-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 23 - 3 - الثلاثاء 21/1/2025

 

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الثالث والعشرون

3

تم النشر الثلاثاء

21/1/2025


انتهت لتوها من تنظيف غرفة معاذ ووقفت تطالعها بأنفاسٍ مجهدة ولكن سعادتها بمجيئ ولد ولدها تفوق أي تعب  . 


دلف عليها أمجد يتطلع نحو الغرفة المرتبة والتي تليق بحفيده لذا ابتسم برضا واتجه يقف قبالتها ويردف بنبرته المراعية  : 


- يا علياء لسة أسبوع اعملي براحتك  ، بلاش تتعبي نفسك كدة مرة واحدة  . 


تأملت ملامحه ثم أردفت بنبرة حماسية حنونة  : 


- كل يوم هنظفها لحد ما ييجي حبيبي  ،  أخيرًا يا أمجد هشوف ابن ثائر وأخده في حضني أخيرًا  . 


حاوطها بذراعيه يردف بحب مغلف بالغيرة   : 


- هو هييجي ياخد الدلع كله ليه ولا إيه  ؟  لا لو كدة بقى اكلم ثائر أقوله يخليه عنده  ،  أنا ماحبكيش تدلعي حد غيري  . 


ضحكت عليه ووضعت كفها على قلبه تجيبه بحب  : 


- دا انت كل حاجة حلوة في حياتي  ،  عقبال ما نجمع أولادنا حوالينا تاني يا أمجد وأشوفهم قاعدين حواليا على سفرة واحدة قبل ما أموت  . 


ها هي تعود لدرامتها لذا اتخذها ذريعة ليعانقها ويربت على ظهرها بدعمٍ دائم مستطردًا  : 


- هيحصل إن شاء الله يا حبيبتي  ،  يالا تعالي نشرب القهوة اللي عملتها  . 


أومأت له وابتعدا ولكنهما لم يفترقا وتحركا سويًا نحو الخارج كي يرتشفا قهوتهما في شرفتهما كالعادة  .


❈-❈-❈


جلس مع مهندس الإلكترونيات في محل عمله ومعهما زينة التي تتحدث مستفسرة  : 


- يعني يا أستاذ علاء الربح مش هيتفعل من الأول  ؟  طيب نعمل إيه علشان ندخل المرحلة دي بسرعة  ؟ 


تحدث المهندس بعملية  : 


- بصي هو تبع اللي هتدفعوه  ،  كل ماهتصرفوا على القناة صح كل ما هتديكوا ربح ممتاز  ،  المهم المحتوى يتشاف  . 


نظرت إلى كمال بفخر تخبره بنظراتها بأنها فكرت بشكلٍ سليم ليتحدث الأول بتباهٍ  : 


- بس أنا مش هعمل محتوى مشبوه زي اللي بنشوفهم  ،  احنا هنقدم حاجة صح الناس تتعلم منها  . 


مطت زينة شفتيها بضجر ثم تجاهلته ونظرت إلى المهندس متسائلة  : 


- يعني لو عايزين ندخلها الربح خلال 3 شهور مثلًا هتاخد مننا أد إيه  ؟ 


نظر لهما المهندس ثم رفع نظره يدور حول المكان حتى استقر عند كمال يردف  : 


- يعني ممكن 100 ألف جنيه  ؟ 


- نــــــــــعــــــــــم  . 


نطقها كمال وهو ينهض ويفرد كتفيه بغضبٍ ليتوتر المهندس ويستغيث بزينة مردفًا  : 


- يا فندم ده أقل بكتير جدًا من الربح اللي هتاخدوه لو القناة سمعت  ،  وبعدين أنا هشتغل لكوا شغل صح  . 


نظرت زينة إلى كمال نظرة نارية ونطقت بهدوء  : 


- اقعد يا كمال وخلينا نتفاهم مع أستاذ علاء  . 


نظر لها بضيق فهو لم يقتنع بعد بفتح هذه القناة لذا نطق  : 


- اقعد إيه  ؟  ده بيقولك 100 ألف  ،  هو أنا لاقي فلوسي في الشارع  ؟ 


كررت جملتها بنظراتٍ ثاقبة  : 


- اقعد يا كمال بس مايبقاش خلقك ضيق  . 


زفر بضيق وجلس حيث أنها كانت مهيمنة فعادت تنظر إلى المهندس وتسترسل بنبرة جدية  : 


- اسمع يا أستاذ علاء  ،  اللي معانا 50 ألف بس هتاخدهم وتبدأ شغلك وأنا اوعدك لو القناة سمعت واشتغلت حلو هروق عليك  .


