-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 18 - 1 - السبت 4/1/2025

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثامن عشر

1

تم النشر السبت

4/1/2025


أنت أنثى دافئة جدا، ناعمة جدا، عنيدة مكابرة ولطيفة جدا، 


كلما كنت بالقرب منك منك أشعر بالدفئ


لذا أنا دوما حريص على البقاء قربك


أشاكسك حينا فتغضبين


تهاجمك حينا أمواجي فتغرقين


تلفحك نسمات البرد بقلبي فترتعشين.. 


لأهديك معطفي علّكِ من عطري تسكَرين


حريص بكل الأشكال على البقاء قربك 


وأنت لا تفهمين.. 


منذ جئت وأنا بالفعل لم أعد أشعر أني وحيد غريب


وكأن منزلي الدافئ أخيرا قد عاد إلي.. 


ياامرأة السلام... يا سلامي


( بقلم فيروزة) 



❈-❈-❈


لم يرحموها  ،  أتت الأخبار عبر الإعلام المصري لتكمل عليها  ،  جعلوها مادة دسمة يستخدمونها في القيل والقال وتصدرت البحث دون أن يتأكدوا من اتهامها أو تبرئتها مما نُسب إليها  ، خاصة بعض القنوات التي أيدت رأي المحامي ووصفوها بأنها تسعى لإفساد العلاقات الزوجية . 


ظنت أنها بعيدة عن المؤامرات  ،  لقد ظنت أنها مجرد كاتبة ستعبّر بقلمها عما تشعر ولم تكن تتخيل أن يصل بها الأمر إلى هنا  ،  خاصةً في بلدها التي تحبها كما يحب الجنين أمه  . 


ولكن على ما يبدو أنها كانت ذات عقلٍ صغيرٍ ،  الآن فهمت السلبيات التي تحيط ببلدها كمرضٍ جلدي شوه مظهرها الرائع بعد عينٍ أصابتها بالحسد من شدة حُسنها  . 


متى تتعافين يا بلادي  ؟  متى تعودين جميلة كما كنتِ  ؟  متى يرحل عنكِ كل خبيث  ؟ 


عجلت من قرار سفرها  ،  لم تعد تطيق المكوث هنا بين هؤلاء البشر الذين نزعوا من قلوبهم الخير  . 


ولكن تبقى المعضلة في صغيريها  ،  تعقيد الأمور القانونية لسفرهما معها خاصة وأنها لن تقبل بأخذ الإذن من ذلك الكمال جعلها تفكر في العرض المطروح من قِبل الجميع وهو تركهما هنا مع عائلتها ريثما ترتب أمورها   . 


عائلتها التي كانت ومازالت هي القارب الذي واجهت به كل الأعاصير وبالأخص شقيقها  . 




❈-❈-❈


خرجت من شقتها تغلق الباب خلفها وتحركت نحو المصعد تنوي زيارة ديما لتجد رحمة تغادر شقتها أيضًا وتحمل الصغير في حاملته  . 


ما إن رأتها حتى ابتسمت وتحدثت بهدوء وهي تتجه نحوها  : 


- أزيك يا يسرا  ،  عاملة ايه  ؟ 


أومأت يسرا تجيبها بهدوء ملغم بالمشاعر التي نثرتها حول الصغير  : 


- كويسة الحمدلله  . 


استقلتا المصعد سويًا ونزلتا بصمتٍ قطعته رحمة أمام مدخل العمارة تتساءل  : 


- إنتِ رايحة منين يا يسرا  ؟  أصل النهاردة معاد تطعيم قصي فلو ينفع توصليني  ؟ 


التفتت يسرا تحدجها بنظرات متفحصة وكادت أن ترفض خاصةً بعدما تأكدت من شخصيتها المستغلة ولكن تململ الصغير داخل بيته وبكائه جعلاها ترضخ زافرة بقوة ثم تحركت نحو سيارتها تجيبها  : 


- تمام اركبي  . 


أطاعتها رحمة واتجهت تستقل الجهة المقابلة هي وصغيرها الذي هدأ من هدهدتها له وبدأت يسرا تشغل المحرك لتقود بصمتٍ وجدية  . 


بعد دقائق قليلة قطعت رحمة الصمت وهي تتساءل بنوعٍ من المكر  : 


- يسرا أنا مش عايزاكِ تكوني زعلانة مني  ،  أنا عارفة إنك عملتي معايا اللي مافيش حد عمله ووقفتي جنبي طول فترة حملي وأنا هفضل مديونة ليكي ولدياب بده  ،  بس أنا ساعات بخاف  ،  حاولي تفهميني لو سمحتي  . 


