رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 27 - 2 - السبت 8/2/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل السابع والعشرون
2
تم النشر السبت
8/2/2025
مساءً قررت التحدث معه ربما هذا الحوار سيساعدها في اتخاذ قرارها ، جلست في المطعم الخاص بالفندق وجلس أمامها ينتظر حديثها معه ، يتأملها بعيون لم يعد يخفي عشقه بهما كالسابق بل أنه بات متلبسًا بالعشق أمام الجميع .
توترت من نظراته وتحديقه بها لذا أرادت أن تشغله بالأسئلة فسألته سؤالًا تمت الإجابة عنه :
- قولي الحقيقة ، إنت عايز تتجوزني ليه ؟
يدرك أن سؤالها هذا نسبة لتوترها لذا ابتسم بخفة وتنفس بعمق يجيب باستفاضة وحب :
- بصي يا ديما ، خليني أجاوبك على كل أسئلتك من غير ما تسألي ، قلتهالك قبل كدة وهقولها تاني ، أنا بعدت عن بلدي 13 سنة اتجوزت وخلفت ودخلت عالم الملاكمة ده غير الكتابة والشهرة وكل الحاجات اللي ممكن الإنسان يعملها علشان يشغل وقته عملتها بس الحقيقة أنا ماكنتش بشغل وقتي أنا كنت بشغل عقلي عن الهدف الحقيقي اللي عايزه من الدنيا كلها ، وباختصار شديد جدًا الهدف ده هو إنتِ .
انقشعت سحابة توترها تطالعه بعمق ليسترسل بعمقٍ أقوى ضاعطًا على أحرفه :
- أنا محتاجك جدًا ، دي أصعب فترة بمر بيها في حياتي وماتسألنيش ليه بس اللي أقدر أقولهولك إني بعرف أحافظ على الحاجات اللي بمتلكها لإنها بتيجي بعد صبر وعذاب فبكون عارف قيمتها كويس ، يمكن تسميه تملك أو أنانية بس أنا مستحيل هتخلى عنك سواء وافقتي تتجوزيني أو لاء ، إنتِ لسة لحد دلوقتي ماتعرفيش ثائر ذو الفقار كويس بس علشان ماتخافيش مني أنا أكتر إنسان ممكن يطمنك وأبعد شخص ممكن تخافي منه إلا في حالة واحدة بس .
صمتها وتركيزها معه جعلاه يتنفس ويتابع دون الإفصاح عن هوية الشيء الوحيد الذي سيخيفها منه :
- لو عايزة تنزلي مصر وتشوفي الأولاد ماعنديش أي مشكلة بس أتمنى يبقى بعد جوازنا ، على الأقل أحس إن روحي رجعالي تاني ، ومش هقولك أولادك هما أولادي وابني هو ابنك بس هوعدك لو قضيّتي اتحلت ونزلت مصر وقتها همحي من ذاكرتهم إن كان ليهم أب تاني ولو مانزلتش يبقى هنعيش كلنا في فرنسا ، بس وانتِ مراتي .
تخشى من أشياءٍ كثيرة ، طليقها ؟ آراءها ؟ جمهورها ؟ والمناظرات .
تنفست بعمق تتساءل بترقب :
- طيب والمناظرات اللي بينا ؟ والناس اللي مقتنعة إنك بتهاجم المرأة العربية والحجاب والأفكار اللي أنا بطرحها ؟ كل ده هتتعامل معاه إزاي ؟
أجابها بثبات وثقة :
- ماعنديش مشكلة أبدًا أطلع أقول إني كنت غلط في وجهة نظري وأنك اثبتيلي ده ، الاعتراف بالحق فضيلة .
هزت رأسها تخشى من انهيار اسمه لذا أجابته :
- لاء ، ماينفعش تعمل كدة فجأة ، لازم تمهد ده لجمهورك ، يعني ممكن مانعلنش جوازنا للناس إلا لما تبدأ تتراجع واحدة واحدة عن أفكارك .
