-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 23 - 1 - الثلاثاء 21/1/2025

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثالث والعشرون

2

تم النشر الثلاثاء

21/1/2025


كالعادة يقف يباشر عمله مع صالح الذي ينشغل عقله بحالة والده  . 


توقفت بسيارتها أمام ورشته وترجلت تتجه نحوه حيث ينحني على السيارة ولم يلاحظها بعد لذا نطقت  : 


- أزيك يا باشمهندس  . 


سمع صوتها لذا دب الاشتياق فيه وجعلته يعتدل ويلتفت لها يطالعها باندهاش وقد نسي كل ما قاله وابتسم لها يردف بحبور تجلى في نبرته  : 


- بسمة  ؟  أهلًا وسهلًا  ،  إنتِ كويسة  ؟ 


اهتمامه بها جعل قلبها يستكين من لوعته لذا تنفست بعمقٍ تجيبه بإيماءة  : 


- كويسة  ،  بس كنت محتاجة جراج للعربية  .


قطب جبينه متسائلًا باستفهام  : 


- جراچ  ؟  اشمعنى  ؟ 


تكتفت تجيبه بنبرة ثاقبة  : 


- أنا قررت أقعد مع خالتو منال أسبوع وطبعًا ماينفعش العربية تفضل كدة في الشارع  . 


- اللهم صلِّ على النبي  . 


نطقها معبرًا عن ذهوله مما قالته لتبتسم وتنظر نحو صالح الذي ابتسم عليه ليميل عليها ويتأكد مما سمعه متسائلًا  : 


- تقعدي فين ومع مين  ؟  مع خالتو منال اللي هي أمي  ؟  وأسبوع  ؟  في بيتنا  ؟ 


انشرح قلبها من طريقته التي اشتاقت لها لذا أومأت تجيبه بهدوء يخفي ثورة من المشاعر  : 


- أيوا يا داغر  ،  فيه مشكلة ولا إيه  ؟ 


التفت ينظر نحو صالح الذي يكتم ضحكته لذا أشار له يردف  : 


- لا اضحك يا صالح ماتكتمهاش  ،  اضحك على اللي أخوك فيه  . 


قطبت جبينها باستفهام وحاولت ألا تفهم معنى كلامه لذا تساءلت   : 


- داغر بجد قول لو فيه مانع أنا ممكن أرجع حالًا  . 


مسح على وجهه يستغفر ثم عاد يطالعها عن كثب ويتساءل باهتمام وهو يرنو منها قليلًا حتى لا يسمعه أحد  : 


- قوليلي الأول فيه حد زعلك أو اتعرض لك  ؟ 


هزت رأسها بلا تخفي عنه أمر ماجد قائلة : 


- لاء مافيش  ،  أنا بس فيه موضوع مهم حابة أفكر فيه براحتي بعيد عن العيلة  ،  فقولت آجي اقعد مع خالتو منال ودينا والأولاد  . 


- وبس كدة  ؟ 


تساءل بها حينما لم تذكر اسمه فأومأت مؤكدة بخبث يغلفه الهدوء  : 


- أيوة   . 


تنفس بعمق ثم أومأ وأردف بنبرة رصينة تندفع منها الحب  : 


- طيب تعالي لما أطلعك وماتقلقيش على العربية هجرچها في الورشة جنب عربيتي  . 


تنفست بارتياح وأومأت ثم التفتت نحو العربية تخرج حقيبتها فأسرع يلتقطها منها ويتحرك يردف إلى صالح  : 


- هرجعلك أهو يا صالح  . 


ضحك صالح يهز رأسه على هذين العنيدين اللذين ينهمر منهما الحب بوضوح بينما تحركا هما نحو المنزل  . 



❈-❈-❈


انتهى الدوام 


بصعوبة بالغة استطاعت إنهاء ساعات عملها وخرجت من المجلة لتتفاجأ به يقف ينتظرها على الرصيف أمام سيارته فأمعنت النظر تتساءل فأردف بنبرة تحمل أمرًا ورجاء : 


- من هنا ورايح هتركبي معايا ، يالا ! 


