-->

رواية أنين وابتهاج - بقلم الكاتبة هدير دودو - الفصل الرابع والعشرون

 

رواية أنين وابتهاج

بقلم الكاتبة هدير دودو 





الفصل الرابع والعشرون

رواية 

أنين وابتهاج 



دق قلب كل منهما بنبض خاص بالعشق

 الذي يسير بينهما، فارتبطت النبضات سويا 

وحدث قلب عاشق متيم لهما هما فقط



 ❈-❈-❈



في الصباح.. 


استيقظت آلاء من نومها وهي تشعر بأنها مقيدة، فابتسمت بهدوء وسعادة شديدة تغمر قلبها بأكمله عندما رأت أن عمر يحتـ'ـضنها، غرزت أسنانها في شفتها السفلى بخجل وبدأ اللون الاحمر القاني يكسو وجنتيها من فرط الخجل الذي تشعر به، كم تمنت أن تستيقظ وترى ذلك المشهد، تمنت أن تنعم بأحتضـ'انه الدافئ لها تشعر من خلاله بجميع الأمان والسعادة في الحياة، فهي تمنت ذلك بعدد أيامها وها هو حلمها قد تحقق الآن بعد عناء لهما.. 


لكنها سرعان ما فاقت للواقع وتذكرت قرارها، أخذت  تلعن ذاتها وأفكارها التي تحيط عقلها، وبدأت تحاول إيقاظه و هي تتافاف بضيق، وتتمتم بأسمه عدة مرات بنبرة حادة


:-عـمر... عـمر 


كان عمر في ذلك الوقت مستيقظ منذ البداية، فالنوم لم يأتي إليه أمس سوى لوقت قليل، لا يصدق أن حلمه قد تحقق أخيرا، فهو لم يكن أقل منها اشتياقا لهذا اليوم، نيران الإشتياق المتأهبة كانت تزداد في قلبه كل يوم عن الآخر، يريدها بجانبه طوال الوقت على الرغم من كل ما حدث، فتح عيناه ببطء وهو يدعي النوم، ثم أردف يتحدث بصوت ناعس 


:- في إيه يا حبيبتي، مالك متعصبة كدة ليه على الصبح في واحدة تصحي جوزها حبيبها كدة؟


استطاعت أن تخرج من داخل حضنه بعدما سمح لها هو بذلك، عقدت زراعيها أمام صدرها وزمت شفتيها إلى الأمام، ثم بدأت تحدقه بنظرات غاضبة عن فعلته، وتمتمت بعدها بجدية 


:- والله بلا حبيبتي بلا بتاع، عاوزني اصحيك ازاي مثلا، وبعدين مين سمحلك إنك تاخدني في حضـ'نك كدة وانا نايمة، مش قولنا واتفقنا أن كل واحد يلتزم مكانه وننام بهدوء، أما نشوف اخرتها ايه معاك ومع الجوازة دي. 


رد عليها سريعا بخبث وهو يغمز لها باحدي عينيه الزرقاء المتيمة بهما 


:- اخرها عسل طبعا أنتِ بتسألي معروف إن اخرتها عيالنا وعيال عيالهم كمان يا لولي.


صمت لوهلة عندما رأى نظراتها الغاضبة المصوبة نحوه، وغمغم بعدها بمرح 


:- بعدين يا لولي أنا معملتش حاجة بلاش تظـ'لميني أنتِ جبتي بليل وقعدتي تقوليلي أنا بحبك يا عمر يا حبيبي وخوديني في حضـ'نك وأنا عشان طيب روحت اتنازلت وخدتك. 


طالعته بتذمر من حديثه الذي يتفوه به، ثم تمتمت بحدة وهي ترفع سبابتها أمام وجهه 


:- عمر بطل كدب أنا عارفة اني معملتش حاجة وأنتَ بتستغل أني نايمة، بس لو سمحت اهو بقولك التزم حدودك عشان انا لسة زعلانة متصالحتش أصلا ياريت بقي تسمـ.. 


