-->

رواية أنين وابتهاج- بقلم الكاتبة هدير دودو- الفصل الخامس والعشرون -الأخير

 رواية أنين وابتهاج بقلم الكاتبة هدير دودو



الفصل الخامس والعشرون
(الأخير)

_هل انتهت الحر'ب بتلك النهاية؟! 
ب

الطبع لا، فالحرب الآن قد بدأت لكن بعدما يأخذون هدنة بسيطة تجدد ما بداخلهم _

❈-❈-❈

رأت نهى  محتوى الرسائل التي اُرسِلت إليها من رقم آلاء، ويليهم رسالة ساخرة وهي تعتذر لها عن الصور التي ارسلتها، فهي تدعي أنها قد أرسلتها عنوه عنها بالخطأ

"سوري يا بيبي وصلولك بالغلط، معلش بقي اصل جوازي من عموري حبيبي هيجنني شوية مش عارفة اركز، اصل مهما لفينا هرجع ليه وهو ليا دي حاجة معروفة فأنصحك أنك تشوفي حد غيره بقي تلفي عليه كعادتك" 

  بالطبع  تعلم أنها كاذبة هي أرسلت إليها الصور عن عمد حتى تثير حنقها ، وهي نجخت فيما تريد، فقد شخب وجه نهى بشدة وشعرت بالدماء تغلي في عروقها بغضب عارم، شعرت بالغيظ وقد انتفخت اوداجها غضبا واشتعالا.. 

توجهت سريعا نحو عدي الذي كان يجلس في الغرفة بغضب مشتعل هو الآخر، وضعت الهاتف أمام وجهه و ظلت تمرر الصور أمامه صورة تلو الأخرى حتى يجعله يشاهد ما أُرسل إليها، أردفت تتحدث بغيظ وهي تشعر أن عقلها كاد ينفجر من فرط الغضب الذي تشعر به الآن بسبب آلاء وفعلتها 

:- شايف الاستاذة بعتالي إيه،  عاوزو تغيظني وهي قاصدة أنا عارفاها، وقال أنتَ تقولي بتحبك وبتاع قولتلك آلاء هبلة طول ما عمر بعيد عنها بس وأنتَ قدرت تستغل نقطة ضعفها دي، لكن تحبك لأ طبعا مستحيل دي روحها في عمر، طول ما هو جنبها بترجع قوية زي ما كانت، عدي اتصرفلي مش هسيب بنت ال***  دي تفهم أنها كسبتني يا عدي أنا لازم اكسرها واعرفها قيمتها كويس..

قالت جملتها الاخيرة بتصميم وغضب عارم قد تملك من كل ذرة بداخلها. 

لم ينكر عدي أنه شعر هو الآخر بالغضب عندما رأى الصور والفيديوهات، وبالتحديد عندما رأى سعادة عمر البادية عليه بشدة وكأنه امتلك العالم بأكمله، صورة واحدة فقط كافية لإظهار الفرحة الذي يشعر بها، يعلم أن زواجه منها جعله ينتصر ويفرح، لن  يزيده سوى قوة، فرد عليها بعضب هو الاخر 

:- متقلقيش هخلص كل حاجة خلاص مش هينفع اسكت اكتر من كدة، خليكي واثقة فيا ضحكتها اللي في الصور دي  اوعدك انهم هتعيط قدها دم مش دموع ، وهو انا هعرف اتصرف معاه همحيه نهائي. 

كان يتحدث بغضب شديد والشرر يتطاير من عينيه الغاضبتين وعروقة بارزة بغضب شديد سيطر عليه.. 

عقدت زراعيها أمام صدرها الذي كان يعلو ويهبط بضيق وغضب، وتمتمت بتهكم حاد 

:- ايوة امتى بقي عاوزة افهم، قولتلي لازم نختفي ونهدى شوية قولت ماشي وسكت عشان عمر واللي عملناه فيه وتهديده ليك بعد الصفقة اللي خدتها دي، راح  هو أهو استغل كل دة واتجوز السنيورة بتاعته وعايشين مع بعض في هنا، يعني كل اللي عملناه قبل كدة ضاع على الفاضي مستفدناش حاجة. 

