رواية جديدة بحر ثائر لآية العربي - الفصل 29 - 1 - السبت 15/2/2025
قراءة رواية بحر ثائر كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية بحر ثائر
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة آية العربي
الفصل التاسع والعشرون
1
تم النشر السبت
15/2/2025
هلا أمهلتِني عمرا
لأنظر إليكِ فأشبع
هلا أمهلتني عمرا
لأحبك على مهلٍ...
لأقبّلكِ على مهل...
لأضمك، لأعانقك
لأتوسد أحضانك...
بقوة على مهل...
هلا أمهلتني لأداويكي بعد أن أجرحك
وأواسيكي بعد أحزنك..
ياامرأة
لها قلب كالسماء...
دعيني أحبك كما أشاء..
وأرتوي منك كما أشاء...
معك أنت فقط...
أتنفس لأول مرة وأبتسم لأول مرة...
أخاف أن أخسرك فترحلين...
ويرحل معك قلبي
أحبك... تتنفس روحي بحبك
( بقلم فيروزة )
❈-❈-❈
كلٍ منهما ينتظر توضيحًا من الآخر ليعترف بمكنونه ، ألقى ما في جعبته وغادر ولم ترَهُ بعدها ، هل يتهرب منها ؟ هل عليها أن توحي له بشيءٍ أكثر تميزًا ؟
حتى أنه لم يأتِ لتناول الفطور معهن مثل كل صباح ، لذا تناولت هاتفها وقررت الاتصال به حيث ذهب هو وصالح مع المحامي ليريا قطعة أرضٍ تناسب مشروعهما .
رن هاتفه فتوتر ولكنه ابتعد قليلًا عمن معه ووقف يتنفس ويستعد لسماع صوتها ثم فتح الخط يجيب :
- صباح الخير يا بسمة .
تنبهت حواسها لنبرته لذا تنهدت وأردفت مباشرةً :
- صباح الخير ، ماجتش ليه يا داغر زي كل يوم ؟ لو كلام امبارح ضايقك وهتبعد بسببه فاعتبر إني ماقولتلكش حاجة .
فهمته بشكلٍ خاطيءٍ تمامًا لذا عليه أن يلحق بقطار راحته قبل أن يفوته فنطق بنبرة متلهفة :
- يابنتي اصبري عليا الله لا يسيئك هلاقيها منك ولا من صالح ، أنا معاه دلوقتي بنشوف حتة أرض هيبني عليها المصنع بتاعه ولما نخلص هاجيلك ونتكلم .
سمعها تتنهد بارتياح فتجرأ ليسأل :
- بس هو إنتِ فكرتي يعني ؟
ترقب إجابتها لتصمت لبرهة ثم تجيبه بنبرة مبطنة بحبٍ مقيد خلف أسوار خوفها :
- فكرت ، علشان كدة هستناك نتكلم .
هذه المرة هو من تنفس بارتياح وكأنه سمع موافقتها ، هل عليه أن يرافق صالح الآن ؟ أليس من الممكن أن ينتظر صالح قليلًا ؟ قليلًا فقط حتى تصبح ملكته ؟
أردف بلوعة حبيب تغزوه العزة :
- تمام يا بسوم هخلص معاه وجاي ، سلام مؤقت .
أغلقا وعاد إلى صالح الذي يتحدث مع المحامي ولكن من بين حديثه لمح السعادة التي شقت طريقها على تقاسيم وجهه فابتسم وحدجه بنظرة ماكرة جعلته يباغته بحدة مازحة ويتوعد له بعد قليل .
❈-❈-❈
ضيقت عينيها تطالعه بوميض من الدمار وتساءلت بهمس أفعى :
- تزوجتها ؟؟
رفع حاجباه كدليل إيماءة واستمر في ثباته لتنتفض وتلتفت له فتأهبت جميع حواسه وهي تقترب منه حتى باتت أمامه ثم مالت عليه تكشر عن أنيابها وتتابع :
- إذًا تزوجتها ؟ وتخدعني ؟
ابتسم باستفزاز مُحرم في هذه اللحظة وأجابها يومئ مرارًا :
- أجل مارتينا تزوجتها ، أجل خدعتكِ مثلما فعلتِ بي مع توماس ، حرقت قلبكِ مثلما فعلتِ بقلبي .
