رواية في غياهب القدر - بقلم الكاتبة بسمة بدران - الفصل الثامن
رواية في غياهب القدر
بقلم الكاتبة بسمة بدران
الفصل الثامن
صفعة
رواية
في غياهب القدر
قولي لعينكِ أن تنام مبكرا
فغداً سيوقظها الحنينُ لتسهرا
لا تبحثي عن قُبلةٍ مخطوفةٍ
أو وردةٍ حمراءَ تسكنُ دفترا
سيدقُ بابك ذات يومٍ زائرٌ
ما مر بالبستان إلا أزهـرا
سيشقُ أنهاراً ويزرع جنةً
ويصوغُ ألحاناً وينحتُ مرمرا
سيُعلّمُ العينينِ أنْ تتألقا
وسيأمرُ الجفنينِ أن يتكسرا
لا تذهبي للوردِ قبل أوانهِ
للوردِ ميعادٌ ولن يتغيرا
(الشاعر أحمد بخيت)
❈-❈-❈
حلى الصباح وانتشرت أشعة الشمس لتنير بضوئها الرباني الكون بأكمله.
فتح عينيه ببطء ثم استقام بجزعه ملتقطا علبة سجائره وقداحته من فوق المنضدة المجاورة للفراش.
اخرج سيجارة ووضعها في فمه ثم أشعلها بقداحته.
استنشق نفسا عميق منها ثم ظفره على مهل وهو يبتسم بسعادة فقد انتقم من كل شخص أذاه وأذى عائلته.
استطاع أن يعيد حق أخته وكذلك ابنة عمته صبا.
وعلى الرغم من أنه أراد أن يعاقب المعلم فكري أشد عقاب لكن لن يستطع إحراج والده أمام الجميع. لكن شعر بالرضا نوعا ما فهو استطاع افتضاحه أمام جميع الناس.
جالا ببصره في الغرفة بحثا عنها لكنه لم يجدها أيقن على الفور أنها في غرفة أبنائهم.
نهض بتكاسل بعد أن أنهى سجارته ووضعها في المنفضة المصنوعة من الخزف ودلف بخطوات بطيئة للخارج عازما على أخذ حمام بارد والفطور برفقة زوجته الحبيبة ومن ثم ينطلق إلى عمله الذي يعشقه.
ثواني وأبصرها تدنو منه تطبع قبلة عميقة فوق وجنته هاتفة بدلال: صباح الخير يا عموري.
ضمها بأحد ذراعيه إلى قلبه مغمغما بصوت أجش من أثر النعاس: صباح الفل يا قلب عمورك.
قبل خصلاتها بعمق ثم ابتعد عنها مردفا وهو يتجه إلى المرحاض: حضري القطار بقى يا حلوة لحد ما اطلع عشان أنا ميت من الجوع.
منحته ابتسامة جميلة وانطلقت إلى المطبخ.
وبعدها ستذهب إلى منزل صَبا وتبدأ في خطتها التي ستجعلها بلا أخلاق أمام أقرب الناس إليها.
❈-❈-❈
انتهى من هندمة ثيابه ثم التقط رابطة عنقه ووضعها لكن قبل أن يشرع في ربطها أجفل على صوتها المرتفع وهي تهرول باتجاهه: إيه ما أنا اللي بربطهالك كل يوم عاير تاخد شغلتي مني ليه إن شاء الله.
ابتسم بخفة ثم غمغم بهدوء: ما أنا لقيتك اتأخرتي يا غزولة قلت أعفيك من المهمة دي النهاردة.
هزت رأسها نفيا ثم تأملته بإعجاب بعد أن انتهت من مهمتها: يخرب بيت حلاوة أمك يا ابني أمك وهي حامل فيك كانت بتتوحم على إيه أكيد كريم كراميل الله يرحمها خلفتلي قشطة قشدة والنبي قشطة.
قهقهة بصخب على خفة ظل زوجته فهو يعشق غزلها الدائم به وكأنها لا ترى رجلا على الأرض سواه.
أحيانا تخنقه بتلك الغيرة المبالغ فيها لكنه في نهاية الأمر يعذرها فهو أيضا يغار عليها كثير والمعروف أن الغيرة دليل الحب.
دنا منها على حين غرة ملتقطا شفتيها بخاصته يعبر لها عن مدى حبه واشتياقه لها.
