-->

رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 27 - 1 - السبت 8/2/2025

  

قراءة رواية بحر ثائر كاملة

تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى


رواية بحر ثائر

 رواية جديدة قيد النشر

من قصص و روايات 

الكاتبة آية العربي


الفصل السابع والعشرون

1

تم النشر السبت

8/2/2025



عيناك ِ


النظر إلى عينيك 


مشكلة كبيرة 


وعدم النظر مشكلة أكبر... 


إن نظرت 


غرقت حبا


وإن لم أنظر 


مت شوقا 


في كلا الحالين


أنا فيكِ غارق 


أنا لنبضكِ سارق


أنا لكِ عاشق


أحببت فيك شيئا دعاني إليك


كلماتك وبعدها عينيكِ... 


وعندما لبيتُ الدعوة... 


وقعت في حب كل الأشياء


التي ماقالتها كلماتك


لكن باحت بها سرا نظراتك...


(بقلم فيروزة) 


❈-❈-❈


استقل سيارته وقاد بانزعاج وحزنٍ سافر وتجاوره بملامح متجهمة حيث لم تحصل على مبتغاها في رؤية ثائر جيدًا لذا بصقت أحرفها بلا مبالاة لحالته  : 


- على فكرة بقى غلط جدًا إنك تمشي  ،  كدة هو هيفكر انك اتأثرت لما شوفته  ،  كان الصح إنك تتجاهله تمامًا وندخل نقعد . 


لم ترِحه كلماتها بل نثرت ملحًا على جراحٍ لم تلتئم بعد لذا نطق محذرًا  : 


- سها اسكتي دلوقتي  ،  ماتتكلميش عن الموضوع ده بالذات  . 


لم تطعه بل توغلها شعورًا بالغضب من رؤية ثائر بعد كل تلك السنوات يجاور امرأة مصرية ويباغتها بعداءٍ لذا نطقت تخرج القليل مما في جبعتها  : 


- لا مش هسكت  ،  المفروض ده هيفضل عامل حاجز بيني وبينك  ،  إنت لسة بتحن له مش كدة  ؟  لو كان جه وسلم عليك كنت هتجري عليه وتنسى كل حاجة  . 


توقف بشكلٍ مفاجئ فصرخت وكادت أن تصطدم بالتابلوه لتجده يلتفت لها بمقلتين قاتمتين ونبرة مبطنة بالوعيد حذرها  : 


- قلتلك ماتتكلميش في الموضوع ده بالذات علشان وقتها هتطلعي منه خسرانة  ،  فاهمة  ؟ 


قطبت جبينها حينما فطنت لتهديده لذا تساءلت بخوفٍ نهش جدران حقدها  : 


- يعني إيه  ؟  إنت بتهددني يا أحمد  ؟  كل ده علشان شوفناه صدفة  ؟ 


حدق بها بنظرة مشككة حينما هبت على عقله عواصف خبثها ليتساءل  : 


- إنتِ كنتِ عارفة إن ثائر هنا  ؟ 


توترت نظرتها لذا عادت تنظر أمامها وتكتفت تجيب بتملق  : 


- وأنا هعرف منين  ؟  


مد يده يقبض على ذراعها بقسوة ويصيح بتكرار  : 


- كنتِ عــــــــــارفة  ؟ 


نزعت يدها من قبضته تصيح بنبرة هائجة  : 


- قلتلك لاء  ،  وروحني حالًا لإن تصرفاتك مبقتش طبيعية  . 


عيناه تباغتها بشكٍ لذا عادت تنظر أمامها وتتنفس بغيظ وحقدٍ غمراها منه ومن ثائر ومن تلك التي كانت تجاوره والتي رأتها معه من قبل  . 


