الفصل الرابع (نيرون) - طغاة التاريخ
نكمل بقى حكايات عن العائلة المجنونة اللي ما شوفتش في جنونهم وحبهم لسفك الدماء اتكلمنا الفصل اللي فات عن كاليجولا والأفعال الشنيعة اللي عملها واللي كانت بعيدة كل البعد عن أي عقل وأي منطق النهاردة هنتكلم عن ابن اخته اللي كان مجنون أكثر منه بمراحل وحقيقي كان المفروض تصنيفه ضمن قائمة القتلة المتسلسلين مش الأباطرة خالص.
فصلنا النهارده هنتكلم فيه عن "نيرون"
الإمبراطور نيرون أو نيرو كان خامس وآخر امبراطور في الأمبراطورية الرومانية من السلالة اليوليوكلودية
ولد نيرون عام ٣٧م أمه "أغريبينا الصغرى" أخت كاليجولا زي ما قولنا وأبوه كان جنرال روماني مشهور.
بعد ولادته بفترة بسيطة كاليجولا نفى أغريبينا وأختها ليفيلا لجزيرة اسمها "بونتيا" وفضلوا هناك لحد ما اتقتل هو وحصانه.
بعد موت كاليغولا مجلس الشيوخ كان فاقد هيبته عالآخر بعد اللي حصلهم على إيده فقرر يعين واحد خايب كدا وشخصيته ضعيفة علشان يبقى حاكم صوري كدا ويقدروا هما اللي يديروا الدولة من خلاله ويبقى هما الكل في الكل.
قعدوا يفكروا مين اللي ينفع وفيه المواصفات دي مالقوش غير "كلوديوس" وده كان عم كاليغولا وكانت شخصيته ضعيفة جدا وجبان جدا جدا وكان يتصف بالبلاهة الشديدة لدرجة إن اسمه كان مادة للسخرية بين الشعب فى الوقت ده دليلًا على السفه والإهانة وأي حد ينطبق عليه صفة الجبن والبلاهة كانوا يطلقون عليه اسم كلوديوس تيمنًا بالأبله الكبير وصل جبنه لدرجة إن لما الجنود وأعضاء مجلس الشيوخ راحوا يبلغوه إنه بقى إمبراطور افتكرهم هيقتلوه زي ابن أخوه قعد يعيط وركع قدامهم يتحايل عليهم يسيبوه.
المهم تولى كلوديوس الحكم وبعت جاب بنات أخوه من المنفى علشان يعيشوا معاه ومن ضمنهم أغريبينا الصغرى أم نيرون وكان نيرون في الوقت ده عنده حوالي ٣ سنين.
لما أغريبينا عاشت معاه في القصر الإمبراطوري أعجب بيها جدا أو هي اللي أغرته مش فارقة المهم إنه قرر يتجوزها.
وطبعا مكانش ينفع يتجوزها لأنها بنت أخوه وكان القانون الروماني يمنع جواز المحارم مكانوش بيعملوا زى قدماء المصريين بس قالهم ماليش دعوة هتجوزها يعنى هتجوزها ودفع فلوس لمجلس الشيوخ علشان يوافقوا وفعلا اتجوزها.
بعد كلوديوس ما اتجوز أغريبينا بدأت تفرض سيطرتها عليه وعلى الحكم.
كان هو متجوز واحدة إسمها "ميسالينا" كانت جميلة جدا لكن يخسارة الحلو ميكملش كانت شهوانية جدا آلة جنس متنقلة وكلوديوس كان راجل عجوز مكانش قد المستوى المطلوب.
ميسالينا كانت بتغير عشاقها كتير جدا وكانت بتقابلهم في السر في القصر الإمبراطوري وصل بيها الحال إنها كانت عايزة تعمل علاقة مع جوز أمها "سيلانوس" ولما رفض إقامة علاقة معاها غضبت عليه وخلت جوزها يعدمه بتهمة الخيانة العظمى.