- أفهم من كدة إنك موافقة ؟
حاصرها بسؤاله لتدرك أنها أخبرته بالموافقة في خضم حديثها لتخفي وجهها بين كفيها بتلقائية جعلته يبتسم ويتنفس براحة لا مثيل لها ثم أجابها بثبات :
- تمام يبقى نعلن جوازنا بعد المناظرة اللي هتكون بيني وبينك في فيينا بعد شهر من دلوقتي .
أبعدت يدها عن وجهها تطالعه بخجلٍ ممزوجٍ بعشقٍ بدأ يزين ملامحها لتسأله بتوتر :
- طيب هنعمل إيه دلوقتي ؟
نظر في ساعة يديه وتحدث برتابة :
- هتطلعي دلوقتي أوضتك تتكلمي مع منال هانم والأولاد وتشرحيلهم كل حاجة وبكرة هنكلمهم سوا وبعدين هنروح نعمل إجراءات كتب الكتاب ونرجع وبس كدة .
بسطها كثيرًا بشكلٍ متعمد يخفي بين طياته الكثير ولكنه رجل الأفعال لا الأقوال لذا نهض يحدق بها ويستطرد بحب :
- أحلام سعيدة يا ديما .
❈-❈-❈
يتمددان على فراشهما وكالعادة يحتوي وحدتها وتحتوي همومه .
تخبره عما تشعر به ، تستطيع التنفس بارتياح الآن وهذا ما وضحته في حديثها :
- أنا مرتاحة أوي يا أمجد ، حاسة إن ثائر هيرجع لي قريب ، مبسوطة إنه أخيرًا لقى الإنسانة اللي تشبهه ، هي شبه يا أمجد ، كلام والدتها عنها وكتابها اللي قرأته أكدولي إنها شبهه .
ملس على ظهرها بحنو وأومأ يؤكد بشرود :
- بالضبط يا علياء ، أنا كمان حسيتها شبهه ، ثائر كان محتاج واحدة زيها في حياته ، هو يستاهل إنه يرتاح بعد السنين دي كلها .
تمسكت بكفه واسترسلت بفرحة تغمر قلبها :
- عارف أكتر حاجة مريحاني إيه ؟ إن معاذ عارفها وبيحبها ورحب بالفكرة ، أنا كنت خايفة يرفض ، بس ثائر عمل الصح وعرف يقربهم من بعض قبل ما يبعته .
نظر لها بفخرٍ ارتسم في عينيه واستطرد متباهيًا :
- ابننا ذكي وعارف ومحدد خطواته كويس ، ماتقلقيش عليه .
هزت رأسها تردف بترقب :
- بردو مش هرتاح غير لما يكون في حضني ، يرجع هو بس ويسكن جنبي ويبقى علطول قدام عيني هو ومراته وابنه وساعتها هرتاح وقلبي هيهدى .
ابتسم أمجد وأردف بتروٍ ومرح :
- قولي يارب ، وبعدين لسة ديما ماوفقتش يعني ماتستعجليش وتقولي مراته .
نظرت له باستنكار وتابعت بقناعة مبهمة :
- هتوافق ، أنا عارفة ابني كويس .
❈-❈-❈
على الطرف الآخر كانت تتحدث مع والدتها ، أرادت أن تشاركها مشاعرها لذا أردفت منال عبر الهاتف :
- مش إنتِ مرتاحاله يا ديما ؟ قلبك مطمن من ناحيته ؟
نعم هي كذلك ، تشعر أنها امرأة حديدية وما هو إلا مغناطيسًا يجذبها إليه طواعية ، قلبها بات يشبه حديقة مزهرة بالورد والعطر وهو البستاني الذي زرع كل هذه البراعم .
تنهيدة معبأة بالأمل خرجت منها ثم أردفت بهدوء :
- أيوة يا ماما ، فيه قبول وراحة مش هقدر أتخطاهم ، معرفش كل ده حصل امتى وازاي مع إني كنت قافلة السكة دي تمامًا بس هو مختلف ، مافيش حاجة كنت قلقانة من ناحيتها إلا ولقيته بيطمني حتى على ولادي .
