رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 19 - 2 - الثلاثاء 7/1/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل التاسع عشر
2
تم النشر الثلاثاء
7/1/2025
جلس خلف مكتبه كالعادة يأمر وينهي بتعالي أولئك العمال الذي لم يعدوا يهابونه ولكنهم يظهرون الطاعة لأجل لقمة العيش .
زفر بضيق وضجر ليرن هاتفه معربًا عن اتصال من رقمٍ غير مسجل فأجاب بترقب :
- ألو ؟
أردفت الأخرى :
- مساء الخير ، أستاذ كمال الوراق معايا ؟
- أيوة مين ؟
نطقت بحذر :
- معاك أستاذة نهلة حمدان من قناة **** ، كنا حابين نسألك لو حابب تطلع معانا بخصوص موضوع أستاذة ديما الصابر ؟
نفش نفسه وتملكت منه نرجسيته ليتساءل :
- خير يعني اتكلم في إيه ؟
تحمحمت المراسلة وأردفت موضحة :
- يعني هنسألك شوية أسئلة عنها بما إن حضرتك كنت طليقها وأكيد عارف عنها كتير خصوصًا بعد إثارة الجدل اللي كتابها عملها وهي كمان .
فكر قليلًا ثم أراد أن يظهر ما لم يملكه من رصانة وتعقل فقال :
- مايصحش يا أستاذة نهلة دي مهما كانت أم ولادي ومش هطلع أتكلم عنها وأعيب في حقها مهما كان ، عيب يا أستاذة إنتِ بتكلمي راجل فاهم وواعي ، وبعدين إنتِ جبتي رقمي منين ؟
نطق سؤاله تزامنًا مع دخول زينة المحل فرآها لذا انكمشت ملامحه بضيق فلم يكن يريد أن تسمعه ولكنها سمعت ورأت فاقتربت تجلس أمامه وتساءلت بعلو غير عابئة بأي شيء :
- بتكلم مين يا كمال .
حدجها بنظرة حادة فحدجته بمثلها ليهمس لها وهو يبعد الهاتف قليلًا عن أذنه :
- اصبري بس هقولك .
- افتح المكبر .
ازدرد ريقه بضيق وفتح المكبر يضع الهاتف على الطاولة وينطق بحذر وتوتر لوجود زينة :
- زي ما قولتلك يا أستاذة مش أنا الراجل اللي أطلع اتكلم عن واحدة كانت في يوم مراتي .
وجدها تطالعه بعيون جاحظة كأن هناك كارثة طبيعة تحدث فأشار لها بعلامة الصبر واستمعا إلى كلمات المراسلة وهي تقول بخبث :
- بس يا أستاذ كمال ممكن الكلام اللي حضرتك تقوله يكون في صالحها أصلًا إنت ليه فرضت سوء النية ، وبعدين فيه مبلغ هتاخده عن اللقاء ده .
تحدثت زينة بدلًا عنه تردف بطريقتها :
- بصي يا أستاذة هو كمال جوزي طيب ومش عايز يغلط أو يطلع يقول عن اللي حصل منها علشان خاطر عياله بس لو إنتوا هتقدروا مافيش مشكلة ، وأهو زي ما قولتي يمكن كلامه يكون في صالحها ، بس عرفينا اللقاء امتى وفين واحنا هنجيلك .
انفرجت نبرة المراسلة وتعاملت على أساس كلمات زينة تجيبها :
- تمام يا مدام من ناحية التقدير ماتقلقيش بس المهم إن كلامه يكون فيه أحداث مهمة وحصري لينا إحنا بس ، لو كدة يبقى اتفقنا ومعادنا هيكون يوم الخميس الجاي في مقر القناة في **** .
لم تُخِفها نظرته ولو بمقدار ذرة بل واصلت حديثها بابتسامة منتصرة :
- تمام يا أستاذة ، هنكون عندك يوم الخميس إن شاء الله .
أغلقت معها وطالعته بتحدٍ تتساءل بهدوء يسبق العاصفة :
- إيه يا كمولتي معقول ؟ مش عايز تطلع تتكلم عن سي الأستاذة ديما ؟ مش عايز تجيب سيرة الهانم وتغلط فيها ؟ هو إنت ناسي يا كمولتي إنك فضحتها قدام الحارة كلها ولا إيه ؟ هيفرق في إيه بقى الحارة من القناة ؟
لم تتغير نظرته لها برغم أنه واجهته بمساوئه بل قال بنبرة غاضبة حديثة العهد :
- إنتِ إزاي تخلي شكلي كدة قدام الست ؟ إزاي تقلي مني بالطريقة دي ؟
هدأت عاصفتها حينما لمحت في عينيه غضبًا يلوح في الأفق ونهضت تتجه نحوه ثم وقفت خلفه وشمرت عن ساعديها وبدأت تدلك كتفيه ومالت تهمس بهدوء مصاحب مع لمساتها :
- أنا عملت كدة علشانك ، مش هي ظلماك في روايتها وقايلة عنك كلام كتير كله كذب ، ده الوقت اللي لازم تطلع تاخد فيه حقك واهي جت من عند ربنا ، هتطلع تحكي اللي حصل وبعدين لو ع العيال كان من باب أولى هي اللي فكرت فيهم قبل ما تكتب روايتها دي اللي بإذن الله هتقف ، ربك يمهل ولا يهمل أبدًا .