قام هو بقطع حديثها الذي لم يعجبه قط، فوضع يده فوق خصر'ها وبدأ يقر'بها منه حتى أصبحت أمامه مباشرة، واختلطت أنفاسهما سويا، فاغمضت عينيها بسبب أنفاسه الحا'رة التي تلفح وجهها وقد غابت عن الواقع وما فيه بأكمله بين يديه، فاقت على صوته الأجش، العاشق و قد اجتاحه العديد من المشاعر وهو يعتذر لها عما حدث 


:- لوليتا أنا آسف، بصي عارف إني غلطت في حقك، بس مكنتش عاوز اقولك عشان متتعبيش ولا يحصل ليكي حاجة، هما كانو ضاغطين عليا ومش عارف أفكر كويس خوفت عليكي وقولت اخطبها وخلاص عشان يرتاحوا وكنت بمثل عليها الحب عشان اعرق اوصل للي أنا عاوزه يا لولي، لكن مقصدتش أني اجر'حك ولا ازعلك صدقيني، أنا بعشقك مش بحبك بس يا لولي، أنتِ روحي كلها. 


كان حديثه كالإنذار الذي دوى في عقلها ينبهها ويذكرها بكل ماحدث وخطأه معها حتى وإن كان عنوة عنه، يريد عقلها أن يفوقها مما فيه، فـ عمر لديه تأثير قوي عليها وعلى قلبها الذي يذوب من أقل كلمة يتفوهها.. 


صُعِقت من حديثه الذي تشعر أنها استمعت إليه خطأ، هو يعتذر منها، منذُ متى وعمر يعتذر من أحد حتى ولو أخطأ عن عمد، فهي طوال عمرها بأكمله لم تراه يعتذر على شئ فعله، تحدثت بجدية و هي تحاول أن تفك قبضته لتبتعد عنه، وعن اقترابه الذي يضعفها 


:- والله ودة من امتى وأنت بتعتذر، كنت خايف احسن يحصلي حاجة، وباللي عملته دة محصليش مثلا أنتَ بتضحك عليا ولا على نفسك اصلا، عمر طريقتك كلها كانت غلط في غلط وأنا اسفة مش مضطرة أني استحمل الغلط دة، حتى طريقة الجواز بتاعنا اللي أجبر'تني عليها كانت غلط هي كمان.


أرخى من قبضته عليها سامحا لها أن تبتعد، ثم رفع حاجبيه بحدة، وطالعها بنظرات غاضبة تعكس مدر الغضب الذي يشعر به، غمغم بعدها ضيق 


:- والله هو إيه اللي اجبر'تك عليه، أمال كنتِ عاوزاني اسيبك مع الزفت التاني دة وقال عاوز يتجوزك والله، دة أنا اقتـ'له فيها وسيادتك تبقي مرتاحة كدة.


اعتدلت في جلستها أمامه، وردت عليه بغضب يشتعل بداخلها، كاد يجعلها تنفجر


:- أنت كل اللي همك واللي عاوزه أنك تكسب عدي وخلاص، بأي طريقة بقى مش مهم ومش فرقالك اصلا، المهم أنك تقولي لا تتجو'زيني لا هحبـ'سك على فكرة انا كنت عارفة انك مش هتقدر تعملها بس سكت عشان خاطر عمتو، وعارفة كمان اللي انت عاوزه وعاوز توصـ..


_ عاوزك أنتِ وبس، ومش عاوز حاجة تاني من اللي بتقوليه غيرك، أنتِ حياتي كلها من غيرك مش هعرف اكمل أي حاجة.


قطع حديثها هو بنبرة عاشقة، يتحدث بصدق حقيقي فكل ما يريده هو في تلك الحياة هي فقط، يكتفي من كل شي في الحياة بوجودها بجانبه وبجانب قلبه الذي يحتاجها أكثر من أي شئ آخر، هي الأهم من كل شئ في حياته. 


