-->

رواية جديدة ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » مكتملة لقوت القلوب - الفصل 20 جـ 2 - 2 - الخميس 5/12/2024

  

قراءة رواية ظننتك قلبي « لكن بعض الظن إثم » كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية ظننتك قلبي

« لكن بعض الظن إثم »

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة قوت القلوب


الفصل العشرون

الجزء الثاني

2

تم النشر يوم الخميس

5/12/2024

 « عيون مشتاقة ...»

تدلى الليل بسواد أستاره وتبدأ ليلة لم تهنأ بها الجفون براحة وسكينة معتادة ، شعور بالغربة يخيم على القلوب ، فالغربة هي ضياع قلب كنت تملك مفتاحه ..

الإشياق ينبع أولًا من العيون ، لهيب الشوق يتناسى الجميع ويرى فقط الحبيب الذى تلهف القلب لرؤياه ...

بجلسة معتادة بعد نهاية يوم عمل بالمطعم كان "رشيد" برفقة أصدقائه يبدأ سهرته بالمقهي ...

إندمج اصدقائه بلعب (الدومينو) بينما لاحت عيناه تتابع المارة هنا وهناك مع قلتهم بهذا الوقت فالأغلبية عادوا لمنازلهم يلتمسوا بعض الدفء بهذه الأمسية الباردة ...

غطت بعض السحب المتقطعة السماء لتحجب ضوء القمر ، أجواء كئيبة بعض الشئ لكن ذلك لم يشعر به "رشيد" مطلقًا فقد ظن أن الطقس رائع وصحو للغاية ، بل شعر بأن القمر قد ترك موضعه بالسماء ليهبط أرضًا يحمل قلبه بين يديه ...

تشدقت عيناه بتفاجئ حينما تأكد أنه لا يحلم ، إنها هي بذاتها ، هي من يحلم بها ليل نهار ظهرت أخيرًا أمام عيناه ...

فرصة لرؤيتها بعد غياب طويل فكم إشتاقت عيناه لرؤيتها ، بتلهف شديد وقف "رشيد" مبتعدًا عن رفاقه ليتجه صوب حبيبته التى تمنى رؤيتها ...

تسارعت دقات قلبه بقوة وهو يخطو بخطوات متعجلة فقد فاز بلقاء بعد طول حرمان ....

لم تنتبه له حين إقترب منها لكنها إلتفتت حين سمعت نداء أحدهم بإسمها ...

- "غدير" ... 

نظرت نحو صاحب النداء لوهلة قبل أن تتسع عيناها المشرقتان بنظرات متفاجئة مضطربة لتهمس بوجه متجهم على غير عادتها ...

- "رشيد" ...!!!!

وصل للوقوف قبالتها بأنفاس متهدجه وعيون عاشقة ليردد بوله ..

- وحشتيني أوى يا "غدير" ...

صمتت لوهلة تتمنى لو أنها تحلم وأن وقوفه أمامها ليس بواقع لكن حديثه الذى إخترق أذنيها لا يؤكد ذلك بل هي فى واقع وليس حلمًا ...

إنتهى صمتها وقد بهتت تمامًا حتى أن ملامح وجهها المرحة تلاشت بالفعل كما لو أنها تحولت لإنسانة أخرى ، بحثت عن كلماتها الضائعة لتردف بالنهاية ...

- إنت عاوز منى إيه ...!!!

عيون متلهفة وقلب عاشق وهمس مشتاق هكذا وقف "رشيد" متأملًا بزرقاوتيه من سرقت قلبه دون منازع ، كتلة الحياة التى تدب بالأرض وقد أعادت له روحه للتو برؤيته لها ، همس "رشيد" قائلًا ..

- عاوز إيه ...؟!! بقى بعد كل الغياب ده تقوليلي عاوز إيه ...!! وحشتيني أوى يا "غدير" ...

تسارعت أنفاسها لإنفعالها وتضاربت دقات قلبها ليس عشقًا تلك المرة بل إضطراب وتوتر لتهتف بحدة ...

- وحشتيني إيه وهباب إيه ... "رشيد" إبعد عن طريقي الساعة دي ... أنا واحدة متجوزه وبحب جوزي ... إبعد عن طريقي وشوف لك سكة تانية ...

زاغت عينا "رشيد" برفض ليعقب بتألم ...

- لأ طبعًا ... أنا ما صدقت شفتك ... أنا كل يوم قاعد هنا قصاد بيتكم .. نفسي أشوفك ولو مرة ... نفسي أقولك سامحيني ... أنا غلطان ... أنا بحبك ... بحبك أوى يا "غدير" ...

مالت "غدير" برأسها للأمام بإستنكار لما يقوله لتردد ضاغطة على كل حروف كلماتها ...

- إبعد عني ...

قالتها وحاولت الإبتعاد حين إعترض "رشيد" طريقها مترجيًا إياها ...

- أرجوكِ يا "غدير" ... سامحيني ... أنا إتسرعت ...

دارت بجسدها بقوة لا تصدق وقاحته لتهتف به ربما يفهم هذه المرة ...