تنفس بعمق وقرر التحرك قبل أن يحدث مالا يحمد عقباه أما عقله فانشغل يفكر في شقيقه  ،  نظرته له  ،  ملامحه التي عُرفت بالوسامة والتي ازدادت هيبة ووقارًا نسبةً لبعض الخصلات البيضاء التي توغلت خصلاته البنية سواءً كان في رأسه أو لحيته ليعترف في قرارة نفسه أنه اشتاق له كثيرًا  . 


❈-❈-❈


بعد وقتٍ وبعدما تناولا وجبتهما سويًا 


جلست مع شقيقها في غرفتها ترحب به بحبورٍ واشتياق  ،  إلى الآن لا تصدق أنها تراه  . 


تأملت ملامحه والابتسامة تنبلج من شفتيها وتساءلت بعتاب  : 


- احكيلي بقى كل حاجة  ،  جيت إزاي  ؟ وبعدين ما أنا مكلماك امبارح ماقولتش خالص  ،  بقى كدة تتفق معاه عليا  ؟ 


تأملها أيضًا ثم تنفس بعمق وأجابها  : 


- مهو بعد كلامه ده كان لازم أجي وأشوفك واتكلم معاكي   ،  احكيلي إنتِ بقى وهاتي كل اللي عندك  . 


توترت نظرتها وتساءلت بتعجب وهي تفرك كفيها  :


- كلام إيه اللي قاله  ؟ 


أجابها وهو يستند بكفيه على الفراش ويتحدث بأريحية  :


- قال عنك كل خير  ، وعلى فكرة إحنا بقالنا فترة بنتواصل وكل كلامه عنك إنتِ  ، يالا احكيلي بقى   .


طالعته تراوغ قائلة بوجنتين متوردتين كالعذراء  : 


- احكي إيه بس  ،  أنا أصلًا كنت نازلة مصر بعد كام يوم  . 


هز رأسه يتساءل بعيون ثاقبة  : 


- سيبك من نزول مصر دلوقتي وقوليلي  ،  هو طلب إيدك للجواز  ،  إنتِ موافقة  ؟ 


كان ينتظر أن يرى منها نظرة تأكد حدسه ورآها لذا زفر بارتياح وتركها تجيبه  : 


- بص يا داغر هو فتح معايا الموضوع ده فعلًا وحكالي على كل حاجة وسبب بعده عن مصر وكل اللي حصل معاه بس المشكلة عندي أنا . 


أمعنت النظر فيه تسترسل مخاوفها أمامه بوضوح : 


- هتجوز تاني إزاي  ؟  ولادي هواجههم إزاي وأنا داخلة عليهم براجل غريب عنهم  ؟  حياتي هتمشي إزاي بعد كدة  ؟  أنت أكتر واحد عارف أنا مريت بإيه  . 


سألها مباشرةً حينما لمح الخوف في عينيها  ، خوفًا من الابتعاد  : 


- بتحبيه  ؟ 


فاجأها سؤاله لذا حدقت به ببؤبؤين متسعين فتمعن بها بشكٍ لتتوتر وتزدرد ريقها تجيبه بتلعثم وعينيها تحيدان عنه وقد شردت تبوح بمكنونها  : 


- مممش مسألة حب بس هو مختلف  ،  معندوش بقى كل الأمور اللي واجهتها مع التاني ده  لااااا خالص  ،  عنده نضج وبيفكر بطريقة أكبر من كدة  ،  عنده حلول لأي مشكلة  ،  إنسان عقلاني ومتزن وتحس إنه قادر يحتوي أي موقف  ،  وغير كل ده أنا كنت مطمنة لإنه كان جنبي  ، حاسة إن فيه حد حواليا وده شعور مش عارفة إزاي حسيته بس ده اللي حصل فعلًا ،  وآخر حاجة كنت اتوقعها إنه متابع ولادي ومأمنهم  ،  قبل كدة كُتبه احتلت أفكاري وألهمتني كتير جدًا وسهلت عليا طريقي في الكتابة ودلوقتي شخصيته هي كمان احتلت أفكاري  ،  قليل الكلام بس لما بيتكلم لازم تركز مع كل حرف بيقوله  ،  ملامحه ثابتة بس لو ركزت في عيونه هتكشف كل مشاعره  ،  حضوره قوي مع إنه قليل  . 


