-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 22 - 1 - السبت 18/1/2025

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثاني والعشرون

1

تم النشر السبت

18/1/2025


بوصلة حياتي... 


أضاعت طريقها..... 


فقدت الاتجاهات.... 


وجهتها الوحيدة 


أصبحت أنت..  عينيك.. ثم أنت... 


مشكلتي... أتعلمين مشكلتي؟؟؟ 


أني أنوي أن أشن حربا عليك.. 


فأنظر إلى عينيك.. 


فيهزمني السلام فيهما... 


أنوي أن أخطفك من نفسك... 


وفجأة يحدث.... 


أني  لا أجد نفسي معي... 


أتراها معك؟؟؟ 


أنوي أن أجعلك خلف خطاي تسيرين.... 


فأراها خطواتي أنا تتبعك أينما تذهبين..


( بقلم فيروزة) 


❈-❈-❈


هبطت طائرتهما منذ قليل في الأراضي السعودية 

تحديدًا في مكة المكرمة حيث سيؤديان مناسك العمرة ومن ثم سيذهبان إلى ماليزيا لقضاء رحلة سياحية ممتعة  . 


لا تصدق يسرا أنها الآن في الحرم  ، سيمكثان في الفندق القريب منه  ،  هنا ستدعو ربها بكل ما تريده  ،  هنا ستخبره بكل ما يعتلي داخلها وهو أعلم  ،  هنا عند بيته الحرام ستبكي لأنها كانت تشتاق لزيارته ونالتها  ، ستبكي لأنها تشتاق لطفلٍ صالح وليتها تناله  . 


تنهدت بحرارة لاحظها دياب ليردف وهو يجاورها ويتجهان نحو الفندق  : 


- مبسوطة يا يسرا  ! 


يعلم أنها في قمة سعادتها  ،  لقد فاجأها بهذه العمرة وكانت مفاجأة لا مثيل لها لذا التفتت تطالعه بمقلتين تحملان امتنان العالم كله وأجابته بحبٍ  : 


- قليلة أوي الكلمة دي يا دياب  ،  قليلة على إحساسي دلوقتي  ،  ربنا يباركلي فيك  . 


ابتسم يشاركها سعادتها وأردف وهو يشير لها نحو الأعلى : 


- طب يالا نطلع علشان نستريح واوريكي الحرم من فوق  . 


تحمست لرؤيته ولكنها نطقت برجاء  : 


- لا لو سمحت يا دياب أنا مش تعبانة  ،  خلينا نطلع نحط حاجتنا وننزل علطول ندخل الحرم  . 


أومأ لها طواعيةً وبالفعل دلفا الفندق مع الشخص المسؤول عن رحلتهما والذي كان يسبقهما بخطوتين  . 



❈-❈-❈



دلفت منزلها واتجهت تستريح وتتنفس بعمق  ،  تجاوزت أولى المناظرات وقامت بأداءٍ أسعدها . 


تحركت نحو غرفتها تنزع ثيابها ثم اتجهت نحو الحمام لتغتسل بمياه دافئة ربما يهدأ ألم ظهرها الذي ينبض بطريقة أزعجتها واضطرت لتظهر عكسه   . 


خرجت بعد قليل واتجهت تؤدي فرضها ثم تحركت تتمدد على الفراش واستلت هاتفها لتتحدث مع داغر قبل أن تنام  . 


❈-❈-❈


كان قد عاد إلى منزله بعدما هدأ  . 


دلف غرفته بعدما اغتسل وتوضأ حتى لا يلتقي مع أمه أو دينا  ،  لقد حذره صالح من أن يرتبط بهذه الطريقة وإلا سيندم  ،  أخبره أن يتمهل قليلًا  ،  ألا يظلم نفسه ويظلم فتاة لا ذنب لها  ،  فهو أفضل من يعلم كيف يكون حب الرجال  ،  لا يموت حتى ولو مات الرجل نفسه  . 


