-->

اقتباس الفصل الخامس والأربعون - نعيمي وجحيمها

 





اقتباس

 الفصل الخامس والأربعون



في صباح اليوم التالي 

فتح أجفانه على أثر الضوء الذي اخترق الغرفة مستيقظًا من نومه العميق، والتعب مازال يفتك برأسه رغم غفوته لهذه الساعات الطويلة، بعد سهره مع تعب،أبيه، ومرور يومه السابق بمشقة مع أحداثه الكثيرة والكبيرة أيضا، تأوه من تخدر ذراعه الذي مازال يحمل رأسها، ليعتدل بجسده بصعوبة ويميل ليُقبلها على جبهتها بقصد إيقاظها مع مداعاباته الرقيقة لأنفها ، وهي تزوم بصوتها متأففة، فيزيد عليها بضمها بقوة حتى أنت بين ذراعيه قائلة بصوت مختلط بنعاسها :

- بس بقى يا جاسر كفاية غلاسة.

ضحك منتشيًا بمناكفتها التي تزيد من مرحه مع ردود أفعالها الغير،متوقعة والتي تزيد دائمًا من مرحه، فدنى منها يردد بجوار أذنها:

- مش هابطل غلاسة غير لما تقومي واشوفك صاحية قدامي

تغضنت ملامح وجهها بضيق وهي تسحب الشرشف لتغطي رأسها، وحاولت أن تنقلب للناحية الأخرى ولكنها لم تتمكن من ضيق المساحة على السرير الطبي، وهو بجسده الضخم محشور بجوارها، يحاصرها بذراعيه، ضحك من قلبه على محاولاتها الفاشلة، لتعود لوضعها متنهدة باستسلام تغطي بساعدها على عيناها، ازداد بضحكاته ليكشف عيناها فهتف بتذمر:

- يووه عليك يا جاسر، كفاية بقى عايزة انام حرام عليك.

وكان بكلماته الغاضبة تطالبه بالمزيد، زاد بميله حتى ثبت ذراعيها بجانبيها ليعطي للضوء مساحة كاملة وفرصة كبيرة لازعاجها أكثر ، حتى استسلمت تفتح عينيها إليه قائلة بغيظ:

- اديني اتنيلت وصحيت، استريحت انت كدة بقى؟

اومأ لها برأسه بسعادة تدغدغ قلبه مع فرط فرحته بحملها، يتأمل تفاصيل وجهها بنهم لا يصدق بتحقق حلمه اَخيرًا بإنجاب طفل او طفلة، قطعه منها، يتمنى بشدة أن يكونوا جميعهم شبهها، حتى يرى صورتها مع كل نظرة لأحد منهم.

قاطعت شروده قائلة بسأم

- هانفضل ع الوضع دا كدة كتير؟ مش ناوي بقى تفك عني شوية خليني اتحرك ولا اخد نفسي؟

حرك رأسه بالنفي ليزيد بتقبيلها مع ضحكاته المقهقهة باستمتاع لغضبها، فهتفت هي بين ذراعيه ساخطة:

- يا عم بس بقى راسي تقيلة مش متحملة، اتحرك كدة خليني اقوم مش كفاية حشرتك جمبي على السرير وانا تعبانة.

رفع رأسه إليها يقول بمرح غير مكترث لضيقها:

- طب اعملك إيه؟ وانا راجل كدة كبير وخوفت انام بعيد عن حضن مراتي؟ نصيبك بقى اتحملي.

كبتت بصعوبة ابتسامة ملحة على أثر كلماته المتفكهة، وتابعت تردف مدعية الغضب لتخفي حرجها:

- يعني إيه بقى؟ مافيش تقدير لظروفي الجديدة ولا لتعبي؟

سمع منها واعتدل عنها فجأة قائلًا بخوف تشوبه الفرحة لهذا الوضع الجديد:

- بجد انتِ تعبتي يا زهرة؟ ولا بتهزري؟

ردت بابتسامة مستترة وهي تستقيم بجذعها أمامه:

- طبعًا لازم اتخنق من أقل حاجة وانت لازم تخلي بالك، هو فيه هزار كمان في الحمل؟

- اممم .

زام بفمه بنظرة ماكرة متفهمًا لدلالها المتزايد بحملها الجديد، فنهض سريعًا يخاطبها :

- حيس كدة بقى ، طب ياللا قومي من كسلك بسرعة عشان تفوقي كدة وتفطري معايا 

افطر معاك فين بالظبط؟


قالتها وهي تنزل بأقدامها عن التخت فاهتزت بداور رأسها الذي افقد جسدها اتزانه، على الفور لحقتها ذراعي جاسر ليسندها، متسائلًا بقلق:

- أيه الحكاية؟ هو انت لسة تعبانة من امبارح؟

اومأت برأسها تجيبه بابتسامتها الجميلة:

- مش عارفة، بس انا بجد حسيت بدوخة جامدة وانا بقف دلوقتي، شكلي هاتعبك قوي في الحمل ده.

- اتعبيني يا ستي ولا يهمك، المهم انتِ ما تتعبيش. 

قالها ببساطة أوقفت الكلمات بفمها، وكيف تستطيع الرد بما يناسب جمال عبارته؟ فتابع لها:

- اخلص بس مشوار والدي واشوفلك دكتورة شاطرة نتابع معها، أكيد اللي بيحصلك ضعف تغذية، هتقدرى تكملي للحمام لوحدك ولا اروح معاك؟

قال الأخيرة بابتسامة ماكرة جعلتها تعتدل فجأة تنزع ذراعه عنها قائلة بعصبية:

- لأ طبعًا مش لدرجادي، انا كويسة واقدر اروح لوحدي

قالتها وتحركت بخطواتها مسرعة عنه، هتف من خلفها ساخرًا:

- فجأة دبت فيكي الروح ها؟ 

التفت برأسها إليه بابتسامة وهي تومئ له بعيناها، ورد متخصرًا لها :

- طب خلصي وتعالي خدي تليفونك دا اللي هانج من كتر الاتصالات .



يتبع