-->

الجزأ الثالث _ علي جنب يا عجلة



الجزأ الثالث " عجز وصفه " 

توقف أمام أقرب مشفي وترجل من سيارته ليحملها بين ذراعيه مجدداً وتعجب من قولها الحاد :
لا تلمس صدري .

قطب جبينه ليسألها بغضب : عفواً .

تأففت وهي تجيبه بضيق : ايدك لامستلي صدري شو هالوقاحة .

شهق بحدة لتشتد عضلات فكه أمام وجهها لتنكمش ملامحها بخوف وهي تري ذلك وتشعر بتخفز عضلات صدره كذلك وهو يحرك يديه بخشونة لخصرها فأصبحت وكأنها جالسة علي يديه ولكنه لم يصمت وهو يقول : انتِ مش رجلك وجعاكي فكري فيها واسكتي احسنلك .

مطت شفتيها بغيظ ولم تفهم جملته تماماً لتتحدث من غيظها : شو عم تقول ولا تلمسلي خصري كمان .

تركها فجأة أمام باب المشفي قبل ان يخطو للداخل وهو يقول بحنق من تفكيرها : اتفضلي أنا غلطان إني شيلتك أصلاً .

شهقت بوجع وعاد البكاء لعينيها حين وُضِعت قدميها علي الأرض ولم تتكبد عناء محاولة فهمه وهي تتمسك بكتفيه مجدداً وترفع قدميها المصابة عن الأرض قائلة بطفولة : يا الله شو إنك بلا ضمير لتتركني هيك كيف بدي سير لحالي ؟ .

نظر لها بذهول ،، لدموعها التي أغرقت وجهها فجأة ولوثت نقاء ملامحها المحمرة .. ملامحها التي ويبدو أنها صادقة بما تقوله .. ففكر هل تلكَ الفتاة غبية أم ماذا ! هل تريد منه حملها أم لا ،، حاوط جسدها مجدداً وهو يقول دون خفض صوته : أستغفر الله العظيم .

حاوطت عنقه وهي تقول ماسحة دموعها باستفزاز متوقفة وكأنها لم تكن تبكي في التو : عم تستغفر هيك وكأنه مو انتَ المذنب هون .

لم يجيبها وهو يتنفس بسرعة حتي أدخلها قسم الطوارئ واضعاً إياها علي سرير فارغ تحت إشراف ممرضة ما قائلاً للطبيب : لقد وقعت عجلتها عليها وتأذت قدميها أنا سأنتظر بالخارج حتي تداويها .

وخرج يُنهي إجراءات المشفي قبل أن يعود لها ليسمع الطبيب الذي يقول ببشاشة : لا تقلقو هالجرح سطحي ما فيه منه خطر بس ترتاح وتضمده كل يوم منيح يعني لاسبوع هيك لا تخلي زوجتك تتعب حالها .

كان يستمع بلا مبالاه ولكنها أثارت حنقه مجدداً وهي تقول بسرعة : ماني زوجته ما بعرفه حتي .

نفخ بضيق وهو يقول للطبيب : نعم صحيح أنا مسعفها فقط ويبدو أنه كان يوماً أسود حين فكرت أن أفعل .

نظرت له بذهول قائلة باستخفاف : الله الله وكمان ما بدك تسعفني وانتَ اللي وقعتني أساسا ما غلطت لما قولت عنك بلا ضمير .

" اللهم طولك يا رووووح " هكذا هتف سراً وهو يسأل الطبيب : هل يمكن أن تخرج الأن .

أومأ له الطبيب فهتف لها متسائلاً بفظاظة : هل أحملك يا أنسة للسيارة أم لكِ توجيهات أخري .

■■■

شهقت أخيراً وقد خرجت من المشفي بعد أن تم تضميد قدمها المصابة ،، لاحظت جيداً ونفخت بضيق غلقه لباب السيارة بعنف بعد أن وضعها بها وما إن جلس بمقعده حتي قالت بطفولة وهي تحاول أن تكون مغرورة :
بتضلك علي طول حتي خبرك أي منعطف راح تفوته . ( إلي الأمام حتي أخبرك أي منعطف ستسلكه ) .

نظر لها من المرآة بحنق وهو يقود سيارته ليوصلها لمنزلها .. ويكاد يجزم أن أسوأ ساعة مرت بحياته هي تلكَ الساعة التي قضاها معها بالمشفي ولكنه لم يصمت ليقل متسائلاً باستنكار :
هو انتِ كدي علي طول .

قطبت حاجبيها تترجم كلامها قليلاً قبل أن تقول بحدة : لا تفكر إني راح أخد وأعطي معك بالحكي لهيك اطلع علي الطريق واسكُت .

