-->

رواية نعيمي وجحيمها - بقلم الكاتبة أمل نصر - اقتباس - الفصل الخمسون



رواية نعيمي وجحيمها 

بقلم الكاتبة أمل نصر






اقتباس

الفصل الخمسون

رواية

نعيمي وجحيمها 



- على فكرة يا عامر انا عارفة كل اللي بتقوله ده، واوعى تفتكر إني ناسية ولا سهيت عن اللي حصل، انا بقالي فترة طويلة لا بكلمها ولا برضى ارد عليها، بس بقى لما قابلتني من كام يوم في النادي، وكلمتني عن كتب كتابها وإن مالهاش حد تقريبًا يقف معاها في المناسبة دي، بصراحة صعبت عليا أوي..... انا عارفة انها مجنونة ومافيهاش عقل يميز الصح من الغلط .

هتفت بالاخيرة توقفه قبل أن يقاطعها، لتتابع بلهجة لينة:

- هي فعلا ملهاش حد غيري يا عامر، دا غير ان والدتها وصتني عليها قبل ما تموت .

صمت يتطلع إليها بوجه متجهم ثم ارتخي تشنجه قليلًا قبل أن يردف إليها عن اقتناع بضرورة تصرف كل شخص بأصله، حتى لو كان هذا المعروف لا يقدره الاَخرون:

- ماشي يا لميا روحي واعملي اللي عليك، مش همنعك.

سمعت منه لتهلل بمرح وهي تقبله على وجنته قائلة:

- ربنا يخليك ليا ولا يحرمني منك أبدًا يا احلى عامر انت.

استجاب لها بابتسامة صفراء حتى انتهت ونهضت من جواره ليغمغم من خلفها بصوت خفيض مستغلًا أنها ولت عنه بظهرها:

- على الله بس تعمر في الجوزاة دي، بعد ما لافت ع الواد الأجنبي الغلبان ده.


انتبه فجأة على أصوات الجلبة التي أصدرها جاسر بدلوفه للمنزل بصحبة زهرة بعد عودتهما من الطبيبة النسائية التي تتابع معها الحمل، تهلل وجه عامر وارتسم عليه السرور، فهتف بلهفة بعد أن ضاق من انتظاره لهما: 

- اَخيرًا وصلتوا، هو انتوا اتأخرتوا كدة ليه؟ 

توففت لمياء عن الذهاب هي الأخرى لتتابع رد جاسر وهو يقترب بزوجته من أبيه:

- ما تأخرناش ولا حاجة يا عم، دا بالعكس بقى، احنا دخلنا على طول، انت بس اللي معندكش صبر يا عامر باشا.

- ايوة يا اخويا معنديش ولو كان عاجبك. 

تفوه بها عامر نحو ابنه بامتعاض قبل أن يلتف لزهرة التي جلست بالقرب منه يخاطبها:

- وانتِ بقى يا قمر، قوليلي إيه الأخبار؟

تبسمت له زهرة بصمت لتخرج له من حقيبتها صور للجنين وقد اتم الاَن شهره الرابع، تناول منها عامر ليسأل بعدم تصديق:

- يا ولاد الأيه، دي صورة النونو صح؟

أومأ له الاثنان برؤسهم مع تبادلهم الابتسامات المرحة، فهتف عامر بفرحة تصدرت بقوة في نبرة صوته:

- يا حبيب قلب جدك انت، دا حلو أوي يا جاسر .

جلس جاسر بجوار زوجته يضمها من كتفها بذراعه، وهو يتابع الفرحة على وجه أبيه، غافلين عن لمياء التي اقتربت تشب بأقدمها من محلها، لترى الصورة التي يُقبلها زوجها، تدفعها الحاجة الشديدة لمشاركتهم اللهفة والفرح، ولكن يوقفها هذا الشئ بداخلها، فهي لا تريد اظهار ضعفًا ولا تنازل عن موقفها أمامهم، تحركت قدميها فوجدت نفسها تبادر بحديث مختلف عما يدور بداخلها:

- على فكرة يا جاسر، انا شوفت صاحبك النهاردة، هو رجع امتى من سفره؟

التف إليها جاسر يجاريها في الحديث رغم تركيزه لاتجاه ابصارها:

- قصدك طارق، ما هو فعلا رجع امبارح.

هتف عامر من بينهم:

- بس الواد صغير اوي، هو انتِ ما بتتغذيش كويس يا بنت انتِ ولا إيه؟

قالها لزهرة التي ضحكت تجيبه:

- لا والله يا عمي بتغذى كويس واسأل ابنك كمان، بس دا هو حجمه الطبيعي على فكرة، دا عمره اربع شهور.

- برضوا لازم تهتمي أكتر من كدة، انا عايزه ينزل للدنيا، حلو ومقلوظ كدة فاهمة ولا لأ؟

شدد على قوله بإصرار اثار مرحها لتومئ له برأسها تنفيذًا لمطلبه، وتابعت لمياء بالحديث المختلف، ويدها تتحرق لتتناول الصورة من عامر:

- دا حتى كان معاه لينا يا جاسر سكرتيرتك القديمة فاكرها؟

أجابها جاسر بتذكر:

- اه طبعًا فاكرها، دا انا حتى كنت ناوي ارجعها تاني تمسك بدال زهرة في شهور حملها، لكن عم طارق بقى سبق 

تدخل عامر وقد تذكر هو أيضًا:

- أوبا، انتو تقصدوا لينا أم عيون فيروزي؟ يا نهار أبيض دي صــ اروخ أرض جو يا جاسر .

التفت إلى زوجها زهرة بحدة، وملامح وجهها تحولت كطقة متوحشة تنتظر الهجوم لتنبش مخالبها تقول:

- هي مين دي اللي صــ اروخ أرض جو وكنت هاتجيبها مكاني يا جاسر؟

تحمحم الاَخير يحرك مقلتيه حولها بقلق حتى تنتبه لأبويه، ورد بلهجة جعلها رزينة حفاظًا على هيبته:

- انا كنت هجيبها عشان شطارتها مش لأنها صــ اروخ أرض جو زي ما بيقول والدي. 

رد عامر بنبرة خبيثة يدعي التغافل عن شرود لمياء بتركيز في صورة الجنين التي بيده:

- صدقيه يا زهرة، هي فعلآ بنت شاطرة وممتازة، دي لهلوبة.




يُتبع..