كانت تشرح مندمجة وقد تناست عيون شقيقها الذي يسمعها ليتأكد أنها أحبته  ،  وقعت شقيقته في الحب لأول مرة  ،  إنها تشرح وعينيها تضيئان بوميض الحب وهو أدرى الناس بها  ، لقد أتى ليشهد على سعادة تستحق أن تعيشها  ، إنها تستحق الأفضل دومًا وربما ذلك الثائر هو الأفضل  خاصة بعد حديثه المطول معه منذ عدة أيام  ،  لقد أخبره كل شيء  ،  لم يخفِ عنه شيئًا حتى أنه أرسله إلى والده وجلس داغر مع أمجد لأكثر من ساعة يتحدثان سويًا حتى اطمأن قلبه لذا زفر بقوة ونطق  : 


- طيب هو طالب إيدك مني وأنا موافق .


نظرت له باندهاش فلم تتوقع أن يقبل شقيقها بزواج ثانٍ لها لذا أومأ يؤكد وتابع باهتمام :


- وامك موافقة وعيالك موافقين وهو كلمهم والدنيا كلها تمام  . 


قطبت جبينها تنطق باستنكار ودهشة  : 


- كلمهم  ؟  كلمهم امتى  ؟ 


ابتسم بخفة يجيبها  : 


- دانتِ نايمة في العسل يا ديما  ،  كلنا كلمناه وماما اتعرفت عليه وحبته كمان  ،  وولادك كان ناقص يقولوله يا بابا من كلامنا عنه أنا وامك اللي حبته جدًا   ،  كدة مافيش غيرك توافقي ويالا علشان أكتب كتابك وارجع مصر علشان ماينفعش أسيبهم لوحدهم كتير  . 


كتب كتاب  ؟  هل ما سمعته صحيح  ؟  كتب كتاب  ؟ 


نظرت له ببلاهة فتابع  وهو ينهض  : 


- بصي يا ديما اللي بيحصل لحياتك ده كله من وقت ما انفصلتي من الزفت التاني ده لازم نقف عنده ونركز في الأحداث دي ونعرف ربنا مدبرها إزاي وحكمته إيه  ،  بالنسبالي هكون مطمن عليكي أكتر وانتِ على ذمته  ،  لعلمك أنا قرأت كتابين ليه ويمكن اللي مكتوب جوة الكتب طمني أكتر  ،  إنسان زي ده محتاج اختي في حياته وأنا عارف كويس اختي على إيه وهتعمل علشانه إيه وهو كمان عارف ده كويس جدًا علشان كدة عنده استعداد يقدم أي حاجة علشان تبقي في حياته . 


لمح الحيرة تكسو عينيها فابتسم وتنفس بعمق يسترسل بتروٍ  : 


- اللي لازم تعمليه دلوقتي إنك تتكلمي معاه  ،  وبعدين إنتوا الاتنين تكلموا الولاد ده لو وافقتي على الجواز  ،  ولو مش موافقة هو قالي إنك هترجعي مصر معايا  ،  علشان كدة فكري كويس وانتِ عارفة إني معاكي في أي قرار  . 


ربت على كتفها ثم تحرك بعدها نحو الحمام وتركها تسأل نفسها سؤالا واضحًا  ،  هل ستكون بخير إن ابتعدت عنه  ؟  


❈-❈-❈


في مقهى راقي على طرف الحارة 


جلست بسمة ويقابلها ماجد الذي أصر على رؤيتها كثيرًا لذا لم تجد بدًا من الفرار منه  . 