قهقه وقد سأم من صمته فعلاً طوال هذا الوقت منذ أن وقعت أمام سيارته ،، ركن بسيارته جانباً لتتسائل بهمس وهي تراه يمسد عنقه وكأنه ينتوي بها شراً  : ليش وقفت .

أغلق أبواب السيارة لتسأله مجدداً بخوف وتحولت تماماً لطفلة الأن : شو بتعمل الله يوفقك وصلني للبيت بس .

ضحك وحقاً أثارت ضحكه بطريقة عجيبة بعد تحولها لفأر خائف هكذا وعلم أنه سيحصل عاي ما يريده من قبل أن يطلبه حتي فقال بجدية عابثة : طالما انتِ خوافة وطفلة وجبانة كدي لسانك عايز يتقص من الصبح ليه ،، عموماً احنا هنفضل هنا ان شاء الله للصبح لحد ما تعتذري .

زمت شفتيها تطلع حولها بارتعاش وهي تقول بضيق غير مصدقة : علي شو بدي اعتذر وبعدين ما بسمحلك تسبني هيك ،، وأساسا انتَ اللي لازم تعتذر مني ،، كيف بتفكر انتَ !
قهقه مجدداً وهو يعيد كرسيه للخلف لأقصي درجة متمدداً عليه مُتجاهلاً انكماش جسدها للخلف وقد لامسها الكرسي لتنظر له بعد أن صمت هكذا وكأنه سينام لتخبره بحيرة وملامحها مقتطبة بخوف : يا أخ الله يوفقك مافيني اتأخر أكتر من هيك وبعدين والله انتَ الغلطان بكل شئ صار .
ثم وكأنها تذكرت دراجتيها الراحلتين فلكزت كتفه بحدة صارخة : لك كيف نسيت أنا ،، انت اللي خربتلي دراجتي مش هيك الله لا يعطيك العافية ولا يوفقك بشئ ليش لتعمل هيك حرام عليك .
ثم بدأت بالبكاء وهي تتذكر عجلتيها مجدداً لتضع كفيها علي عينيها بآسي قبل أن تصرخ بهِ وهو فقط مذهولاً يُطالع تقلباتها وكأنها علي مسرح ،، تؤدي دوراً ما وتؤديه ببراعة : يا توصلني لبيتي يا تنزلني ما بدي كون معك بنفس المكان والله بصرخ وبلم عليك العالم كله .
حمحم وهو بقول بعبث متخطياً صدمته من تلونها الفظيع هذا : اعتذري وبعدين هنشوف .
وقبل أن تصرخ مجدداً رن هاتفه لتتذكر هي هاتفها ،، توسعت عينيها وهي تبحث عنه بملابسها ولكن لم تجده كما لم تجد محفظتها كذلك لتغمض عينيها وهي تصرخ بحدة أفزعته وهو يتحدث من غيظها .. وكما ظهر من كان يحدثه استمع لصوتها فسأله عن هذا الصوت لتسمع إجابته هو : بابا ديه البنت اللي خبطها معلش هوصلها بيتها وأجيلكم علي طول .
أغلق هاتفه ثم نظر لها ليتسائل : هو انتِ مجنونة بتصرخي ليه .
صرخت به : لك تليفوني مانو موجود ومحفظتي كمان ،، ليك لقولك انت راح تجيبلي دراجتين غير اللي راحو بسببك وراح ترجعلي تليفوني ومحفظتي وما بعرف كيف بس بالأول هتوصلني للبيت .
نفخ قائلاً وهو يقود فقط من أجل والده : أكيد وقعو منك لما وقعتي هوصلك وبعدين اروح اشوفهملك .
أغمضت عينيها ومطت فكها للأسفل بأسف علي ما يحدث معها حتي أوصلها لمنزلها ،، وضعها أمام الباب وظل واقفاً جوار سيارته حتي رأي رجل ما يفتح الباب لها ويحملها بعد أن صدم من حالتها ،، رأي كيف وضعت رأسها بعنقه فوراً واحتضنته وكأنه كل العالم بالنسبة لها ... تنهد مفكراً ، هل هو زوجها !!
ثم قهقه وهو يُفكر كيف يتحملها هذا الرجل يحتاج لجائزة اوسكار بالفعل علي تحملها .. ثم فتح الموقع الذي يخص بيت صديق والده مجدداً علي هاتفه ليتتبعه وليلحق بوالده وقبل أن يركب سيارته لاحظ شاشة هاتفه التي تعلن عن تواجده بالمكان المقصود تماماً .

#يتبع