-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 25 - 2 - الثلاثاء 28/1/2025

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل الخامس والعشرون

2

تم النشر الثلاثاء

28/1/2025



جلسا حول طاولة الطعام يضعان الطعام الذي أحضراه والذي كان عبارة عن أكلات بحرية متنوعة  . 


باتت على وشك الولادة وتضخم حجم بطنها ولكنها قررت أن تبدأ أول تحدي بينها وبينه اليوم لذا فلم يتناولا شيئًا منذ الصباح بعدما حرمته من الطعام  . 


بدأت بتشغيل كاميرا الهاتف الذي يستند على الحامل الخاص والذي بدأ يسجل المشهد التالي  . 


ألقت المقدمة التي أعطاها لها المهندس المنشود بينما هو يستمع لها ويشعر بالحرج والحماس في آن  . 


الحماس للشهرة خاصة وأنه ينوي تقديم محتوى مخالفًا لما يشاهده والحرج مما تفعله ولكنه ينتظر تنفيذ ما نوى أمام المشاهدين للبث   . 


بدأت توضح التحدي وتعرض أصناف الطعام ليقطع حديثها مردفًا بهيمنة زائفة  : 


- استني بس يا زينة  ،  مش ده اللي هنعمله ،  احنا لازم نفهم الناس إنهم مايتبعوش ولا يتفرجوا على اللي بيطلعوا يعملوا كدة  ،  فيه ناس غلابة كتير مش لاقية العيش الحاف ماينفعش نطلع نعرض رزقنا على حد  ،  إحنا بس عملنا الأكل ده علشان عارفين إنها الطريقة اللي هتخليكوا تتابعونا بس أوعدكم بعد كدة محتوانا هيبقى مختلف تمامًا  ،  هنقدم حاجات تانية تفيد الناس  فياريت بقى تشجعونا  . 


كانت تتلظى على نيران الغضب ولا تصدق ما يقوله  ،  أيخدعها ويفضحها ويهدم خطتها  ؟  لن تسمح بذلك أبدًا لذا هاجت تصيح بنظرات حادة تباغته بها : 


- إيه يا كمال وهو احنا بنعمل إيه غلط  ؟  وبعدين مالهم الناس اللي بيعملوا كدة مهما زي الفل مايصحش تغلط في حد  ،  وبعدين الأكل ده في متناول الجميع ده شوية سمك يعني مش شغلانة  . 


هذا ما أراده أن يظهر للعلن لذا ارتدى ثوب الحكمة وأردف بهدوء  : 


- يا حبيبتي صدقيني مش أنا اللي بغلط فيهم تصرفاتهم هي اللي غلط  ،  احنا عايزين المشاهدين يحبونا مش يشتمونا  . 


قالها وهو يشير نحو الكاميرا ويبتسم بتباهٍ خادع فلم تحتمل مايقوله لذا نهضت لتحتد ولكنها شعرت بألم الولادة يهاجمها فجأة صرخت وانحنت تمسك ببطنها فتعجب يتساءل  : 


- في إيه  ؟ 


نظرت له بصدمة والبث مباشر لتقول بصراخ غير عابئة بأي شيء  : 


- أنا بولد  ،  قــــــــــوم  . 


نهض بعدها يسندها ويظهر حبًا واهتمامًا مبالغًا فيه فصرحت تبعده وصاحت  : 


- اقفل البث والحقني يا كمال احسنلك  ، آاااااااه الحقيني ياما   . 




❈-❈-❈


بعد ساعة 


تم عمل أشعة له وتبين أنه يعاني من كسرٍ في ضلعه وأن هذا الألم طبيعي نسبةً للضربة القوية التي تلقاها. 


استراح قليلًا وقد شعر بتحسن بعد جرعة المسكن التي تناولها والضماد حول ضلعه لذا نهض يطالعها وهي تجلس أمامه بترقب وقال   : 


- يالا يا ديما  . 


قالها بعدما أخذ الوصفة الطبية واستمع إلى إرشادات الطبيب ثم انتشل مئزره وارتداه وتحرك معها نحو الخارج وتبعته بهدوء ثم استقلا السيارة وبالطبع قادت هي أيضًا  .


تقود بحذرٍ وبهدوء ولكنها حزينة على ما أصابه لذا التفتت تطالعه فوجدته متكئًا على المقعد يستند على كفه ويفكر قليلًا فلم تحتمل إلا أن توبخه بعدما شعرت بالمسؤولية تجاهه لذا نطقت وعينيها على الطريق  :


- ليه أصلًا تلعب لعبة همجية زي دي  ؟ كلها عنف وضرب وأذية  ؟ ليه بجد إنت كاتب محترم ومعروف وليك اسمك يبقى إيه لازمة الملاكمة أصلًا  ؟


أراد أن يبتسم ولكنه لم يفعل بل استمر على جموده فزفرت واستطردت  :


- المفروض إن إنت ترتاح 3 أيام على الأقل  ، مش هينفع تنزل الشغل الفترة دي كلم نسيم هو اللي يتابع الشغل مكانك وانت تابع من البيت لحد ما تقدر تقف  .