وقف في ركنٍ ما ينوي الصلاة  ،  سيستخير ربه فيما هو مقبلٌ عليه  ،  لقد تعب وتألم من قرارات واتهامات ومشاعر تنخر صدره لذا فإنه سيتخذ هذا السبيل  . 


بدأ صلاته لتسقط همومه واحدة تلو الأخرى في كل حركةٍ يؤديها حتى سجد وبات يدعو الله بما فيه الخير له وأن يريح قلبه فردد هامسًا  : 


-  اللَّهمَّ إني أرْجو رَحمَتَكَ، فلا تَكِلْني إلى نَفْسي طَرْفةَ عَيْنٍ، أصْلِحْ لي شَأْني كُلَّهُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ. - ربّي إنيّ أسألك أن تريحَ قلبي وفكري وأن تصرف عني شتات العقل والتفكير، ربّي إنّ في قلبي أمورًا لا يعرفها سواك فحققها لي يا رحيم، ربّي كن معي في أصعب الظروف وأرني عجائب قدرتك في أصعب الأيام  ، اللهم أسألك أن تطمئن قلبي وتيسر لي أمري، فأنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. اللهم إني أسألك باسمك الأعظم أن تزيل من قلبي كل خوف وقلق يسكنني، وأنزل على قلبي السكينة والهدوء برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم امنن علي براحة النفس وتيسير أموري كلها فأنت الميسر وأنت على كل شيء قدير  ، اللهم آمين يارب العالمين اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد  . 


نهض بعدها ليبدأ في ركعته الثانية ومن ثم يردد دعاء الاستخارة ويختم صلاته  . 


رن هاتفه بعد أن سلّم وانتهى من صلاته نهض يتجه نحوه ويلتقطه ليرى اسم ديما لذا تنهد بعمق وجلس على طرف الفراش يفتح المكالمة ويجيبها  . 


ما إن رأته حتى ابتسمت فوجد نفسه يبادلها بمحبةٍ وقال  : 


- عاملة إيه يا ديما  . 


أجابته تعبر عن مشاعرها  : 


- مبسوطة أوي يا داغر  ،  النهاردة كانت أول مناظرة بيني وبين ثائر ذو الفقار  ،  كنت بتمنى تكون جنبي وتشوفني وأنا بتناقش معاه وبرد على كل أسئلته  . 


يثق بها ويعلم أنها ستتولى هي قمرة القيادة  ،  يعلم أنها ستؤثر ولن تتأثر بما يحدث حولها لذا أومأ بفخرٍ وقال  : 


- أنا عارف إنك قدها طبعًا  ،  دا إنتِ ديما الصابر  ، ده كفاية اسمك  . 


ضحكت بسعادة واسترسلت  : 


- انفخ فيا كمان يا داغر أكتر ما أنا منفوخة  . 


هز رأسه معترضًا يجيبها  : 


- لاء طبعًا ده حقك وأقل كمان  ،  إنتِ يابنتي مش عارفة قيمة نفسك ولا إيه  ؟! 


تنفست بعمقٍ وسعادة ليعلن هاتف داغر عن وجود مكالمة أخرى فأغلقها وأكمل مع شقيقته لتسأله بترقب  : 


- مين بيرن عليك  . 


لم يكن يريد أن يتحدث عن هذا الأمر خاصةً وأنه يعلم رأيها منذ أن علمت بقرار خطبته لذا تجهمت ملامحه وعم الهدوء تقاسيمه لتتساءل بترقب  : 


- بسمة  ؟ 


أومأ لها مطلقًا تنهيدة قوية من صدره فأومأت بتفهم ونطقت  : 


- طيب اقفل معايا ورد عليها يا داغر  . 


هز رأسه بنفي : 


- مش هرد يا ديما  ،  أنا أصلًا عايز أنام  . 


- لو ليا خاطر عندك رد عليها  ،  بسمة امبارح كانت بتكلمني وهي تعبانة جدًا وحالتها النفسية مش أحسن حاجة  ، بسمة بتحبك ولو انت مش شايف ده ومش حاسس به تبقى بجد مش بتحبها  . 