انزعجت من نطقها لاسم زوجها هكذا ولكنها لم تظهر ذلك بل تساءلت بشكٍ وعينيها على الطريق  : 


- بتخافي من إيه  ؟  ممكن توضحي  ؟ 


تنفست رحمة بعمق وتابعت بترقب وعينيها على ملامح يسرا المتحفزة  : 


- إنتِ عارفة إن مابقاش ليا حد وحتى أهلي رافضين يسامحوني واتخلوا عني  ،  مافيش في حياتي غير قصي اللي اتعلقت بيه جدًا  ،  غصب عني بحس إني أنانية في حبه ومش عايزة حد يشاركني فيه  ،  فهماني  . 


آلمها قلبها لذا اعتصرت عينيها لتتخطى عثرات هذا الشعور ولكنه ملأ دروبها لذا أجابتها بنبرة حزينة مغلفة بالصقيع دون النظر نحوها  : 


- لا مافيش داعي لخوفك أصلًا يا رحمة  ،  أنا ساعدتك لإني مش من النوع اللي بشوف حد في وضعك واتجاهله  ،  وعلى فكرة دياب قال لي بلاش  . 


التفتت تباغتها بنظرة ذات مغزى توضح لها أنها باتت تفهم نواياها لذا استطردت  : 


- يعني حذرني لإنه بيخاف على مشاعري جدًا في الأمر ده بس أنا أكدت له إن مافيش أي حاجة هتأثر على مشاعري بالعكس  ،  أنا إنسانة سوية الحمد لله بتمنى الخير لغيري  ،  وهو عارف كدة ودي أكتر صفة بتعجبه فيا  ، وطبعًا حقك تكوني أنانية في حب ابنك  ، كلنا أنانيين مع اللي بنحبهم ومستحيل هنسمح بحد تاني يشاركنا فيهم  .


توترت نظرات رحمة لذا التفتت مسرعة تنظر أمامها وتهدهد الصغير الذي بكى مجددًا بينما أكملت يسرا سيرها وهي تفكر في تلك القاطنة جوارها  ،  ترى بماذا تفكر  ؟ 

  


❈-❈-❈


كان يباشر عمله بتركيز قبل أن يدلف عليه عامل يصيح باحترام  : 


- باشمهندش داغر ماجد بيه عايزك في المكتب  . 


التفت يطالعه وعبس وجهه حينما سمع اسم ماجد ليستغفر الله ويزفر ثم أردف بثقل  : 


- ماشي يا نادر روح إنت كمل شغلك . 


غادر العامل ووقف داغر يفكر  ،  لقد طفح الكيل منه ومن أفعاله  ،  يوميًا يتسكع ويتكاسل في إدارته للمصنع ولولا صرامة داغر وصالح لكان تم إغلاق هذا المصنع من اليوم الثاني لإدارته  . 


إنه مستهتر لا يفلح في شيء سوى الأمر والنهي في قرارات خاطئة لذا لن يصمت بعد الآن  . 


تحرك نحو مكتبه وقد رآه صالح وتمنى ألا يحدث ما لا يحمد عقباه  ،  وصل داغر إلى المكتب وطرق الباب قبل أن يفتحه ويدلف ليباغته الآخر بعنجهية ويبصق كلماته المهينة بانزعاج كاذب وهو يعتدل في جلسته  : 


- ماتدخلش غير لما اسمحلك  ،  هي مش وكالة من غير بواب  . 


استنكر داغر ما يقوله وصاح يجيبه  : 


- هو مش إنت اللي بعت لي أجيلك ولا أنا بيتهيألي  ؟ 


- وده يديك الحق إنك الباب تفتح وتدخل  ؟ 


أجابه بتوبيخ متعمد إهانته أمام نفسه ولكن شخصية داغر تأبى هذا الأمر برمته لذا اقترب منه يردف بتأهب أخافه  : 


- بقولك إيه يا أستاذ ماجد  ،  ماتخليك دوغري معايا  ،  عندك حاجة تقولها ولا ارجع أشوف شغلي وتشوف شغلك إنت كمان  ! 


