-->

الوضع الصامت (Silent Mode)

الوضع الصامت (Silent Mode)

 

بعد العديد من السنوات والتعرف على العديد من الشخصيات سواء زميل، مدير، صديق، جار، العديد من الأقارب، شخصيات عديدة أخرى تعرفت عليها من خلال الشبكة العنكبوتية وغيرهم، ومن الجنسين بالطبع ومنهم اللي قرب جداً وكذلك منهم من كان سطحياً للغاية توصلت لحقيقة في غاية الأهمية..

وحقيقي توصلت إلي هذه الحقيقة الهامة بعد عدة مناقشات مع صديقة ليا فهمتني كتير عن طبيعة الشخصيات وفي الحقيقة لا أود أن أذكر اسمها ولكن أغلب القراء يستطيعون بمنتهى السهولة معرفة من هي!.

الشخصية الهستيرية أو Histrionic Personality أو الأفضل نقلاً من على لسان صديقتي العزيزة (الشخصية حرامية الإهتمام) 

معلش سيبوني أتكلم بالعامية لسهولة التعبير عليا وسهولة توصيل المعلومة للقارئ!

عارفين أنتوا لما يكون فيكوا اللي مكفيكوا وواخدين جنب من الحياة باللي فيها وعايزين تفصلوا كده وتستعيدوا قدرتكوا على مواصلة الحياة البائسة أو خلينا نقول بتشغل وضع الصامت زي الموبايل بالظبط وبتتعايش يادوب بتاكل وتشرب وبتنام وبتعمل أدنى المتطلبات الحياتية للإستمرار على قيد الحياة.. كتير بيمر بالفترة دي مننا وبتعدي الحمد لله..

بس في وقت مرورك بالفترة دي بيجي كده شوية ناس (مش كلهم علشان محدش يفهم غلط) يفضلوا يبعتوا في رسايل على كل وسيلة اتصال اجتماعي ويتصلوا ويجروا وراك علشان يتطمنوا عليك (أو من الآخر، علشان يعرفوا أخبارك وخلاص، شعور فضولي مريض عندهم بيشبعوه لما بيعرفوا عنك أخبارك) وخليني برضو أوضح، مش كل الناس عندها الفضول ده..

أنت بقى بعد كل الرسايل المفعمة بمشاعر الإهتمام اللي بتتلقاها من بعض الأصدقاء والمعارف بتضطر تعصر على نفسك لمونة حمضانة أساساً وترد على الناس..

ولسه بنقول بسم الله الرحمن الرحيم وبتبدأ تشرح مالك ومختفي ليه بيبتدي يجيلك رد من ردين، يا إما رد كله إهتمام وإصغاء وتأثر لحالتك وبعدها يتبعها كلمات مليانة تشجيع أو مواساة وهو ده حقيقي اللي بنحتاجه في الفترة دي وتشكر أوي الناس اللي بتعمل كده. وعلى فكرة هو ده المتوقع من أي علاقة طبيعية سليمة بيدعي فيها الطرفين إنهم بيحملوا مشاعر إهتمام حقيقية لبعض بغض النظر مسمى العلاقة دي إيه.

بالنسبة بقى للرد التاني وخليني أدخل معاكم بسرعة على الردود بدون شرح كتير وأوريكم بعض الأمثلة..

- أمال أنا بقى أعمل إيه، ده أنا حصلي وحصلي وحصلي (بتعلي على أسبابك اللي بتحكي إنها مضيقاك علشان تبان هي الضحية)

- زي عندي بالظبط، فلان وفلان حصلهم أكتر من كده (بتحسسك إن اللي أنت فيه ده عادي وبيحصل للكل وإن أسباب بُعدك وإنك قافل من الدنيا أسباب تافهة)

- إيه ده، يا عيني، معلش.. (وفجأة تفتح موضوع تافه تماماً ملهوش أي علاقة بما تمر به من مشاعر مأثرة على نفسيتك بالسلب)

- أنا كمان والله، ربنا يعديها على خير (وبعدها صوت صرصور الحقل!)

- كده طول الفترة دي مبسأليش عليا، قلقت عليكِ جداً (يخربيت أهلك.. بقولك بمر بفترة هباب)

وغيرها وغيرها من الردود التي لا تسمن ولا تغني من جوع! طب بتسأل ليه من الأول؟ كده رضيت فضولك؟ كده أتطمنت مثلاً عليا؟ حصلك إشباع لما عرفت أخباري وأنا مختفية ليه؟ ولا من الآخر أنت عايز تتكلم وبس ومتسمعش؟ ولا يمكن عايز إن أنا اللي بمر بفترة وحالة من السكوت إني أهتم بيك؟ مش واخد بالك إني مش قادر؟!