- خمسين ألف منين  ؟ أنا مش دافع مليم  ، مش هشتري سمك في مية أنا  .


نطقها كمال الذي لم يعجبه الاتفاق ليتجاهله المهندس بعدما فهم فحوى علاقتهما ونظر إلى زينة يردف  :


- وأنا موافق يا مدام  ، هبدأ شغل وهتشوفي بنفسك  .


أومأت مبتسمة وتنفست بعمق وعقلها يهيئ لها المكاسب التي ستعم عليها وحياة الترف التي ستعيشها  ، هي ليست أقل من ديما لتسافر فرنسا وغيرها من الدول  ، بل هي أفضل منها وستصبح محط أنظار واهتمام الجميع  .


نهض المهندس يغادر على وعد بالاتفاق ليغضب كمال من تجاهلهما له ويردف بضيق  :


- أنا مش دافع جنيه يا زينة  ، ولا موافق ع الموضوع ده أصلًا  .


نظرت له بدلال ونطقت بغنج  :


- هتدفع يا كمولتي هتدفع  ، اسمع كلامي بس وهتشوف حياتك مع زينة شكلها عامل إزاي  . 


انعقد لسانه من ردعها وتجهمت ملامحه أكثر حيث لم يعد يستطيع التعبير عما بداخله ولكنه شعر بشيءٍ يقبض عليه إن لم يخرج طاقته لذا بصق كلمة واحدة خوفًا من العواقب  : 


- شوفت  .


❈-❈-❈


ليلًا 


تبكي وهي تشاهد التلفاز بعينيها وعقلها في رحلة بعيدة . 


لم ترد أن تهاتف عائلتها المكالمة الليلية حيث أنهم سيكتشفون حزنها لذا أرادت أن تنتظر حتى تهدأ ، اليوم تعرضت للقتل مرتين ولا تعلم لِمَ ومن فعلها . 


بدأت تندم على مجيئها بالرغم مما حققته خلال فترة قليلة جدًا وآخرها مناظرتها معه التي لاقت جدلًا واسعًا خاصة في بلدها ولكن المقابل كان وحدة واستهدافًا وهي ليست سوى امرأة السلام ، مسالمة لا تحبذ الدخول في أي مشاحنات . 


لقد تركت الساحة لتلك الزينة وذاك المسمى بزوجها ونجت بطفليها تجنبًا لأي شجار معهما ، لقد تخلت عن حلمها وكتابها وتقبلت حكم القضاء في بلدها حتى لا تدخل ضمن قائمة المعارضات فقط لأنها مسالمة . 


فهل بعد كل هذا تأتي وتواجه خلافات في بلد غريبة لم تستطع عليها صمودًا ؟ لماذا ؟ وهل الدافع يستحق ؟ 


زفرت بقوة وعادت تجفف دموعها لتفكر بوجهة النظر الأخرى ، رسالتها التي وضعت على عاتقها ، دينها الذي تحاول تبسيطه وتوسيطه للفئة التي تفهمه بشكلٍ آخر أشد عنفًا لا يمت له بصلة وهذا دافع يستحق الصمود ولكن هل هي قادرة على ذلك ؟ هل تمتلك القوة لتواجه ؟ 


من جهة أخرى طرح القلب أفكاره ، القلب الذي انتظر عقلها أن ينهي صراعه ليعرض عليه شيئًا غير مألوف له ، تشعر أن هناك قوة تحيطها ، رادارًا يحيط بها وينتبه جيدًا عليها منذ أن وطأت قدماها هذه البلد . 


قوة غريبة تشعر أنها تمتلكها ولا تراها  ،  شيئًا غير ملموسٍ أو مرئيٍ ولكنها تستشعره جيدًا  . 


وقد أتى على سيرته ليعلن هاتفها عن اتصالٍ منه فانتشلته تنظر له بشرودٍ لثوانٍ قبل أن تزفر وتجيب بترقب  : 


- ألو ! 


أجابها بنبرة دافئة : 


- أنا قدام بيتك ، لو حابة تعرفي إجابات كل الأسئلة اللي بتدور في عقلك دلوقتى خلينا نتكلم ، مستنيكي . 


نهضت تدور حول نفسها بتوترٍ من وجوده المفاجئ ثم زفرت بقوة تجيبه : 


- تمام . 