أما عنها فقد طوقت عنقه بذراعيها وراحت تبادله شغفه بشغف وجنون أكبر.
❈-❈-❈
بخطوات رشيقة هبط درجات السلم ثم قرع باب منزل أخته فهو عزم على الاطمئنان على صَبا قبل الذهاب إلى محل العطارة خاصته.
ثواني وأبصر أخته أمامه ترمقه بابتسامة عذبة مغمغمة بترحاب: يا أهلا وسهلا يا حاج سعد تعالى يا أخويا اتفضل البيت نور والله ده احنا ظرنا النبي النهارده.
البيت منور بأصحابه يا سوسو.
تلك الكلمات قالها وهو يغلق الباب من خلفه بعد أن ولج.
تبعها للداخل فأبصر زوجها يجلس فوق مائدة الإفطار يبدو أنهم كانوا يتناولون فطورهم.
فدنا منه هاتفا بمزاح: بقى يا راجل يا بارد قاعد يتفطر وسايب سعاد تفتح الباب اختشي دمك يا جدع أنت.
قهقه بقوة هاتفا وهو يشير على أحد المقاعد الفارغة: تعال كلك لقمة وبعدين اتريق يا أخويا زي ما أنت عايز احنى كبرنا بقى يا حاج سعد.
فشر أنا هفضل شباب طول عمري وبعدين كفي نفسك انت أنا هستناك في اوضة الصالون لحد ما تفطر نشرب القهوة سوا أنا مرضيتش اشربها فوق عشان سعاد تعملهالي بأديها الحلوين دول زي زمان.
من عيني يا حبيبي أحلى فنجان قهوة يا حاج سعد.
رفع كلتا حاجبيه بدهشة؛ لا والنبي ده أنا بتحايل عليك كل يوم تعمليلي فنجان قهوة تقوليلي اعملها لنفسك ماشي ماشي ما هو من لقى أحبابه نسي أصحابه.
قهقه الجميع بقوة حتى قاطعتهم هي بطلتها الحسنة هاتفة بمزاح: صباح الخير عليكم يا ترى إيه سبب الضحك ده كله على الصبح؟
أجابها وهو يشير لها كي تقترب منه: ما فيش يا ستي بنحفل على أبوكي كالعادة.
ضحكت بنعومة ثم جلست بجوار سعد الذي بدوره احتضنها بقوة مقبلا خصلاتها بحنو سائلا إياها باهتمام؛ عاملة إيه يا حبيبتي دلوقتي أخبار جرحك إيه؟
أجابته بهدوء: الحمد لله يا خالي أنا بقيت كويسة.
يا رب دايما يا حبيبتي تبقي كويسة
بس شفتي الواد عمار عمل إيه عشانك امبارح بجد أنا ما توقعتش أنه هيتصرف كده.
وعلى ذكره تنهدت بحرارة ثم غمغمت بخفوت لم يصل إلى مسامعهم: ربنا يحفظه ويخليه ليا يا رب.
❈-❈-❈
يسير وهو يتلفت يمينا ويسارا خشية أن يراه أحد حتى بات أمام مخزن المعلم فكري الذي يجتمعون فيه.
ولجا مغلقا الباب من خلفه ثم استدار هاتفا بلوهاث: كله تمام أنا عملت اللي اتفقنا عليه وفكيت فرامل العربية خالص يعني بالصلاة على النبي كده أول ما هيركبها قولوا عليه يا رحمن يا رحيم خصوصا إن معروف عن عمار إنه بيسوق بسرعة.
قهقهة الرجل بقوة وكذلك المعلم فكري الذي هتف بإعجاب: عفارم عليك ياض والله تستاهل تقلك دهب.
اغلق مجموعة من النقود من فئة المائتين جنيه مستطردا حديثه: خد مش خسارة فيك وأوعدك بعد ما يتم المراد لك قدهم عشر مرات.
اتسعت حدقتا الرجل بانبهار هادرا بجشع:أ وأنا تحت ماركو ومن ايدكو دي لايدكو دي.
خاطبه ذلك الغريب باهتمام: أوعى يكون حد شافاك ولا تكون سبت وراك أي دليل.
هز رأسه بعنف يمينا ويسارا: لا لا ما تقلقش يا باشا أنا شغلي اليسطا.