اخترقت كلماتها المسمومة عقله وارتكزت فيه بل أنها أقامت داخله قاعدة قوية من الإقناع ليهز رأسه وينقضي غضبه اللحظي ويجيبها بتحمحم مستجيبًا لأفعالها :
- يعني تفتكري مايتقلش عني إني ماصدقت وطلعت اصطاد في الميه العكرة ؟! أنا مش عايز حد يجيب سيرتي بكلمة يا زينة زي ما حصل في الحارة لما وقعت .
مالت على كتفه أكثر تبصق سمها في أذنه :
- محدش هيقول كدة أبدًا لإن هي وكتابها أصلًا عاملة بلبلة والناس عايزة تفهم حقيقتها ، ومحدش هيقول الحقيقة زيك ، بالعكس ده الناس كلها هتقول الله يكون في عونك عاللي اتحملته منها .
أقنعته للحد الذي جعله يشرد وينسج حلمًا يتمناه حيث الجميع يفخمونه ويضخمونه ويسترد هيمنته التي ضاعت بعد خلعه .
❈-❈-❈
في اليوم التالي صباحًا
استيقظت باكرًا بحماس واتجهت لتؤدي روتينها كما قررت ، بعد نصف ساعة ارتدت ملابس عملية محتشمة ولفت حجابها بطريقة منمقة ولكنها وقفت تبتلع لعابها وتفكر في كيفية الوصول إلى مقر المجلة .
هل تهاتفه ؟ هي لا تعرف أحدًا سواه هنا ؟
اتجهت تستل هاتفها وتنظر في الوقت الذي قارب على الثامنة لذا قررت مهاتفته .
أجابها حينما أوشك الاتصال على الانتهاء يردف بنبرة متحشرجة من أثر النوم :
- أظن ده نشاط أول يوم .
تحمحمت بحرج وأجابته :
- أسفة على الازعاج بس قلت أكيد المجلة بتفتح بدري وأنا للأسف ماعرفش العنوان بالتفصيل ، ممكن تساعدني بس أوصل إزاي وأنا هعرف .
أصدر ضحكة سريعة خافتة كدليل سخرية فتجهمت بغيظ ولكنها كظمته حينما قال :
- لو كنتي هتعرفي توصلي ماكنتيش كلمتيني دلوقتي ، على العموم أنا قدامي ساعة وهروح وده علشانك ، أنا في العادة مش بروح غير على الساعة 11 بعد روتين رياضي .
التقطت نفسًا قويًا كي تهدأ ثم أردفت بنبرة جعلتها ثابتة ولكنها مبطنة بالتحدي :
- لا لو سمحت ماتحاولش تغير نظامك بأي شكل ، أنا مش عايزة أحصل على أي تميز بالعكس أنا جاية هنا لهدف معين وهو إني أثبت إن أفكارك عني كلها غلط .
- عنك ؟
تساءل بها بتعجب أو بمغزى يقصده لتجيبه بتأكيد :
- المرأة العربية .
ابتسم وأجاب بثقل :
- تمام يا ديما ، وانا موافق ومش هتحصلي على أي تميز ، علشان كدة حاولي توصلي لمقر المجلة بنفسك ، عنوانه ****** .
برغم الضيق والتوتر اللذان انتاباها إلا أنها سجلت العنوان وأغلقت معه متوعدة له ألا تطلب مساعدته قط لذا قررت الخروج والسؤال بنفسها عن العنوان .
فتحت الباب الموصود بدقة وهذا لم يغب عن عقلها حيث أنه جهز لها نظام قفل الكتروني لا يفتح سوى بشفرة سرية .
خرجت تنظر للجهتين والتوتر حليفها ولكنها ستفعلها ، لقد سلكت هذا الطريق ولن تعود خطوة إلى الوراء ، نزلت الدرجات القليلة وعادت تلتفت بحثًا عن سيارة أجرة أو حافلة نقل تقلها ولكن عليها سؤال أحدهم !
نظرت للمنزل المجاور لها وللآخر المقابل نظرت بحيرة بينهما ، من تسأل يا ترى ؟
لم تهتدِ وخشت إزعاج أحدٍ لذا زفرت بقوة تدعو ربها ليظهر من المنزل المجاور شابًا في منتصف الثلاثينات ينوي الخروج من منزله .
سلطت أنظارها عليه ولا تعلم كيف تبدأ وهل هو عربي كما أخبرها أم فرنسي ولكن ملامحه تؤكد لها أنه عربي وقبل أن تتفوه بحرف وجدته يقف قبالتها ثم أشار عليها وتساءل بترقب :
- مدام ديما الصابر ؟
تجلت الدهشة على معالمها تساءلت :
- إنت تعرفني ؟
ابتسم لها وأجابها بنبرة ودودة :
- أيوا استاذ ثائر بلغنا امبارح إنك جاية النهاردة وهتبدئي شغل معانا في المجلة ، أنا نسيم سلطان ، مصري ومقيم هنا من خمس سنين .
عرفها عن نفسه فابتسمت تومئ قائلة بنبرة منشرحة قليلًا من رؤيتها لشخصٍ مصري :
- أهلًا بيك ، طيب إنت رايح المجلة دلوقتي ؟
أومأ لها يشير نحو سيارته وأردف :
- أيوا تحبي أوصلك ؟
نظرت للسيارة وتوترت ثم أجابته بثبات :
- لاء شكرًا بس لو ممكن تساعدني وتعرفني آخد أي مواصلة لهناك ؟
أدرك تحفظها لذا أجابها بودٍ :
- بصي أنا أصلًا مش بروح بالعربية المكان مش بعيد ، خلينا نتمشى شوية وأهو تعرفي الطريق .
هكذا أفضل لذا أومأت له تبتسم بهدوء وتحركت معه نحو مقر المجلة القريب .