تتنفس بضيق وتنتظر حديثه حيث جلس لا يعلم من أين يبدأ ولكنه ارتدى قناع الطيبة وتحدث بنبرة هادئة تحمل من الحزن ما يؤهله لنيْل أهدافه  : 


- أنا عارف أنك زعلانة مني علشان موضوع الارتباط وإني خبيت عليكي إن بابا وماما يعرفوا  ،  أنا فعلًا خبيت علشان كنت اتمنى تقبلي لإني بحبك يا بسمة  ،  مع الوقت اتأكدت إن مشاعري ناحيتك هي حب حقيقي مش أخوي زي ما كنت مفكر  . 


شعرت بالنفور من حديثه الذي لم تصدقه على الإطلاق لذا نطقت بملامح منزعجة  : 


- ماجد لو سمحت إنت طلبت تشوفني علشان تقولي حاجة مهمة بلاش ندخل في حوارات ملهاش لازمة  ،  إيه المهم اللي عندك  . 


أدرك أن طريقه وعِر لذا زفر بقوة واستبدل قناع النصح يردف  : 


- إنتِ لازم ترجعي الفيلا يا بسمة  ،  صدقيني ده أحسن للكل  . 


لم ترِحها نبرته ولكنها تساءلت بشكٍ حينما فطنت لتهديده المبطن  : 


- يعني إيه أحسن للكل  ؟  هو عمي باعتك تكمل كلامه ولا إيه يا ماجد  ؟  وبعدين ليه أرجع بما إن الشغل ماشي كويس وأنا متابعة كل حاجة من مكاني  ؟ 


ادعى التفكير لبرهة من الزمن ثم عاد يطالعها ويسترسل بنبرة مبهمة  : 


- بسمة هو أنا ينفع أتكلم معاكي بصراحة  ؟  أنا مش هقدر أخبي عنك  . 


مالت بوجهها تحثه على الحديث ليتابع بتمعن  : 


- بابا ناوي يضغط عليكي علشان ترجعي  ،  ماعرفش هو بيفكر في إيه بالضبط بس كان لازم أنبهك  ،  أنا طبعًا مضايق جدًا من وجودك هنا وفي بيت غريب ومع راجل غريب بس ده مايمنعش إني لازم أحذرك  . 


استنكرت ما يقوله وأرادت أن تصحح كلماته ولكنها أدركت أن لا أحدًا من عائلتها يستحق عناء التوضيح لذا تساءلت  : 


- تحذرني من إيه يا ماجد  ؟  خليك دوغري لو سمحت  ،  بما إنك جيت تتكلم معايا يبقى أكيد عندك علم بالتفاصيل  ،  قول علطول  . 


صمت لهنيهة ثم أردف بتردد ظاهري  : 


- الموضوع ممكن يمس داغر  ،  بابا شايف إن داغر عايز يستحوذ عليكي بأي شكل  ،  لازم تفهمي إنه مش هيسمح بده وممكن يتصرف بطريقة مندفعة  ،  لازم تاخدي بالك كويس  ،  وبجد ياريت ترجعي في أقرب وقت  . 


ابتسمت بتهكم وتكتفت تجيبه  : 


- وطبعًا أونكل بعتك تبلغني الرسالة دي  ،  مش كدة  ؟ 


شعر بالضيق ولكنه أظهر حزنًا بالغًا ونهض من مقعده يستطرد بنظرات معاتبة  : 


- تفتكري بابا هيبعتني أعترف عليه  ؟  عامةً أنا كنت أتمنى إن يبقى فيه بينا على الأقل ود وثقة بس يظهر إنك فعلًا اتغيرتي جدًا يا بسمة  ،  أوعدك بعد كدة مش هزعجك تاني  . 


ترك الحساب وغادر بعدها وتركها تجلس تطالع أثره وتفكر في كلماته التي شتتتها  ،  هل هو ماكر يتلوى كالثعبان أم أنه أتى ليحذرها بالفعل  ؟ 


ولكن عليها أن تضع تحذيره في الحسبان مهما كانت نواياه


الصفحة التالية