-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 13 - 2 - الثلاثاء 17/12/2024


قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثالث عشر

2

تم النشر الثلاثاء 

17/12/2024


بعد عدة أيام


في طريق عودتها إلى المنزل بعد أن سلمت العمل للدار واتفقت مع مديرها على نشر كتابها الأول . 


تجلس في سيارة بسمة التي تقود مبتسمة وسعيدة من أجلها لذا تحدثت وعينيها على الطريق : 


- لازم بقى نبدأ نعمل لها دعاية قوية ، القصة دي تستاهل فعلًا إنها تتشهر . 


تحدثت ديما بحرج من كرم بسمة الذي تراه زائدًا : 


- بسمة أنا عايزة أشكرك جدًا على كل حاجة عملتيها علشاني ، بس لو سمحتِ كفاية لحد كدة ، أنا هعمل الدعاية كلها ، بلاش تحرجيني أكتر من كدة . 


قطبت جبينها واستطردت معنفة بتعقل : 


- ايه ده يا ديما ؟ معقول بعد كل ده مش معتبراني صاحبتك المقربة ؟ وبعدين عايزة أفهم أنا عملت إيه علشانك ؟ قوليلي حاجة واحدة عملتها ؟ 


- كتير أوي يا بسمة أولهم الأستاذ وليد اللي كلمتيه يتولى قضيتي ، ودار النشر اللي كلمتيهم هما كمان ، ده غير وجودك ودعمك . 


نطقتها وملامح الحرج بادية على تقاسيمها لتجيبها بسمة بتوضيح صادق : 


- أولًا داغر هو اللي دفع أتعاب أستاذ وليد كلها وأنا بس وصلته بيه ، ثانيًا الدار إنتِ مكسب ليها مش العكس ، وهما فرحوا جدا بالتعاقد معاكِ بعد ما شافوا كتاباتك وحب الناس ليكِ خصوصًا برا مصر ، ثالثًا وجودي ودعمي أنا اللي عايزة أشكرك عليهم ، أنا ماعنديش أخوات يا ديما ولأول مرة أحس يعني إيه أخت معاكِ ومع دينا ، حتى طنط منال أنا بحبها جدًا وحقيقي أسعد وقت هو اللي بقضيه معاكم ، فياريت بلاش كلامك ده لإنه بجد بيزعلني وبيحسسني إني غريبة . 


نظرت لها ديما بعطفٍ وامتنان وأرادت عناقها ولكن المكان لم يسمح لذا عانقتها بنبرتها حينما أردفت بلمعان عينيها الفرحة : 


- شكرًا يا أجمل أخت . 


كانت جملة خرجت من قلب ديما واستقرت في قلب بسمة التي شعرت بها بكل وجدانها ، إنها بالفعل الأخت التي عوضها الله بها . 


❈-❈-❈


تجلس على الأريكة التي كانت تجلس عليها ديما ، تنظر لكل شيء وما زال الغيظ يغمرها حتى بعدما أتت والدتها لتقطن معها . 


كانت تقف تزيح الغبار الذي تراكم على الأثاث وتنظر نحو ابنتها الشاردة لتردف موبخة بضيق : 


- ماتقومي يا بنتي تساعديني ضهري وجعني من التنضيف ، ماكنتيش عارفة تنزلي تنضفي الشقة قبل ما أجي ؟ 


حدجتها بنظرة مستنكرة وأردفت وهي تفرد نفسها على المقعد أكثر : 


- انضف إيه يا ماما إن شالله عنها ما نضفت ، وبعدين أنا حامل أساعدك إزاي يعني ؟ 


تمسكت السيدة بظهرها الذي يؤلمها واستطردت بعتب : 


- وإيه يعني حامل ؟ دانتِ لسة عارفة إنك حامل امبارح ، مانا كنت حامل فيكِ وكنت بشيل واحط . 


نهضت تصيح وتشير إلى رأسها بيدها : 


- بقولك إيه يا ماما حلي عن نفوخي ، أنا غلطانة إني نزلت ، وبعدين احمدي ربنا إنك هتقعدي معايا هنا من غير ما تدفعي إيجار ولا حد يخبط عليكِ كل أول شهر ، نضفي وانتِ ساكتة . 


زفرت والتفتت تغادر الشقة وتصعد شقتها متعهدة أمام نفسها أن تبدل أثاث شقتها بآخر يليق بها ويكون أفضل من أثاث ديما . 


❈-❈-❈


في الشركة الصينية . 


جلست دينا في مكتبها تباشر عملها قبل أن يأتيها اتصالًا من مديرها يطلب حضورها . 


نهضت تغادر لتردف فرح من خلفها موجهة حديثها إلى شريف الذي سلط عينيه عليها : 


- أنا حاسة إن فيه إن في الموضوع ده ، كل شوية يطلبها تروح له ، ليكون ـــــــــــ . 


قاطعتها مايسة تنهرها بغضب مخبأً أسفل نبرة هادئة معنية : 


- مايصحش الكلام ده أبدًا يا فرح ، دينا زميلتنا وإنتِ كنتِ لسة بتتكلمي معاها قبل ما تروح ، عيب وحرام . 