قالها وهو يتمنى أن تقبل دون اعتراض أو ندية وهذا ما قرأته في عينيه ويفترض أن ترفض ولكن خوفها مما حدث جعلها تومئ بضيق وبملامح متجهمة غير راضية لتلمح في عينيه ابتسامة أخفاها وهو يشير لها أن تتحرك نحو سيارته التي فتح بابها ففعلت واستقلتها لتكون طوال طريق العودة صامتة تتطلع أمامها ولم تتفوة ببنت شفة وفعل هو مثلها ، قبل الكلام معها عليه التحدث مع أخرى فلن يهدأ إلا إذا حل هذا الأمر .


أما هي فالتزمت الصمت وقررت ألا تسأله الآن فهي متعبة  ، ستتركه حينما يريد أن يخبرها  . 


توقف أمام منزلها فترجلت والتفتت تطالعه من خلال النافذة وقالت بخفوت  : 


- شكرًا . 


تحركت بعدها نحو الداخل وأغلقت بابها فتنفس بعمق واستل هاتفه يطلب رقم مارتينا التي أجابته بنبرتها اللعوب : 


- كيف حالك أيها البطل الخارق ؟ 


- أين أنتِ ؟ 


تساءل بنبرة صلدة مخيفة لتجيبه بتحدٍ : 


- في نادي المدينة ، انتظرك . 


أغلق وعاد يقود متجهًا إليها وعينيه تحمل وعيدًا سافرًا لا يدرك ثورته أحدٌ بعد . 


❈-❈-❈


جلست منال ترحب ببسمة ترحيبًا مليئًا بالعاطفة وداغر يقف متكتفًا ويطالعها بغيظ حيث أنها تتعمد استفزازه حينما قالت  : 


- تقعدي طبعًا ياقلبي وان ماشلتكيش الأرض نشيلك في عنينا  ،  دي دينا هتفرح أوي  . 


ابتسمت بسمة بعدما توغلتها الراحة  ،  منذ أن دلفت الحارة وهي تشعر بالارتياح لذا زفرت والتفتت تنظر نحو داغر الذي يتابع بصمت وعادت إلى منال تردف  : 


- تسلميلي يا خالتو منال  ،  بجد متشكرة على مقابلتك دي  ،  أنا فعلًا كنت محتاجة أغير جو  . 


نطقتها بعيون حزينة جعلته يتخلى عن صمته ويتحرك ليجلس بجانب والدته التي تساءلت بحنين  : 


- مالك يا حبيبتي احكيلي  . 


ازدردت ريقها ونظرت نحو داغر الذي يتمعن فيها منتظرًا تفسيرها ولكنها تجملت تجيب  : 


- روتين عملي ممل وبيت بارد يا خالتو  ،  الواحد أحيانًا بيحب يبعد عن كل ده  . 


أومأت لها منال مؤيدة ليزفر داغر ويردف بهدوء  : 


- طيب يا ماما أنا هقعد يومين كدة مع صالح  ،  أبوه تعبان أوي ومش راضي يروح المستشفى وانتِ عارفة لازم أكون جنبه  . 


أدركت بسمة أنها السبب لذا نطقت بجدية  : 


- لا لا مالوش لزوم خالص يا داغر  ،  خلاص أنا همشي  . 


اعتدل في جلسته يجيبها بذريعة شبه مقنعة   : 


- يابنتي بقولك الراجل تعبان جدًا  ،  وإنتِ عارفة إن صالح أقرب حد ليا  ،  أنا من زمان عايز أروح اقعد معاه يومين علشان يغير جو بس ماكنتش عارف اسيب أمي ودينا والعيال  ،  لكن مادام إنتِ معاهم هكون مطمن  . 


لمح السعادة تتراقص في عينيها وهذا ما أراده  ،  برغم أنها كانت تتمنى وجوده هنا إلا أن ثقته لها جعلتها تومئ باقتناع ليزفر بقوة حيث التفت ينظر إلى منال ويستطرد  : 


-  خدي بالك هي هتتعبك في الأكل، عمالة تخس تخس بس احنا ماينفعش معانا الكلام ده


ضحكت منال وضربته بخفة على ساقه تنطق بعفوية  : 


- أيوا وانت عايزها بطاية  . 


كاد أن يومئ مؤيدًا ولكنه تذكر من هي ومن هو نظر إليها ليجدها تتورد خجلاً جعلها تدعي انشغالها في هاتفها لذا عاد لوالدته يغمزها بعتاب فأومأت له بنية طيبة ودعت في سرها أن يوفق الله بينهما  .


