بلهجتي أكثر وأقول إن الست في مجتمعنا بتواجه صعوبات وتحديات صعبة جدًا  ،  الست اللي شالت دور مش دورها واتحملت عبء مش ليها أصلًا ولكن ده لإنها مالقتش حد يشيله عنها  أو اللي شايل الحمل بيوقعه  ، مش شايله صح لإن أساسه مش سليم  ،  الأم اللي بتربي وتعلم وتكبر وبيكون شغلها الشاغل هو مستقبل أولادها   ،  قوية جدًا وبرغم كدة بتكون في أمس الحاجة إنها تسمع حتى لو كلمة بسيطة كتعويض عن حمل كبير  ،  كلمة شكرًا  لوحدها قادرة تخليها تقدم كتير لو اتقالت واتحست لكن للأسف الطرف التاني بيكون أبخل من إنه يقولها أو يحسسها بيها  ، وأنا هنا بتكلم عن الست السوية والناضجة والعاقلة  ،  الست اللي بتواجه عنصرية المجتمع العربي لإنها ست واللي بتواجه عنصرية المجتمع الغربي لإنها عربية   ،  كتابي استهدف الطاقة الموجودة داخل كل ست بتواجه عنف نفسي وضغط وقهر وخيانة وبتكمل في الحياة علشان خاطر أولادها ورسالتي ليها أوعي تفكري إنك ضعيفة أو قليلة الحيلة بالعكس  ،  إنتِ مركز القوة نفسها  ، إنتِ اللي بيتخاف منك  ، إنتِ اللي عقله المحدود مش قادر يدرك حجم مميزاتك فاضطر يدور على صفات تناسب مقاس إدراكه  ، إنتِ مش غبية ولا ساذجة ولا عديمة الفايدة زي ما بيحاولوا يوهموكي بده  ، بس لازم تبصي حواليكي وتتأكدي كويس هتلاقيه إن الدايرة المظلمة اللي فكرتيها مقفولة حواليكي ليها قبس نور صغير جدًا حاولي تنطلقي منه  ،  خرجي طاقتك ومشاعرك بطريقة تحافظي بيها على مكانتك كأنثى وماتقللش من قيمتك وماتعرضكيش للعنف  ،  والحل السلمي اللي بفضله هو الكتابة  ،  اكتبي وعبري عن كل اللي جواكي على الورق  ،  اسردي قصتك واقرئيها  ، وردود الأفعال اللي ماقدرتيش تاخديها زمان اكتبيها على الورق  ،  ارجعي لكل موقف معلم جواكي وسايب أثر نفسي وثوري واغضبي بردو على الورق  وارجعي تاني الأم المثالية لأولادك واللي بتجاهدي علشان تعلميهم الصح في زمن انتشرت فيه الفتن  ،  اوعي تختاري طريق الاستسلام  ، والتقليل من  مكانتك   ،  أوعي تسيبي مكانك أو تفلتي من شعاع النور اللي بيجذبك للصح وافتكري دايمًا إن ربنا سبحانه وتعالى كرمك وإن الإسلام نصرك واداكي حقوق مش هتلاقيها في المجتمعات الغربية نفسها علشان كدة مهما كانت الظروف خليكي قوية قصاد نفسك علشان لما تبصي لنفسك في المراية تفتخري باللي حققتيه حتى لو كانت كل انجازاتك في الحياة هي صبرك على ابتلاء بس لازم تعرفي كويس الفرق بين الصبر والذل  .


انتهت ليتعالى صوت التصفيق لها ما عدا هو  ،  يتكتف ويحدق بها ولكنها قررت تجاهله  ،  تنفست الصعداء بل وشعرت بالانتصار في حرب استمرت داخلها لسنوات  . 