كلماته تبصق غيرةً مصطنعة ابتلعتها بنجاح ولكنها لم تتخطا زواجه لذا أصدرت صرخة لفظت فيها نيران صدرها لتهدأ ولكن دون جدوى لذا مالت على المكتب تزيح بيديها مطفأة السجائر لترطمها أرضًا متهشمة مثلها ثم اعتدلت تلف بنفسها وتبحث عن شيءٍ تطفئ به غضبها لتدخل في نوبة جنون لم يكن يريدها هنا ولكنها من أتت إليه لذا تركها تفعل ما تريد ويتمنى أن تمر الأمور على خير .
استمع من في الخارج إلى صياحها وتعالت همهماتهم التي وصلت إلى ديما .
لينهض ثائر ويوقفها قابضًا على رسغها يردف محذرًا :
- اهدئي مارتينا ، لا تمارسي جنونكِ هنا فأنتِ في مكاني الذي لن أقبل أن تدنسه أفعالك ، وانتبهي لا أحد يعلم أننا تزوجنا ولا أريد أن يعلم أحد .
وقفت تطالعه وصدرها يعلو ويهبط من فرط تنفسها لتنزع يدها منه وتهس بتهديد :
- ستطلقها ثائر ، ستطلقها وتتزوج بي وإلا صدقني سأحرقك معي وسأحرقها وحدها .
بنظرة باردة أردف وهو يضع كفيه في جيبيه :
- لا داعي للتهديد ، زواجي منها له غرضٌ محدد سينتهي بعد المناظرة القادمة بيننا لذا كوني حكيمة .
الحكمة ومارتينا لا تلتقيان فهما خطان مستيقمان كلٍ منهما يسير في دربٍ خاص به لذا نظرت لشفتيه ثم لعينيه كأنها تخبره أنها تريد تقبيله لتهدأ لذا ضحك ورفع أبهامه يضعه على شفتيها ويردف بخبثٍ :
- سأفعلها بعد الطلاق ، أنا لا أخون زوجتي .
غمزها وابتعد عنها لتتلوى على أسياخ الغل ولكنها أومأت عدة مرات بتوعد ثم بصقت حقدها تردف :
- حسنًا ثائر كُن زوجًا مخلصًا ولأكون أنا أيضًا عاشقة متفهمة .
اندفعت بعدها تغادر مكتبه وتتحرك نحو مكتب ديما بأصفادٍ من عزيمة منع نفسه أن يذهب خلفها والتفت يفتح حاسوبه ويراقب ما يحدث هناك .
اقتحمت مكتب ديما دون إذنٍ لذا التفتت لها سريعًا تطالعها بتعجب فدلفت وأغلقته خلفها تتحرك نحوها وبرغم أن الخطوات قليلة إلا أنها في كل خطوة تكتشف جمال ونقاء وبراءة ديما الذين كانوا كرصاصات استهدفت غرورها لذا وقفت على بعد خطوة منها كأنها لم تعد تستطيع تجاوزها ثم تحدثت بملامح خبيثة ونبرة أشد خبثًا :
- لا تسترخي على مقعدكِ حتى لا تعتادي عليه لأنه عما قريب لن تريه حتى في أحلامكِ ، فقط اجلسي وشاهدي .
قطبت ديما جبينها لتستفهم معنى جملتها والأخرى تحدق بها حتى تحولت نظراتها الخبيثة إلى حاقدة وودت لو قبضت على عنقها وخنقتها حتى الموت ولكنها مكبلة الآن لذا نزعت نفسها تغادر الغرفة والمجلة بأكملها وجلست ديما تستعيد مغزى حديثها وحينما وصل إليها المعنى شعرت بوحشٍ من الخوف يلتهم صدرها ويلوك قلبها بين أنيابه لذا نهضت تتجه نحو مكتب ثائر لتطمئن ولتفهم ماذا تقصد تلك المرأة .