طيب إيه لازمة كل الكلام اللي أنا كتبته ده علشان أوصله للقارئ؟ وإيه علاقة ده بالشخصيات ولا إيه أصلاً الشخصية الهستيرية ولا الشخصية حرامية الإهتمام ولا إيه الرغي ده كله وعلاقته ببعض؟! وإيه إسم المقال الغريب ده وإيه علاقته بالكلام اللي أنا بقراه دلوقتي؟! 

أنتي عايزة مننا إيه يا ست أنتي!!

أنا أقولك بمنتهى البساطة أنا عايزة إيه، عايزاك تبعد كل البعض عن الشخصيات السلبية المُحبطة أو على الأقل قصر أوي من ناحيتها، وبالنسبة بقى للمصطلحات الغريبة اللي عمالة أقول فيها من الصبح دي فتعالى واحدة واحدة أوضحهالك وأوضحلك أنا عايزة إيه منك بصورة أكبر..

نشوف الأول تعريف الشخصية الهستيرية أو Histrionic Personality 

بس قبل تعريف الشخصية الهستيرية لابد من التعرف على الهستيريا والتي يمكن أن تعرف على أنها (مرض نفسي عصابي تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة وهي عصاب تحولي، تتحول فيه الانفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي لغرض فيه ميزة للفرد أو هروب من الصراع النفسي أو من القلق أو من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك).

بينما الشخصية الهستيرية يمكن تعريفها بما يأتي:

1- حاجة الفرد الملحة لأن يكون موضع اهتمام الآخرين واعتقاده بجاذبيته البدنية والجنسية, وسرعة ظهور التعبيرات الانفعالية على الوجه والاهتمام بالشكل والمظهر البدني للحصول على ما يريده وكثرة الكلام خارج القضية أو صلب الموضوع وقدرته على التمثيل والاستعراض والقابلية للاستهواء مع إقامة العلاقات على أساس التهويل أكثر من كونها علاقات واقعية.

2- القابلية الشديدة للإيحاء والمسايرة وحب المجاملة والحساسية الشديدة وسرعة الخجل والتذبذب الانفعالي وتقلب المزاج وعدم التحكم في الانفعالات والسذاجة وسطحية المشاعر ولفت الأنظار واستدرار العطف وحب الاختلاط والمبالغة.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن معظم حالات مرض الهستيريا تقع في أولئك الذين عرفوا بشخصيتهم الهستيرية لمدة طويلة قبل الوقوع بالمرض.

يالهوي! ده طلع مرض بجد وحوار كبير، ده بيسموه في ويكيبيديا سلوك أطفالي، يعني زي العيال الصغيرة من الآخر.. راجل ولا ست معدين الخمسين من عمرهم وزيهم زي الطفل الصغير!!

بس ثانية، استنى لما تشوف خصائص الشخصية دي علشان تفهم أكتر..

خصائص الشخصية الهستيرية:

يشير لفظ الهستيريا إلى حالة غير عادية لدى البعض منا أو لدينا جميعاً حتى تختلط الحقائق بالأوهام, ويزداد وضوح الشخصية في المرأة وفي الرجل، وقد رصد علماء النفس بعض الصفات في الشخصية الهستيريا ومنها:
0 حب الذات والاهتمام بها.
0 المباهاة وحب الظهور.
0 محاولة جلب انتباه الآخرين واهتماماتهم.
0 الاتكال على الآخرين في المسؤولية.
0 القابلية للإيحاء والتأثر بالآخرين والأخبار المثيرة وتفاعلهم القوي مع هذه المثيرات.
0 الاستعراضية وحب الظهور.
0 الميل الشديد والعالي للتمثيل.
0 القابلية للمبالغة والكذب.
0 الانفعالات السريعة والسطحية معاً.
0 التلون حسب الموقف.
0 ضحالة المشاعر وتبدلها.
0 الفشل المستمر في الحياة الزوجية وعدم التوافق

شوفت الخصائص؟! عرفت أقصد إيه بحرامية إهتمام!

