رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 12 - 2 - السبت 14/12/2024
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل الثاني عشر
2
تم النشر السبت
14/12/2024
من يسعى ليحصل على ما يتمناه سيبلغه ، خاصةً حينما يسعى الإنسان ليستبدل راحته بشقائه .
تمنى امرأة جريئة ، لعوبة ، صاخبة ، متسلطة ، فأتته زينة لتنتزع منه راحته أمام عينيه الجاحظتين وجسده المكبل بأصفاد شخصيتها وفاهه المكمم بلاصق تجبّرها .
خرج من حمامه يخطو نحو مطبخه ليتناول أي شيء قبل أن يذهب لعمله وبملامح الضيق والانزعاج التي لم ترحل عنه تحرك يغادر بعدما لم يجد شيئًا يتناوله .
اتجه نحو غرفته ليرتدي ملابسه وما إن أنار إضاءة الغرفة حتى تململت في نومها بانزعاج تصيح :
- اطفي النور مش شايفني نايمة ؟
تحدث من بين أسنانه وهو يتجه نحو الخزانة :
- عايز ألبس ، هلبس في العتمة ؟ وبعدين فين بقية الفطاير اللي جبتها امبارح ؟
زفرت بضيق ونفضت الغطاء عنها بعنف ثم اعتدلت تجلس وتطالعه بحنق ليظهر جسدها الذي يختفي جزءًا صغيرًا منه أسفل قميصٍ شفاف فتسلطت عينيه عليه حينما هدرت مهتزة :
- هو إنت كل ما هتجيب أكل هتسأل عليه ؟ إيه مافيش بني أدمة عايشة معاك وبتاكل ؟ ولا هعيش ع الطاقة الشمسية ؟ وبعدين مانت عارف إن أمي وخالي كانوا عندي بليل وحطيتلهم يتعشوا .
لم ينطق حرفًا ولم يستطع أن يعترض فحينها ستهجره وهي سيدة ذلك لذا أومأ بطاعة والتفت يفتح خزانته ويستل منها الملابس لتستطرد بنزق وهي تلتقط هاتفها من جوارها وتعاود التمدد :
- لو جعان اعملك ساندوتش جبنة وخلص واطفي النور يا إما تنقل هدومك في الأوضة التانية .
نفض ملابسه يحاول كظم غيظه ولكنه شعر باختناق يقوده للانفجار لذا أردف :
- مانتِ هتقعدي على الموبايل أهو يا زينة ؟ ماتقومي تعمليلي ساندوتش إنتِ !
باغتته بنظرة ثاقبة ثم استرسلت بوقاحة خبيثة تدرك أنها ستمحو غيظه :
- وهو إنت خليت فيا حيل ؟ ده أنا حاسة إني متكسرة ميت حتة .
انقشع اختناقه ونظر لها متباهيًا يجيبها بفخر جعله يسقط في ذلة :
- ما ده العادي ، ولا أدور على التالتة ؟
نشب حريقًا داخلها جعلها تتوعد له وتجيبه بتحذير قطعي :
- بلاش الأسلوب ده معايا ، أنا ماينفعش واحدة تيجي عليا أبدًا ، وبعدين تالتة إيه يا شاطر مهو الأولى خلاص خلعتك .
ابتسمت تتلاعب على أوتار أعصابه لذا زفر ونزع نفسه يغادر الغرفة ويغلق إضاءتها بعد أن ارتدى ثيابه بإهمال .
لسان حاله بات يفكر لمَ لمْ يحصل على الكمال الذي يتمناه ؟ هل هذا نقص في الزوجات أم أن حظه عاثرًا ؟
أليس هناك زوجة تريحه وتهتم به وبتفاصيله ومتطلباته والأهم تحبه كما كانت تفعل أمه؟ لتطرأ على عقله ديما بملامحها الهادئة وابتسامتها الدائمة ويتذكرها بكل حالاتها للحظات قبل أن ينهره عقله النرجسي ويستنكر حتى أفكاره معللًا لنفسه أنها كانت تفتقد لأهم جزءٍ يريده ألا وهي الجرأة ، نعم زينة تناسبه أكثر .
❈-❈-❈
كعادتها يوميًا تهاتفه مكالمة مرئية لمدة لا تتجاوز النصف ساعة ، منذ الحادثة التي تعرض لها والتي نشرت عنها الصحف الفرنسية خاصةً بعدما أسعفته مارتينا إلى المشفى وظل بها لأكثر من أسبوع حيث أن إصابته لم تكن عابرة بل استهدفت كليته ، وقد تم التحقيق في الأمر ليتبين أنه حادث سرقة وتم القبض على اللصين واعترفا بذلك .
بصعوبة بالغة استطاع أمجد أن يحجب لهفة علياء وتعهد لها بأن يسعى لتسافر إليه وتراه في أقرب فرصة .
لم تهدأ إلا بعد مكالمة منه حينما عاد منزله يطمئنها أنه بات بخير وأن لا داعي لمجيئها كما تعهد أيضًا أن يسعى ليراها عما قريب .
سألته بقلبٍ منفطر وهي تتفحص ملامحه عبر الشاشة اللعينة :
- جنبك لسة بيوجعك ؟ قولي الحقيقة يا ثائر وريحني ؟
أجابها بنبرة هادئة بلغته الأم :
- أنا كويس يا أمي ، كل يوم تسألي نفس السؤال وبردو بقولك إني بقيت كويس .
زفرت بارتياح ثم استطردت بملامح متلهفة :
- تعرف الحسنة الوحيدة اللي عملتها مارتينا واللي ممكن تخليني أتقبلها إنها لحقتك يومها ، أنا مش قادرة أتخيل لو بعد الشر حصلك حاجة أنا هعيش ازاي .