تنهد الرجل ثم غمغم بخفوت وصل إلى مسامعهم: الله يرحمك يا ابن هنداوي والله أنا مستخسرك في الموت بس نعمل إيه بقى قدرك انك تدوسلي على طرف وأنا اللي يدوسلي على طرف وياخد مني حاجة كنت عايزها انهيه من على وش الدنيا.
❈-❈-❈
فوق الكرسي الهزاز المتواجد في شرفة منزلها تجلس وهي شاردة الذهن تنظر في اللاشيء وعقلها مشغول بذلك الوسيم الذي لم تفارق صورته مخيلتها منذ البارحة.
انه رجلا بمعنى الكلمة وسيما قويا خلوقا.
تتذكر انه لم ينظر اليها كباقي الرجال تعلم انها جميلة جدا وعلى الرغم من ذلك لم ينظر لها نظرة شهوانية بل كانت نظرة افتتان فحسب تقرأها في اعين الرجال وكذلك النساء لكن ذلك الرجل مختلف.
تنهدت بحرارة وهي تحسد غزل على زوجها مغمغمة بهيام؛ يا الله قديش انت محظوظة يا غزل لو عندي هيك رجالة ما بتركو بخليه ما يضهر من البيت.
تحولت ملامح وجهها لظلام دامس عندما تذكرت زوجها وخيانته لها مع اقرب أصدقائها.
فابتسمت بشيطانية هاتفة بغل: وليش لا خلينا نجرب.
❈-❈-❈
جالت بعينيها في غرفتها القديمة بتفحص فتلقائيا ارتسمت على شفتيها ابتسامة رضا.
فهي لم تصدق حتى الآن أنها باتت حرة.
فهبت واقفة تستعيد نشاطها وبعدها ستبدأ حياتها كما كانت تفعل قبل زواجها.
وبعد دقائق معدودة ولجت الى المرحاض واخذت حماما باردا وبعدها ارتدت منامة بيتية باللون الابيض واتجهت إلى المطبخ لتعد لنفسها كوب النسكافيه الممزوك باللبن مشروبها المفضل الذي حرمها منه زوجها بعد زواجها.
راحت تدندن بسعادة وابتسامتها تتسع رويدا رويدا وبداخلها تقسمم ت
أنها أسعد فتاة في الكون الآن ولسان حالها يردد
ما أجمل الحرية.
❈-❈-❈
وفي دبي.
ولج كل من فهد واخته فريدة وترتسم ملامح الحزن جليا فوق قسمات وجهيهما لاحظته والدتهما فسألتهما باهتمام: مالكم يا ولاد في ايه؟
تجاهلا الصغير سؤالها وسألها بحزن: مامي هو احنا ليه مش بنرجع بلدنا عايزين نحس اننا لينا قرايب مهمين يزورونا ونزورهم زي باقي اصحابنا في المدرسة.
اتسعت حدقتا عزة في دهشة فسؤال إبنها لا يليق بطفل تجاوز عمره السبع سنوات فقط من اين له بهذه الكلمات وكيف استطاع ان يتحدث بتلك المرارة وكيف وصل شعورها لهما؟
فهي ايضا اشتاقت إلى بلدها الحبيب وكذلك عائلتها.
تنحنحت لتجلي حنجرتها هاتفة: اسمعوني يا حبايبي انتم عندكم عيلة كبيرة قوي وبيحبوكم قوي وان شاء الله قريب جدا هنروح نزورهم بابي وعدني بكده.
هللت الصغيرة وراحت تقفز هنا وهناك وتصفق بحماس
بينما فهد أومأ لها موافقا هاتفا بجدية: بجد يا مامي.
ايوة يا حبيبي بجد هي من امتى مامي كدبت عليكم ألقى الصغير بنفسه داخل حضنها وهو يبتسم في سعادة.
بينما هي راحت تمسد فوق خصلاته الحريرية السوداء وتغمغم في شرود: يا رب تصدق يا محمد وما تكسفنيش مع الأولاد.
❈-❈-❈
بعد أن إطمأنت بأن زوجها قد ذهب إلى عمله عزمت على تنفيذ خطتها الآن خاصة بعد أن أخبرها زوجها بأن الحاج سعد ذهب لرؤية تلك البغيضة صبا.
لذا عليها أن تقتنص تلك الفرصة الآن وكأن القدر يساعدها في تنفيذ خطتها.
