رواية لا أحد سواك رائفي- بقلم الكاتبة سماح نجيب- الفصل السادس والعشرون
رواية لا أحد سواك رائفي
بقلم الكاتبة سماح نجيب
رواية لا أحد سواك رائفي
الفصل السادس والعشرون
٢٦– " عازفة على أوتاره "
ساهم سؤال زوجته بإستعادة وعيه المسلوب نتاج دهشته وصدمته مما يراه الأن ، من كون مايا مطوقة عنقه بذراعيها ، وقريبة منه حد الإلتصاق ، حتى إستطاع سماع صوت أنفاسها ، علاوة على أن ذراعيها إستطاع الشعور بملمسهما الناعم على جلد عنقه ، كأنها حية ناعمة الملمس
رفت جفونه عدة مرات ، وهو يحملق بوجهها ، كأنه يراها للمرة الأولى و ليس له عهد بها ، فنفض ذراعيها عنه ودفعها حتى ينهى ذلك المشهد العاطفى ، الذى أثار بنفسه الإشمئزاز والضيق
فصاح بوجهها قائلاً بغضب:
– أنتى إيه اللى جابك هنا وإيه اللى عملتيه ده وإزاى تحطى ايدك عليا وتلمسينى
أنتظرت حتى أنتهى من صياحه ، فلم يكن منها سوى أن أجابته ببرود وهى تقول:
– إيه يا حبيبى بلاش أقولك حمد الله على السلامة
هتف بها رائف بغيظ :
– وأنتى من أمتى يهمك سلامتى وفى إيه بالظبط يا مايا
عادت وأقتربت منه ، وأمسكت رابطة عنقه ، قائلة بدلال :
–ولا حاجة يا روحى أنا عرفت أنك كنت بتعمل عملية ورجعت قولت لازم أجى أطمن عليك وأباركلك
أزاح يدها عنه قائلاً بحدة :
– وأنا مش عايز أشوف وشك يلا أمشى من قدامى
أقتربت منهما هدى وقبضت على ذراع مايا وجذبتها بشئ من العنف وهى تقول بغضب عارم :
– إيه البجاحة اللى أنتى فيها دى يا مايا ولسه ليكى عين تورينا وشك تانى
قابلت مايا فعل وقول هدى ببرود كعادتها ، بل أنها أنحنت على وجنتيها وقبلتها وهى تقول بإبتسامة لم تكن بمحلها :
– أهلا طنط هدى أخبارك إيه وحشانى أوى
فغر شادى فاه ورد قائلاً بذهول :
– هو إيه مستنقع البرود ده
عبست مايا ونظرت إليه قائلة:
– عيب كده يا شادى متقلش أدبك على اللى أكبر منك
طفح كيل صفية مما تفعله مايا ، فأقتربت منها هى الأخرى وأشارت إليها بالإنصراف وهى تقول:
– عيب ! هو أنتى تعرفى العيب يا مايا ، إحنا ما صدقنا أنك أنتى طلعتى من حياتنا يلا أمشى من هنا وسبينا فى حالنا
عقدت مايا ذراعيها أمام صدرها وقالت:
– أنا مش هرد على حضرتك أنا جاية أطمن على حبيبى مش على حد تانى
أقترب ماهر من رائف وجذب ذراعه قائلاً:
– رائف يلا بينا كفاية مهزلة لحد كده
ظلت ريهام تلتفت حولها لتبحث عن سجى، فهم لم ينتبهوا على أنها أختفت بعد رؤيتها ما حدث ، فدارت ريهام حول نفسها بشعور من التيه
فقالت وهى على وشك البكاء :
– هى سچى راحت فين ، دى كانت واقفة جمبى هنا
طار صواب رائف بعد سماعه قول ريهام ، فأين ذهبت محبوبته ؟ فتلك اللعينة المسماة مايا أفسدت عليه لقاءه بزوجته بعد غياب دام أياماً ، وليس هذا فقط ، بل ربما سجى تشعر الآن بالحزن ، الناتج عن شعورها بالغيرة ، فهو يعلم إلى أى حد هى تغار عليه
فقال بلهفة وهو ينظر لمايا ، وعيناه تنذر بسحابة من الغضب :
– هى راحت فين ؟ فين سچى؟ هى كانت لسه هنا
زوت مايا ما بين حاجبيها قائلة بلامبالاة :
– هى مين سچى دى اللى أنت هتموت من خوفك عليها كده ؟
رمقها رائف بنظرة مستاءة وهو يقول :
– دى مراتى ولو حصلها حاجة بسببك أنا همحيكى من على وش الأرض
لم يكتفى بقوله ، بل رفع يده وصفعها على وجنتها اليمنى ، حتى كادت تشعر بطعم الدماء بفمها ، فعاد مكملاً وعيده وتحذيره لها :
–إمشى من قدامى ومش عايز أشوف وشك تانى أنتى فاهمة
عندما رآه أكرم يهم بصفعها ثانية ، جذبه من ذراعه قائلاً:
– مش وقته يا رائف يلا نشوف سچى راحت فين
تفرقوا جميعهم للبحث عن سجى ، فظل رائف يشد على خصيلاته بعنف ، كلما أخفق فى إيجادها ، فهو كان فى غاية الشوق لكى يراها ، ولكن ضاعت الفرصة بأن تكون هى أول من يسكنها بين ذراعيه
فقالت صفية بشعور من الخوف :
–هتكون راحت فين دلوقتى بس
ردت ريهام قائلة :
– إن شاء الله هنلاقيها ، أكيد يعنى مش هتكون بعدت عن هنا
أشار أكرم لهاتف ريهام قائلاً:
–رنى عليها يا ريهام بالتليفون جايز نسمع صوته حتى لو هى مردتش عليكى
قالت هدى بأمل :
– أيوة رنى على التليفون زى ما بيقولك أكرم يا ريهام وإن شاء الله ترد عليكى
كأن ريهام إنتبهت أخيراً على أنها تحمل الهاتف بين يديها ، فهى ما أن أكتشفت غياب سجى ، وهى كأنها لم يعد لديها القدرة على الإدراك والتفكير السليم ، فصدح صوت رنين هاتف سجى وهى تحمله بين يديها ، ولكن لم يكن بنيتها أن تفتحه وتطمأن ريهام أو تخبرها بمكان وجودها ، والذى لم يكن سوى إحدى الزوايا الهادئة نسبياً خارج مبنى المطار وقريباً من السيارات المصفوفة بالخارج
ولكن لم يدوم الأمر طويلاً ، إذ وقع بصر رائف عليها ، بعد نجاحه فى إكتشاف مكان جلوسها ، فعلى الفور أقترب منها قائلاً بلهفة :
– حبيبتى مالك فى إيه وقاعدة هنا ليه وبتعيطى
رفعت سجى وجهها له وعيناها دامعتان ، كأنها تحمل إتهاماً صريحاً ولكن شفتيها تأبى البوح به ، فأقترب منها أكثر وأنحنى إليها وقبض على ذراعيها ، حتى إستقامت بوقفتها
أشاحت بوجهها عنه وقالت بنهنهة :
–هى دى مايا يا رائف ؟
زفر رائف قائلاً بغيظ :
– أيوة هى دى زفتة
أغمضت عينيها وتنفست بعمق وتساءلت :
– هى عرفت منين أنك جاى النهاردة ، دى باين عليها لسه بتحبك
رفع إبهاميه ومسح عبراتها النازفة على خديها ورد قائلاً:
– والله ما أعرف هى عرفت إزاى بس صدقينى أنا من ساعة الحادثة وأنا مشوفتهاش ، وأنا دلوقتى بكرهها ومش عايز أشوف وشها ثم يلا بينا نروح البيت
تشابك كفه بكفها الناعم ، فقالت بنبرة يشوبها الحزن :
– نسيت أقولك حمد الله على السلامة جت متأخرة معلش
يعلم بما تشعر به وما تنطوى عليه عبارتها ، ولكنه يجب أن يكون مراعياً لشعورها ، فأن ترى أنثى أخرى تعانقه هكذا أمام عينيها ليس بالشئ الهين
إبتسم بوجهها قائلاً بحب:
– الله يسلمك يا حبيبتى يلا بينا نروح البيت وهنتكلم هناك
قبل باطن يدها ، دون أن تكف عيناه عن التحديق بها بشوق ، فربما بالمنزل سيستطيع إفهامها حقيقة الأمر ، ولكن بفعلته تلك علمت سجى أن الهزيمة بطريقها إليها ، فما أن قبل يدها تبخر غضبها وذهب حزنها ، فكيف سيكون حالها إذا صارا بمفردهما ؟
أمام المطار كان عصام جالساً خلف المقود بسيارته السوداء ، فرآى رائف يسير وهو قابضاً على يد زوجته ، التى يبدو على وجهها ملامح الضيق والحزن ، فعلم أنه حقق مراده بإفساد ذلك اللقاء الذى كان ينتظره كل من رائف وسجى ، فهو من أخبر مايا بموعد عودته من لندن ، وهو من إصطحبها للمطار لمقابلة رائف وأن تفعل ما فعلته
فإبتسم بإنتصار وشماتة لما يراه من حزن سجى وضيق رائف ، ولم يفيق من أفكاره إلا على صوت فتح مايا لباب السيارة وجلوسها بالمقعد المجاور له
فنظرت إليه قائلة بغضب ويداها على وجنتها :
– عجبك كده يا عصام
أدعى عصام الجهل وهو يقول:
– إيه اللى حصل هو رائف مكنش مبسوط أنه شافك يا مايا
مسحت مايا أثار الدم من فمها وهى تقول بإمتعاض :
– مبسوط ! ده شتمنى وهزقنى وضربنى على وشى ، شايف الدم بسبب ضربه ليا