ابتسم لها ابتسامة خفيفة ثم جلس على الأريكة حينما شعر بألم يزوره إذا أطال الوقوف وقال بملامح باردة لا تعبر عما به :
- مش هيحصلي حاجة قبل ما أحضنك يا علياء هانم ما تقلقيش ، يالا هقفل دلوقتي علشان لازم أروح المكتب ، هكلمك تاني لو رجعت بدري .
أغلق معها والتقط نفسًا قويًا ثم نهض يبحث عن المسكن ويستعد ليتجهز كي يذهب إلى مكتبه الجديد بعدما تم توليه منصب إدارة المجلة ودار النشر الكبيرة التابعة للسيد ألفريد جوبريال .
❈-❈-❈
في فيلا توماس أور ليان
التقطت ملابسها ترتديها سريعًا وجلست على طرف الفراش تتصفح هاتفها وتنتظره إلى أن يخرج من حمامه .
خرج يرتدي مئزره ويتجه نحوها مبتسمًا ثم انحني يقبلها محاوطًا وجهها وتساءل بترقب :
- إلى أين ؟
نهضت تتحدث بنبرة هادئة لا تمت لها بصلة :
- يجب أن أذهب توماس ما زالت علاقتنا سرية .
حاوط خصرها يقربها إليه ويستطرد بهمس هائم أمام سطوة إغرائها :
- أخبرتكِ أن نعلنها مارتينا وأنتِ ترفضين ، هل ما زلت تأملين بالعودة لذلك البائس ؟
ابتسمت وابتعدت عنه تطالعه بمكرٍ يتراقص في عينيها واسترسلت :
- هل تسعى لاستفزازي ؟ هو من كان يريد العودة لي ولست أنا .
- إذا لِمَ ذهبتِ إليه آنذاك ؟ لمَ غادرتي بعدما غفوت وركضتِ إليه ؟
هكذا تساءل بملامح متجهمة حيث أنه لم يصل لإجابة تريحه بعد ، إلى الآن ولأول مرة يكون متأرجحًا بين أمرين هل خانته أم لا ؟
إن كانت خانته وأوصلت ما لديها إلى ثائر لِمَ إلى الآن لم يستخدم تلك المعلومات ضده ؟
وإن لم تخنه وأحبته كما تدعي لما استقطبته وغادرت وتركته ثم ذهبت إلى ثائر آنذاك ؟
لم يستطع الوصول إلى إجابة لذا قرر أن يضعها تحت الاختبار منذ شهرين وإلى الآن لم يصل إلى شيء ولا حتى استقطابها بمعلومات عن ثائر كما فعلت هي .
أجابته بنظرة ثاقبة ونبرة باردة من بين أسنانها :
- لن أجيبك توماس ، لن أجيبك لأنك لم تثق بي ، أنا ذاهبة وليكن بعلمك لن آتي مجددًا .
تحركت من أمامه ولكنه أسرع يقبض على معصمها ويعيدها إليه ثم عانقها بقوة وأردف متلهفًا حبها :
- لا لن يحدث ، ليس بعد الآن مارتينا .
ظل متشبثًا بها ثم ابتعد قليلًا يتمعن فيها وقال بترقب :
- لنتزوج إذًا ، أثبتي لي أنكِ تحبينني ونتزوج .
وجدت نفسها محاصرة بين عرضه ونظراته ومرت عليها لحظة توتر انقشعت وهي تبتسم وتجيبه باستنكار :
- نتزوج ؟ وماذا عن والدي ؟ هل نسيت أمره ؟
- سأقنعه ، لا تقلقي ، فقط إقبلي مارتينا ؟
زفرت بضيق تخفيه أسفل قناع التفكير ثم استطردت بعد دقيقة :
- دعني أفكر توماس ، يجب أن أتحدث معه ومع معاذ أولًا .
أطلق أنفاسه وحل وثاقه من حولها يبتلع لعابه ويردف بترقب :
- حسنًا كما تشائين ، معكِ أسبوعًا مارتينا تفكرين به ثم تخبريني قراركِ .
نظرة استمرت لثوانٍ ثم التفتت لتغادر ولكنه عاد يوقفها بندائه :
- مارتينا .
توقفت تلتفت له فتابع فملامح خبيثة وهو يتقدم منها :
- ما رأيكِ أن تدعيني أقابل معاذ ! ربما هو من استطاع إقناع والده بالعمل معي ؟
تجلت التساؤلات على وجهها حتى بات أمامها مباشرةً يستطرد ويديه تسري على ذراعيها :
- إن وافق ثائر على العمل معي سيكون رهن إشارتنا ، هو يظن أنني لن أقدر على إفشاء سره ولكنه مخطئ ، يمكنني بسهولة زجه في السجن ولن يرى النور مجددًا ولكني مازلت أرغب به معي ، إن استطعتِ إقناعه بذلك سأعطيكِ ما تريدينه .
تمعن في مقلتيها ليجد نظرتها ثابتة قبل أن تبتسم وتبتعد للخلف خطوة تهز كتفيها وتجيبه :
- لنبعد معاذ عن الأمر توماس ، ثائر لن يرحب بهذه الفكرة على الإطلاق وربما خسرت العمل معه إلى الأبد ، معاذ خطه الأحمر لا تحاول .
لوحت له بيدها وغادرت بعدها وتركته يقف يحول ملامحه من المكر إلى الغضب العاصف وقد قرر أن يبدأ في استعمال ما لديه من خبايا .