أغلقت باب شقتها وهرولت إلى أسفل بخطوات واسعة وابتسامة شيطانية ترتسم فوق شفتيها ولسان حالها يردد: هوريك يا صَبا لازم تبعدي عن جوزي عمار ده بتاعي أنا لوحدي.
وما هي إلا بضع ثواني حتى باتت أمام باب منزلهم.
قرعت الجرس باستمرار غير عابئة بالموجودين بالداخل.
ثواني وابصرت الحاج كامل أمامها يرمقها باستفهام؟
فولجت للداخل دون أن تتفوه ببنت شفاه
استمعت إلى ف
صوت يأتي من غرفة المعيشة فتلقائيا ساقتها قدماها إلى هناك.
بينما الحاج كامل أغلق الباب من خلفها وهو يتمتم باستغراب ملها دي!
ارتسمت ابتسامة السيدة سعاد عندما أبصرتها أمامها فهتفت بترحاب: يا أهلا وسهلا يا زينة يا بنتي تعالي اتفضلي.
وقفت قبالتهم تحدجهم بنظرات مستنكرة هاتفة بغل مكتوم: تتكلمي أنت يا صَبا ولا أتكلم أنا؟
رمقتها صَبا بعدم فهم
بينما الجميع راحوا يحدقون بها باستفهام فاستطردت حديثها وهي تفح من بين أسنانها كأفعة رطاء: آه يبقى أتكلم أنا.
دنت من صَبا بخطوات واثقة حتى باتت قبالتها ترمقها بعدائية شديدة وهي تشير عليها بسبابتها باستحقار: الهانم بنتكم صاحبة الصون والعفاف عينيها من جوزي.
اتسعت حدقتا صَبا بعدم تصديق بينما الجميع اجتاحتهم صدمة عنيفة مما يستمعون إليه.
فصاحت الحاجة سعاد تخاطبها بتعنيف: إيه اللي انت بتقولبه ده يا زينة أنت اتجننتي!
ابتعدت عن صَبا بضع خطوات حتى أصبحت أمام الجميع مردفه بكل الغيرة التي تعتمر في صدرها: لا ما اتجننتش يا طنط بنتك المحترمة البريئة بتشاغل جوزي.
خرج الحاج كامل عن صمته مقاطعا إياها بحدة أفزعتها: بس لحد هنا وكفاية يا زينة مش هسمحلك تتكلمي نص كلمة عن صَبا الكل هنا عارف أخلاقها صغير وكبير.
أطلقت ضحكة رنانة مستهزئة مغمغمة ببرود: أبوة ما أنا واخدة بالي مهو واضح الاحترام أهو
بتشاغل واحد متجوز وعنده ولاد.
هبت السيدة سعاد بغضب عاصف تدنو منها كي تتهجم عليها لكن صوت الحاج سعد الذي كان يتابع ما يحدث في صمت أوقفها هادرا بحزم: استني عندك يا سعاد.
انصاعت الأخيرة لطلب أخيها الأكبر وعادت أدراجها تجلس بجوار زوجها.
تساءل الحاج سعد بمهادنة: صحيح الكلام ده يا زينة ولا.
قاطعته بغضب حارق: أيوة صحيح يا عمي وعندي دليل كمان.
وجهت نظراتها صوب صَبا التي ما زالت مصدومة مما يحدث فهي لم تتوقع ولا تتخيل ما يحدث معها حتى في أسوأ كوابيسها
فمتى وكيف علمت زينة بمشاعرها تجاه زوجها لطالما أخفت ذلك الحب بداخلها ولم تبوح به لأحد.
ساورتها الشكوك تجاه عزة شقيقة عمار لكن عزة وزينة لا يتفقان لطالما كانتا مختلفتان.
إذا من أين علمت زينة بهذا؟
استفاقت من شرودها على حديثها اللاذع: تنكري انك بتكلمي جوزي في التليفون.
هزت رأسها نفيا وفتحت فمها لتبرر لكن صوت زينة المرتفع: أهو شفت يا عمي ما انكرتش انها بتكلم عمار في التليفون بالليل وأنا آسفة جدا لو صَبا ما بعدتش عن جوزي أنا هعملها فضيحة في الحتة كلها وقد أعذر من أنذر.
أطلقت كلماتها كالرصاص واندفعت للخارج
وهي تسب وتلعن في صَبا التي انهمرت دموعها قهرا وخجلا.
رفعت بصرها لتبرر ما حدث لكن تجمدت الكلمات فوق شفتيها عندما وقع كف والدها فوق وجنتها بعنف جعلها تسقط أرضا هاتفا بغضب: أعمى: يا خسارة تربيتي فيكي لا أنت بنتي ولا أعرفك.
دنا منه السيد سعد جاذبا إياه مغمغما بتأنيب: ليه كده يا حاج تعالى بس ننزل تحت شوية لحد ما تهدى.
رمقها والدها باشمئزاز ودلف للخارج بصحبة السيد سعد الذي يتمتم بكلمة واحدة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
هرولت السيدة سعاد وانحنت أمام ابنتها التي خارت قواها وسقطت أرضا تبكي بهستيريا تضمها إلى صدرها هاتفة بحنو: متبكيش يا صَبا أكيد في حاجة غلط أنا عارفاكي كويس ده أنا اللي مربياكي يا بت.
تشبثت بحضن والدتها وهي تغمغم من وسط دموعها: حسبي الله ونعم الوكيل.
❈-❈-❈
فهمت هتعمل ايه يا ابني؟
أومأ له موافقا.
فهتف المعلم فكري بصوته الأجش: طيب اتكل على الله نفذ إللي اتفقنا عليه بسرعة.
أومأ الشاب مرة أخرى واندفع للخارج غير عابيء بنتيجة الكارثة التي سيرتكبها.
بينما اعتدل ذلك الرجل واضعا ساقا فوق الأخرى وأشعل سيجارة مستنشقا أنفاسها بشراهة وابتسامة متشفية ترتسم فوق شفتيه.
زفر بحنق عندما استمع إلى صوت المعلم فكري البغيض يسأله بفضول: هو انت عدم اللامؤاخزة إيه إللي بينك وبين ابن هنداوي؟
رمقه بحدة هاتفا بفظاظة: وإنت مال أهلك أنا مش قلت لك ما تسألش عن اللي مالكش فيه.
لوى المعلم فكري شفتيه بغيظ مكتوم مغمغما بصوت لم يصل إلى مسامعه: أبو شكلك تنح صحيح.
بينما ذلك الرجل أنهى سجارته وأخذ واحدة أخرى وأشعلها وآلاف السيناريوهات تدور في رأسه.
ماذا لو فشلت خطتهم الآن
أو ان عمار لم يمت
حتما سيقتل ذلك البلطجي وكذلك سيقتل المعلم فكري الذي يتابع نظراته وملامح وجهه التي تتغير في كل ثانية.
فغمغم بخوف: ربنا يستر شكل الراجل ده هيودينا في داهية.
❈-❈-❈
استقبله صديقه بنبرة ساخرة: يا أهلا يا أهلا بالباشا إللي ناموسيته كحلي بقول لك إيه يا عمور أنا يا حبيبي معايا شهادة زيي زيك مش بشتغل عندك انا بقول لك أهو مش تلطعني من صباحية ربنا وانت تصحى براحتك وتفطر وبعدين تيجي.
بتر باقي حديثه عندما كور عمار قبضت يده وأشهرها في وجهه فهتف بخوف مصطنع: نورت ورشتك يا برنس ها شربت شاي ولا اعمل لك.
قهقهة عمار بصخب هاتفا بمزاح: أيوة كده ناس مابتجيش غير بالعين الحمرة.
شاركه الضحك مغمغما بصوت هادئ: ما هو مش عين حمرا بس يا عمور ده انت كمان إيدك طرشة وانا بصراحة بقى ما عنديش استعداد اروح لامي كل يوم متخرشم.
قاطع حديثهما ومزاحهما الصبي فارس الذي يعمل معهما هاتفا بلهفة: الحقنا يا باشمهندس فيه واحد جه قال إن فيه عربية نقل كبيرة عطلانة في نص الطريق العمومي وموقفة الشارع كله وعايزين حضرتك تروح تشوف فيه ايه؟
هرولة رؤوف يجمع لصديقه ما يحتاجه في حقيبة جلدية وناوله إياها هاتفا بمؤازرة: ربنا معاك يا صاحبي اتكل بقى على الله وانا هخلي بالي من الورشة.
أومأ له عمار وشكره بسرعة وانطلق للخارج غافلا عن مكيدة تحاك له وقلوب سوداء تتمنى له الاذى…
يتبع