رد عليها بشرود، و فكره مشغل في شئ ما هام سيفعله عن قريب ليستعيد حقه مرة أخرى، نـعـم هي مُحقة في حديثها هو انتظر كثير وقد حان الآنوقت تنفيذ فكرته 

:- قريب يا نهى، وقريب اوي كمان. 

اومأت له برأسها إلى الأمام وتمنت أن يصدق في قوله تلك المرة، وينجح بالفعل فيما يخطط له، هي أصبح كل ما يهمها هو الإنتقام و الانتصار على آلاء، نـعـم تريد الإنتقام من آلاء التي لم تفعل لها شئ حتى الآن،  كانت تعتبرها أخت لها ولكن ها هي قد قابلت كل هذا الحب بالكره والإنتقام في النهاية.. 

❈-❈-❈

جلس تامر مع بسملة في السيارة الخاصة به، كما اتفقا سويا، غمغم بغضب ما أن رآها و هو يضغط فوق أسنانه بقوة حتى وصل الى مسامعها صوت صكيكهم القوى الدال على غضبه

:- أنتِ ازاي تتصلي بيا يا بسملة، مش عارفة أن ممكن اكون مع مراتي في وقت زي دة، وقولتلها إيه اصلا لما كلمتك. 

حاولت بأقصي ما تملك من طاقة أن تكبت غضبها من حديثه الحاد ولا تبديه، ردت عليه بسخرية ودلع وهي تتحدث بنبرة مغزية تحاول أن تنهي غضبه 

:- يا تامر بقى أنتَ بتزعقلي ليه دلوقتي ياحبيبي، هو أنا كنت اعرف منين انها هي اللي هترد، أنا بتصل بيك عشان وحشتني، بعدين هكون قولتلها إيه مثلا أنا اتصرفت وقولتلها أني تبع الشغل هي اللي الأوفر تلاقيها، ليه كل اللي أنتَ عامله دة على فكرة محصلش أي حاجة،  وبعدين مالك حساك خايف عليها أوي كدة ليه هي مش دي اللي كانت السبب في اننا متتجوزش، وهي السبب في كل اللي حصلك وحسيت بسببها انك ضعيف ومش طايقها، إيه اللي جد بقا يا حبيبي. 

ماكرة بشدة وخادعة تعلم جروحه بأكملها وتضغط عليها بقوة، تستخدم طريقتها الماكرة حتى تفوز، تذكره بأكثر شئ جاهد أن ينساه ويمحيه من ذاكرته نهائيًا إن استطاع، لكنها لن تدعه ينساه ستظل تذكره حتى تقـ'ـتل أي مشاعر نحوه تجاه تلك الفتاة. 

حاول أن يخفي ضيقه وغضبه من مجرى حديثها، ورد عليها بحدة صارمة يوقفها عند حدها

:- هي ملهاش ذنب يا بسملة، وبعدين متنسيش انها مراتي دلوقتي مش واحدة غريبة لا ومش بس كدة دي حامل يعني لو تعبت الله اعلم هيحصلها إيه هي وابني اللي في بطنها. 

صُعِقت وشعرت بالدهشة الشديدة ما أن علمت بخبر حملها الذي لم تتوقعه وتضعه في مخططاتها، ا
أسرعت تتحدث بضيق وعدم تصديق 

:- تـ،.. تامر أنتَ بتكدب عليا صح عشان تضايقني،  أنتَ فاهم يعني إيه حامل ولا لأ، ازاي تحصل حاجة زي دي وأنتَ عادي كدة، تامر أنتَ لسة بتحبني صح؟ 

طرحت سؤالها وهي تعلم الإجابة بالطبع ومتأكدة منها، لكنه باغتها برده عليها الفاتر الغير متوقع نهائيًا والتشتت يبدو عليه بوضوح 

:- مش عارف، مش عارف يا بسملة، أنا مبقتش قادر احدد أي حاجة، الحاجة الوحيدة اللي انا عارفها أن مقابلتي ليكي وكلامي معاكي المستمر دة غلط لأن المفروض على الأقل خالص احترم وجود فريدة مراتي في حياتي، حاسس إني تايه مش فاهم حاجة ولا عارف احدد حاجة يا بسملة. 