استرد حديثه مرة أخرى وغمغم بحدة وغيرة 


:- وبعدين يا هانم اسم عدي وز'فت دة ميتنطقش على لسانك نهائي، خلاص كان ز'فت صفحة وقفلناها، بعدين أنتِ متجوزتنيش عشان عمتك لأ أنتِ اتجوزيني عشان عارفة إني بحبك وعرفتي أنا عملت كل دة ليه، ماشي غلطت ومعترف بغلطي على فكرة بس عاوزك تعرفي إني كل اللي كنت عاوزه اني ابعد عنك أي اذ'ي مش أكتر، ومستعد ادفع حياتي كلها عشان تبقي كويسة ومبسوطة.


تشعر أنها كالتائهة لا تعلم الصواب من الخطأ، هي طفلة صغيرة لا تفقه شئ في الحياة، لا تعلم هل تسامحه أم لا؟!.. خاصة بعدما علمت دافعه القوي الذي جعله يفعل ما حدث في الماضي.


لكن قلبها مازال مجروح لم يتقبل ما فعله، لا تنكر أنها سعيدة بزواجهما وحياتهما القادمة سويا، لكن مازال ما حدث في الماضي يقف في طريق سعادتها، عقلها يذكرها وقلبها مجروح منه فكيف ستتقبل الحياة الجديدة وهي مازالت لم تنسى، كادت أن ترد عليه وتتحدث، لكن قطعها صوت الباب الذي كان يدق بهدوء، فهمهم عمر يسأل عن هوية مَن يدق 


:- مين ؟ 


سرعان ما أتاه صوت إحدي العاملات في المنزل وهي تجيبه بهدوء 


:- أنا يا عمر بيه، مدام سناء بعتاني بالفطار لحضرتك أنتَ وآلاء هانم.


قبل أن ينهض عمر ليفتح لها الباب ويتناول منها الطعام، كانت الاء ردت عليها بمكر وهي تبتسم بانتصار 


:- لأ خليكي أنتِ تحت بالأكل واحنا نازلين اصلا بلغيهم أننا هنفطر تحت معاهم. 


همهمت الخادمة ترد عليها بخفوت ثم نزلت مرة أخرى أسفل تخبر سناء كما قالت لها آلاء عندما عقدت حاجبيها بدهشة ما أن رأتها تنزل بالطعام مرة أخرى. 


بينما عمر حدق آلاء بغضب، ثم تمتمت بضيق وهو يضغط فوق كل حرف يتفوهه 


:- ليه أن شاء مين قال إن انا نازل، عمرك شوفتي عريس بينزل من أوضته مش كفاية انك رفضتي نروح اوتيل أو جناح خاص بينا هننزل كمان.


ردت تجيبه بلامبالاه وقد اعتلى ثغرها ابتسامة مرحة منتصرة بعدما نجخت في إثارة حنقه 


:- آه طبعا فيه، امال هنفضل قاعدين في الأوضة كدة، انا اصلا عاوزة انزل ولو عليا عاوزة ارجع اقعد في اوضتي، تقولي جناح خاص إيه اسكت يا عمر احسن، ثم أن نحن نختلف عن الآخرين معروفة.


كور قبضة يده بغضب وتوجه نحو المرحاض بعصبية من دون أن يرد عليها وهو يشعر بالغيظ من حديثها، لكنه سيحاول أن يتحلى بالصبر معها حتى النهاية، سيجعلها تنسى كل ما حدث وهو يعلم كيف؟ 

فهو يحفظ كل شي بها، ادق التفاصيل التي تحبها يعلمها.


بينما ٱلاء تشعر أنها في مأزق لا تعلم ما الذي يجب عليها فعله، الأمر بأكمله متروك عليها، حياتهما تعتمد عليها هي،ولكن يضرب عقلها سؤال قوى و بشدة تخشى تسأله له تعلم أنه سيظل في عقلها من دون إجابة.. 