بالرغم من توتره من صلابة داغر إلا أنه نهض يطرق بكفيه على المكتب ويصيح بعلو  : 


- إيه الطريقة الهمجية بتاعتك دي  ؟  إنت فاكر نفسك بتتكلم مع واحد صاحبك  ؟  أنا هنا مدير ومالك المصنع يعني تقف وتتكلم عدل  . 


زفر داغر بقوة ومسح على وجهه مستغفرًا لتمر على عقله بسمة وثقتها به لذا قرر أن يغادر من أمامه وفعل حينما التفت ينزع نفسه ويخرج من المكتب تحت أنظار ماجد المتعجبة من جرأته  . 


اندفع داغر عائدًا إلى عمله ولكن ماجد قد قرر اتخاذ الخطوة التي اتفق عليها هو ووالده  ،  لقد اتفقا على أن يخرجاه من المصنع بأي ثمن  ،  يوقعاه في بسمة ليضمنا عدم عودته مجددًا لذا  .... 


تحرك ماجد خارج مكتبه يتجه نحو العمال حتى توقف أمام داغر وأردف بتوبيخ وصياح  : 


- هو انت إزاي تتعامل معايا كدة  ؟  لتكون ورثت في المصنع وأنا ماعرفش  ؟  أنا لما أكلمك يبقى تقف قدامي باحترام  ،  إنتوا هنا شغالين عندي  ،  فاهم  ! 


التفت داغر ينظر لوجوه العمال التي التفتت له لذا عاد يباغته بغضب يحاول تقييده ويردف  : 


- أنا فعلًا جيت ووقفت قدامك باحترام بس إنت عايز تعمل مشكلة  ،  عديها يا أستاذ ماجد علشان ملوش لازمة وخلي كل واحد يشوف شغله  . 


تعمق فيه لثوانٍ قبل أن يبتسم مستهينًا بسخرية واضعًا كفيه في جيبيه بتعالٍ مسترسلًا بتقليل  : 


- لا دانت شكلك واخد ضمان فعلًا  ،  ليكون حد وعدك كدة ولا كدة ومصدق نفسك  ؟ 


ربما يتعمد استفزازه أو تحديه ونجح في ذلك حيث أنه أشعل مواقد تحفزه لذا أردف داغر بشموخٍ ترعرع فيه  : 


-  واضح كدة إنك مش فاهم يعني إيه حد عنده ضمير في شغله وبيراعي ربنا فيه ودي مشكلتك للأسف   . 


انحنى قليلًا يميل عليه ويهس من بين أسنانه بغلٍ مقيد  : 


- أنا واحد كرامتي فوق أي اعتبار ومش أنا اللي افرض نفسي على حد ولا اخد ضمان على حاجة مش بتاعتي  ،  خليك في حالك بعيد عني  . 


ابتعد عنه ينظر لملامحه التي تجهمت من مغزى كلامه وأدرك أن بسمة تخبره بكل شيء عنه لذا اشتعل غيظًا وظل متجمدًا يصوب عينيه نحوه وهو يفحص إحدى الماكينات  . 


لقد أصبح خطرًا عليه هو  ،  لقد مسه هو  ،  ليس خطرًا على العمل فهو يعمل بجدٍ وليس خطرًا على بسمة فهو نوعها المفضل ولكنه إن تركه الآن سيفرض سيطرته أكثر وأكثر  ،  سيظن أنه انتصر  ،  سينجح في الحصول على ما يريده لذا استيقظت وحوشه الكاسرة وبتهورٍ تمناه اندفع نحوه يرطمه في الماكينة بقوة وبشكلٍ مفاجئ تألم على أثره داغر ولكنه أسرع يعتدل ويقبض على تلابيبه يصيح بجهور  : 


- إنت جيت للشخص الغلط  ،  خدلك ساتر بعيد عنـــــــــــــــي  . 


رفع ماجد كفيه ليهاجمه فأسرع صالح يخلصهما مع بعض العمال وعمت الفوضى في المكان وتأهبا ينظران لبعضهما بكرهٍ واضح بعدما نجح العمال في فصلهما لذا نطق ماجد بغل صريح ومسبة  : 


- ماتحلمش توصل للي إنت عايزه  ،  أنا فاهم أشكالك كويس وعارف إنك حاطط عينك على بسمة  ،  فوق يالا دانت بإشارة مني أدمرلك مستقبلك كله  . 


حينما ذكر اسمها أمامه تهيأت شياطينه تلزمه بضربه لذا نفض نفسه من أيدي صالح وهجم عليه على حين غره يسدد له لكمة قوية التوت أنفه على أثرها قبل أن يعاود العمال فصله عنه  . 