- وأنا ... إتجوزت ...( نفضت كفيها بعضهم ببعض مستكملة ) خلاص ... خلصت ... يبقى تبعد عني وتسيبني فى حالي ... 

إتخذت خطوتها للمغادرة حين أمسك بمرفقها بقوة يمنعها من الرحيل ...

- إستني ...

رمقت كفه القابض بمرفقها بإزدراء قبل أن ترفع رأسها بنفس النظرة تجاهه تحدجه بتقزز  ثم دفعت يده عن يدها وهي تنهره بحدة ...

- إنت إتجننت ... شكل دماغك ضربت ... بقولك إيه ... والله لو إتعرضت لي تاني ولا كلمتني ... حقول لجوزي وإخواته يجرجروك على القسم ... إنت تنسى إنك فى يوم من الأيام كنت تعرفني زى ما أنا خلاص نسيتك  ...

تهدلت ملامحه بقوة فقد غرست نصلًا حادًا بقلبه ليحاول محاولته الأخيرة ...

- "غدير" ... إنتِ بتقولي إيه ؟!! نسيتي "رشيد" !!! نسيتي الحب إللي كان بينا ...؟؟!!!!! أنا فهمت وعرفت ... وعايز نرجع زى زمان ... جوازك ده بعتبره مش موجود ... سيبيه وتعالى نرجع تاني ... إنتِ أكيد زعلانة من إللي حصل بينا ... بس أنا بوعدك .. خلاص ... أنا من دلوقتِ "رشيد" جديد ... وحعوضك كل إللي فات ... بس إرجعيلي ...

شهقت "غدير" بتعجب من تماديه بهذا القدر لتستنكر حديثه مردفة بنبرة مستهجنه ...

- حيلك .. حيلك ... دي دماغك إتمسحت خالص ... خدها مني بقى و يا ريت تفهم ... أنا مبحبكش ... أنا بحب جوزي وبس ... ولو لفيت الدنيا كلها مش حعوض ظفره ... فإحترم نفسك وخليك بعيد عني ... ودي آخر مرة حقولها لك ...

أنهت حديثها تاركة إياه يصارع رفضها له بينما شعرت بالقلق والإضطراب أن يكون أحدهم لاحظ توقفها معه أو ربما "عيسى" يكون قد مر بها أثناء عودته ويراهما معًا ، لتتنفس الصعداء لأن الأمر تم دون إنتباه أحد لتسرع عائدة إلى بيتها وزوجها مع إضطراب تنفسها لبدء أزمة تنفسية جديدة كانت تراوغها منذ الصباح ...


❈-❈-❈



وقت لا ينتهى فاوجاعه كُثر ، وقفت "عهد" بشرفة شقتها الصامتة تلفح وجهها نسمات الرياح الباردة التى حاوطتها ، لم تكن بمقدار البرودة كما كانت بسويسرا لكنها تشعر الآن أنها أشد إيلامًا ، كيف تغيرت حياتها ورؤيتها للكون من حولها بمجرد أيام ، فسلام على من أتى ليغير حياتها ثم رحل ...

كمطرقة دارت برأسها متخبطة بالأفكار فماذا ستفعل الآن بعد كل ما حدث ...

نظرت باحثة عن القمر الذى توارى خلف السحب متسائله بهمهمه ..

- يعنى خلاص ... كل حاجة خلصت كدة ...؟!! كان وهم فى خيالي وإنتهى ..!! كنت وسيلة عشان ينجح فى مهمته ...

تنهدت بقوة ثم أكملت تحفز نفسها على البقاء قوية شامخة ...

- كفاية تعملي في نفسك كدة ... لا هو داري بيكِ ولا حيحس باللي جواكِ ... يبقى لازم تكوني قوية وميهمكيش ...

ثم تذكرت أختها وأمها وخالتها لتردف بتحذير ..

- ولا عايزة تبقى شبهم ...!! إنتِ مش ضعيفة زيهم ... لازم تكوني نفسك ... لازم تكوني قوية ...

ثم تذكرت أمرًا سينهى ذلك من أساسه ...

- وبعدين ما خلاص ... أنا حرجع الإدارة فى الجهاز ... وهو أكيد حيتولى مهمة جديدة ويسافر أى بلد ... يعنى الوشوش مش حتتقابل تانى ...

رغم أنها قالتها لتنهى تفكيرها به وأنها منذ هذه اللحظة لن تراه مرة أخرى ، إلا أنها حزنت لذلك ..

- يعنى خلاص ... مفيش أمل نتقابل تانى ...؟!!.

وبين جذب وشد وأفكار متخبطة قضت ليلة حزينة أخرى بإنتظار مجئ الصباح وبدأ دوامة العمل التى ستنسيها كل شئ ...



❈-❈-❈



كل السواد والظلام المحيط حولك يدفع نفسك إليه دون إدراك أنه ربما أنت النور الذى يقشع الظلام ...

بنهاية يوم وبداية آخر ربما تتسع به النفوس التى ضاقت وربما ستقع بظلام غياهبها ...