هل من الممكن أن يستسلم ويتخلى عنها إذا مازالت لم توافق ولم تقدر على مسامحته

نعم هي تعلمه جيدا مثله ولكنها لا تعلم كيف يفكر؟ وكيف يتصرف؟ 

ففي الحقيقة لا أحد يفهم تفكير عمر خاصة قررت ان تتركه وتنزل هي اولا من دون أن تنتظره.. 


❈-❈-❈


في الغرفة الخاصة بتامر وفريدة


كانت فريدة تعد ذاتها للخروج من الغرفة لتتناول فطوها معهم لكن قبل ان تخرج من الغرفة استوقفها صوت رنين هاتف تامر الذي كان في المرحاض مازال لم ينتهي من إعداد ذاته.


تناولت الهاتف من فوق المنضدة بلا مبالاه تتطلع على هوية المتصل لكنها تفاجأت وشعرت بالصدمة عندما رأت اسم بسملة يدوى بوضوح فوق شاشة هاتف زوجها، وقد دار داخل عقلها العديد من الاسئلة تخشى أن ما كانت تظنه يكون صحيحًا،  فتحت عليها بيدين مرتعشتين وتمتمت بصوت خافت مرتبك


:- آلو مين معايا؟! 


تنهدت بسملة بضيق وغضب شديد عندما علمت على الفور أن زوجته هي مَن قامت بالرد عليها بدلا من تامر الذي كانت تنتظره، لكنها سرعان ما ردت عليها بنبرة حادة بعض الشئ 


:- الو انا بسملة كنت عاوزة اكلم تامر في حاجة مهمة هو عارفها. 


شعرت فريدة بالغضب يجتاحها بسبب ما استمعت إليه، قد وتأكدت من ظنونها، فردت عليها هي الأخرى بحدة وغضب والغيرة تنهش بداخلها 


:- والله!.. لا يا حبيبتي هو مش فاضي لو عاوزة حاجة قوليلي انا هتصرف أنا مراته يا بسملة.


وصل إلى مسامعها صوت ضحكاتها الساخرة وتمتمت بعدها ببرود وسخرية 


:- اممم مراته قولتيلي أنا عارفة اللي فيها بلاش بقي وأصلا اللي بيني انا وتامر شغل بس شغل أنتِ متعرفيهوش. 


أنهت جملتها وأغلقت الهاتف من دون أن تنتظر ردها، بينا فريدة قد شحب وجهها بشدة من فرط الصدمة التي تشعر بها، ماذا تعني تلك الفتاة بحديثها.. 


يالله سوف تجن في النهاية من فرط التفكير والقلق اللذي تشعر به، أغمضت عينيها ووضعت يدها فوق صدعيها بتعب من تفكيرها الزائد والشك الذي يرتابها دائما بل هي أصبحت متأكدة أن في حياته فتاة أخرى غيرها، حاولت أن تخفي حزنها وحيرتها المسيطرة عليها، نزلت إلى أسفل تستأنف طريقها وهي تحاول أن تخفي ما تشعر به وهي مقررة أن تتخذ قرار تلك المرة فيكفي كل ما حدث لها من قبل. 


❈-❈-❈


أسفل في بهو المنزل 


تمتمت سناء بعدم رضا من نزول آلاء في ذلك اليوم


:- ليه يا حبيبتي إيه اللي نزلك انهاردة، مش كنتي خليكي فوق ترتاحي شوية. 


رفعت آلاء كتفيها إلى أعلى، ثم ردت تجيبها بلا مبالاه وهي تجبر شفتيها على الإبتسام حتي لا تلاحظ سناء شئ عليها


:- قولنا ننزل زي كل يوم ونفطر معاكم عادي يا عمتو، وعمر فوق يحهز و نازل أهو ورايا. 