مطت شفتيها بضيق من كلمات زميلتها وتمتمت بخفوت بكلمة لم يفهمها أحد وعادت تكمل عملها بينما شريف انشغل عقله بكلماتها ، هو أيضًا يشك أن بين دينا ومديرها علاقة ولهذا يجب عليه التصرف . 


في الجهة الأخرى وصلت دينا المكتب وطرقت الباب فسمح لها لذا تحمحمت ودلفت تبتسم له وتتقدم مردفة بالصينية : 


- تفضل سيد لو تشو أسمعك ! 


رفع بصره يمعن النظر فيها ثم ابتسم يردف : 


- بعد قليل هناك اجتماع طارئ بيني وبين رجل أعمال سعودي ، استعدي للترجمة . 


تعجبت فهناك مترجمة خاصة بالاجتماعات لذا تساءلت بترقب : 


- وماذا عن الزميلة نهلة ؟ 


هز رأسه وأردف بثبات : 


- من الآن فصاعدًا أنتِ من ستحضرين اجتماعاتي وتقومين بالترجمة ، أنتِ من ستتولين أموري جميعها دينا . 


كانت نبرته تشير لشيء آخر ، شيءٍ لا تفهمه أو تخشى أن تفهمه فهي تلاحظ تحوله معها ولكنها تتعامل بجدية مطلقة ولهذا ابتسمت تجيبه بعملية : 


- حسنًا سيد لوتشو على الرحب والسعة ، سأذهب لأستعد . 


تحركت تغادر فأوقفها ينادي باسمها فالتفتت تطالعه بعيون متسائلة فوجدته يحدق بها لثوانٍ وترتها لذا ابتسم وأردف بهدوء : 


- في انتظارك . 


أطلقت تنهيدة مقيدة وأومأت تغادر وتحاول ألا تتأثر بأي مشاعر هنا ، هنا فقط العمل الذي سيجعلها تصل إلى أهدافها ، هي تسعى وتطمح لتثبت نفسها وتجمع المال الذي ستأمن به مستقبلها بعيدًا عن تسلطات الرجال المزعجة كما حدث مع والدتها وشقيقتها ، لن تخضع للحب والمشاعر بأي شكلٍ كان . 


❈-❈-❈


التحذيرات التي حذرها لها جعلتها في عين الاعتبار وقد بدأت تتراجع عما كانت تفعله . 


ولاحظت رحمة ذلك جيدًا فيسرا لم تعد تزورها يوميًا وتتحدث معها بل تتعمد تجنبها لذا نهضت رحمة تخطو نحو شقتها بعدما قررت أن تعرف منها سبب التجاهل هذا ، هل أخطأت أم حدث شيئًا آخر خاصة وأن يسرا تقبلتها كما هي برغم خطيئتها ، ترى أتخبرها بالحقيقة ؟ ربما وثقت بها أكثر ، هي بحاجة أشخاص في حياتها كيسرا و .... زوجها . 


طرقت باب يسرا وانتظرت ففتحت لها الأخرى بعد ثوانٍ تطالعها بابتسامة هادئة متحدثة : 


- أهلًا يا رحمة تعالي ، إنتِ كويسة ؟ 


التمعت مقلتيها وهي تطيل النظر إليها قبل أن تتساءل : 


- إنتِ زعلانة مني في حاجة ؟ 


توترت نظرات يسرا خاصة حينما لمحت غيومها وأردفت موضحة بعاطفة : 


- لاء خالص هزعل منك ليه بس ، إنتِ كويسة ؟ 


هزت رأسها بلا تجيبها بنبرة متحشرجة : 


- لاء مش كويسة خالص ، أنا مخنوقة جدًا ، ممكن أتكلم معاكِ ؟ 


شعرت يسرا بالحرج فلا يمكنها أن ترفض وفي ذات الوقت أوشك دياب على العودة فوقفت مترددة تطالعها دون أن تجيبها لتفهم الأخرى لذا أومأت وبكت وهي تلتفت مستطردة : 


- معلش أسفة ع الإزعاج . 


تحركت خطوة لتغادر فلم تستطع يسرا أن تتركها خاصة وهي في هذه الحالة لذا مدت يدها تمنعها من إكمال خطواتها مردفة : 


- استني بس يا رحمة إزعاج إيه ! تعالي أدخلي يالا . 


يفترض أن ترفض ولكنها لم تستطع حيث تحركت معها داخل شقتها واتجهت تجلس على الأريكة وتفرك كفيها بتوتر وجلست يسرا قبالتها تستطرد بنبرة لطيفة : 


- يالا قولي مالك ؟ 


أمعنت النظر إليها وتساءلت مستفسرة : 


- هو إنتِ بتحاولي تبعدي عني ! 


عاد التوتر ينشب داخلها وتنهدت تجيبها بمراوغة : 


- هبعد عنك ليه بس ! كل مافي الأمر إن الحمد لله شهور الوحم والقلق عدت وإنتِ بقيتي زي الفل فقولت اهتم بدياب شوية ، الفترة اللي فاتت أنا قصرت معاه جدًا وهو بصراحة مش بيشتكي بس أنا بدأت أحس إنه زعلان . 