كاد أن يهجم عليه مجددًا ولكن وقف صالح  أمامه ينطق بقوة محذرًا  : 


- بيكفي ياخو ، هيك عم تجيب الحق عليك . 


لجمه صالح لينزع نفسه ويقرر أن يغادر المصنع  ،  لقد احتمل فوق طاقته وليس هو الذي تُهدر كرامته حتى لو كان على حساب وصية بسمة  . 


زفر صالح بقوة واندرجت ملامحه تحت بند الحزن وقرر أن يتبعه وليكن لكل حادثٍ حديث  . 




❈-❈-❈



تجلس ديما في منزل عائلتها بين والدتها وشقيقتها والصغار وبسمة ويسرا ،  جميعهن تتحدثن وتحاولن إقناعها  . 


تجلس معهن مشتتة وعينيها لا تفارق صغيريها اللذان يلعبان بينهن  . 


نظرت إلى يسرا التي تؤكد لها بحنين  : 


- ديما إنتِ عارفة شغل دياب وعارفة إنه طول الوقت برا البيت صدقيني هكون معاهم هنا يوميًا بس يارب طنط منال ماتزهقش مني  . 


قالتها ونظرت إلى منال بابتسامة متنكرة لتطالعها الأخرى باندهاش وتردف بنبرة معاتبة  : 


- اخص عليكِ يا يسرا ده كلام  ؟  بالعكس بقى انتِ هتنسيني غياب ديما شوية  ،  وبعدين مانتِ كمان عارفة إن معظم الوقت قاعدة مع الولاد لوحدي ودينا وداغر في شغلهم  . 


استرسلت وهي تنظر لابنتها  : 


- وانتِ يا ديما خلاص يابنتي بقى كفاية قلق وخوف  ،  معقول خايفة عليهم معايا  ؟  دول حتة من قلبي وانتِ عارفة كدة  ،  وبعدين مش هما بنفسهم قالولك موافقين  ؟ 


تنهيدة قوية معبأة بالحنين وهي تنظر لهما ثم زفرت وأردفت توزع نظراتها بينهن  : 


- مش خوف يا جماعة  ،  أنا مطمنة عليهم معاكوا طبعًا  ،  انتوا بتحبوهم وبتراعوهم زيي وأكتر بس قلبي مش قادر  ،  خايفة أوي آخد خطوة زي دي وأكون أم اتخلت عن ولادها علشان خاطر نفسها  . 


تحدثت بسمة بنبرة عقلانية مبطنة بالتوبيخ  : 


- طيب وإنتِ اتحملتي تمن سنين في ضغط وحزن وقهر علشان مين يا ديما  ؟  كنتِ كل مرة تسامحي في حقك علشان مين  ؟  خلقتي مليون فرصة تكملي بيها  ،  لو سمحتي بلاش مرة تانية تقولي إنك أم اتخلت عن أولادها  ،  كل ما في الأمر إنك رايحة مكان جديد وغريب ومش هتعرفي تتحركي بيهم بسهولة هناك ولا توصلي رسالتك بشكل صح غير لما تستقري  ،  ولما تستقري تقدري ترجعي وتاخديهم أو العكس ممكن ماترتاحيش هناك وترجعي وتبقى مجرد تجربة وعدت  ،  وعلى فكرة أصلًا فكرة إنهم يكونوا معاكي دي مش صح بالنسبالهم خالص  ،  هنا فيه استقرار ليهم أكتر ، وماتنسيش كمان إن باباهم هيحطلك العقدة في المنشار ومش هيقبل بسفرهم وإنتِ في الوقت ده مش حمل جدال معاه  . 


نظرت دينا إلى بسمة وأردفت بإعجاب وهي ترقص حاجبيها وتقوم بدور داغر الغائب  : 


- عليا النعمة عاقل وعسل وكلامك عسل  . 


ابتسمت بسمة وتذكرت داغر وحركاته لتتحمحم بحرج كأنهن اكتشفن أمرها بينما شردت ديما لثوانٍ ثم أومأت تردف بنبرة تائهة  : 


- مش قادرة غير إني أوافق  ،  أنا فعلًا محتاجة أعرف وافهم الوضع هناك هيبقى عامل إزاي الأول   . 


زفروا بارتياح فأخيرًا وافقت حتى لو لم تقتنع بشكلٍ كامل ولكن ستتأكد أن هذا هو القرار السليم في الوقت الراهن . 