اومأت لها براسها إلى الامام، ولم تعقب على حديثها، لم تريد أن تزعحهها حتى وإن كانت غير متفقة ظعها فهي تدللها بفرط مما جعل نغم تشعر بالغيظ والغيرة، فتأفأفت بضيق ورمقت آلاء بنظرات حادة غاضبة. 


جلست فريدة بجانبها وحاولت أن تخرج من حالتها بالتحدث معها، فتمتمت تسألها بصوت منخفض مودة الاطمئنان عليها 


:- ها بقى يا عروسة عملتي إيه امبارح بعد الفرح القمر دة؟ 


اجابتها آلاء ببساطة ولا مبالاه، وهي مازالت تحافظ على نبرة صوتها الخافتة؛ حتى لا يصل حديثهما إلى مسامع أحد من الجالسين  


:- ولا حاجة يا ديدا عملت زي ما كنت قايلالك أصلا، أنتِ فكراني هسكت واعدي الحوار عادي، لأ طبعا استحالة اوافق واتنازل عن كرامتي بالسهولة دي حتى لو روحي فيه. 


فغرت فاهها بصدمة، وعقلها لا يقوى على استيعاب حديثها الذي لم تتوقعه قط، فالجميع راي سعادتها البادية عليها امس وسعادة عمر ولهفته عليها وعشقه لها الذي أظهره أمام الجميع، تحدثت بدهشة وعدم تضديق تنوى التأكد مما استمعت إليه للتو 


:- بتهزري صح ازاي يا آلاء، وعمر عادي كدة وافق وسكت على كلامك دة متكلمش معاكي. 


اومأت آلاء برأسها إلى الأمام تؤكد حديثها الذي جعل صدمتها تزداد، تفوهت آلاء تسألها باهتمام 


:- سيبك أنتِ مني أنا وعمر، مالك أنتِ شكلك بهتان كدة ليه، حساكي تعبانة 


قبل أن ترد عليها وتتحدث معها كان تامر قد نزل الى اسفل وجلس فوق الأريكة المقاللة لـ آلاء ثم قام بقذف الوسادة الصغيرة صوبها مما جعلها تطالعه بتوعد، وتمتم بغيظ ساخرا، وهو يضغط فوق كل حرف يتفوهه بعصبية يكبتها بداخله


:- بقى بتقولي للدكتورة جوزها ما'ت، بتموتيني يا ام افكار عظيمة، فاكرة نفسك ذكية وبتعرفي تتصرفي. 


قذفته بالوسادة هي الاخرى، وردت عليه بضيق 


:- ما أنتَ اللي تستاهل على فكرة، وأيوه أنا افكاري عظيمة فعلا، امال اسيب الدكتورة تفتكر حاجة غلط


تنهد بغيظ من حديثها، ثم عاد يقذفها مجددا و هويرد على حديثها بسخرية لاذعة 


:- لأ طبعا ازاي مو'تيني وأنا عايش عشان افكارك العظيمة اللي مفيش زيها. 


ضحكت بخفوت ثم اردفت بهدوء وهي تنوى ان تقذفه مرة أخرى 


:- ما خلاص بقي يا تيمو قولت اتصرف بلاش. 


قبل أن تقذف الوسادة نحوه رأت عمر الذي وقف يطالعها بأعين حادة كالسهام التي تخترقها، فوقفت يدها معلقة بالهواء لا تقوى على قذفه مرة أخرى، فمن الواضح على عمر أنه غاضب بشدة، لم يمؤ ثواني حتى صدح صوته الخشن متسائلا بصرامة 


:- في إيه يا تامر أنتَ وآلاء؟ 


أشار بسبابته نحو آلاء بغيظ، ورد يجيبه بتهكم ومرح وقد اعتلى صوت نبرته من دون عمد


:- شوف مراتك يا عم بتتصرف من دماغها ازاي، وبتمو'تني وأنا عايش لسة.


قطب عمر جاجبيه بدهشة و هو مازال لم يفهم شئ من حديثه، وجه بصره نحو آلاء، لكن قبل ان تتحدث سبقتها فريدة التي ردت عليه بهدوء تشرح له الأمر.