زفر بقوة يمسح على وجهه أمامها فحاولت أن تتروى معه لأنها تدرك حجم صراعه الداخلي لذا استطردت بهدوء  : 


- اقفل معايا يا داغر وكلمها وشوف كانت عايزاك في إيه  . 


أومأ بصمت فأغلقت وتركته يتمدد على فراشه ويفكر هل يهاتفها بعد كل هذا الغياب  ؟  


❈-❈-❈


كانت تبكي في غرفتها  ،  لم تكن تصدق أن غيابه وهروبه منها سيضعفانها هكذا  ،  عُرفت دومًا بالشامخة القوية  ،  حتى بعد وفاة والديها تظاهرت بالقوة والشموخ وأكملت مسيرتهما كي لا يستغل ضعفها أحد  . 


ولكنها أحبته  ،  أحبت سماعه لها  ،  حمايته التي كانت تستشعرها دومًا  ،  سؤاله عنها  ،  اهتمامه بها  . 


كانت تغلق محبتها بقشرة تدعى الصداقة ولكنه لم يكن يومًا صديقًا  ،  منذ أن رأته ورأت الجزء الأفضل في شخصيته وهي تتخذه عوضًا عن اليتم والفقد والوحدة  ،  تستشعر الأمان من نظراته لها  ،  تستكين من نبرة صوته لذا فإن ابتعاده عنها هكذا فجأة وهروبه المتعمد منها أضعفها  ،  جعلها تتخبط حتى في العمل  . 


ويبقى السؤال الذي يتردد صداه في عقلها ويجعلها تتأرجح بين أمرين أيسرهما مر  . 


هل تضحي به مقابل وصية والدها في الحفاظ على ممتلكاتها  ،  أم تضحي بممتلكاتها وتهدم وصية والدها مقابل الحصول عليه  ؟ 


مجرد تفكيرها في هاذين الاختيارين يعكس مدى حبها له لذا فهي تتألم وفقدت شهيتها كثيرًا وباتت الآن في أبهى صور التعب  . 


انتشلها رنين هاتفها من حزنها لتلتقطه بلهفة حينما أخبرها قلبها أنه هو وحينما تأكدت انفرجت أساريرها واعتدلت لتجيبه بهدوء ينافي صخب نبضاتها وطرقات جانبي عقلها  : 


- أزيك يا داغر  . 


أغمض عينيه اشتياقًا لصوتها  ،  أغمض ليستمتع به قبل أن يجيبها بهدوء مفتعل  : 


- الله يسلمك  ،  عاملة إيه  ؟ 


شخصيتها تأبى الإفصاح عما بها برغم أنها ودت لو بإمكانها إخباره لذا نطقت بجدية زائفة تزامنت مع تسلسل خيطٍ من الدموع  : 


- كويسة الحمد لله  ،  بحاول أتواصل معاك من زمان مش بترد عليا وجيتلك الورشة قالولي إنك في مشوار  ،  هو فيه حاجة حصلت  ؟ 


نطقتها بحشرجة ونشيج صدر منها لا إراديًا فوصل إليه ليدرك أنها تبكي لذا وخزه قلبه واستنشق بصعوبة وشعر بالتوتر حتى في جلسته لذا أردف بجدية مفعمة بالحنان  : 


- إنتِ عارفة إن معظم شغلي برة الورشة يا بسمة  ،  الزباين بيتصلوا عليا وبروحلهم بنفسي وصالح بيسد مكاني  ،  صوتك ماله  ؟  حد مزعلك  ؟ 


يفترض أن يقسو ليبتعد ولكنه وجد نفسه يستفسر عما بها  ،  الزمته مسؤوليته تجاهها بذلك وهذا ما كانت تفتقده حيث تحشرجت وأجابته تبتلع غصتها  : 


- لا كله تمام  ،  أنا بس اخدة دور برد وخطرت على بالي دلوقتي قلت أحاول أكلمك يمكن ترد عليا  ،  وكويس إني اطمنت عليك  . 