بعد التصفيق والتصفير الذي صدر من ليان سألها المقدم مجددًا بترقب  : 


- هل يمكننا معرفة من ملهمكِ للقصة وهل هي قصة واقعية أم من وحي الخيال ؟ 


وخزة هجمت عليها فجأة ولكنها تظاهرت بالثبات خاصةً بعد ما قالته لذا نطقت بعيون كاذبة لم يكتشفها غيره وابتسامة أدرك بها مراوغتها  : 


- واقعية واتكررت قدامي مع حالات كتير جدًا علشان كدة حبيت أكتب عن معانتهم  ،  وطبعًا أنا فخورة إني قدرت أوصل صوتهم وإحساسهم بالشكل ده لإن كان مهم عندي القارئ يشعر بمعاناة الشريحة الكبيرة دي من نساء العرب وطبعًا حاولت أقدم حلول أهمها إننا نربي ولادنا صح بنت أو ولد  ،  نزرع فيهم الأسس صح  ،  نفتخر قدامهم بعروبتنا وهويتنا الإسلامية مش العكس  ،  ماينفعش أبدًا نقلل من نفسنا علشان نرضي مجتمع أسسه غلط . 


نطقت جملتها الأخيرة وعينيها مسلطة عليه وكأنها ترسل له رسالة ذات مغزى جعلته يبتسم ساخرًا ثم عادت تنظر للمقدم وهو يحييها مرة أخرى قبل أن تغادر المسرح ويقدم غيرها  . 


حيته برأسها وابتسامتها ثم تحركت تعود لمكانها ولكنها تفاجأت بعدم وجوده  ، ب

مقعده خاليًا لتوقن أنه رحل  . 


جلست تجاور ليان التي تعبر لها عن انبهارها بأدائها لتندمج معها  . 


أما ثائر فقرر أن يغادر وفي طريقه قابل حسين الذي أوقفه متعجبًا وتساءل  : 


-  لوين  ،  والمؤتمر أستاذ ثائر  ؟! 


بنبرة هادئة ثابتة أجابه متظاهرًا بالمرح  : 


- دعني أنا في يوم الغد  ،  فهناك من خطفت الأنظار مني  ،  ثم أنني شعرت بالصداع المفاجئ   ،  أعذرني   . 


استسلم حسين لرغبته ليغادر بعدها على الفور ولا أحد يدرك أسبابه سواه


❈-❈-❈


بعد ساعات 


انتهى المؤتمر وتم تكريمها أمام الأعين والعدسات التي تذيع الخبر لتخبر العالم أن ديما الصابر نجحت في توصيل صوت المرأة المنكوبة وأخرجتها من بئر الظلمات إلى النور دون أن تحاول زعزعة ثواب المجتمع والتشجيع على الطلاق مثلما تفعلن البعض إلا في حالات نادرة  ...  كحالتها   ، فالطلاق أبغض الحلال لذا يجب أن يكون آخر السبل مسلكًا . 


صعدت غرفتها بسعادة ليس لها مثيل  ،  صعدت لتشارك أسرتها سعادتها وتهاتفهم مكالمة مرئية تخبرهم بها ما حدث  . 


وبالفعل هاتفتهم وكم كانوا فخورين بها بشكلٍ جعل ثقتها تتضخم داخلها  . 


منع تواصلها معهم هبوط الأمطار لتغلق معهم وتقف تنظر للمطر من النافذة ولم تستوعب أنها فعلتها  . 


حررت نفسها من الأصفاد التي خنقها بها لسنوات  ،  التمعت عينيها بالدموع فبكت وأصبحت عبراتها تتسابق مع المطر أيهما يسقط أكثر  . 


حررت الضغوطات التي تراكمت داخلها واستطاعت أن تحرث صحراءها مجددًا ببراعم الأمل والفخر  . 


ازدردت ريقها وقررت أن تحتفل بنفسها مع نفسها وبما أنها في مكان جديد قررت النزول والوقوف تحت المطر لذا أسرعت تفعلها لتسرق من هذه اللحظة نوبة جنون لن تتكرر أبدًا  . 