وكان من ضمن عشاقها السيناتور «كايوس سيليوس» عضو مجلس الشيوخ، وكانت تقابله كتير جدا في بيته أو في القصر ولما اتفضح أمرهما وعرف به الجميع وكان "كلوديوس" في الوقت ده خارج روما منهمكًا في زيارة مواقع عسكرية.
لما «كايوس» عرف بافتضاح علاقته بميسالينا خاف جدا وقرر يهرب إلا أنه رجع وتمالك نفسه وقرر إنه يقتل الإمبراطور علشان يتزوج ميسالينا.
ولما رجع الإمبراطور وعرف بأمر كايوس، أمر بذبحه وتقطيع رجليه ويديه بعد أن يعذب بشدة. وكمان اتخذ قرار بإعدام ميسالينا مع انه تردد فيه كثيرًا لحد ما أقنعه أصدقاؤه بتنفيذه.
هنا بقى الساحة فضيت لأغريبينا اللي قررت إن ابنها هو اللي يتولى الحكم بعد كلوديوس مهما كلفها الأمر مع إن كلوديوس كان عنده إبن شرعى اسمه "بريتانيكوس" وهو أحق بالحكم.
أول حاجة عملتها اقنعت كلوديوس إنه يتبنى نيرون علشان تديله الصفة الشرعية وخصوصا إنه كان أكبر من "بريتانيكوس" إبن كلوديوس ب ٣ سنين بعدين بدأت تهمش بريتانيكوس وتعامله على إنه طفل صغير وعقله على قده وتبروز إبنها في الصورة هو اللي يظهر في كل مناسبة.
بعد كدا علشان تزود شرعيته زوجته أوكتافيا ابنة كلوديوس علشان تبقى لمت كل الخيوط في إديها وتبقى هي المتحكمة في كل شيء والآمر الناهي.
بعد سنة واحدة من جواز نيرون من أوكتافيا كان كلوديوس كبر جدا وحس بنفوذ أغريبينا الشديد وكمان حس بتأنيب ضمير من اللي عمله في ابنه الشرعي علشان كدا قرر يديله حقه بس أغريبينا عرفت بده وقررت تخلص منه قبل ما يهدد مستقبل ابنها.
وعلشان متروحش في داهية بتهمة قتل الإمبراطور قررت إنها تلجأ للسم واللي كانت بتعمله سيدة محكوم عليها بالإعدام تدعى "لوكوستا" ولم يتم تنفيذ الحكم بعد، فوعدتها "أغربينيا" بمساعدتها بشرط الحصول على سم قاتل لا يظهر أثره بعد الموت وفعلا تمت مهمة التخلص منه بنجاح.
بعد كدا أثرت على مجلس الشيوخ علشان يعين ابنها ودا حصل بمساعدة "سنيك" الفيلسوف الروماني الشهير واستاذ نيرون ومعلمه اللي وعدته أغريبينا إنها تعينه وزير في الإمبراطورية "وبوروس" القائد العسكري الكبير واللي وعدته إنها تعينه قائد أعلى للجيش وبالفعل بمساعدتهم تم تعيين نيرون إمبراطورا للبلاد وهو عنده ١٦ سنة.
خلاص كدا بقى الدنيا احلوت لأغريبينا وبقت هي الآمر الناهي في البلد وإبنها صورة فقط لا غير طبعا نيرون معجبوش الكلام ده وقرر يحجم نفوذ أمه وده طبعا معجبهاش وهددته لو مسمعش كلامها هتشيله من الحكم زي ما عينته وهتعين الوريث الشرعي للحكم.
هنا بقى قرر نيرون يخلص من بريتانيكوس علشان ميبقاش فيه أي تهديد لحكمه وبالفعل زي أمه ما قتلت كلوديوس هو قتل بريتانيكوس حطله من نفس السم اللي اتقتل بيه والده ولما مات تم دفنه ولا من شاف ولا من دري.
بعد كدا طرد أمه من القصر ووداها قصر تاني بعيد عن الحكم وكان بيروح يزورها من وقت للتاني وهو في أبهى صورة علشان يبين لها إنه حاكم أحسن منها وقدر يقنع مجلس الشيوخ إنه مالوش أي دخل بموته ودا حصل طبعا بعد ما أجزل لهم العطايا والهدايا.
كان نيرون ليه علاقات نسائية كتير جدا كان كل يوم يعمل حفلات سكر وعربدة وزاد جنونه لدرجة إنه كان بيخرج متنكر بالليل ويسرق ويقطع الطريق.
فضل كدا لحد ما اتعرف على واحدة اسمها "بوبية" اللي قدرت تخليه يحبها بجنون وأقنعته إنه يطلق أوكتافيا ويتجوزها ولما أمه رفضت قدرت بوبية تقنعه إن أمه عايزة تعمل انقلاب ضده واتفقت مع واحد من أحفاد الإمبراطور أوغسطس إسمه "بلوتس" علشان يعملوا انقلاب عليه.
طبعا لما عرف اتجنن وقرر يقتلها لكن اللي حواليه قالوله لازم تحقق معاها الأول ولما بعتلها لجنة تحقق معاها قدرت تثبت برائتها طبعا بوبية معجبهاش الكلام ده وقعدت تقنعه بكل الطرق علشان يقتل أمه.
طبعا هو اقتنع وقرر يقتلها بالفعل، حاول يقتلها الأول انه يغرق سفينة كانت راكبة فيها بس مماتتش وقدرت تنجو بحياتها ولما المحاولة دي فشلت بعتلها أسطول بقيادة واحد اسمه "أنيكيتوس" علشان يقتلوها في القصر بتاعها ونجحوا في مهمتهم بالفعل وماتت أغريبينا وهي بتلعنه أشد أنواع اللعنات.
جر خبر مقتل "أغربينيا" العار والهياج الشعبي على «نيرون»
وغضب الجيش جدا ودا خلى نيرون يهرب من روما إلى نابولي على ما تستقر الأوضاع وفي الوقت ده قعد يخطب ود مجلس الشيوخ وقادة الجيش وقدم لهم الهدايا والعطايا لحد ما طلعوا قرار باستحسان قتل أغربينيا وهنا رجع نيرون تاني لروما وطلق أوكتافيا واتجوز بوبية.
لما الشعب عرف باللي حصل اتعاطف مع أوكتافيا جدا وكانوا بيرموا أكاليل الزهور على تماثيلها في الميادين العامة وهنا بقى لما عرفت بوبية أكلتها الغيرة وقررت تتخلص من أوكتافيا بتلفيق تهمة الخيانة لها بمساعدة وصيفاتها بس هما رفضوا الشهادة ضد سيدتهم وده اللي خلى بوبية تستعمل معاهم كل طرق التعذيب الغير آدمية علشان يشهدوا وبرضو رفضوا فاقنعت نيرون إنه ينفيها لمدينة "بابيه" واللي كان فيها أسطول "أنيكيتوس" قاتل "أغربينيا"
طلبت بوبية من "أنيكيتوس" أن يشهد ضد «أوكتافيا» ويقول أنها طلبت منه تنفيذ انقلاب ضد «نيرون» وإنها سلمته جسدها لذلك، وفعل "أنيكيتوس" ذلك أمام المحكمة وهنا أصدر نيرون حكم الإعدام على "أوكتافيا".
وطبعا كما تدين تدان وبوبية اتقتلت على ايده هي كمان في يوم من الأيام حصل خلاف بينهم مما أدى لضربها ضرب شديد جدا لحد ما ماتت ومش بس كدا دا أمر بإغراق ابنها لحد الموت وكمان قدر يتخلص من بوروس قائد الجيش واللي ساعده في تولي الحكم بدس السم له هو كمان.
بعد كدا زاد جنون نيرون وبقى عنده وهم إنه عبقرى تمثيل وغناء وعزف وبقى يعمل حفلات يجمع فيها الشعب كله ويقفل عليهم بالساعات ويقعد يمثل ويغني والجدع اللي ميصقفش وبقى يلف الإمبراطورية بفرقته ويغني ويمثل ويشارك في الألعاب الأوليمبية ويكسب مهو لازم يكسب حتى لو طلع الأخير حد يجرؤ يكسب وهو موجود.
الناس طفحت من عمايله وبدأوا يعملوا مؤامرات لقتله لكن كانت بتفشل كلها وفي مرة علشان يخلص من أستاذه "سينيك" واللي كان صوت العقل بالنسباله اللي ديما بيراجعه في تصرفاته المجنونة قرر يخلص منه حط اسمه بين أسماء المتآمرين وبعتله قوات علشان ترغمه إنه ينتحر ويقطع عروق إيده وقد كان.
خلاص خلص من أمه ومراتاته واستاذه وكسب كل الجوايز اللي في الدنيا زهق بقى ايه الملل ده وقعد يفكر ممكن يعمل ايه علشان يقضي على الزهق ده وهنا جاتله اكتر فكرة مجنونة ممكن تيجي للحاكم في يوم من الايام.
قرر إنه لازم يغير ديكور روما بس علشان يعمل كدا لازم يدمر كل القديم ويبدأ من أول وجديد علشان كدا قرر يحرق روما كلها.
بالفعل عمل حريق ضخم ابتداء من قاعدة السيرك الكبير في وسط البلد وامتد لكل أحياء روما النار كلت ١٠ أحياء من أصل ١٤ حي وكانت الوفيات بالآلاف غير المصابين وفي عز البلد ما كانت بتولع كان هو قاعد في البرج بتاعه يعزف على القيثارة ويغني أنشودة هوميروس بتاعة حرق طروادة.
وعلشان يداري على عملته ويلزقها في أي حد كان قدامه اختيارين يا إما يلزقها لليهود يا إما المسيحيين بس اليهود كانوا تحت حماية زوجة من زوجاته كان إسمها "بوبياسبينا" وعلشان كدا مكانش قدامه غير المسيحيين وكانت المسيحية لسة دين جديد وليها أعداء كتير فقرر يعملهم كبش فداء.
بقى يجمعهم من كل مكان في الإمبراطورية ويعذبهم ويحرقهم أحياء ومن ضمن اللي اتقتلوا في الوقت ده القديسان "بطرس وبولس"
استمر الوضع ده أربع سنين من القتل والحرق والتعذيب وهرب المسيحيين في الكهوف اللي تحت الأرض علشان يهربوا من بطش نيرون و لسة لحد دلوقتى الكهوف اللي استخبوا فيها مزارات سياحية يزورها السياح من كل مكان.
الناس كانت خلاص جابت آخرها واللي زاد وغطى إنه ساب الدنيا خرابة والبلد مولعة وراح يبنى قصر يمارس فيه عهره وشذوذه وحفلات المجون بتاعته كان قصر معمول من الذهب واللؤلؤ وكانت باحة القصر كل فترة ينزل من السقف بتلات الزهور وأفخم أنواع العطور وعمل تمثال ليه قدام القصر طوله ٣٦ متر قال إيه علشان يحرس القصر.
يذكر بعض المؤرخين إن جنونه وصل لأنه يتزوج من الرجال آه وربنا مش يعمل علاقات مع رجالة لأ كان بيتجوزهم جواز رسمي ويقال إنه تزوج من رجلين مش راجل واحد كمان في حفلة زواج وهمية عملها هو.
الوضع بقى غير محتمل الناس خلاص فاض بيها عملوا ثورة عليه ومجلس الشيوخ أعلن إنه عدو للإمبراطورية ولما لقى خلاص الناس كلها اتخلت عنه والدنيا اتقفلت في وشه قرر يهرب راح استخبى في كوخ صغير ولما اليأس تملك منه وحس انهم وصلوا له وهيقتلوه قرر ينتحر وبعد محاولات فاشلة كتير قدر في الآخر إنه ينتحر ويريح الناس من شره ودا كان سنة ٦٨م بعد حكم دام ١٤ سنة وبموته انتهت الأسرة اليوليوكلودية اللي بدأت بحكم أوغسطس ٢٧ق.م وانتهت بموت نيرون ٦٨م.
يتبع