❈-❈-❈


ترجل من سيارته أمام المكان المنشود ودلف يبحث عنها بعينيه ليجدها تمارس التنس لذا تحرك لتراه وأشار لها أن تتبعه واتجه يجلس عند طاولة في ركنٍ هادئ . 


برغم أن نيران التوعد اندلعت داخله إلا أنه حافظ على ثباته وهدوءه وهو يراها تتقدم منه وتبتسم ثم انحنت لتقبله فابتعد فلم تفلح لذا زفرت تداري خيبتها والتفتت تجلس قبالته وتتلاعب بمكرها متسائلة : 


- ما سبب هذا الانزعاج يا ترى ؟ 


تمعن فيها بثقب ثم تحدث بنبرة مصوبة كسلاح حربٍ محرم : 


- اسمعي مارتينا ، لن أسمح لكِ بهدم اسمي الذي شيدته على مدار سنوات من القمع والظلم ، ليس بعدما نلت ما نلته من احترام وثقة وحققت المعادلة الصعبة التي لم يحققها أي عربي هنا ، إياكي مارتينا ، إياكي والمساس بسمعتي ، وإن كنتِ امرأة لا يهمها سمعتها ولا سمعة عائلتها فأنا رجل اهتم كثيرًا بهيبتي وسط جمهوري ، وكذلك أب اهتم بنفسية صغيري ، ما تفعلينه هو عبث بشكلٍ كامل وعدم ثقة منقطع النظير ستجعلني محط اتهامات، تروي وإلا أقسم أنني سأجعلكِ تكرهينني بحق . 


اشتعلت كليًا ولكنه برع في تهديده فلم يذكر سيرة ديما أمامها ولكنها بصقت ما في جوفها وهي تلفظ كما يلفظ التنين نيرانه : 


- أنت معجب بها ، أليس كذلك ؟ 


طوال اثنا عشر عامًا يستخدم غشاءً مقوى يخفي به دواخله عمن أمامه والآن لأول مرة يخشى أن تنخدش قوة هذا الغشاء ولكنه سيحاول بالقدر المستطاع لذا تنفس بعمقٍ يجيبها بتريث صارم مجردًا من الغضب وهو يرنو منها حتى بات على مقربة منها : 


- انظري إليّ جيدًا مارتينا ، انظري في عيني ، هل ترين داخلهما أي حبٍ ؟ أنا لا أحب سوى ابني وقلمي وكنتِ أنتِ ذات يوم ولكن لم تعودي كذلك بعد كل ما فعلتيه وما زلتِ تستمرين بفعله . 


انتفخت أوداجه وهو يبتعد وزفر يتابع بنظراتٍ ثاقبة : 


- أخبرتكِ أن القتل وسيلة الضعفاء ، أخبرتكِ أنني أريد أن أصل معها لهدفٍ معين وهذا يعد مكسبًا جديدًا لي بين جمهوري وكذلك وسط أعدائي ، لذا توقفي عن عبثكِ هذا ، هل فهمتِ ؟ 


حية تتلاعب وتحوم حول ضحاياها ولكنه حاوٍ يعلم جيدًا كيف يروضها وقتما يريد ويستخرج سمها ليكون ترياقًا لذا أومأت تجيبه بنبرة شبه مقتنعة بكلماته : 


- حسنًا ، لأنتظر وأرى ما هو هدفك ثائر . 


هز رأسه ونهض بعدها يغلق زر بدلته ونطق وهو يتعمق فيها : 


- كوني أمًا جيدة ونظمي حقيبة ابنك الذي سيذهب إلى مصر خلال الأسبوع المقبل ، افعلي الأشياء التي يمكنها محو سيئاتكِ من ذاكرتي . 

تحرك يغادر وتركها تتأمله وتفكر في كلماته ولأول مرة تقرر التمهل لترى هل تثق فيه أم في حدسها الذي يفحص كلماته . 


خطا نحو سيارته بثباتٍ يحسد عليه  ،  ثباتٍ جعله دومًا كالمحيط الذي لا يدرك أي أحدٍ أعماقه بعد  .


الصفحة التالية