طالعته بنظرات غاضبة،تتوعد فيها له ولـفريدة التي لعنتها عدة مرات بداخلها، ردت عليه بضيق وغضب 

:- والله دلوقتي هي بقت مراتك وتحترمها، فين الاحترام دة افتكرته دلوقتي خلاص، وأنا يا تامر، مبقتش أهمك للدرجادي براحتك خالص. 

أردفت حملتها وترجلت من السيارة بغضب، وهي تتوعد لهما بغضب شديد،  هي لن تتنازل عنه مهما حدث، لن تتركه لفريدة تفوز به،  تعلم كيف تجعله يعود إليها مرة أخرى، كيف تجعله يعشقها مجددًا كما كان معها في السابق!.. 

بينما تامر استمع إلى حديثها وهو يشعر بالغضب نعم هي حدبثها صحيح هو جعل فريدة تعاني بشدة، عاد برأسه نحو الخلف ووضع إياها فوق المقعد الذي يجلس عليه في السيارة لعله يهدأ ويرتاح قليلا.

أغمض عينيه محاولا أن يرتب أفكاره الذي تتصارع بداخله، شعر أن عقله على وشك الإنفجار بسبب كثرة ما يشعر به، جزء بداخله يخبره انه يظلم بسملة التي لم تفعل شي له سوى أنها احبته بصدق كما يظن، والجزء الآخر يربد فريدة وحياته القادمة معها، نـعـم يريدها ويريد أن يعوضها عما عاشته معه في بداية زواجهما،  شعر أنه وقع في مأزق من الصعب و المستحيل أن يخرج منه. 

تمنى لو أنه لديه القدرة أن يقص ما بداخله لــ عمر كما اعتاد أن يفعل دائمًا، لكنه يعلم رد فعل عمر إذا علم بمقابلته لبسملة وعودتها في حياته مرة أخرى.. 

تنهد تنهيدة حارة حارقة، تعبر عن النيران المتأهبة المشتعلة بداخله، الذي تحرقه هو أولا، فتح عينيه مرة أخرى وبدأ في قيادة سيارته متوجه نحو المنزل. 

❈-❈-❈

في نفس الوقت.. 

جلست آلاء مع فريدة كانوا يتحدثان سويا، اردفت آلاء تسالها بأهتمام شديد 

:- ها بقى يا ست ديدا مش ناوية تقولي مالك عمالة أسألك من الصبح؟ 

قبل أن تجيبها كالعادة بأن لا يوجد شئ بها، استردت الاء حديثها مرة أخرى

:- مفيش حاجة اسمها مفيش دي ارحميني شوية،  اتفضلي قوليلي مالك في إيه ومين اللي مزعلك

تنهدت فريدة بضيق، ثم اجابتها بصوت متحشرج و هي ترفع كتفيها إلى اعلى

:-مفيش حاجة يا آلاء بجد هي شكلها كدة هرمونات حمل عادية. 

صمتت آلاء ولم تريد أن تضغط عليها أكثر من ذلك،  فأومأت لها براسها إلى الأمام، جاءت نغم عليهما تقطع حديثهما عندما أردفت بنبرة مغزية 

:- عمري ما شوفت عريس ينزل من البيت بالسرعة دي، دة أنا قولت هيسافر ومش هنشوفه غير بعد شهر من الفرح، متوقعتش كدة بس طبعا عريس هيستحمل النكد ازاي ليه حق. 

رفعت آلاء بصرها تطالعها بحدة ونظراتها مصوبة نحوها كالسهام ، ثم ردت عليها بطريقة غير مباشرة لتخفي غيظها من حديث نغم الاحمق وهي مدعية أنها توجه حديثها لفريدة 

:- والله يا ديدا مش فايقالك خالص ولا فايقة لكلامك دة اللي ملوش أي لازمة عندي بس هنصحك نصيحة بلاش تتحشري و خلاص في حاجة ملكيش علاقة فيها، بس هي الناس الفاضية بتعمل اكتر من كدة. 

كادت تنهض وتترك لها المكان بأكمله بعدما ردت عليها بانتصار، لكن استوقفتها نغم التي تمتمت
بضيق وغضب 

:- استني كدة دة محدش فاضي غيرك على فكرة، الله بكون في عمر أخويا بجد. 

حدقتها الاء بنظرات حادة ولم تعقب على حديثها الذي لم تعطيه أي اهتمام و نهضت تاركة اياها تستشيط غضبا وهي تمتم ببرود واستفزاز 

:- اه فعلا انا اللي فاضية ماهو عشان كدة مش هرد عليكي ولا على كلامك يا بيبي. 

استكملت طريقها ببرود وسارت متوجهة صوب غرفتها وهي تبتسم وتدندن بعض كلمات الأغاني بمرح تريد أن تثير حنقها عن عمد. 

صعدت فريدة هي الاخرى لترتاح في غرفتها، ولا تعلن هل ما تفكر به صحيح أم لا؟.. 
تشعر بالحيرة لا تعلم ماذا تفعل تحديد حتى ترتاح، اصبحت واثقة تماما أن تامر على علاقة بتلك الفتاة التي تحدثت معها عبر الهاتف من قبل..

تشعر بألم كبير في قلبها كاد أن يفتك بها، لا تعلم لماذا هي التي يحدث لها كل ذلك، تريد أن تصرخ حتى يختفي صوتها تماما من الممكن ان يهدأ جزء من وجعها.. 

❈-❈-❈

جلست آلاء في غرفتها تنتظر قدوم عمر الذي لم يأت حتى الآن، تنهدت بقلق عليه تخشى أن يكون قد حدث له شي، كانت ستتصل عليه لعلها تُطَمْئن قلبها الذي سيتوقف من فرط القلق عليه. 

لكنها سرعان ما تنهدت بارتياح و هدأ قلبها من التوتر الذي كان يجتاحه، عندما استمعت الى صوت سيارته،  دلالة على عودته وأخيرا، جلست سريعا فوق الفراش ووضعت السماعة داخل اذنيها تحاول أن تشغل عقلها بشئ غيره وغير اهتمامها به الذي كان يستحوذ على عقلها ولا تريد أن تظهره. 

وصل هو الغرفة وخطي بخواته الواثقة كالعادة، لكنه كان يشعر أنه مرهق، فكان لديه عمل كثير متراكم في ذلك اليومين الذي اخذهم اجازة من أجل زفافه، حال ببصره في أرجاء الغرفة يبحث عنها لكنه  قطب حاجبيه بدهشة عندما وقع بصره عليها تجلس تندمج إلى الأغاني الموسيقية التي تستمع إليها وتغني معها بصوت مرتفع من دون ان تشعر بذاتها بسبب السماعات التي ترتديها، فهو توقع أن تكن نائمة في ذلك الوقت المتأخر. 

ظل يحدقها لبضع ثوان بنظراته يتأملها ويتأمل جمالها العاشق الذي يخطف قلبه ويحبس أنفاسه نهائيا، هو مُتيم بها وعاشق لها.. 

تمنى ان يأخذ الهاتف منها نهائيًا، يمنع عنها أي شئ يشغلها عنه وعن اهتمامها به، هو يحبها و يريدها له بمفرده، اهتمامها له هو فقط، وحبها يكون له ولقلبه هو فقط، يري البعض ان ذلك أنانية منه.
و لكن إذا كان ذلك الانانية، فنعم هو أناني...اناني في حبها له، الذي مهما ارتوى منه لن يمل وسيظل ظمآن دائما، أناني لأنه يريدها بشدة معه، يريدها بجانبه دائما ليطفئ نيران الاشتياق المتأهبة بداخل قلبه، يريد حياتها بأكملها تكون له كما سيعطيها حياته وكل ما تريد، فمَن يراه أناني هو مُحق، عندما يتعلق الامر بها يكون هو الأنانية بذات نفسها.. 

توجع نحو المرحاض يأخذ حمام هادئ لعله يرتاح من التعب الذي يشعر به،  لكنه تفاجأ عندما خرج ورآها مثلما هي،  اقترب منها  وجذب الهاتف الذي كان في يديها ثم قان بإغلاق الاغاني، وتمتم بمرح

:- كفاية كدة اغاني يا لولي جوزك حبيبك جه المفروض تقعدي مع جوزك اللي راجع من شغله تعبان وعاوز يقعد مع مراته القمر. 

عقدت يدهل أمام زراعها ونهضت مسرعة لتقف قبالته، ثم ردت عليه بنبرة مغزية ساخرة 

:- والله مراتك إيه بقى مش فاهمة حضرتك، ما حضرتك نزلت الشغل عادي خالص ولا كأنك لسة متجوز، مش مهم بقي اللي يتكلم يتكلم يعني عشان حضرتك مش فاض... 

:- دة انا اسيب الدنيا كلها و افضى لعيونك أنتِ بس هو أنا عندي كم لوليتا في حياتي أصلا. 

قاطعها سريعا بنبرة حانية عاشقة نابعة من صميم قلبه الذي متيم بعشقها، ثم استرد حديثه بنبرة هادئة و هو يقترب منها بخطواته ويلعب في خصلات شعرها المتمردة المتناثرة على وجهها 

:- بعدين مين دة اللي يقدر يتكلم، تفتكري ممكن أسيب حد ينطق حرف واحد عليكي، دة انا اقتـ'ـله فيها أنا قولت للكل إني نازل عشان اعرف افضي وقت لشهر العسل اللي ممكن يبقي شهرين تلاتة الله اعلم، احنا ومزاجنا بقي.

انهي حديثه وهو يغمز لها بإحدي عينيه بمكر، لم يقوى لسانها ان يتفوه بحرف واحد غاضب، فجميع غضبها الذي كانت تشعر به من قبل قد تبخر أمامه، لكنها سرعات ما حاولت أن تفوق من حالتها تلك، مترجية عقلها أن يتخلص من بحر كلماته ويسعفها للرد عليه، نحخت اخيرا وأرفت بتهكم ساخرا 

:- لأ وتلاتة شهور ايه احنا نخليها سنة بقا او سنتين دة أن روحت أنا اصلا، براحتك لو عاوز تروح لوحدك أنتَ حر. 

_ سنتين بس ليه احنا نخليهم  تلاتة مثلا أو عمري كله اللي موافق انه يروح مقابل ضحكة واحدة من القمر اللي قدامي دي. 

ردَّ عليها بحنو كأنه يتعامل مع طفلة صغيرة يحاول ان يضحك عليها لتفرح وتبتسم، لكنه لم يكذب فهو بالفعل على اتم استعداد للتضحية بحياته يأكملها من اجل ضحكة واحدة من شفتيها الواقع في عشقهما، ويعشق تلك الضحكة المشرقة الجذابة التي تأسر قلبه.. 

ضحكت ضحكة ساخرة ثم تمددت فوق الفراش توليه ظهرها في محاولة منها للنوم والهروب من سحر كلماته عليها وعلي قلبها الأسير بحبه...قلبها الذي ينبض عشقا له بالرغم من كل ما حدث، وعقلها الذي مازال متأثر باحرفه الغاية في الجمال، تلك الأحرف التي يعبر  من خلالها لها عن مدى العشق الذي يعشقه لها.. 

بينما هو ابتسم على فعلتها الذي يعلم سببها جيدا، ثم تمدد هو الاخر فوق الفراش بجانبها واقترب منها، بعدما اطفأ الضوء الخاص بالغرفة، ليسود الظلام بعدها لن يضوى شئ سوى قلوبهما المتعلقة ببعض برابط قوى تخطى العشق، مهما حدث ويحدث و سيحدث لن يتأثر ذلك الرابط بينهما. 

احا'طها بزراعه يحتـ'ـضنها ويقر'بها نحوه، فابتسمت في خجل وخفوت ولم تستكع أن ترفض فهي بحاجة إلى وجوده معها بجانبها ليجعلها تشعر بالأمان والسعادة، ولا يوجد أمان بالنسبة لها اكثر من وجودها بين زرا'عيه وداخل حضـ'ـنه.. 

❈-❈-❈
بعد مرور أسبوع.. 

في المساء
كانت فريدة تقطن في غرفتها تنتظر قدوم تامر من العمل لتخبره بما تريد، فهي قد حسمت امرها وعلمت ما تريده في النهاية.

حتى وإن كان الإبتعاد والفراق هما قرارها، ستبتعد عنه وتستجمع شتات ذاتها وحياتها، تعيد كرامتها التي جاءت عليها لأجله، كانت تأتي على كل شئ يخصها لتجعل الحياة تسير وتهدأ، ولكن لمتى...لمتى ستظل تتحمل بصمت، وقلبها يبكي بلا دموع؟!..

قلبها يؤلمها في الثانية ألف مرة حتى اصبح الألم مصاحبها، تشعر بآنين قوى يرهق روحها، قلبها كاد يتوقف من فرط الجهد والالم الذي يشعر به،  مسحت دموعها بطريقة عشوائية وتحدثت مع ذاتها بحزن 

:- لا يا فريدة أنتِ قدها خلاص كفاية لغاية كدة هفضل كدة لأمتى هو مش شايفني ولا عمره هيشوفني كفاية لغاية كدة، أنا هتصرف في حياتي الجاية مع ابني بعيد عنه وعن اي حد هبدأ لوحدي من جديد خالص كدة كدة أنا مليش حد.. 

فاقت من دوامة فكرها المستحوذة عليها وعلى أفكارها، على صوت الباب الذي فُتِح ودلف تامر منه. 

أردف يسألها بإهتمام وقلق وهو يرى شرودها الواضح عليها عندما ولج الغرفة

:- في إيه يا ديدا مالك...تعبانة ولا إيه؟ 

نهضت من فوق الفراش وقفت قبالته، وردت عليه بصرامة حادة لم يعتاد  عليها من قبل منها هي بالتحديد

:- تامر كفاية لحد كدة اوي، أنا خلاص عاوزة اتطلق، همشي من هنا، فطلقني لو سمحت واحترم قراري مبقتش حابة حاجة معاك عاوزة اتطلق. 

طالعها من اعلاها إلى أدناها بعدم تصديق وشعر أن الدنيا قد توقفت عند تلك اللحظة، يريد أن يتأكد من وقوفها أمامه، يريد ان يتأكد من صحة الحديث الذي وصل إلى مسامعه للتو، بالطبع هي تمزح معه بقرارها المباغت، أولاها ظهره و كاد أن يذهب و يتركهها خلفه تقف بمفردها. 

لكنها استردت حديثها مسرعة تستوقفه وصاحت بغضب شديد 

:- تامر اقف هنا وكلمني أنا مش بكلم نفسي، أنا تعبت بجد وعاوزة اتطلق عاوزة اعيش براحتي شوية، اظن أن دة قرار سهل وعادي مش مهم بالنسبالك، أنتَ كدة كدة مش معتبرني في حياتك. 

التفت نحوها مرة اخرى عقد زراعيه أمام صدره، يستمع الى حديثها حتى انتهت، وتحدث يرد عليها بحدة ونبرة آمره معترضة 

:- فريدة صوتك...أول حاجة صوتك مينفعش يعلى عليا دة أولا، ثانيا كان هيبقي مش مهم فعلا لو زي ما بتقولي لو مفيش حمل، مفيش طفل جاي هنبهدله بسبب شوية تفاهات في دماغك وقرارات مفاجأة كدة، السيرة دي متتفتحش تاني وخلصنا. 

حديثه وجعها بشدة، وجعها ووجع كبرياءها يخبرها صراحةً بأنها غير مهمة لديه ولحياته، وتمسكه بها فقط لاجل الطفل القادم بينهما، لولا وجوده كان سيستغنى عنها وعن ووجودها في حياته بسهولة، الهذا الحد هي غير مهمة لديه؟!.. 