أغلقت معه ووقفت حائرة تستدل عن هدى ثم قررت أن تسمعه لتستريح لذا اتجهت تبدل ثيابها سريعًا وتخرج إليه . 


دقائق قليلة مرت حتى ظهرت أمامه فابتسم لها فتحركت تغلق الباب وتنزل الدرجات القليلة لتواجهه وهي تحتضن معطفها وتحدث : 


- ممكن نروح نقعد في المكان اللي كنا اتكلمنا فيه قبل كدة  ؟ 


أومأ وتحرك معها سيرًا يتجهان إلى الحديقة القريبة من برج إيفل . 


وصلا وجلسا على نفس المقعد وبينهما بعدًا مناسبًا فتكتفت وانتظرته حتى يتحدث وعيناها لا تلتقيان به فلن تسأله سؤالًا محددًا بل ستتركه يخبرها ما يريد . 


سيخبرها عن شيءٍ لا يعرفه الكثيرون عنه ، سيتحدث بعدما التزم الصمت لسنوات ولكنها تستحق . 


زفر بقوة يستعد ثم بدأ يوضح بنبرة تحمل بين طياتها أمواجًا من الغموض : 


- عيلة ذو الفقار عيلة مصرية أصيلة وخصوصًا عيلتنا ، كلهم شخصيات مرموقة مخلصة جدًا لمصر ، حطت لنفسها حدود صارمة وقررت إنها هتتولى الدفاع بكل شراسة عن البلد ومش هتتقبل أي نقد ، وإن أولادها هيتبعوا نفس النهج ، علشان كدة معظم عيلتي في مناصب هامة في الجيش المصري بس والدي كان نوعًا ما متهاون شويةً معانا أنا وأحمد أخويا ، يعني سابلنا حرية اختيار الكلية المناسبة ، أحمد اختار إدارة الأعمال وأنا اخترت الإعلام ، كنت بحب جدًا المقالات وعندي شغف كبير إني أمشي في سكة لوحدي مش تبع قطيع معين . 


تنهيدة حارة صدرت منه ونظر لها نظرة خاطفة ليجدها باتت تطالعه وتوليه كامل انتباهها فهي لم تكن تتوقع أن يسرد لها قصته من بدايتها لهذا تأهبت لتستمع فتابع يعاود النظر أمامه : 


- والدتي ست جميلة جدًا وبتحب بلدها جدًا برغم إن جدتها من الأم فرنسية ، كان همها في الحياة إنها تشوفنا مبسوطين ولإن فيه بينها وبين والدي قصة حب عظيمة كان نفسها إن أنا واحمد أخويا نعيش حب زي ده فاختارت لأحمد بنت أخوها لإنها حست إنها بتحبه وده علشان كانت بتتردد علينا كتير جدًا وأحمد وافق لإنه كان منجذب ليها ، إنما أنا ماعرفتش تقنعني بأي بنت سواء من داخل العيلة أو خارجها ، كنت عنيد جدًا ورافض إن حد يفرض عليا أي حاجة حتى لو كانت أمي وكنت مستني أقابل البنت اللي هحبها وهختارها بنفسي . 


صمت لهنيهة يتذكر السنوات كأنها أمس واستطرد بملامحه الباردة  : 


- دخلت إعلام زي مانا عايز برغم الاعتراضات اللي من العيلة واتخرجت وبنفوذ من تحت الترابيزة اتعينت في مجلة مرموقة جدًا وفعلًا ألفت عدة كتب كانت هادية إلى حدٍ ما وبعدها بدأت العيلة تطلب مني مقالات معينة كهجوم على الأراء اللي مش على هواهم واللي شايفين أنها لازم تتردع ، نظام ديكتاتوري ضد أي حد ممكن يتكلم وده بالنسبالي مش الحل لإنه بيزود فجوة الغضب بس بدل ما بيكون غضب معلن بيكون غضب مكبوت وانا بشوف إنه أخطر بكتير ، علشان كدة قررت استغل اسم عيلتي وأعبر عن أفكاري بحرية واتكلم بوجهة نظري اللي مش هتعجب العيلة أبدًا ، وبدأت فعلًا أول مقال وعبرت عن رأيي الشخصي وإن لازم يكون في انسجام وثقة بين الشعب والجهات المعنية وإن ده هيولد طاقة دفاع وقت أي أزمة  ،  ومن هنا بدأ الانفجار . 


تنبهت كل حواسها وتباطأت أنفاسها وهي تستمع له وهو يكمل : 


- المقال سمّع جدًا ولقى إعجاب كبير جدًا من الناس والشباب وهنا كان أول حد هاجمني هي عيلتي ، عاملوني على إني خاين  ،  اتهاجمت من وسائل الإعلام واترفع عليا بدل القضية اتنين وتلاتة وعشرة من محامين كانوا منتظرين وقوعي ، ولما ظهرلي ناس كتير تدافع عني وبدأ يبقالي شعبية كبيرة فجأة ظهرت بنت في الصحافة وقالت إني حاولت اعتدي عليها ودليلها مكالمات ورسايل مني ليها كلها كدب . 


- وعيلتك ؟ 


تساءلت بها بنبرة متحشرجة نسبةً لصمتها ومقلتين حزينتين على ما مر به فهي تشعر به جيدًا ليبتسم بألم ويجيبها بشرود : 


- حاولوا يدافعوا عني لانهم عارفين أخلاقي كويس في النقطة دي بس ظهرت بنت خالي وسط العيلة واللي كانت اتجوزت أخويا وقالت أن كلام البنت دي صحيح لأني فعلًا حاولت اتقرب منها كذا مرة ، كان صعب أتوقع إنها تتهمني بحاجة زي دي وسط العيلة وخصوصًا أحمد أخويا بس فهمت بعدها هي قالت كدة ليه  ، كان مستحيل أقدر أتكلم وأجرح أخويا وأقول إنها كانت بتحبني وانجبرت عليه وجتلها الفرصة تنتقم لأني كنت دايمًا رافضها ، كان لازم أمشي من البلد اللي اتظلمت فيها ظلم كبير جدًا ، واتفاجئت بعدها بمجرد ما وصلت فرنسا إني اتمنعت من دخولها تاني ، بلدي اللي بعشق ترابها حرمتني منها . 


التفت يحدق بها ليجد دموعها معلقة لذا ابتسم بألم وتساءل : 


- تفتكري لو حد مكاني ممكن يعمل إيه ؟ 


بادلته معركة النظرات المؤلمة لا تعلم بماذا تجيبه فهي عاشت ما عاشه وتدركه ولكن ما تعرضت له أقل مما تعرض له هو لذا لن تحكم ليبتسم ويلتفت بنظراته للبعيد مستطردًا : 


- عارف إن مافيش عندك إجابة ، وأنا مش عايز إجابة بس كان لازم أعرفك إني واثق فيكي لإنك بتفكريني بنفسي ، كل ما ببصلك بشوف فيكِ ثائر اللي جوايا واللي محدش يعرفه ولا حد فاهمه . 


عاد يلتفت لها وبعينين بهما بريق القمر وأضواء عاصمة العشق قال : 


- عايزة تعرفي أنا مين وبعمل معاكي كدة ليه ؟ 


هجوم مسلح بمشاعر التوتر والرهبة والقلق تساءلت بمقلتيها بعدما عجز لسانها عن النطق ليجيبها بثباتٍ صادق : 


- لأني بحبك . 


عجزت عن استيعاب هذه الكلمة ، أي حب ؟ هل يقصد هذا الذي يتراقص في عينيه أم يسكن نبرته الدافئة ؟ سمعتها من قبل ولكن لم تشعر بها طوال سنواتها سوى الآن لذا احتلها الخوف احتلالًا جعلها تستنكر وتهز رأسها رفضًا لأي حب ولكنه تابع متقبلًا جميع حالاتها وردود أفعالها : 


- من أول كومنت كتبتيه ليا وحذفته بعد ما سجلته هنا . 


قالها وهو يشير بإصبعه على عقله ويتابع : 


- فيكي حاجة غريبة قدرت تجتاز المسافات وتوصلني بس منعني عنك إني لقيتك متجوزة وقلت استوب  ، لحد ما كتبتيلي كلمة خاين ، وقتها حسيت إني محتاج أشوفك ونتكلم ، أحكيلك وتحكيلي بس الأمر أشبه بالمستحيل لكن بعد الترتيبات دي كلها والقدر اللي رتب بإننا نتقابل كان لازم أقرر فورًا أعرض عليكي العمل معايا واسيبك تقرري وقلت وقتها إن النصيب اللي جمعني بيكِ في الشارقة أكيد هيكون ليه ترتيبات تانية . 