عاد ببصره مرة اخرى نحو تامر وغمغم ببرود حاد 


:- طب على فكرة هي مغلطتش دة كويس انها اتصرفت وحلت سوء التفاهم اللي كان هيحصل وبدل ما تكلمها هي، ابقي روح أنتَ للدكتورة مع مراتك. 


لم يربد تامر أن يعقب على حديثه، فمن الواضح عليه أنه غاضب لذلك اومأ براسه الى الامام مكتفي بتلك الايماءة البسيطة. 


توجه عمر بصحبة آلاء نحو مائدة الطعام، وتمتم بنبرة هامسة بالقرب من اذنها حتي لا تصل الى مسامع احد سواها 


:- تيمو بتدلعي تامر ودة من امتى بقي، دة أنتِ حتى معملتيهاش معايا، بس ماشي يا آلاء ماشي، زودي في غلطاتك يا ست هانم يا أم Don't touch. 


عادت ملامح وجهها مكهفرة غاضبة مرة أخرى، وأردفت ترد عليه بتذمر 


:- على فكرة كنت بدلعك لو فاكر بس أنتَ اللي كنـ.. 


قطعت حديثها عندما رأته يحدقها بنظرات غاضبة حادة وصمت، ثم نظر إليها مرة أخرى بغضب وغمغم بجدية 


:- خدى هنا صح إيه اللى أنتِ عملتيه وقولتيه للدكتورة دة خلاص بقيتى محاميه على كل اللى فى البيت، وبتخططى للكل 


نظرت إليه نظرات بريئة مزيفة، ثم قالت بهدوء مصطنع وخفوت 


:-أنا...أنا يا بيبى بخطط واعمل حاجة، أنتَ تعرف عنى كدة بردو ده أنا كيوت وملاك. 


كتم ضحكته على حديثها بصعوبة وأردف يرد على حديثها بسخرية 


: كيوت أوى يا أختى أنتِ هتقوليلي دة على يدى، طب قدامى يا كيوت يا ملاك نلحق الفطار بس حاسبى جاحاتك دي شوية.


نظرت له بغيظ وتأفأفت بصوت مسموع وقررت ألا ترد عليه، توجهت تجلس بجانبه تتناول فطورها بهدوء، بينما عمر كان يطالعها من حين لآخر بعشق جارف، عيناه تطالعها بعدة مشاعر يحملها قلبه المتيم بها.. 


أردفت سناء تقطع ذلك الصمت السائد بين الجميع  تمتمت متسائلة بهدوء 


:- قررتوا تعملوا شهر العسل فين؟ 


كادت آلاء ان تعترض على حديثها وتخبرها انهما لن يسافرا لأجل شهر العسل، لكن  قد سبقها عمر الذي رد يجيب والدته وهو يطالع آلاء بتحذير 


:- لسة يا ماما أنا الفترة دي مش فاضي، هظبط  شوية حاجات خاصة بيا وبعدها هنسافر. 


همهمت سناء ترد بهدوء، وهي تبتسم بسعادة لرؤيتهما معا كما كانت تتمنى، وتمنت لهما السعادة الدائمة. 


❈-❈-❈


صعد تامر إلى غرفته مجددا، لكنه تفاحا عندما رأى فريدة لم تعد ذاتها بعد، بل رآها تجلس في الغرفة بذهن شارد تفكر في شئٍ ما مستحوذ على فكرها، 


اقترب منها بهدوء، ووضع يده فوق كتفها ثم غمغم يسألها بدهشة وهو يعقد حاجبيه 


:- إيه يا فريدة أنتِ لسة قاعدة ومجهزتيش يلا عشان نلحق نروح للدكتورة كدة هنتأخر. 


فاقت من شرودها وأفكارها الغير مرتبة على صوته وسؤاله لها، تمتمت رد عليه بخفوت 


:- هقوم اهو اجهز مش هتأخر. 