كان في ذلك الوقت يجلس في المقهى الذي زاره بالأمس يحتسي قهوته وينظر للخارج حيث الأمطار تهطل والشارع خالٍ من المارة  . 


أجواء تشبه الأجواء الأوربية التي اعتاد عليها  ،  لا شمس تسطع على قلبه المتلبد فتنعشه  ،  ولا أي دفء  . 


نزلت واتجهت برغم تحذيرات حارس الفندق بألا تفعل ولكنها ركضت تقف في نصف الشارع أسفل المطر ثم فردت ذراعيها تستقبله بترحاب  ،  تخبره أنها انطلقت ولن يوقفها شيء بعد ذلك  ،  ستفعل المستحيل لأجل صغيريها فقط  ،  ستواجه أي تحديات ليكونا شخصيتان يفتخر بهما الوطن  وهذا وعدها لنفسها . 


كان يجلس في الداخل يرتشف القهوة وفي يده الأخرى نسخة من كتابها  ( رحلة قائدها الأمل  ) الذي اشتراه قبل أن يغادر المعرض وقرر قراءته ليعلم هوية من أمامه جيدًا  . 


القلم لا يخطئ أبدًا  ،  يمكنك نشر الأكاذيب والإشاعات والفتن بمنشورات عابرة ولكن يستحيل أن تكتب قصة كاملة عن شيءٍ لا ينتمي لك  ،  لا يشبهك  ،  لا يعبر عنك  . 


وصل للصفحة العشرين ولكنه تفاجأ باستعانتها ببعض أقواله التي حاولت صياغتها بشكلٍ مختلف ولكن أهل مكة أدرى بشعابها  ،  يدرك جيدًا مقولاته  . 


سمع همهمات شتتت عقله عن القراءة فرفع بصره ينظر لمصدر الصوت ليتفاجأ بمن في المكان ينظرون نحو الخارج ويتعجبون من شيء ما لفت انتباههم لذا التفت يحدق من النافذة المجاورة ليتفاجأ بها تقف تدور حول نفسها أسفل المياه التي توغلت إليها . 


ظل يحدق بها لبرهة ثم قرر أن يذهب إليها  ،  من المؤكد ستمرض بعد فعلتها هذه  . 


خرج من المطعم يخلع معطفه ويتجه نحوها ثم رفعه يحاوط به كتفيها بصمتٍ تام فانتفضت على إثر حركته والتفتت وهي تحتضن المعطف بيديها كي لا يسقط وأردفت مبتسمة  : 


- شكرًا  . 


أنهتها مع صدمتها به  ،  وقفا اثنانهما أسفل المطر ينظران لبعضهما لهنيهة فقد كانا قريبان جدًا لدرجة أنهما رأيا انعكاس صورتهما في أعين بعضهما  . 


 عادت تهمس بعدم تصديق وهي تراه الآن أمامها بوضوح تام وبملامح وسيمة باردة ومهيبة  : 


- ثائر ذو الفقار  ؟ 


- ما رأيك أن تناديني بالخائن أفضل  ؟ 


نطقها بالفرنسية وبنبرة متحايلة حيث لم ينسَ قطعًا تعليقها آنذاك حينما نعتته بالخائن  ،  نطقها وهو يتأمل ملامحها عن قرب  ،  يتأمل عينيها المدارية ليتحدث عقله  (  الشمس تدور والقمر يدور وكلٍ في فلكٍ يسبحون وأنا في فلك عينيكِ غارق ) 


ولكنها لم تتذكر كلمتها التي دونتها في لحظة غضبٍ لذا قطبت جبينها وبدأت تشعر بالصداع فتساءلت بالعربية  : 


- نعم  ؟ 


نفض عقله سريعًا واستطرد بالمصرية بنبرة رصينة ونظرة ثاقبة  : 


- كدة هتمرضي  ،  أدخلي المطعم أفضل  .


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة