الفصل الأول (النمرود) - طغاة التاريخ
الفصل الأول
"النمرود"
اليوم وفي أول فصل من فصول طغاة التاريخ لنا موعد مع حاكم اخد لقب أول كل حاجة.
أول طاغية في التاريخ.
أول من سجد لإبليس.
أول من تعلم السحر على يد إبليس نفسه.
أول من ادعى الألوهية وأمر الناس بعبادته وعمل تمثال لنفسه ل يعبده الناس.
أول من وضع التاج على رأسه.
وأول من بنى عجيبة من عجائب الدنيا.
إنه الملك "النمرود" وهو واحد من الملوك الأربعة الذين حكموا الأرض وما عليها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملك الدنيا أربعة مؤمنان وكافران أما المؤمنان فسليمان وذو القرنين والكافران النمرود وبختنصر وسيملكها خامس من أهل بيتي» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
❈-❈-❈
ولد النمرود عام ٢٠٥٣ق.م واختلف المؤرخين في نسبه فيه اللي قالوا إنه ينسب ل "حام بن نوح عليه السلام" واسمه
"نمرود بن كنعان بن كوش بن حام بن نوح"
وفيه اللي قالوا انه ينسب ل "سام بن نوح عليه السلام" وان اسمه "نمرود بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح"
بس الإجماع إنه "النمرود بن كنعان".
كان النمرود في شبابه يحلم أن يملك الدنيا بما فيها فيقال أنه في يوم من الأيام كان النّمرود يغتسل، وحوله مجموعة من النّساء، دخل عليه رجل أحدب، وعليه ثياب سوداء، وهنا استغرب النّمرود كيف دخل عليه إلى الحمام بالقصر، وقال الرجل بسخرية للنمرود:
"أأنت من سوف تحكم الأرض ومن عليها؟ "
غضب النّمرود جدا، وأمر الجنود بقتله، وكمان أمر بقتل جميع الجواري اللّي كانوا حواليه ، بسبب الكلام الذّي سمعوه من الرّجل الأحدب.
بعد كدا صعد إلى غرفته ووجد الرّجل نفسه الذّي قتله في الحمام موجود أمامه، فتعجّب النّمرود، فقال:
"من أنت؟"
قال:
"أنا أمير النّور يوم خلق النّور، فإذا أردت أن تحكم الأرض وما عليها يجب أن تراني على هيئتي الحقيقيّة"
وهنا تجسّد له بصورته الحقيقيّة، فكان الشّعر يكسو جسده، وكان عظيم البنية، كان هذا الرّجل هو إبليس، وأمر النّمرودَ أن يسجد له مقابل أن يعطيه القوّة، فكان هذا أوّل لقاء بين النّمرود وإبليس، وأوّل يوم يتعهّد إنسيّ ببيع روحه للجنّ مقابل السّلطة، والقوّة.
وبدأ إبليس يعلّم النّمرود السّحر، وكيف يسحر النّاس، ويملك الأرض، وبعد أن تعلّم النّمرود فنون السّحر أمره إبليس أن يقتل والده علشان يثبت ولاءه ليه وكمان علشان يتاح له حكم البلاد، والتّوسّع بها، وبالفعل تخلّص النمرود من والده، ليصبح ملكاً جبّاراً متسلّطاً، وساحراً قويّاً، وأمر أهل المدينة بالخضوع له بصفته إله، وكان أول من وضع تاجاً ذهبيّاً على رأسه، وقال عندما وضع التّاج:
- نحن ملوك الدّنيا.
حكم النمرود شعبه بالحديد والنار وعمل جيش ضخم جدا وبدأ يغزو كل الممالك لحد ما حكم ممالك الدنيا السبعة ونصب نفسه ملك على كل الأرض واستمر حكمه ٤٠٠ عامًا مليئة بالظلم والتجبر والطغيان.
❈-❈-❈
كان شعب بابل يعبد الكواكب، والشّمس، وكان النّمرود يعبد الأصنام، ثمّ جعل لنفسه صنماً، وطلب من شعبه أن يعبدوه.
في يوم من الأيام وهو نائم رأى حلم حيث ظهر كوكب في السماء وحجب الشمس وعندما جمع المنجمين في مملكته فقالوا له أنه سيولد مولود هذا العام سيكون سبب في هلاك ملكه فأمر النمرود بقتل كل المواليد الذكور في المملكة وهذا هو العام الذي ولد فيه خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام ولكن استطاعت أمه أن تخبئه وتحميه من القتل إلى أن كبر ونزلت عليه الرسالة من الله عز وجل.
❈-❈-❈
كان النمرود يحتفظ بكل الغلال في المخازن عنده واللي عايز من الشعب يروح يطلب منه علشان يثبت لهم ان هو اللي فى ايده إطعامهم وفي يوم كان من ضمن الناس دي سيدنا إبراهيم عليه السلام وكان من عادة النمرود أن يمر على الناس وهما بياخدوا الأكل ويسألهم من ربكم؟ علشان يردوا عليه ويقولوا له انت طبعا يا مولانا.
ولما وصل عند سيدنا إبراهيم عليه السلام وسأله:
- من ربك؟
رد عليه وقال له:
- ربي الذي يحيي ويميت.
قال له النمرود:
- أنا أحيي وأميت.
وأمر حراسه يجيبوا اثنين محكوم عليهم بالإعدام من السجن وأمر بإطلاق سراح واحد وقتل واحد قال يعنى كده بقى هو يحيى ويميت.
فقال له إبراهيم:
- إن كنت صادقاً، فأحْي الذي قتلته.
فقال النمرود:
- ماذا يفعل ربك أيضاً؟
فردّ عليه السلام:
- إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فإن كلّ يوم صباحاً تطلع الشمس من المشرق، وذلك من صنع الله تعالى، فإن كنت أنت إلهاً، فاعكس الأمر، وائتِ بالشمس من طرف المغرب.
فبهت الذي كفر ومقدرش ينطق بكلمة بعد كدا
وتم ذكر الحوار الذي حدث بين النمرود وسيدنا إبراهيم في القرآن الكريم في سورة البقرة في قوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
بعد كدا قرر سيدنا إبراهيم عليه السلام إنه يثبت للناس ان الأصنام لا تضر ولا تنفع استنى يوم العيد وده كان عيد من الأعياد بيحتفل بيه الناس مع النمرود خارج البلد وراح المعبد اللي موجودة فيه الأصنام وجاب فاس ونزل على الأصنام اللي موجودة كلها وكسرها وساب أكبر تمثال وعلق الفأس في رقبته وسابه ومشي.
أول ما الناس شافوا اللي حصل انصدموا وغضب النمرود جدا وطبعا توقعوا ان اللي عمل كدا إبراهيم ولما جابوه وسألوه انت اللي عملت كده يا ابراهيم؟ قال لهم:
- إنه كبيرهم الذي كسر الأصنام الأخري لأنه يغار منهم.
ردوا عليه وقالوا له:
- أتسخر منا كيف له فعل ذلك وهو صنم لا يضر ولا ينفع.
فرد عليهم قائلا:
- فلم تعبدوه إذا أن كنتم تعلمون أنه لا يضر ولا ينفع.
وطبعا مقدروش يردوا عليه.
أمر النمرود جنوده إنهم يعملوا حفرة كبيرة ويملوها بالحطب ويولعوا فيها وبعد كدا أمر إنهم يرموا سيدنا إبراهيم عليه السلام في النار وطبعا زي ما كلنا عارفين خرج سيدنا إبراهيم من النار من غير خدش ومحصلوش حاجة وربنا سبحانه و تعالى أمر النار إنها تكون برد وسلام عليه قال تعالى في سورة الأنبياء:
بسم الله الرحمن الرحيم
(قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ ﴿61﴾ قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿62﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴿63﴾ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿64﴾ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ ﴿65﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿66﴾ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿67﴾ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴿68﴾ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴿69﴾ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ ﴿70﴾)
ويقال إن المناظرة اللي حصلت بين سيدنا إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) وبين النمرود من إحياء الموتى والإتيان بالشمس من المغرب حصلت بعد ما خرج من النار مش قبلها.
طبعا اللي حصل ده أضعف من موقف النمرود وخلى ناس كتير تؤمن بسيدنا إبراهيم عليه السلام وهنا بقى قرر النمرود يعمل حاجة مجنونة جدا عمل إيه بقى؟
جاب المهندسين اللي في المملكة وقالهم إنه عايز يبنى برج ضخم يصل للسما علشان يطلع عليه ويوصل لإله إبراهيم ويعرف سر قوته طموح انت يا عم نمرود والله.
وتم بناء البرج بالفعل برج بابل الذي يعد أول عجيبة من عجائب الدنيا وصعد عليه النمرود بالفعل وحس إنه وصل للسحاب لكن يشاء ربنا وفي غمضة عين البرج ده يبقى كوم تراب ويتهد وهو فيه وحكمة ربنا إنه يخرج من بين الأنقاض سليم ميحصلوش حاجة ويزيد غرورة ويفتكر إنه محصلوش حاجة علشان إله بقى.
وسبحان الله كانت نهايته عبرة لمن لا يعتبر فبعث الله إليه ملك يدعوه لعبادة الله ولكنه لم يستجيب جاله الملك مرة تانية و برضه مستجابش جاله تالت ولما رفض قال له الملك:
- أجمع جموعك وأجمع جموعي وموعدنا بعد تلاتة أيام
وبالفعل جمع النمرود جيشه واستعد للقتال لكن بعث الله عليه هو وجيشه جيش من البعوض من كثرتها حجبت الشمس وهاجمت الجيش وأكلت لحمه وشربت دمه مفضلش إلا عضمهم ولم ينجو منهم أحد إلا النمرود ولكن دخلتله بعوضة من فتحة أنفه وفضلت تزن في دماغه ودا كان عقاب ربنا وزي ما حكم النمرود ٤٠٠ سنة فضلت البعوضة تزن في دماغه ٤٠٠ سنة ومكانش بيعرف ينام الا لما ينضرب بالمطارق والنعال على دماغه وفضل الحال كدا لحد ما مات وجاله جنان من زن البعوضة ومن كتر الضرب على دماغه سبحانك يارب.
خلى نهاية أكبر طاغية على يد أصغر المخلوقات بعوضة قدرت توقع أعتى الطغاة سبحان الله.
وبعد موته تم دفنه والى الآن لا أحد يعلم مكان قبره.
وبكدا خلصت قصة النمرود وعرفنا ليه كل واحد بينكر المعروف بيتقال عليه نمرود وكمان اشتق من اسمه كلمة تمرد فهو تمرد على الله عز وجل وطغى في الأرض فكان جزاؤه عذاب الدنيا والآخرة ربنا يحسن ختامنا جميعا يارب.
يتبع