-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 16 - 2 - السبت 28/12/2024

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل السادس عشر

2

تم النشر السبت

28/12/2024

غادرت يسرا بعد أن وضحت لها سبب انشغالها عنها وسردت لها موضوع رحمة كاملة وتقبلت ديما عذرها بكل حبٍ  . 

وها هي تجلس ليلًا مع والدتها على سريرها وأصابعها تتوغل داخل خصلات صغيرتها النائمة  ،  تحدثها والدتها عن مشاعرها وتشجعها وتخبرها كم هي فخورة بها  . 

أردفت منال بنبرة حنونة لتستشف هل تحمل ابنتها نفس مشاعرها  : 

- إنتِ أخدتي الخطوة الصح يا ديما  ،  كان لازم تعملي حاجة لنفسك  ،  طول عمرك بتفضلي الكل عليكي بس لاء يابنتي  ،  اللي بيظلم نفسه ظالم  ،  وكفاية اللي شوفتيه في حياتك  ، بلاش تبقي زيي  ،  كل مرة تلاقي فرصة صح استغليها  ،  أنا بندم على فرص كتير أوي ضيعتها من عمري والنتيجة دلوقتي إني بقيت أكره الليل اللي بيحسسني بالوحدة  ،  اوعي تبقي زيي مهما حصل  . 

شعرت بما تحاول منال توضيحه خفيةً لذا أردفت بقناعة  : 

-  يا ماما الوحدة أفضل مليون مرة من وجود شخص مؤذي في حياتي  ،  أحط دناغي على المخدة وأنام لوحدي أحسن من إني أنام بقهر وحزن وكبت ممكن ماقومش بعده تاني  وأنا أكتر واحدة جربت الشعور ده كويس وعِشته ،  أنا هعيش لعيالي وبس ومش عايزة ولا هفكر أدخّل حد حياتي  . 

اختلج قلب منال بالغصات وهي ترى ابنتها تنجرف وعلى شفا السقوط في الحفرة التي سقطت فيها لذا أردفت بنبرة شبه متوسلة تحاول إقناعها بالمنطق ودفعها بعيدًا عن تلك الحفرة  : 

- اسمعي اما أقولك يا ديما  ،  في الأول إنتِ كنتِ شابة صغيرة بعدتي عن دراستك وعن الناس وانجبرتي على كمال من غير أي خبرة ليكي في الحياة وطلع إنسان قليل الأصل وماقدرش نعم ربنا عليه  ،  بس دلوقتي إنتِ كبيرة وعقلك كبير  ،  عندك ولادك هما أولوياتك وتجربتك السيئة دي هتعلمك تختاري صح  ،  عالم الكتابة والقراءة اللي دخلتيه ده هيعلمك تختاري صح  ،  سنك وسفرك واختلاطك بالناس هيعلموكي تختاري صح  ،  بلاش تحكمي على نفسك حكم صعب يابنتي هتندمي عليه أول ما ولادك يكبروا ويبعدوا عن حضنك  ،  اسمعي مني وعيشي الحياة اللي قلبك يدلك عليها وماتخافيش طول مانتِ مسلمة أمورك لربنا  ،   قربي منه أكتر وادعي وانتِ ساجدة إنك تقابلي شريك حياتك اللي يهون عليكي تعب الدنيا ويحتويكي مش يشمت الناس فيكِ  . 

أمعنت النظر في عيون والدتها التي تلأتلأت بالغيوم لتسرع في احتضانها  ،  منال تعاني كثيرًا وبرغم أنها تطيب خاطرها إلا أن لا أحد يشعر بها سوى الله  ،  منال تريد أن تمد أولادها بما لم تستطع تحقيقه آنذاك  ،  لا تقول ليت الشباب يعود يومًا ولكنها تقول لابنتها أن اليوم لن يعود أبدًا لذا لا تفوتكِ فرصة  . 

❈-❈-❈

تنام في كنفه بسعادة وراحة بعدما حلت مسألة ديما  ،  كانت تحمل على عاتقها حزنها منها  ،  تعلم أنها لن تجد صديقة مثلها لذا فكان عليها أن تراضيها  . 