أومأ واعتدل بهدوء ثم أردف بخبثٍ مغلفًا بملامح جادة  :


- هعمل كدة فعلًا  ، بس المشكلة إني هحتاج حد يهتم بيا ال3 أيام دول  .


قطبت جبينها والتفتت تطالعه بشكٍ ليقابلها مسترسلًا بمكر  :


- وجع الضلع صعب أوي  .


- ومافكرتش في ده ليه قبل ما تروح تلعب  !


سألته بضيق حيث أنه يستمر في ممارسة ابتزازه العاطفي عليها وبالفعل هي لن تستطيع تركه هكذا وحده ولكن ماذا تفعل وكيف تراعيه  ؟ باتت مؤخرًا تتصرف بطريقة لا تمت لها بصلة ولكنه تعمد أن يستفزها لذا نطق باستنكار  :


- ماكنتِ فرحانة وبتهللي أول ما غلبته  ، اشمعنى دلوقتي بتلوميني  ؟


زفرت بضيق وتذكرت فرحتها حينما فاز على خصمه لذا أجابته توضح بمراوغة  :


- لاء أنا بس كنت فرحانة لإني ماكنتش هعرف أخرج من هناك من غيرك  .


تمعن فيها ونطق بحبٍ لم تتوقعه وهو يحاول الجلوس باعتدال   :


- علشان كدة قومت وغلبته ، حمايتك مسؤوليتي يا ديما  .


توترت وتحمحمت تتهرب من إجابته التي أنبتت براعم جديدة من العشق في قلبها لذا نطقت  :


- هو انت ماتعرفش حد هنا ممكن يساعدك  ؟


نظر أمامه ونطق بجدية زائفة  :


- في طليقتي  ، لو كلمتها هترحب جدًا  .


كان يقصد رؤية أي ملامح للغيرة لديها ولكنه رأى الغضب الخفي الممزوج بالحزن  ،  هذا ما لم تتقبله  ،  يمكنها بسهولة تهميش أي شخصٍ يستغل مشاعرها فقد رأت من الخيبات ما يجعلها تتربع على عرش التخلي  ،  ليتذكر على الفور قصتها لذا نطق بصدقٍ يصحح ما قاله  :


- بس أنا مستحيل أعمل كدة لإني خرجتها من حساباتي من زمان جدًا  ، من وقت ما شوفتك وأنا مش عايز حد غيرك في حياتي   .


أخمد ثورتها الداخلية لترتاح ملامحها لذا تنهد بارتياح يتابع معبرًا عما به  :


- ديما ماتخافيش مني  ، أنا بحبك ومستحيل أأذيكي بنظرة حتى  ، خليكِ واثقة من ده كويس  .


لم تعد تتحمل ما تسمعه لذا توقفت جانبًا ثم هزت رأسها تطالعه وقد التمعت عينيها لتردف بتحشرج  :


- لو سمحت كفاية  ، أنا بسببك بقيت بعمل حاجات كتير غلط  ، أصلًا إني آجي معاك الملاكمة غلط  ، ركوبي معاك دلوقتي غلط وحرام وضد اللي أنا بحاول أوصله وضد مبادئي  ، إنت ليه مش فاهمني  .


طالت نظرته لها وهي تنتظر أن يتفهمها ويخبرها بأنه سيتوقف فلم تعد تحتمل تأنيب الضمير القائم بين مشاعرها وعقلها لينطق بشكلٍ جاد ومفاجئ  : 


- خلينا نتجوز  .


نطقها دون مقدمات لتتفشى الصدمة على ملامحها ويفرغ فاهها لذا زفر يستطرد  :


- وقتها مش هيكون فيه بينا حاجة غلط أو حرام  ، فكري يا ديما  ، وأنا ماعنديش أي مانع أتكلم مع داغر واعملك كل اللي إنتِ عايزاه  .


ظلت كما هي محدقة به لثوانٍ ولا تصدق أنه عرض عليها الزواج هكذا فجأة  ، أرادت أن تهرب من عاصفة الأحداث المتسارعة هذه لذا التفتت تنظر أمامها وتقبض على طارة القيادة بقوة  ، يعرض عليها الزواج  ؟ بهذه البساطة  ؟ أيعرفها لهذه الدرجة  ؟ أتعرفه وتثق به وتحبه لتقبل  ؟  أهي مستعدة للزواج مرة أخرى  ؟  


استغفرت ربها وأردفت دون النظر إليه  :


- خليني أوصلك البيت .


