-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 19 - 1 - الثلاثاء 7/1/2025

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل التاسع عشر

1

تم النشر الثلاثاء

7/1/2025


مغترب... 


وقلبي مظطرب.. 


لعينيك منجذب


مزاجي منقلب


لابتسامة منك.. 


أو لعقدة حاجبين... 


أتسائل... 


عن شفتيك


ألها طعم مختلف... 


أتسائل... 


إن أمسكت يدك 


هل هي مثل يدي سترتجف.. 


أعترف ان لك على قلبي 


سطوة خفية


فهل تعترفين؟؟!!!!


( بقلم فيروزة  ) 


❈-❈-❈


جلس يستمع إليها بعدما طلبت رؤيته  ،  يواري اشتياقه لها خلف نظرات متسائلة عن سبب اللقاء  . 


كلاهما يلتزمان الصمت المعبأ بالمخاوف وكلٍ منهما يمتلك حقًا في روايته وذنبًا لمشاعره  . 


زفرت بقوة تسبل أهدابها ثم عادت تحدق به قائلة بترقب  : 


- ماجد هيمشي كمان كام يوم من المصنع  ،  عندك استعداد ترجع  ؟ 


يلين قلبه حينما تحدثه بهذه النبرة وتطالعه بهذه العيون ولكن تأبى كرامته التهاون خاصةً وأن الآخر ألقى في عقول العمال فكرة خبيثة وهي استغلاله لمنصبها لذا فاحتمالية حبه لها مشكوكٌ في أمره وهو ليس بالرجل الذي يسمح بالخوض في سيرته أو سيرتها لذا فالابتعاد أسلم قرار قبل أن يغرقا سويًا  ،  الفروقات بينهما غير متكافئة على الإطلاق وهذا ما بدأ يدركه حينما قررت إدارة الشركة  ،  هي سيدة أعمال تقع على عاتقها مسؤوليات كثيرة وهو رجل بسيط كل أحلامه عودته إلى بيته لينعم بدفء زوجته الناعمة ويحمل عنها التزامات كثيرة  . 


الحب وحده لا يكفي  ،  يجب أن يكون التفاهم هو الكفة الراجحة في ميزان العلاقات لذا نطق بنبرة لينة يجاهد ألا يؤلمها  : 


- المصنع أموره تمام يا بسمة  ،  العمال بيشتغلوا بضمير وإنتِ هترجعي تدريه كويس فملوش لزوم وجودي  ،  وبعدين الفترة دي مش لازم ابعد عن المنطقة علشان سفر ديما والاولاد  ،  اعفيني أنا من المسؤولية دي  . 


لم تشفع أسبابه في محو حزنها وخذلانها  ، لم تكن تتوقع أن يرفض  ، لقد كان يساندها دومًا فماذا حدث  ؟ لم ترتح لهذا الشعور لذا تساءلت  : 


- بس ده ماكنش رأيك يا داغر  ،  إنت قولتلي إنك مش هتتخلى عني بعد ما حكيتلك عنهم  ،  سفر ديما حجة علشان تبعد بس ليه  ؟ 


أدرك أنه لا يجوز أن يستهان بذكائها لذا تنفس بعمق وحاول أن يكون واضحًا فصارحها بعيون متفحصة  :


- بصي يا بسمة أنا عند وعدي ومش هتخلى عنك طبعًا بس أنا مهما طلعت أو نزلت واحد غريب عنك وفي نفس الوقت بشتغل عندك  ،  ابن عمك خبيث ورمى طعم وهو عارف إنه هيدوش واتعمد يقول كدة قدام العمال علشان عارف كويس إن دي حاجة مش هتقبلها  ،  أنا مش هقبل يتقال عني إني بستغلك أو بستغل مشاعرك علشان مصلحتي  ،  أو يتقال أني طمعان في ثروتك  ،  كل ده هيتقال وبيتقال من ورا ضهري علشان كدة أنا يومها قطعت عرق وسيحت دمه وبعدت  ،  وإنتِ لازم تفهميني في الحتة دي  . 


إذا هو يكن لها المشاعر  ،  نعم هذا ما ينبع من بين كلماته وإلا فلمَ الخوف والابتعاد  ؟  لا إراديًا انبلجت ابتسامة خفيفة على محياها جعلته يتعجب حين ظن أنها ستقابله بالعبوس لذا تنفس بعمقٍ واسترسل متسائلًا  : 


- ساكتة ليه  ؟ 


هزت كتفيها تجيبه بهدوء يحمل بعض الخبث  : 


- أبدًا  ،  كلامك اقنعني  . 


قطب جبينه بتعجب فتابعت تشرح مبتسمة  : 


- خلاص يا داغر مش هضغط عليك  ،  بس على الأقل خلي صالح يرجع لإن هو كمان مش بييجي وزعلان على زعلك  ،  صالح مهندس ممتاز هو كمان وشغله كويس جدًا  ،  بلاش انتوا الاتنين تسيبوا المصنع  . 


أومأ يجيبها ببعض الضيق  : 


- تمام يا بسمة هكلمه مع إنه قالي الموضوع منتهي بالنسباله لو أنا مرجعتش  ،  بس تمام هكلمه  . 