حاولت إخبارها بطريقة غير مباشرة دون أن تذكر لها تحذيراته بالابتعاد عنها ولكنها وقعت في تحذيره الآخر وعادت تخبرها بشيءٍ عنهما . 


أومأت رحمة بتفهم وأردفت آسفة : 


- أيوة إنتِ معاكِ حق ، أنا فعلًا شغلتك جدًا معايا الفترة اللي فاتت ، بجد أسفة . 


نهضت تجبها بملامح بشوشة : 


- لاء يا قلبي خير ، قوليلي تشربي إيه ؟ 


أوقفتها بيدها تسترسل بعيون ثاقبة : 


- لاء اقعدي مش هشرب حاجة ، أنا عايزة أتكلم معاكِ . 


عادت يسرا تجلس حينما لمحت التصميم في عينيها فتنفست رحمة عاليًا ثم بدأت تسرد عليها ما حدث في الماضي : 


- إنتِ عارفة إني كنت بدرس في فرنسا ، وهناك اتعرفت على جوزي وهو لما عرف إني مصرية قرب مني جامد وبقينا نتقابل كتير وبقيت أشوفه حواليا في كل مكان برغم إن هو كان أكبر مني ضعف عمري بس مكانش باين عليه ده ، كان وسيم جدًا وجنتل مان وعرف يخليني أحبه وأنا كنت بمر بفترة صعبة في حياتي وموت بابا كان مأثر عليا جدًا بس بردو اختلاف ديانتنا كان عائق كبير بالنسبالي لكن هو أكد لي إنه أقرب لديني من دينه وأنه قريب هيشهر ده بس طلب مني نتجوز جواز مدني . 


تعلم يسرا اختصار هذا الأمر من قبل ولكنها استمعت بإذعان والأخرى تتابع بخجل من فعلتها وحزنٍ يطفو على ملامحها : 


- في الأول رفضت طبعًا بس هو كان لحوح جدًا وكان معيشني في حالة غريبة جدًا ، كان بيجيب لي كل حاجة من غير ما اطلب ، حاجات كتير جدًا وهدايا كتير جبهالي لحد ما قبلت لكن كنت رافضة ده من جوايا وشايلة جدًا هم أهلي بس قلت بعد ما نتجوز ويشهر إسلامه هخليه ينزل مصر ويتكلم معاهم ، كنت غبية جدًا .


زفرت بحرارة وحزنٍ تتابع :


- وفعلًا أخدني واتجوزنا مدني ومن بعدها عيشني أجمل أيام حياتي بس كان بحذرني من إني أحمل منه ، بعد فترة بدأ يتغير وبدأت أخاف منه خصوصًا أني سمعته مرة بيتكلم عن مراهنات المصارعة وشغل مش مظبوط واتكلمت معاه وقلتله ينفذ وعده ويشهر إسلامه زي ما قال وننزل مصر لإن أهلي كان وصلهم خبر بجوازي وزعلوا جدًا مني . 


بنظرة بها كل معاني القهر استرسلت : 


- لحد ما حصل اللي عمري ماكنت أتخيله في يوم وأنا بتناقش معاه صوتي علي لقيته ضربني ومن بعدها اتحول لشيطان ، كان مرعب جدًا وهو بيقولي إنه اتجوزني لأهداف في دماغه مش لحب وكلام فارغ وإنه مستحيل يعلن إسلامه . 


شهقت يسرا بفزع فأومأت رحمة تتابع بعيون باكية ودموع منهمرة وهي تتذكر : 


- من بعدها عيشت أسوأ أيام عمري معاه ، كان حرفيًا بيعتدي عليا حتى في المشاعر ، استغلني بطريقة بشعة واتحول كل الحب اللي عيشهولي لكره لدرجة إني كنت هنتحر وحاولت أتكلم مع أخويا بس هو رفض تمامًا يسمعني وفعلًا يئست ومنعت الأكل وكنت في حالة بين الحياة والموت لحد ما لقيته بيقولي إنه حررني وإني خلاص مابقتش كارت مهم بالنسباله وإن أصلًا جوازنا مكانش جواز ، ده كان ترتيب منه وأوهمني بيه وإني لو عايزة أرجع مصر عايشة يبقى أنسى تمامًا إني شوفته ، ووافقت أرجع مصر وأنساه بس آخر حاجة كنت أتوقعها إني أطلع حامل ، أنا كنت باخد الأقراص بانتظام في الأول بس من وقت ما اتحول وأنا فعلًا مابقتش مركزة في أي حاجة ، والباقي إنتِ عارفاه . 


لم تستوعب يسرا كل ما سمعته ، الصدمة بادية على ملامحها بقوة ، لم تكن تتوقع أن الأمور معقدة بهذا الشكل لذا نطقت تحت وطأة صدمتها :


- أنا مش قادرة استوعب ، إيه كل الغلط ده ؟

الصفحة التالية