تركها وتكتف وقرر الصمت وأكملت قيادتها حتى وصلت أمام منزله فترجلت وترجل يتجه نحوها بخطواتٍ حذرة ثم قال وعينيه تسافر فيها  : 


- يالا روّحي إنتِ  . 


نظرت له تستشف حركته حتى أنها تراجعت عن سؤاله هل يتألم أم لا وأومأت تودعه وتتحرك نحو الشارع المؤدي لمنزلها وهو يقف يتابعها باهتمام ويعلم أن عقلها الآن يعمل بلا هوادة  . 


❈-❈-❈


في اليوم التالي  وبعد عودتها من المجلة 


خرجت من حمامها بعدما أغتسلت ترتدي قميصًا بيتيًا قصيرًا وتلف المنشفة حول رأسها بإحكام ثم خطت بخفها نحو المطبخ لتحاول تحضير وجبة له  . 


منذ أن تركته وهي تفكر به وكيف حاله ومن المؤكد لم يستطع النهوض وإحضار أي طعام  ،  لا تعلم ما بها ولكنه حقًا شغل حيزًا من عقلها لذا ستحضر وجبة صحية وتذهب لتعطيها إياه . 


تعترف أن اليوم كان مملًا بدونه ولم تمارس عملها بشكلٍ جيد  . 


وقفت بطلتها الناعمة تحضر الطعام ليرن هاتفها برقمه فاتجهت تلتقطه من فوق الطاولة ووقفت تجيبه بترقب  : 


- ألو  ؟ 


أجابها بتنهيدة حارة  : 


- أنتِ نايمة ؟ 


التفتت تنظر للموقد وتجيبه بوضوح  : 


- لاء  ،  بعملك أكل  ،  يعني نص ساعة بالكتير وهجبهولك  ،  إنت عامل إيه دلوقتي  ؟ 


ابتسم ولكنه أجابها يدعي المسكنة  : 


- فيه ألم  ،  الحركة صعبة شوية بس ماشي الحال  . 


أومأت وعجز قلبها عن التغافل بل انفطر لأجله فقالت بهدوء  : 


- ماتقلقش هتبقى تمام  ،  حاول تستريح وتفرد ضهرك  بس ماتاخدش الأدوية غير لما تاكل  ، إنت ماكلتش حاجة من إمبارح  ؟  


أجابها بصدق  : 


- شربت قهوة  . 


زفرت بضيق وشعرت بالذنب يأكلها تجاهه فكان يجب عليها أن تطعمه قبل أن تذهب إلى العمل لذا أردفت بنبرة حنونة  : 


- طيب أنا مش هتأخر  . 


- تمام  . 


أغلقت معه وعادت تحضر الطعام بينما هو جالس في غرفته يتصفح هاتفه ويجري اتصالاته الهامة وعقله منشغلٌ في شيءٍ هام وهو رد فعل مارتينا التي من المؤكد رأت ما حدث  . 


❈-❈-❈


جلست تتآكل كرهًا وغضبًا وتتحدث عبر الهاتف مع رجلها الذي ولته مهمة قتل ديما  ،  لن تتركها على قيد الحياة  ، ستتخلص منها كما فعلت مع غيرها وستفعلها قبل أن يعود لعمله  . 


بعدما رأت نظراتها نحوه ستتخلص منها كما تفعل دومًا  ،  تلك المصرية المحجبة خطرًا عليها وهو خدعها  ،  ذريعته كانت سُمعته واسمه  . 


حسنًا ستتخلص منها بطريقة أخرى لذا أردفت  : 


- فقط انتظر الوقت المناسب وتسلل إلى بيتها  ، اقتلها واسرق بعض الأغراض وغادر على الفور  . 


نطق الرجل متسائلًا  : 


- هل تضع جهاز إنذار  ؟ 


اغتاظت وتملكها الجنون لتجيبه معنفة وهي تنتفض : 


- افترض أنها تضع وتصرف على هذا النحو  ،  إياك أن تخطئ وإلا أنا من سأقضي عليك  ،  هيا سأنتظر منك اتصالًا سعيدًا  . 


أغلقت معه وجلست على طرف الفراش تهز ساقيها بانفعال لثوانٍ قبل أن تبتسم ثم تضحك بشرٍ وتهس قائلة بثقة  : 


- لن تكون مع غيري ثائر  ،  أعدك أنك ستعيدني في أقرب وقت  ، لن تذهب كل محاولاتي سدا .


الصفحة التالية