-->

رواية جديدة حان الوصال لأمل نصر الفصل 43 - 1 - الأربعاء 25/12/2024

  

قراءة رواية حان الوصال كاملة 

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية حان الوصال

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة أمل نصر

الفصل الثالث والأربعون

1

تم النشر يوم الأربعاء

25/12/2024


"في قلب كل انتظار، تتراكم الآلام والأحلام، وبين كل لحظة وأخرى، ينبض القلب بشوقٍ يتجاوز حدود الزمن. نحن لا ننتظر لقاءً عابرًا، بل لحظة يتوحد فيها ما تفرق، ويعود فيها كل شيء كما كان. لا تزال أرواحنا معلقة بالأمل، تتمنى أن يتحقق الوصال، ليعيد للروح دِفأها، وللقلب سكينته، ويغسل ما تركه البعد من جراح."



اهداء الادمن القمر/ سنا الفردوس


❈-❈-❈


ما زالت أجواء الحفل الضخم مستمرة بفعاليات مبهرة تأخذ بعقول الحضور واندماجهم معها، بخلاف البعض ممن لم ينتبه لأي شيء منها، فهناك ما يشغله.


كفاية بص على صحبتك يا صفية، هي مش عيلة صغيرة على فكرة ولا هتوه في الشارع.

هتف الطبيب هشام بتلك الكلمات، بعد أن فاض به منها ومن تهربها الدائم، ليغمرها ارتباك جاهدت بالإنكار حتي تغطي عليه كعادتها معه:


وأنا كنت عملت إيه يعني؟ شوفتني سيبتك وقعدت معاها على الطرابيزة مثلا؟ ردد مستمرًا في مواجهتها:


ما هو ده اللي أنتي عايزاه فعلاً يا صفية، إنك تقومي وتروحيلها مع إنها أساسًا مش واخدة بالها منك، لأن فيه اللي شاغلها عنك، وده حقها طبعًا، زي ما أنا من حقي ألاقي من خطيبتي الاهتمام لما أقعد معاها. صفية إحنا كده مش هنتقدم ولا خطوة في خطوبتنا المؤقتة، ولو أنتي غايتك كده من الأول، أرجو إنك تبلغيني من البداية عشان ما يبقاش مجهود ورايح في الهوى.


هذه المرة لم تجد عذرًا في قاموسها فحاولت التلطيف:


غايتي إزاي يعني؟ ما هو لو كده، ما كنت رفضت من الأول وريحت مخي.


أمممم. زام بفمه ثم مال بجذعه نحوها على الطاولة، يزيدها إرتباكًا:


طيب ولما هو كده يا صفية مبتدينيش الفرصة ليه عشان أقرب وأكسر الحواجز اللي واقفة ما بينا؟ أنتي حتى رافضة نخرج مع بعض لوحدنا وعلى طاولة تجمعنا زي ما هو حاصل دلوقتي.


ما أنت قولت بنفسك، ادينا قاعدين لوحدنا أهو.


قاعدين في قاعة مليانة بالناس، ولولا صاحبتك هي اللي أصرت تسيب لنا المجال شوية، مكنتيش سمحتي إنه يحصل أبدًا، أنتي حتى رنة التليفون بتردي عليا بالعافية وبكلمات محدودة، بتخافي لا أتجاوز معاكِ في الكلام للخط اللي أنتي رسماه لعلاقتنا يا أستاذة يا آنسة صفية.


بصعوبة شديدة وجدت صوتها لتجادل رغم علمها بصدق حديثه:


للمرة الألف بقولهالك، أنا لو رافضة المبدأ من البداية مكنتش من الأساس وافقت، يمكن  بخجل في بعض الأحيان.


بعض الأحيان!