نهضت بالفعل من مكانها أولته ظهرها وسارت من أمامه، لكنها التفتت تطالعه مرة أخرى، وتمتمت ببرود ونبرة مغزية تخبره عما حدث في الصباح لعلها تهدي من ذروة الشك التي لازالت تجتاحها وازدادت بعد حديث تلك الفتاة 


:- على فكرة الصبح في واحدة اسمها بسملة اتصلت بيك بتقول ان بينكم شغل من نوع تاني يا تامر ولما بقولها اني مراتك ضحكت وقالت هي عارفة كويس، يا ترى بقي السنيورة بتاعتك عارفة إيه عني يا تامر. 


شحبت ملامح بقلق ملحوظ، لكنه سرعان ما حاول أن يخفيها بمهارة، ورد عليها وهو يدعي اللامبالاه على عكس القلق الذي ينهش في قلبه


:-  هتعرف إيه يعني عادي يا فريدة وبينا فعلا شغل عادي بس بعيد عن الشركة وكدة هو أي تحقيق وشك كدة وخلاص، واحدة عادية مفيش حاجة. 


ازداد الشك بداخلها بسبب هييته الغير مريحة، وردت عليه بضيق وهي تبتسم بسخرية 


:- اه صح أنا بشك على الفاضي وبسملة دي زي الفل مفيش بينها وبينك حاجة كدة أنا هصدق عادي مش كدة، شوف يا تامر انا واثفة وعارفة ان البت دي مش عادية تلاقيك كمان حاكي ليها عني وعن معاملتك ليا بس براحتك برضو. 


ازداد شعور التوتر لديه، وحاول أن يجد رد مناسب يرد به عليها، يعلم أنه اذا لم يرد عليها سيزداد شكها في الامر وتتأكد من صحة حديثها؛ لذلك رد عليها بتوتر جلي على جميع ملامحه 


:- اللي بقوله هو الحقيقة عاوزة بقي تكدبي وتصدقي نفسك أنتِ حرة، وبعدين هحكي ايه، روحي اجهزي احسن عشان نلحق. 


طالعته بنظرات مغزية واومأت برأسها إلى الأمام ثم سارت بغضب من أمامه، بينما تامر حاول أن يفهم معنى نظراتها لكنه فشل ظل يلعن بسملة وحديثها الذي تفوهت به معها.. 


 ❈-❈-❈


صعدت آلاء بصحبة عمر إلى غرفتهما مرة أخرى، ومن دون أن تمهله فرصة، أردفت بتذمر وعدم رضا، وعقدت زراعيها أمام صدرها 


:- شهر عسل إيه يا أستاذ أنتَ بتتكلم من نفسك كدةوخلاص، عمر أنتَ ليه مش عاوز تفهمني أنا مش هقدر اسامحك بسهولة، أنتَ جر'حتني أوي أوي. 


_آسف...آسف بجد عارف إني غلطان وإن المفروض كنت اقولك، بس أنا كان كل اللي عاوزه اني احميكي واحمي الكل، مكنتش اعرف أن هيحصل كل دة، آلاء أنتِ مش اغلى حاجة في حياتي لأ أنتِ حياتي كلها ومش عاوز غيرك أصلا. 


كان يتحدث معها بنبرة حانية ضعيفة لن تظهر سوى أمامها هي فقط، لأول مرة تراه يظهر نفسه مخطئ في شئ يفعله من دون مكابرة كما كان يفعل معها سابقا. 


اقترب منها وضـ'ـمها بحنو وعشق جارف، عشق منبعث من جميع أوتار قلبه المتيم بها، سندت رأسها فوق صدره الصلب على الرغم من حزنها منه إلا أنها تحتا'جه بجانبها بشدة، كل انش بداخلها يريد اقترابه لها، فهو بمثابة الهواء الذي تتنفسه ولم تستطع الإستغناء عنه. 