شفتيها باتت ترتعشان بعدما فقد جسدها السيطرة على ثباته أمام سطوة هذه الكلمات ، لقد ظنت أنه لن يلاحظها قط ، تعليقاتها ستذهب هباءً منثورًا وشيئًا من المستحيل جعلها توقن أنه لن يهتم لذا فهي تستمع إليه بذهولٍ تام غطى ملامحها ليتابع موضحًا صفحات كتابه واحدًا تلو الآخر : 


- كان لازم اقنعك تيجي وعلشان عقلك مايدورش الأمور غلط كل اللي قولته عن الشغل كان حقيقي جدًا ، تحديكِ علشان تثبتي أفكارك حقيقي ، المناظرة اللي حصلت بينا واللي خلت ناس كتير تبحث ورا كلامك ده كان هدف مهم إنك تبقي هنا ، وآخر حاجة المحاولات اللي استهدفتك النهاردة دي هنعتبرها إنها دليل على تأثيرك . 


زوت ما بين حاجبيها وتخلت عن كل ما قاله سوى جملته الأخيرة وكأنها تعلقت بها كذريعة لتهرب من الحالة التي حاوطها بها تحت وطأة حبٍ لا تدركه لذا تساءلت بتحشرجة خافتة : 


- يعني إيه ؟ 


ابتسم على هروبها الواضح له ليومئ مجيبًا على استفسارها : 


- فيه مقولة بتقول لو لم يكن لك عدوًا فاصنعه بنفسك ، الإنسان كل ما كان مؤثر كل ما هيلاقي ليه أعداء كتير ، سواءً بقى التأثير ده سلبي أو إيجابي ، وأظن إنك عارفة كويس إنتِ مؤثرة بأي اتجاه لإن مافيش جدال بين الصح والخطأ . 


تنفست بقوة فتضخمت رئتيها ورفعت كفيها تمسح عن وجهها لتعطي لنفسها استراحة محارب من كل ما سمعته ، لا تصدق أنه اعترف وسرد لها كل هذا وظل على ثباته  ، إنها تشعر بالتشتت والحيرة  . 


عادت تنظر له مستكملة دور التجاهل حيث أردفت : 


- يعني من البداية خالص كل حاجة مترتبة عندك ، علشان كدة وقت المناظرة اديتني مساحتي أعبر ووقتها كنت مستغربة جدًا بس دلوقتي فهمت . 


لم يحب أن يستمر هروبها لذا أردف ضاغطًا على أحرفه بنبرة ثاقبة ونظرة راشقة : 


- لإني بحبك . 


تهاوى قلبها أرضًا وعادت تهز رأسها والتمعت عينيها غير قادرة على تحمل هذا الاعتراف لتجيبه بحزنٍ أهلك طاقتها : 


- مش هينفع ، مش هينفع بأي شكل ، أنا ماعنديش أي مشاعر أقدمها لأي حد غير ولادي ، أرجوك سيبني زي ما أنا لأني مكتفية بيهم عن أي شيء تاني . 


ود لو عانقها الآن  ،  ود لو طمأنها لأنه رأى في عينيها خوفًا لا يحب أن يراه لذا أردف بجسارة يواجه خوفها : 


- أنا عارف إن القصة اللي كتبتيها دي قصتك إنتِ . 


توالت الصدمات ورسمت خريطتها على تقاسيم وجهها ليومئ مسترسلًا كطبيب يلئم جراحًا دون تخدير  : 


- كل الوجع والانتقادات والاتهامات والغدر وأخرهم الخيانة كل دي حاجات واجهتك إنتِ ، إنتِ هي البطلة الحقيقية . 


لم تعد تحتمل التئام جروحها هكذا دون تخدير لذا هبت واقفة تقطع خيطه وتهز رأسها مجيبة بدموعٍ سالت على وجنتيها : 


- علشان كدة لو سمحت سيبني في حالي ، أنا ماعنديش أي مشاعر لأي حد  ، أنا اتأذيت جدًا من جوايا علشان كدة لو سمحت خليك بعيد عني  . 


التفتت تغادر بل تركض ببكاء غلف مقلتيها وتركته جالسًا يتابعها ويعلم أنها ستتعافى شيئًا فشيئًا ، لن يحل وثاقه من حولها وسيداوي جراحًا ليس له يدًا فيها ولكن له قلبًا بات مسؤولًا عنها .


يتبع...

إلى حين نشر الفصل الجديد للكاتبة آية العربي، لا تنسى قراءة روايات و قصص كاملة أخرى تضمن حكايات وقصص جديدة ومشوقة حصرية قبل نشرها على أي منصة أخرى يمكنك تفقد المزيد من قصص وروايات و حكايات مدونتنا رواية وحكاية


رواياتنا الحصرية كاملة