من الآخر الشخصيات دي حابة اللي يسمعها بأي طريقة، بتدور عليه وعندها استعداد تفضي نفسها وتسيب كل اللي وراها وتجري وراك بالمشوار إذا كنت في يوم من الأيام بتهتم بيها وبتسمعلها، ولو بعدت بتحاول معاك مرة واتنين وتلاتة ومفيش أي مشاعر يأس بتطرأ عليها لأنك ببساطة سمعتها قبل كده واديتها إهتمام!

طيب وبعدين، هنعمل إيه مع الشخصيات دي؟ أصل ما ينفعش أفضل أهتم بالناس اللي زي كده وهمّ مبهتموش بيا! 

أولاً لو عندك قدرة من الشجاعة الممزوجة بكلمات مقنعة دون تجريح اقنع الشخصية دي إن عندها مشكلة ولازمها علاج من متخصص..

ثانياً لو معندكش القدرة على إنك تصارح الشخصيات دي بحقيقة مرضه، مقدامكش غير إنك تشغل الوضع الصامت معاها..

ثالثاً حاول تفرق بين الشخصية الهستيرية والشخصيات التانية، وعلى فكرة أنا وأنت وغيرنا بنقع ضحية الأول للكلمات التي تقشعر لها الأبدان والمشاعر اللي بتتولد جوانا لما بنسمع شكوى وضجيج الشخصيات الهستيرية بس مع الوقت (اللي هيكون كبير نوعاً ما) هتبدأ تعرف إن الشخصيات دي عايزة إهتمام، إهتمام مادي ومعنوي، إهتمام كل شوية، إهتمام مبالغ فيه، وسبحان الله معندهمش غير المشاكل، فحاول تفرق ومتظلمش حد..

رابعاً الناس اللي زي دي بتبان حتى من غير ما أنت ما تكلمها، بنلاقيهم على فيسبوك، تويتر، إنستجرام وحالات الواتساب وغيرها من مواقع التواصل الإجتماعي والتطبيقات بيبينوا قد إيه همّ عندهم بلاوي ومصايب ومحتاجين الكل جنبهم..

أو مثلاً البنات اللي بتبالغ في نشر صورها بإهتمام ومستنية الإهتمام من كل من هب ودب وأي فرخة معدية مستنية منها لايك ولا كومنت!! حاجة over بصراحة..

خامساً لو عندك شجاعة جامدة جداً ليفل الوحش، وفيه حد بتتعامل معاه من الشخصيات دي ومش متقبل الرأي اللي بيقول إن عنده مشكلة، مقدامكش حل غير إنك تهرب! إهرب بسرعة اوي!

سادساً.. دور كويس جوا نفسك، أسأل نفسك كام سؤال مهمين، أنا بس بسمع الناس ومبتكلمش واحكي مشاكلي ومشاعري؟ هل أنا بدور بس على اللي يسمعني ومش قابل أسمع حد؟ 

لو إجابتك على السؤالين دول بـ (آه) أو (أيوة) يبقى أنت عندك مشكلة ومحتاج مساعدة من أخصائي وياريت متترددش في إنك تطلب المساعدة دي.. لا دورك إنك تسمع بس، ولا دورك إنك تتسمع.. لازم تعمل الأتنين!

الشخصية الهستيرية شخصية متعبة أوي، لنفسها ولغيرها، شخصية محتاجة طاقة رهيبة من الإهتمام والإستماع وعمرها ما بتشبع إهتمام واحنا بشر لازم يكون في كل علاقتنا هات وخد، ما ينفعش أنت بس اللي تسمع وتشيل الهم وتحفز وتدي طاقة إيجابية.. ولا ينفع إنك تفضل بس أنت المسموع واللي حواليه بيهتم بيه..

إهرب، إهربي من كل اللي مبيهتموش ومش شايفين غير نفسهم..

وجرب كده الوضع الصامت، هيكشفلك كتير، وكتير أوي كمان، في نفسك وفي غيرك.. أنت هتاخد فترة نقاهة وكمان هتكتشف مين السلبي حواليك ومين الإيجابي.. 

أرجو من القارئ عدم أخذ الكلام على نفسه، واللي يعمل كده فهو لديه كامل الحرية..

وفي النهاية أحب أشكر صديقتي اللي فهمتني ولا زالت بتفهمني كتير أوي في الشخصيات اللي حوالينا..

المصادر والتعريفات النفسية نقلاً من موقع مجانين ، وويكيبيديا


بقلم : بتول