كانت هادئة هدوءًا ظاهريًا وتعاملت برقي وهي تطرق الباب فسمح لها بالدخول فدلفت تنظر في عينيه مباشرةً فلم تجد بهما سوى مخزونًا فائضًا من الحب لذا تنفست الصعداء واتجهت تقف قبالته وتساءلت باستفهام بعدما وقعت عينيها على المطفأة المهشمة :
- إيه اللي حصل ؟
في كل يومٍ يعاشرها يدرك أنها امرأة السلام بحق ، شتان بينها وبين من كانت هنا لذا عبأ صدره بكتلة ضخمة من الأوكسجين وأجابها بالفرنسية بهدوءٍ مبهم بعدما نهض وصوب بوصلته تجاهها :
- امرأة مجنونة مرت كسحابة سوداء على برعمين في أرضٍ امتصت هوجاءها فلم تزدهما إلا نموًا .
إجابته جعلتها تسعى لتلتقط أنفاسها بعدما استولى على الأوكسجين تنفست رائحته لذا تساءلت والعيون ملتمعة :
- هي لسة بتحبك ، صح ؟
لم يعد يفصل بينهما سوا إنشات قليلة ليردف بثباتٍ زعزع دموعها المعلقة :
- بحبك .
سقطت دمعتيها حينئذٍ ، سقطت وهي تخبره بألا يفعل ، في زواجها الأول تقبلت خيانته لإنها كانت خارج جدران قلبها فلم تبالِ حتى لو تألمت لكرامتها ولكن هذا الثائر يستقر الآن بين نياطها لذا نطقت بصدقٍ ملغم بالتحذيرات :
- وأنا كمان بحبك .
أغمض عينيه وسحبها بعد ذلك لعناقه ، حان وقت الاحتواء ، حان وقت انتزاع الهموم وإلقائها من نافذة الحب لتسقط صريعة ، رفعت يديها تستند بهما على صدره وتركته يحتويها ليضغط بكفيه كمن يريد أن يدخلها بين ضلوعه وليت هذه الخاصية متاحة له ولكنه اكتفى مؤقتًا بعناقٍ أزال صخورًا ثقيلة تخفي سجنًا لا يدركه أحد وليتها تراه وتحرره ليطمئن لذا ابتعد عنها قليلًا وحاوط وجهها بكفيه يغزو عينيها بنظراته ويردف بثباتٍ :
- اسمعيني كويس يا ديما ، في أي وقت تحسي إنك محتاجة إجابة صريحة مني بصي في عينيا علطول ، هيجاوبوكي .
قطبت جبينها باستفهام ، فلم هذه الصعوبة ؟ لم لا تكون حياتهما لينة وهادئة لذا تساءلت :
- تمام بس ليه كل ده ؟ ثائر لو سمحت خليك واضح معايا .
زفر بقوة وحرر وجهها ملتقطًا كفها يسحبها خلفه ليجلسا على الأريكة فأمسك بكفيها بين راحتيه وبدأ يشرح ظواهر جعبته فقال :
- والد مارتينا بيكرهني جدًا ، لولا بنته ومعاذ كان اتخلص مني من بدري ، والصراحة مش هو العدو الوحيد بس هو الأخطر وبعده توماس أورليان وغيرهم كتير بس دول اللي مركزين معايا أكتر ، علشان كدة لازم أكون حذر جدًا في تعاملي معاهم ولإن الموضوع مرتبط بمعاذ ابني لازم اتصرف بهدوء لحد ما أعرف أرجع بلدي وقتها اقدر أقولك إننا هنعيش بسلام .
اقتحم سكينتها بحديثه فتعلقت نظراتها عليه وتساءلت بقلق :
- وافرض لا قدر الله ماعرفتش ترجع مصر ؟ الحل إيه ؟
لم يعهدها متشائمة ولكنها تضع كل الاحتمالات في وقتٍ لم يرد فيه سماعها لذا نطق برجاءٍ هادئ :
- أنا مش طالب منك غير إنك دايمًا تديني الأمل ، تمام ؟
زفرت بقوة تومئ له ثم تغلبت على قلبها وابتسمت فأومأ يردف بحب :
- أهي ابتسامتك دي نسيتني كل الهموم .
مالت برأسها تستريح على قلبه فعاد يحتويها ويمتص منها السلام الذي يضيء دروبه ليسبح كلٍ منهما في أفكاره ولكنهما في نهاية الأمر يلتقيان عند كل مفترق .