شدد على الكلمة بتهكم ليضيف بمشاكسته:


طب قولي معظم الأحيان يا صفية عشان تبقى واقعية أكتر، وأنا صابر عليكي عشان متأكد إنك عايزاني، لكنك قافلة على نفسك وعلى قلبك يا صفية، رغم إن اللي زيك اتخلقت للحب، لأن فيكِ كل الصفات اللي يتمناها أي راجل... إلا عقلك طبعًا.


مالو عقلي إن شاء الله؟ مجنونة مثلاً ولا مجنونة؟ صدرت منها بعفوية واستفاقة سريعة، بعد أن غيبتها قليلًا كلمات الغزل، ليسارع هو بتوضيحه:


لا، عاقلة يا صفية وست العاقلين بس دماغك متبتة على ثوابت حطيتيها في دماغك ومش قابلة تغيريها، يعني أقرب مثال دلوقتي أهو، سبتي كل الكلام الحلو ومسكتي في الجملة الأخيرة على أساس إنها شتيمة، عارفة يا صفية لو تبصي كويس لنفسك في المراية هتكتشفي حاجات حلوة كتير فيكي، وأولها جمالك طبعًا.


حركت رأسها بتعبير يدل على سأمها، ترفض تصديق كلماته من داخلها:


يا عم بقى، رايح جاي تقولي جمالك، أنا شايفة نفسي عادية على فكرة وراضية وحامدة بنعم ربنا عليا.


وإيه جاب سيرة الرضا في كده؟ أنا بقولك اكتشفي نفسك وجمالك، مش بطالب إنك ترضي باللي قاسمهولك ربنا، ده شيء عادي أصلاً ومفروغ منه. تفوه بها بتعجب من منطقها، ليقترب برأسه أكثر، يركز بالنظر داخل خاصتيها مردفًا:


طب حاجة بسيطة كده، محدش قالك قبل كده إن عيونك الواسعة دي عاملة فرق جامد في وشك؟


اتقالت لي كتير طبعًا.


بجد يا صفية.


أيوة والله بجد، ستي رقية ربنا يخليها، عشان ما أنا يعني أشبه زهرة اختي رغم إننا مش من نفس الأم، وأمي لما تبقى راضية عني في ساعة رواق، وأبويا بقى لما يطلب مني أقرا المكتوب على علب البرشام اللي بيجيبه على الفاضي وعلى المليان، مجرد بس ما أقوله إن التعليمات اللي عليها بتحذر الاقتراب منها للي زيه، على طول ألاقى الجملة اللي ماسكها عليا من وأنا عيلة صغيرة، عينين بقر من غير نظر.


يخرب بيته.


متقولش كده يا هشام ده أبويا.


أبوكِ مين يا صفية؟ ده وباء مش أب.


صدرت منه بانفعال زاد  من حزنها، ليزفر بضيق متعاظم يكتمه داخله، ثم غير دفة الحديث:


خلاص سيبك وكبري، المهم خلينا في أختك زهرة، زي ما ذكرتِ قبل كده إنها اتجوزت راجل أعمال، ده ميخليكيش تاخدي ثقة في نفسك، بما إنك تشبهيها؟


دب الحماس بها لتجيبه بحب وعفوية:


عمو جاسر اتجوزها عشان حبها بجد ومبصش لأي فرق ما بينهم،  غير كده  برغم إني شبهها، لكنها برضو أجمل مني، ده كفاية شعرها الطويل ولونه سواد الكحل.


ما أنتي كمان شعرك حلو.


أيوة بس ميجيش نص شعرها...


قطعت فجأة، تستدرك حماقتها، فتخضب وجهها بالحمرة الشديدة من الخجل، لتصمت مسبلة عينيها غير قادرة على مواجهته، فتبسم يشاكسها:


مكدبش عليكي يا صفية، أنا من يوم ما شوفتك بشعرك ده اللي أنتي مستهونة بيه، وصورتك دي مش بتفارق خيالي أبدًا.


بطل كلامك المستفز ده يا هشام؟


مستفز ليه طيب وأنتِ خطيبتي؟ ثم إن ده شيء غصب عني ومش قادر أتخطاه، إن الله جميل يحب الجمال.