بنشاط معتاد بدأ "معتصم" يومه كضابط قوي ملتزم بشكل غير معتاد لما كان عليه بسويسرا ، فالصباح وقت هام وعليه الإلتزام بميعاد عمله وربما أبكر من رفاقه ...

كان أول من دلف إلى مبني المخابرات (الجهاز) كما يطلقون عليه ، مهابة وقوة وحزم يتوهج بهم أثناء عبوره للردهة المتجهة إلى مكتبه ...

خلع نظارته الشمسية واضعًا إياها فوق سطح المكتب قبل أن يجلس بزاوية حافته يسحب أحد الأوراق إليه ليقرأ فحواها بهدوء قاتل ...

- المجموعة التابعة لقيادة الرائد "معتصم دويدار" ... تمام ... 

قرأ بعينيه أسماء الضباط اللذين إختارهم للعمل تحت قيادته بالمهمات القادمة حيث وضع إسم "عهد" ببداية القائمة يليها إسم "طه" ...

تحرك نحو الخارج ومازال حاملًا للورقة بين كفه متجهًا لمكتب رئيسه بالعمل ، "السيد نظمي" ليُسلم له القائمة التى طلبها منه ...

بوقت قليل للغاية كان "معتصم" يقف قبالة مكتب "نظمي" يطرق بابه ليدلف نحو الداخل مباشرة ...

- صباح الخير يا فندم ...

رفع "نظمي" وجهه تجاه "معتصم" يستقبله بحفاوة ...

- "معتصم" ... إتفضل طبعًا ... 

مد يده بالقائمة بعملية شديدة قائلًا برزانة ...

- دى قايمة الضباط إللي حيشتغلوا معايا ... أنا خلصتها إمبارح بعد ما "عمر سالم" قالي إنه مستعجل على الشغل ...

إنبهر "نظمي" بجديته ودقته بالعمل ليشيد به ...

- حقيقي إحنا محظوظين بوجود ظابط زيك معانا ...

ألقى نظرة سريعة على الأسماء المدونة ودون إبداء أى ملاحظات وقع "نظمى" بقبول هذه المجموعة وإلزامهم بالعمل تحت قيادة "معتصم" من الآن فصاعدا ...

توقيعه كان ناقوس لرسم بسمة سعيدة على ثغر "معتصم" فكم يود أن يرى وجه "عهد" عندما تعلم أنها ستعمل تحت إمرته منذ هذه اللحظة ...


❈-❈-❈


شقة عهد ...

هل تعود الأيام إلى الوراء أم أنها لم تتغير مطلقًا ، بموعد إستيقاظها المحدد وروتين حياتها الرتيب بدأت "عهد" يومها ...

أنهت صلاتها مرتدية حُلتها السوداء القاتمة إستعدادًا للخروج ...

سحبت شعرها الأسود الحريري بقوة للخلف لتعقصة بشدة ثم توجهت بخطواتها السريعة نحو الخارج مغادرة البناية متجهه لمبنى المخابرات العامة ...

ما أن وصلت (الجهاز) إتجهت نحو مكتبها بوجه مقتضب وعيون خاوية ...

لكنها لم يتسنى لها الإنتظار حين طلبها السيد "نظمي" بمكتبه على الفور ، إتجهت "عهد" التى لم يختلف ثباتها وحدتها السابقة لمقابلة رئيسها ..

وقف "نظمي" متفاخرًا بنفسه أولًا قبل أن يثني على دورها بالمهمة ...

- "عهد" ... حمد الله على السلامة ... كنت متأكد إن إنتِ المناسبة تمام للمهمة دي ...

تطلعت نحوه بذات النظرة الخاوية لكن بداخلها بركان ثائر مما دفعها به دون إيضاح ، ساخطة ناقمة على الزج بها ككبش فداء دون أبسط حق لها بالمعرفة لكنها آثرت بقاء ذلك داخل نفسها ليكون ردها بإقتضاب ...

- شكرًا ...

عاد "نظمي" لمقعدة بأريحية وغرور ...

- وإنتِ بقى من النهاردة إنضميتي لأكبر فريق بالجهاز ... عايزك ترفعي رأسي بقى ...

بإيمائة ضعيفة أجابته ..

- تمام يا فندم ...

كما ظن تمامًا فهى لا تعترض على أى مهمة تكلف بها ليستكمل بخيلاء ...

- دى تفاصيل المجموعة ... إتفضلي روحي للقائد بتاعك عشان تبدأي شغلك معاه ...

سحبت "عهد" نفسًا مطولًا وهي تلتقط من هذا المتعجرف القائمة التى دون بها إسمها كعضو للمجموعة ...

حدقت بالورقة بقوة فبالتأكيد ما تراه عيناها ليس حقيقيًا ، بصدمة تامة وغير متوقعة رفعت عيناها المتستعتان بذهول وقد لاح بهما إمارات الغضب فكيف ستقبل هذا الأمر ، كيف ستكمل هذا العمل الذى كلفت به ، كيف ستتحمل قربه مرة أخرى لتستعد لإطلاق لسانها الحاد لتجيب هذا المحدق بها ...


...يتبع 


إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة قوت القلوب، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية..

رواياتنا الحصرية كاملة