يحتويها ويهمس في أذنها كم يحبها وكم يشعر بالامتنان لوجودها في حياته وكان على وشك النوم قبل أن يستمعا إلى رنين جرس الباب لتنتفض يسرا بفزع علىإأثره لذا ربت عليها يطمئنها وترجل يردف بنزق وهو شبه متأكدًا  : 

- دي أكيد رحمة  . 

ارتدى مئزره وخطى للخارج يفتح الباب ويطالعها ليجدها تطالعه بعيون جاحظة والألم يفتك بها قائلة بأنفاس متقطعة  : 

- الحقني يا دياب أنا بولد  . 

اتسعت مقلتيه ولم يعد يعرف ماذا يفعل فأسرع ينادي على يسرا بصياح فأتت مهرولة بعدما ارتدت مئزرها تطالع رحمة التي تقف بصعوبة تتلوى وعلى وشك السقوط فأسرعت تسندها وتسحبها للداخل لتريحها على الأريكة والأخرى تبكي وتستنجد بها قائلة  : 

- أنا بولد  ،  ألحقوني أبوس إيديكم مش قادرة  ،  حاسة إني بموت  . 

تشتتت يسرا كليًا ونظرت لدياب الذي يقف بحيرة لم يواجه هذا المشهد من قبل  ،  حاول لملمة حيرته واتجه إلى غرفته ليهاتف الطبيب ويسأله عما يفعلوا  . 

نظرت يسرا إليها لتجدها تئن بألمٍ حاد و تستجديها مسترسلة  : 

- فيه ميه نزلت كتير  ،  أنا خايفة أوي  . 

أسرعت تربت على كتفها وتطمئنها بخوفٍ أصابها لا تعلم مصدره  : 

- متخافيش  ،  أنا هغير هدومي واجيلك علطول  . 

أسرعت يسرا نحو غرفتها لتبدل ثيابها وترى ماذا هما فاعلان مع تلك الرحمة التي ألقت مسؤوليتها على عاتقهما  . 

لم يمر سوى ساعة حتى توقف دياب أمام المجمع الطبي كما أخبرهما الطبيب الذي سيلحقهما هناك   ،  دلفا يساعدانها وهى تئن وتصرخ من الألم الذي اشتد عليها وأسرعا بإدخالها لتأخذها الممرضة منهما وتساعدها بالدخول إلى غرفة العمليات كي تلد  . 

❈-❈-❈


بعد عدة أيام  .

وضعت رحمة صغيرها الذي أطلقت عليه اسم قصي  ،  ساعداها دياب ويسرا في كل شيء إلى أن استردت عافيتها ولكنها باتت أنانية في حبه خاصةً مع يسرا التي لاحظت ذلك  . 

لم تعد تريد مساعدتها  ،  لم تعد تحتاج لها بل قررت أن تهتم بالصغير بنفسها  ،  صبت عليه جُل اهتمامها للدرجة التي جعلتها تخشى عليه من قبلة حنونة من شفتي يسرا التي آلامتها هذه الأفعال كثيرًا لذا قررت ألا تذهب إليها بعد ذلك أبدًا وتطوي صفحتها وتعتبر ما فعلته معها طول فترة حملها هو معروفًا سيجازيها الله عنه وهذا كان حديث دياب لها  . 

ودعت زوجها الذي غادر للعمل صباحًا وجلست على الفراش تتصفح هاتفها لتحاول الالتهاء به بعدما عادت الوحدة تسكن قلبها بعد ذهابه وغيابه عدة ساعات عنها وهي تتنمى وترجو الله كل ثانية أن يرزقها طفلًا يكون هو كل أمنياتها في الحياة  . 



❈-❈-❈



استيقظت على رنين هاتفها فتقلبت في نومها واستلته من جوارها قبل أن يوقظ الصغار لتجيب بتحشرج  : 

- ألو  ؟ 

- ديما  ؟ لسة نايمة  ؟ 

تعجبت حينما سمعت صوت يسرا لتتساءل بعيون ناعسة  : 

- أيوة يا يسرا  ،  فيه إيه  ؟ 

زفرت يسرا ولا تعلم كيف تخبرها بما رأته عبر الانترنت ولكنها مضطرة للقول لذا أردفت  : 

- ديما فيه محامي منزل فيديو بيتكلم عنك وعن كتابك   . 