حبه يسير في عروقها ويحييها من جديد، هي الاخرى تريد اقترا'به منها لكن كرامتها ووجعها يقفان لها كالشوكة الحادة كلما تحاول أن تسامحه تتذكر وجعها الذي سببه هو بنفسه لها، فكرة أنه كان يستطع إخبارها عن سبب ما فعله تقف دائما في طريقها، وكرامتها التي من الصعب أن تتنازل عنها لأجله. 


بينما عمر كان مســ'ـتمتع بشدة من اقتر'ابها له بتلك الطريقة، تمنى لوهلة أن الدنيا تنتهى عند تلك اللحظة التي يحلم بها طوال عمره، فهو يثق تماما بأن لكل شخص نصيب من اسمه، هو عُمر ويعني الحياة الطويلة، وكان طوال حياته باكملها وطولها لن يتمنى شئ سواها، يتمناها يتمنى إقتر'ابها الذي يهز كيانه، ويجعل قلبه ينبض من جديد. 


انتفضت مبتعدة عن حضنه الدافئ الذي اعاد لها الحياة، فاقت للواقع ولافكارها التي تصيبها دائمًا، و اردفت قائلة له بقوة مزيفة، وهي ترفع سبابتها في وجهه بتحذير


:- عمر لو سمحت قولتلك قبل كدة احترم الحدود اللي متفقين عليها من الأول، طالما متفقين على حاجة يبقي نعمل بيها. 


اومأ لها براسه الى الأمام، ورفع كتفيه إلى أعلى ببراءة مزيفة، ثم غمغم يرد عليها بمكر 


:- أنا بعمل باتفاقي أوي يا لولي، بس لقيتك مش معترض،يبقي دة بيدل إنك محتاجاني زي مانا محتاجك، بلاش تكابري عشان متتعـ'ـبيش قلبك. 


هو مُحق بالفعل فما تفوه به، نـعـم هي تحتاجه وبشدة تحتاج وجوده بجانبها، ومن الممكن أكثر مما يحتاجها هو، فهي أنثى رقيقة تحتاج دائما لمن يدعمها ويقف بجانبها، تضعف من أقل كلمة، وأقل شي يؤثر بها، لكنها تخفي حقيقتها وتتظاهر بالقوة و تتمسك بها حتى و إن كانت قوة مزيفة؛ لذلك تمتمت ترد عليه بصرامة حادة 


:- لأ يا عمر أنتَ فاهم غلط على فكرة، أنا كنت محتاجاك قبل كدة وقولتلك كمان، وأنتَ في الوقت دة مكنتش فاضيلي، فاتعودت بقى وخلاص. 


لأول مرة في حياته لم ينجح في الرد عليها، جزء بداخله يؤكد صحة حديثها، و الجزء الآخر يخبره بانه فعل ذلك من أجلها ايضا، ويجب عليها أن تقدر ما يفعله، ذهب من امامها ودلف الشرفة الخاصة بالغرفة يتطلع أمامه بشرود، وهو مازال يفكر فيما يحدث، عقله يصرخ عليه يطلب منه الرحمة، يريد ان ياخذ قسط من الراحة يبتعد عن كل ما حوله بجانبها.. 


جلست هي الاخرى شاردة بذهن غير صافي مطلقا، مَن يراها لن يصدق أنها هي مَن كانت في حفل الزفاف بتلك الفرحة، اكن سرعان ما آتى إلى عقلها فكرة ما ستنفذها على الفور 


قامت بجلب هاتفها مسرعة ثم ارسلت جميع الصور والفيديوهات الخاصة بحفل الزفت لنهى عبر تطىيق الواتساب، تعلم أن حركتها ستشعل الكثير من النيران المتاهبة بداخل قلبها، فهي اقسمت لن تذيقها من نفس الكأس وتكويها بنفس النيران التي شعرت بها هي من قبل، قد جاء دورها لتثأر لحقها وكرامتها خاصة من نهي سبب وجعها الرئيسي.. 


يُـتبع