أيخبرها بما ينوي فعله  ؟  هل يلقي بعود الثقاب المشتعل ويرى ردة فعلها  ؟  أم يلتزم الصمت  ؟  يخشى أن يؤلمها أكثر ولكنه يريد أن يصل لقرارٍ نهائي لذا ازدرد ريقه وأردف بصعوبة  : 


- معلش لو ماكنتش برد بس فعلًا كنت مشغول  ،  والفترة الجاية داخل على مشروع خطوبة فلو ماردتش ماتبقيش تزعلي  . 


أي زعل  ؟  هو يتحدث عن الزعل الطبيعي  ؟  هي الآن تواجه آلامًا لا حصر لها  ،  أحدهم يعتصر قلبها فينزف وهي ملجمة عن فعل شيء لذا تساءلت باستنكار ولم تعد تستطع إخفاء ألمها من شدته  : 


- مشروع خطوبة ؟  كويس جدًا إنك عرفتني  ،  لإني كنت قربت أصدق إنك مختلف  . 


لم تنتظر رده أو فهمه لكلماتها بل أغلقت وارتمت على الفراش تجهش في بكاءٍ مرير تتعهد أن تصبح من بعده أقوى وأقوى وأقوى حتى تنكسر  . 


❈-❈-❈


صباحًا 


تستقل مارتينا سيارة والدها الذي يعود بها إلى المنزل  ،  تجلس تشاهد اللقاء الصحفي الذي جمع بين ثائر و ديما  . 


تركيزها منصب على تلك العربية وملامحها ونظرات ثائر نحوها  ،  هادئة تمامًا كمياه محيط أعماقه مرعبة  . 


نظرة خاطفة من والدها الذي قال بنزق  : 


- كفي عن مشاهدة أي شيء يتعلق به  ،  يكفي ما حدث معكِ بسببه  . 


لم تُعِر والدها أي اهتمام بل استمرت في المشاهدة والتمعن لتتساءل بعدما انتهى اللقاء  : 


- متى أخبرك بشأن معاذ  ؟ 


زفر والدها يجيبها باعتراض  : 


- منذ أسبوع  ،  وبالطبع لم أقبل   . 


التفتت تطالعه بعدما دست الهاتف في جيبها وبعيون ماكرة نطقت  : 


- أترك الأمر لي  ،  لا تتدخل في ذلك   . 


انتابه الغضب ليستطرد موبخًا  : 


-  سأتدخل مارتينا كما تدخلت وأخرجتك الآن بعدما كان توماس ينوي إبقاءك في السجن للأبد  ،  أنتِ إلى الآن لا تدركين حجم ما فعلتِ ومع من تلاعبتِ ،  أنتِ لا تعلمين ما المقابل الذي قدمته كي أجعله يتنازل  . 


عادت تنظر إليه وتساءلت بترقب وهي تتكتف  : 


- ما المقابل أبي  ،  أخبرني كيف جعلته يسحب دعوته  ؟ كنت أعلم أنك ستجد حلًا ولكن آخر ما كنت أتوقعه أن يتنازل توماس . 


أومأ يجيبها بغموض وشرود  : 


- توماس لديه الكثير من الأسرار التي اكتشفت إحداها بصعوبة  ،  هو لا يحبذ ظهورها وبسببكِ أنتِ لا يمكنني فضحه  . 


انتابها الفضول لمعرفة هذا السر لذا أردفت بنبرة مترجية مبطنة بالخبث  : 


- هيا أبي أخبرني ما هو هذا السر  ؟ 


التفت لها يطالعها بتعمن ويدرك إنه إن أخبرها فمن المؤكد ستخبر ثائر به أو ستساومه لذا عاد يتطلع على الطريق واستطرد  : 


- لن أخبركِ مارتينا  ،  لا تحاولي  . 


ابتسمت بتخابث ورفعت حاجبيها تجيبه بمغزى يفهمه  : 


- كما تريد  .

الصفحة التالية