تبخر نعاسها في لمح البصر ونهضت بملامح مترقبة وتساءلت  :

-  ،  بيتكلم عني  !  بيقول إيه يا يسرا  ؟

لا تعلم كيف تخبرها بالأمر ولكنها استرسلت موضحة  : 

- بصي أنا كنت متابعة صفحة محامي مشهور وكنت قاعدة بتصفح على الموبايل واتفاجئت إنه بيتكلم عنك وعن كتابك وبيقول إنه هيرفع قضية لإنك بتهاجمي قانون الأحوال المدنية في الكتاب وأنه بيهدد استقرار المجتمع وبيعمل زعزعة في البيوت ممكن تزود نسب الطلاق  . 

جحظت لا تستوعب كل ما قالته يسرا وهزت رأسها تردف باستنكار  : 

- أنا  ؟!   أنا عملت كل ده  ؟  كذب طبعًا   . 

أجابتها يسرا بثقة وتأكيد تردف  : 

- أكيد ماحصلش بس ده محامي كبير ومش سهل إزاي وصل لكتابك وليه قال كدة ؟  

نهضت على الفور تخطو للخارج والهاتف في يدها تنادي على شقيقها طالبةً نجدته حيث اتجهت لغرفته ومن صدمتها نسيت أن تغلق المكالمة لتبقى يسرا على الخط وتسمعها وهي تردف  : 

- داغر الحقني  ،  في حد بيهاجمني وعايز يبلغ عني وعن كتابي  . 

اضطرت يسرا لإغلاق الخط بدلًا عنها بعدما أصابها الحزن وقررت المجئ إليها بينما انتفض داغر من نومته يتساءل بصدمة  : 

- حد مين وليه  ؟ 

ارتدت على الأريكة بتشتت واستيقظت منال على صوتهما واتجهت تتساءل ووقفا حولها يسألانها وهي تتفحص الهاتف وتحاول الحصول على ذلك الفيديو مسترسلة  : 

- مش عارفة  ،  يسرا قالت كلام غريب أنا ماعملتوش  ، استنوا هشوف  . 

جلست تبحث تضغط على رابط الفيديو الذي أرسلته لها يسرا ليظهر أمامها محامي يجلس خلف مكتبه ويتحدث برسمية مطلقة وتوعد   :

-  السلام عليكم  ،  طبعًا بعد الشهرة الكبيرة في الوقت القليل اللي وصل ليها الكتاب ده كان لازم أجيبه وأعرف بيتكلم عن إيه بالضبط والحقيقة إني لقيت فيه أخطاء قانونية كتيرة جدًا  ،  الكتاب ده زي ما اتقال عنه إنه واو ومذهل وبيعبر عن وجع وقهر وظلم كل ست هو بردو بيهاجم قوانين في المجتمع وبيزعزع الأسرة  ،  الكاتبة هنا بتنتقد قانون الأحوال المدنية وإن إزاي الشخص النرجسي مالوش عقاب  ،  في نفس الوقت بتشجع على الخلع وهدم البيوت وده اللي أصلًا مش ناقصنا  ،  إحنا عندنا كمية خلع وطلاق في أعلى مستوياتها ومش ناقصين  ،  ياريت قبل ما اضطر آخد إجراء قانوني تطلع الكاتبة المحترمة تشرح وجهة نظرها أو تعتذر عن اللي صدر منها وتعترف إنه مش مقصود وإلا أنا هطالب بوقف نشر الكتاب في مصر لإن قراءته خطأ كبير  . 

أغلقت الفيديو ورفعت نظرها تطالع شقيقها ووالدتها بصدمة ليردف داغر بنبرة غاضبة  : 

- ده محامي إيه ده  ؟  ده هو اللي شكله نرجسي  ،  زعزعة أسرة إيه المتخلف ده  ؟ 

ارتدت منال تجاور ابنتها وتردف بنحيب  : 

- استر يارب  ،  جيبها خير يارب وماتشمتش حد فينا  ،  حسبي الله ونعم الوكيل  . 

اتجه داغر ينتشل هاتفه ليهاتف المحامي الخاص بهما وجلست ديما مشتتة لا تصدق انقلاب الأمور رأسًا على عقب  . 

الصفحة التالية