نظرت لصغيريها ونادتهما تفتح ذراعيها لهما قائلة بقلبٍ منفطر  : 


- مالك  ،  رؤية  ،  تعالوا  . 


أسرع الصغيران يلبيان طلبها فعانقتهما بقوة تقبلهما قبلًا متتالية عميقة كأنها ستسافر الآن  . 


نزلت دموعها تزامنًا مع دموع يسرا ومنال ثم ابتعدت قليلًا تنظر في وجهيهما وتردف بنبرة منفطرة  : 


- هسافر ومش هتأخر عليكوا  ،  هرجع تاني بسرعة وهكلمكوا كل يوم فيديو كول وأنا هناك  ،  ودايما هنكون على تواصل   ،  تمام ولا زعلانين مني  ؟ 


عاد مالك يعانقها ويردف بنبرة حنونة تشبه نبرة خاله   : 


- ماتزعليش يا ماما  ،  مش إنتِ سافرتي قبل كدة وجيتي وإحنا كنا مبسوطين  ،  أنا نفسي أسافر معاكي أوي بس هستني هنا لما تيجي تاخديني  ، روحي إنتِ الأول وكلمينا كل يوم ولما تشتري بيت كبير تعالي خدينا أنا ورؤية وتيتة وخالو داغر  .


- أخص عليك وأنا يا مالك  ؟


نطقتها دينا باستنكار وصدمة ليلتفت لها مسترسلًا بمرح طفولي  :


- انتِ بتنامي كتير يا خالتو  ، مش بتحسي لما نيجي نصحيكي  ، هنسافر إحنا ولما تصحي ابقي تعالي  .


ضحكن على الصغير وضحكت ديما من بين دموعها وعانقته هو وشقيقته التي أردفت مثله  :


- ماتزعليس يا ماما  .


أصدرت تنهيدة معبأة بالحيرة والحنين والخوف واستمرت في عناقهما تفكر مجددًا وتتساءل هل ستحتمل الحياة هناك بدونهما  ؟  

❈-❈-❈


جلس في مكتبه يشاهد الإعلامي المشهور وهو يهاجم كتابها  ،  يصيح ويلوح بيده مدعيًا أنها من المؤكد ستكون مطلقة ولا يمكن لشخصٍ تحمل امرأة مثلها  . 


النرجسية العظمي التي يمتلكها جعلته يفرد ظهره على المقعد بانتشاء وتباهٍ  ولسان حاله يردد 

( لقد جعلت سيرتي علكة في أفواه الجميع من خلال كتابها وها هو عقاب الله أوقعها في نفس الحفرة التي حفرتها لي  ) 


شامتٌ بشدة ومع ذلك لا تسافر من ذاكرته قط  ،  يتذكر ملامحها  ،  عينيها  ،  هدوءها  ،  كل إنشٍ بها  ،  وخجلها الذي يفتقده الآن  ،  شتان بينها وبين زينة ويحمد الله أن الأفكار تختبئ خلف قناعٍ صُنع من ملامح كارهة وحاقدة وإلا فُضح أمره على يد زينة التي لا تهاب الفضائح . 


دلفت المحل تتجه نحوه وقد ظهر حملها في هذه العباءة  ، جلست في مقعدها تلتقط أنفاسها وتتساءل بشكٍ بعدما أغلق الهاتف ودسه في جيبه حينما رآها  : 


- كنت بتتفرج على إيه  ؟  


تمعن فيها ثم ابتسم وأردف بنبرة ماكرة وملامح متلونة  : 


- رونالدو وهو بيلعب  ،  إنتِ نزلتِ ليه وانتِ تعبانة  ؟ 


نظرت حولها تركز مع العمال الذي يباشرون عملهم ويلمعون الواجهة والبضائع ثم عادت إليه تردف  : 


- زهقت وامي مش مبطلة رغي فوق نفوخي ،  قولت آجي أشوفك بتعمل إيه وأشوف الشغل ماشي إزاي  . 


أومأ لها فاسترسلت وهي تحدق في المقعد الخاص به  : 


- قوم اقعد مكاني وسيبني أنا على الكرسي ده مريح أكتر  . 


نهضت تتحرك نحوه لينهض بطاعة فجلست مكانه تستريح واتجه هو يتأفأف بضيق ويجلس مكانها فها هي ستبدأ نوبات سيطرتها عليه وعلى العمال وما عليه سوى القبول .



الصفحة التالية