أومأت ثم مالت ترتشف من كوب العصير الخاص بها والتفتت تنظر إلى نهر النيل بشرود وعقلها يسير مع المراكب الشراعية وتفكر هل حقًا يكن لها المشاعر كما تتوقع أم أن عقلها يترجم هذا لقلبها  ؟ 



❈-❈-❈


جئتك بقلبٍ محمل بالآهات يواري سوءته عن كل البشر 

وجئتني بعقلٍ ملغم بالصراعات وفي ظاهره الجليد منتشر

القلم بيدنا ما هو إلا قنبلةً موقوتةً نخط به حربًا لا تؤلم إلا الخائن 

لذا فـ لن يفهم كلانا سوانا


رحل ودلفت تنظر حولها للمكان المرتب بشكلٍ جعلها توقن أنه جهز كل شيء  . 


نظيف وأنيق لا ينقصه شيء  ،  بهو ومطبخ مفتوح وغرفة معيشة و  ..  رفعت أنظارها للأعلى نحو الدرج ثم ابتلعت لعابها  . 


انتابها الخوف من وجود طابق آخر للمنزل  ،  لمَ كل هذا وهي بمفردها  ! 


حاولت أن تلتقط أنفاسها واتجهت تسحب حقيبتها ثم تحركت نحو غرفة مغلقة وفتحتها بتوتر لتجدها غرفة نومٍ صغيرة بها حمام ملحق يبدو أنها إضافية لذا ستتخذها لنفسها  ،  لن تصعد للطابق العلوي هذا فهي ليست بحاجته  . 


دلفت ونظرت حولها بحيرة ثم اتجهت نحو الفراش وجلست عليه تتنفس بعمق وتفكر  ،  هل ستمر أيامها هنا في هذا المنزل هكذا بمفردها  ؟  دون طفليها  ؟  دون عائلتها  ؟  وحيدة  ؟ 


اشتاقت لهما من الآن  ،  اشتاقت كثيرًا لذا أسرعت تخرج هاتفها من حقيبة يدها لتحاول تركيب الشريحة الأخرى فيه كي تتحدث إليهما  . 


❈-❈-❈


على الجهة المقابلة  . 


دلف منزله يشعر بانتصار يغزو وحدته  ،  للمرة الأولى لا يدرك ماهية بعض المشاعر التي تراوده الآن والتي على رأسهم التملك والسيطرة ،  اتجه يجلس على الأريكة ويفكر بها  . 


باتت قريبة منه جدًا ومع ذلك أمامه طريقًا طويلًا كي يصل إليها  ، ابتسامة زينت محياه حينما تذكر حجابها ونظراتها  ،  لقد أتت إليه متسلحة بالتحدي  ،  ممتلئة بمنسوبٍ معتدل من الشغف الذي سيساعدها على شق مجريات آمنة له  . 


زفر بقوة وانتشل هاتفه الذي يعلن عن اتصالٍ من والدته فنهض يجيبها بنبرة لم يتحدث بها منذ أمد قائلًا  : 


- أزيك يا علياء هانم  ؟ 


لم تغب عنها نبرته المنفرجة لذا انتعشت تجيبه بترقب  : 


- ثائر حبيبي  ؟  ياقلبي إنت صوتك مبسوط  ، فرحني وقولي إنك جاي مع معاذ  ! 


تحمحم ونهض يخطو نحو الأعلى وهو يردف بنبرة معاتبة  : 


- إزاي بس يا أمي  ؟ مش عارف ليه دايمًا تعذبيني وتعذبي نفسك  . 


وصل إلى غرفته واتجه يقف أمام نافذته حينما سألته تتجاوز حنينها : 


- طيب احكيلي مالك  ،  قولي حاجة تفرحني أنا كمان  . 


زفر بقوة يجيبها وعينيه تسلطت إلى البعيد  : 


- تمام خليني أقولك إن ظهر في حياتي حد جديد جاي يتحداني  ،  وإنتِ عارفة إني بحب التحديات جدًا  ،  علشان كدة هتلاقيني متحمس شوية  . 


قطبت جبينها وتساءلت بشكٍ  : 


- حد مين ده  ؟  تاني يا ثائر  ؟  مش ناوي تبعد عن المشاكل أبدًا  . 


صمت لهنيهة ثم تابع بغموض  : 


- ماتقلقيش يا علياء هانم  ، يمكن دي أكتر حاجة كنت مستنيها  . 


هكذا أجابها قبل أن يهتز هاتفه اهتزازًا يعلمه لذا استطرد  : 


- أمي هقفل دلوقتي ونتكلم بعدين   . 


أغلق معها وعبث بهاتفه ليتضح له أنها الآن تتصل بعائلتها  ،  التفت يجلس على طرف الفراش وظل يفكر هل يستمع إلى مكالمتها أم لا ؟ 


❈-❈-❈


فتحت دينا المكالمة لتظهر صورتها أمامهم  ،  على الفور بكت ديما ما إن رأت صغيريها اللذان أسرعا يصرخان باسمها فتحدثت إليهما بدموعٍ واشتياق حقيقي  : 


- وحشتوني جدًا  . 