أومأت منال وأردفت بنبرة سعيدة لأجل ابنتها التي تشعر بسعادتها :
- ربنا دلك على الإنسان اللي شبهك يا ديما ، أنا لما حكيت مع والدته عرفت إنه شبهك ، الست ياعيني قلبها مفطور عليه ونفسها تشوفه ، حكيتلي عنه وعن حياته وعن بره بيها ، ده غير إني ارتحت له أصلًا لما كلمته .
قطبت جبينها وتساءلت بتعجب :
- هو انتِ كلمتي مامت ثائر ؟
ابتسمت منال وعبثت بفروة الصغيرة النائمة وأجابت بهدوء :
- أيوا كلمتها ، وأبوه كلم داغر ، الراجل شاريكي يا ديما وبيحاول يطمنك ويطمنا ، صلي استخارة يا حبيبتي وتوكلي على الله ، ربنا يقدملك كل الخير اللي تتمنيه وربنا يجعله الزوج السند والحبيب اللي يعوضك عن كل أذى شوفتيه .
استكان قلبها ونظرت لوالدتها عبر الشاشة تبتسم وتتنفس بارتياح مجيبة :
- اللهم آمين يارب يا ماما .
❈-❈-❈
بعد يومين
تم تجهيز إجراءات كتب الكتاب واليوم موعده
جلست في غرفتها ترتدي فستانًا هادئًا كريمي اللون وحجابًا بنفس اللون يخفي خصلاتها وملامح وجهٍ جميلة يعلوها التوتر .
تنتظر شقيقها الذي ذهب ووعدها أن يعود سريعًا وبالفعل عاد يحمل بين يديه باقة زهور فريدة ورائعة ثم تقدم منها يناولها إياها قائلًا بابتسامة غمرت ملامحه السعيدة :
- اتفضلي ، دي من ثائر .
تناولتها منه تستنشقها وتتنفس بقوة ثم طالعته وتساءلت بانكماش يلازم معدتها :
- هو برا ؟
ابتسم داغر على توترها وأجابها وهو يرنو منها ويلتقط معصمها متأبطًا إياها بحب وحنان :
- لا هو مستنينا تحت في القاعة اللي هنكتب فيها الكتاب ، هو كان عايز يطلع ياخدك بنفسه بس انا قولتله لازم أقوم بدوري كأخ ، ولا إيه ؟
أومأت له بتتابع وابتسمت وبدأ قلبها يقرع طبول التوتر وهي تتحرك معه نحو الخارج لينزلا إلى القاعة .
❈-❈-❈
كان يرتدي حلته السوداء وينتظرها ، ظاهريًا يمتاز بالثبات والهيبة وداخليًا يتلهف لرؤيتها .
دلفت من باب القاعة بصحبة داغر فلمحته يقف عند المأذون وقد صوب مقلتيه عليها يتأملها كما لو كانت نجمة براقة ، تضخم صدره أعرب عن نفسٍ قوي اتخذه عند حضورها وسألها بنظراته هل أحببتيني ؟ فأجابته بنظراتها معك أتعلم معنى الحب .
وصلت إليه فأعطاها له داغر وأردف بابتسامة ودية :
- أنا عارف إنك بتحبها بس هي محتاجة اللي يحترمها ويفهمها قبل أي شيء .
ابتسم بخفة ثم لف وجهه ينظر إلى وجه ديما المتورد وأردف مؤكدًا بصدق وبعيون عاشقة :
- أنا بحترمك جدًا ، أنا فاهمك جدًا ، أنا بحبك جدًا .
تهاوى قلبها من فرط مشاعره الكاسحة وشعرت أن ساقيها كالهلام ولأنه يفهمها تحرك بها نحو الطاولة يجلسها عليها واتجه يجلس مكانه وداغر يجاوره والمأذون وشاهدان وبدأ كتبت الكتاب .