ردت عليه بكبرياء في محاولة التمسك بأي ذرة كرامة لها واستجماع شتات ذاتها المفكك

:- لأ ملكش دعوة بالطفل اللي جاي، هو قراري أنا وأنا حرة هعرف اربيه من غيرك، وبعدين دة مش قرار مفاجئ دة قراري ورغبتي، أنا مش عاوزة اعيش معاك يا تامر، مش قادرة بجد خلاص طاقتي نفذت، لو سمحت طلقني تامر طلقني و ريحني من عيشتك دي، والطفل اللي بتتكلم عنه هيفضل ما بينا وهيعيش كويس مش هيحصل حاجة. 

وقف أمامها كالطفل التائة، لا يعلم يتركهها تذهب وينتهي الامر بينهما،  ام يتمسك بها ويستمع الى قلبه و ما يريده، لكن حديثها هو الاخر لم يكن هيّن عليه وعلى كرامته حتى يتجاوزه.. 

_هل تلك هي النهاية لقلبان عاشقين لكن لم يعترف كل منهما بذلك الشعور الذي يتواجد بداخله؟!.._ 

❈-❈-❈

في نفس الوقت 

كانت آلاء تجلس داخل غرفتها بملل جلى على جميع ملامح وجهها، نهضت من فوق الفراش ووقفت في الشرفة تتطلع امامها بشرود بلا هدف محدد وهي مازالت تشعر بنفس الحيرة، لا تعلم ماذا تفعل وكيف تتخذ القرار المناسب؟! 
تفكر في حياتها مع عمر، هي لازالت تعشقه حتى الآن، كل ما كانت تتفوه به كانت مجرد أوهام توهم بها ذاتها وعقلها.. 

شعرت فجأة ببرودة الجو حولها فدلفت مرة أخرى الى غرفتها، لكن قد لفت انتباهها الأوراق الخاصة 
بـ عمر الذي تركها فوق المنضدة ومن الواضح انه قد نسى امرها تماما، فهو كان يعد ذاته لاخذها معه في الصباح.

فتحت الملف وهي تنوى العمل بداخله اذا كان لم ينتهى منه بعد، تنوى على ان تثبت مهارتها في العمل حتى تطلب منه العمل معه في الشركة وتجعله يوافق على طلبها، لكنها تفاجأت بعدما رأت ما بداخل الملف. 

شهقت بفزع والصدمة قد بدت على جميع ملامحها، لم تصدق ما تراه، ارتسم على وجهها ابتسامة جانبية مشرقة، ونهضت مهرولة سريعا نحو الفراش حيث يوجد هاتفها، وقامت بالاتصال على عمر وقلبها يدق بداخلها بسرعة شديدة وصوت مرتفع كالطبول.

كان عمر في ذلك الوقت هبط من الشركة متوجه نحو سيارته، عقد حاجبيه بدهشة عندما راى اسمها ينير شاشة هاتفه الخاص به فهي لم تتصل عليه منذُ زمن، فتح يجيب عليها وهو يخشى أن يكون قد أصابها شئ ما، لكن قبل أن يتحدث ويتفوه بحرف واحد، جاءه صوتها العاشق الذي باغته

:- عموري حبيبي.. 

شعر بقلبه يتراقص بداخل صدره بسعادة، ما أن استمع الى صوتها بنبرته تلك الذي اشتاق اليها كثيرا،ابتسم ابتسامته الجذابة الواثقة التي لم تليق سوى به، ولكن قبل أن يتحدث ليرد عليها كان انطلقت رصاصة هادفة من مكان ما، اخترقت جسـ'ده هدفها المقصود ووقع أرضا بعدها كالجثة الهامدة غير واعي بأي شئ حوله.. 

اخترق صوت الرصاصة إلى مسامعها من خلال الهاتف، فصدر عنها صرخة قوية مرتفعة بصوتها بأكمله.. 

_ تلك ليست نهاية كما يظن البعض بل بداية جديدة، فالآن نهاية الآنين والوجع والبداية للإبتهاج والسعادة اللذيت يستحقونها جميعًا، هناك حر'ب ستبدأ معنا من جديد لكنها ستكون حرب عاشقة... سيحارب بها العشق المتملك على الروح والهوى والقلب وبالطبع سينتصر في النهاية الحقيقية.

النهاية
انتظرونا في الجزء الثاني