ارتعشت شفتيها بعجز في البحث عن رد مناسب  لتوقِفه عن إخجالها، أمام استمتاعه الظاهر بهيئتها تلك، لتتمتم بقلة حيلة في الأخير وهي تشيح بوجهها عنه.


يووووه بقى.


❈-❈-❈


أما عن تلك المحترقة بنيران العشق، فقد كان اهتمامها منصبًا فقط عليه، سارق قلبها وعقلها أيضًا، عيناها لا تفارقه ولا تفارق جلسته مع تلك المرأة الغريبة، ذات الجسد المغوي بمعالم وتضاريس هي المسكينة؛ لا تملك حتى نصفها، ولا تستطيع إزاحة بصرها عنه، فكيف بحاله هو الرجل، تبًا للكبرياء الذي يمنعها من أن تذهب إليها الآن وتجرها من شعرها حتى تبعدها عنه، ليتها ما تحدته منذ قليل، ليتها تهاونت معه ولو قليلًا حتى تجد مساحة من التفاهم، حتى تذهب إليهما وتنفذ ما برأسها.


خليكي كده زي العبيطة قاعدة غير تاكلي في نفسك، ولا أقولك روحي جيبيلهم لمون أحسن، يروق عليهم ويرطب الجو. كانت تلك كلمات نجوان والتي عادت إليها بعدما تركتها منذ دقائق للترحيب بمجموعة أخرى من الأشخاص برفقة نور التي لم تتركها هي ولا زوجها، والتي علقت تتدخل بينهما بفضول:


هما مين اللي تجيبلهم لمون؟ إيه الحكاية بالضبط؟ أشارت لها بذقنها للأمام حتى تريها المقصود من الحديث، قائلة بانفعال:


اتفضلي شوفي بنفسك، مين الست دي يا نور؟ ومين اللي عازمها؟ هي اللي زي دي أساسًا ليها في الخير؟ استغفر الله العظيم يارب.


ضحكة مكتومة اعتلت ملامح الأخيرة في البداية، وعيناها تذهب نحو المذكورة وجلستها على طاولة واحدة مع رياض، لتعقب بتفهم لحالتها:


آه، أنتي قصدك على نادين، وهي إيه اللي عرفها برياض صحيح؟


أنتي بتسأليني أنا؟! ده أنا  عرفت اسمها بس منك دلوقتي. صدرت منها بانفعال وبحة صوت علت نسبيًا حتى لفتت أبصار الطاولة المجاورة لهم، لتجبر نجوان على تنبيهها:


خلي بالك يا بنت، أنتي كده هتفضحينا. ضغطت على شفتها السفلى بغيظ لتتوجه بأبصارها نحو الأخرى والتي اشفقت تراضيها:


أنا آسفة يا بهجة لاني مش مركزة، بس أكيد يعني، هتكون اتعزمت من طرف مدام إيفون، وده لأن جوزها المرحوم كان بيساهم في أعمال خير كتير من اللي بتقوم بيها الجمعية، أصله كان راجل غني جدًا، بس بصراحة كان عجوز أوي....


طبعًا وأكيد بعد ما ورثت فلوس العجوز، دلوقتي بتدور على صحة الشباب، باينة مش محتاجة ذكاء، والله باينة....


تمتمت بالكلمات وهي تحدث نفسها معهما، لتوجه الحديث إلى نجوان بنبرة لائمة:


لكن أنتي هتسكتي ع المسخرة دي؟ يعجبك يعني كده؟ دي واحدة شكلها جاية تلوف على ابنك، واخدة بالك من شكلها، عندها قاعدة صواريخ تدمر أجيال.


قالتها بمغزى واضح كاد أن يضحك الاثنتان، ولكن هيئتها المزرية ألجمتهما عن ذلك، وانتفضت نجوان ناهضة من جوارهن قائلة:


الصفحة التالية