تحدث مالك  معاتبًا بما لم تستطع تحمله  : 


- مشيتي ليه يا ماما واحنا نايمين  ؟ مش كنتِ استنيتي لما صحينا وسلمنا عليكي  ؟ 


تحدثت بحنين وهي تتمعن في ملامحهما  : 


- معلش يا حبيبي الطيارة كانت هتفوتني  ،  وبعدين أنا حضنتك جامد إنت ورؤية وانتوا نايمين  ،  وكمان انتوا هتبقوا معايا علطول  ،  هكلمكوا كل شوية كإني معاكم  ،  تمام يا قلبي  ! 


سألته فأومأ مالك وتحدثت رؤية بترقب وهي تنظر حول والدتها  : 


- ماما ده بيتك  ؟ 


ابتسمت لها ديما والتفتت تنظر حولها وتعرض المكان عليها قائلة بحبٍ بالغ  : 


- أيوة يا قلب ماما  ،  إيه رأيك  ؟ 


أجابتها دينا بدلًا عنها حيث كانت تشاهد معهما  : 


- حلو أوي يا ديما  ، سيبك من ولادك واحكيلي بقى عملتي إيه أول ما وصلتي وشوفتي إيفل ولا لسة  ؟ 


ابتسمت ديما وأردفت بنبرة تحمل الخبث  : 


- لاء ماشفتوش  ،  أنا سكنت جنبه  . 


صاحت دينا بصوتٍ عالي فنهرتها منال التي تجلس تنتظر محادثة ابنتها وانتزعت منها الهاتف تردف موبخة  : 


- قومي من هنا يا عيّلة  ،  لو داغر جه وسمعك وانتِ بتصرخي كدة هتشوفي هيعمل فيكي إيه  . 


ضحكت دينا والتصقت في والدتها التي نظرت إلى ملامح ابنتها باشتياق واسترسلت بحنين وهي تتمسك بالهاتف   : 


- عاملة إيه يا ديما  ؟  مبسوطة يا قلبي؟ 


ابتسمت لها تطمئنها وكادت أن تجيبها لولا إجابة دينا المندفعة  : 


- بتقولك سكنت جنب برج إيفل هو فيه انبساط أكتر من كدة  ؟  


بنظرات حادة نهرت منال ابنتها فابتعدت عنها ضاحكة لتعاود منال النظر في الهاتف حيث ديما التي أجابتها بتروٍ  : 


- ماتقلقيش يا ماما أنا كويسة جدًا  ، الأستاذ ثائر جابني هنا وقال إن الشارع ده كله عرب وكلهم ناس كويسة ومن أول بكرة إن شاء الله هبدأ الشغل في المجلة وأشوف المطلوب مني إيه  ؟ 


تنهدت منال ثم أردفت بنصحٍ  : 


- خدي بالك من نفسك يا بنتي  ،  وزي ما قولتلك خلى قربك من ربنا هو سلاحك واقرئي كويس يا ديما علشان تعرفي تواجهيهم بالحجج الصح يابنتي  ،  ربنا ينور بصيرتك ويشرح لك صدرك وييسر لك أمرك ويحل العقدة من لسانك اللهم آمين  . 


عادت عينيها تلتمع مع دعاء والدتها لها وأجابتها  : 


- ماتقلقيش يا ماما  ،  ده اللي ناوية اعمله  ،  وهكمل تعليمي كمان بس لما أظبط أوضاعي هنا الأول  ،  خدي بالك من مالك ورؤية يا ماما وأنا هكلمكم علطول  ،  هو داغر لسة ماجاش  ؟ 


أومأت منال تجيبها  : 


- أيوة زمانه على وصول  ،  هخليه يكلمك أول ما يوصل  . 


أومأت تردف بقلق راودها للتو  : 


- تمام  ،  وابقي فكريه يتابع مع أستاذ وليد  ،  المفروض إن الحكم بكرة  . 


- إن شاء الله خير يا حبيبتي وكتابك مش هيتوقف وهتشوفي  . 


قالتها منال لتردف ديما بهدوء قبل أن تغلق   : 


- إن شاء الله يا ماما  . 


أغلقت معها واستنشقت نفسًا قويًا ثم استلت مذكرة وقلمًا من حقيبتها ودونت قائمة بما ستفعله يوميًا وعلى رأسها دونت  : 


١- الصلاة 

٢- هكلم ولادي كل ساعة 

٣- هجمع معلومات واقرأ كتب 

٤- هركز في هدفي بس 

٥- هجهز ردود للأسئلة اللي ممكن تتوجهلي من ثائر أو غيره  . 


نزعت الورقة من مذكرتها ونهضت تخطو نحو الأمام لتثبت الورقة فوق المكتب المقابل لسريرها كي تكون أمام عينيها دومًا  . 


زفرت بقوة واتجهت لتفتح حقيبتها وتخرج ملابسها لتغتسل وتبدل ثيابها وتحاول النوم قليلًا  .


الصفحة التالية