وضعت أمامه المحرمة الورقية الملطخة بدماء فمها ، فأشاح بوجهه عنها قائلاً بعدم إكتراث:
– يااه إزاى كده ، دا أنا قولت أنه هيطير من الفرحة لما يشوفك
نظرت مايا من نافذة السيارة وهتفت به حانقة:
– أهو زى ما أنت شايف كده كان إستقباله ليا ، أنا غلطانة إن أنا سمعت كلامك وجيت معاك وحصلى كده
خشى عصام أن تتخلى عن تصميمها بعودة رائف إليها ، فجذب ذراعها بلطف جاعلاً إياها تنظر إليه بإنتباه وقال :
– يعنى أنتى هتستسلمى من أول جولة ، ما أنتى عارفة رائف عنيد ومبيحبش يبين اللى جواه ، فتلاقيه عمل كده علشان هو لسه مضايق منك بس مع الوقت هيرجع رائف تانى اللى كان بيحبك ودايب فى هواكى وجمالك
إبتسمت مايا وتساءلت بأمل :
– تفتكر ده هيحصل يا عصام ورائف هيرجعلى تانى
بادلها عصام الإبتسام ورد قائلاً بدهاء :
– أنتى وشطارتك بقى يا مايا ، وأنا متأكد أن رائف مش هيصبر كتير قدام جمالك وهيرجعلك على طول
نظرت مايا بمرآة السيارة ومررت يديها على وجهها ، لتتأكد من أن لديها من الحُسن والجمال ، ما تستطيع به إعادة رائف إليها ، فهى مازالت متذكره ثناءه ومديحه لجمالها ، وليس هو فقط ، بل كل من يراها ، يسرع بإبداء إعجابه بها وبحسنها وجمالها الأخاذ ، ولكن رغم ما تملكه من جمال وثقة وبرود أيضاً ، لم يكن كافياً لدرأ شعورها بالخوف من رائف ، خاصة أن اليوم رآت به جانب أخر من القسوة والعنف والقدرة على الإيذاء ، غير ذلك الجانب اللطيف والعاشق ، وخير دليل على ذلك ، أثار أصابعه التى مازالت واضحة على وجنتها ، وتلك المحرمة الورقية التي حملت آثار نزيف فمها من قسوة يده التى لطمت خدها بصفعة ربما هى الأولى بحياتها
❈-❈-❈
أنتهى حامد من تسليم قطع الأثاث الخشبية التى أوصاه بها أحد أصحاب المتاجر الكبرى لبيع الأثاث ، وبعد إستلامه باقى نقوده خرج من المتجر ، وفكر بشراء هدية وحلوى من أجل إبنتيه سجى وأروى ، فهو بنيته الذهاب لزيارة سجى بوقت قريب ، لعلمه بأن زوجها سيعود من لندن اليوم ، وما أن أنتهى من شراء ما يلزمه ، رآى فادية تسير برفقة شاب متأبطة ذراعه بتملك ، حتى أنه أنتبه على ما ترتديه من ثياب لا تلائم عمرها ، وزينة وجه ربما أفرطت بإستخدامها ، فوجد قدميه تسوقه إليهما ، وما أن أنتبهت فادية على إقترابه ، حتى أصابها الإرتباك والتوتر ، وتلقائياً سحبت يديها المتأبطة بها ذراع ذلك الشاب المدعو خطيبها
أمعن حامد النظر بها طويلاً ، وسرعان ما قال متسائلاً بفضول :
– أزيك يا فادية ، مين ده ؟ أنا معرفش إن ليكى قرايب
أزدردت فادية لعابها ، ولم تحسن النطق فخرجت حروفها متلعثمة وهى تقول:
– حـ حـ حامد
وزع الشاب نظراته بينهما إلا أنه رد قائلاً:
– أنا أبقى خطيبها ، وأنت مين بقى ؟
جحظت عينىّ حامد ورد قائلاً بذهول :
– خطيبك يا فادية
أشاحت فادية بوجهها عنه وقالت بعدم إكتراث:
– أيوة وفيها إيه مش أنت خلاص طلقتنى وكل واحد راح لحاله أنا حرة أعمل اللى أعمله
كسا وجه حامد تعبيرات الضيق والإشمئزاز ، فرماها بنظرة كارهة وهو يقول :
– يا خسارة السنين اللى ضيعتها معاكى وكانت السبب فى إن أنا أقسى على أقرب الناس ليا منك لله يا فادية وإن شاء الله العيل ده هو اللى هيخلص منك القديم والجديد
صاح الشاب بوجه حامد بعد الشق الخاص بذكر عمره ، فقال بإنفعال :
–عيل ايه يا استاذ ما تنقى ألفاظك شوية لولا انك راجل كبير انا كنت رديت عليك رد مش هيعحبك
إبتسم حامد ورد قائلاً بسخرية:
– لا ترد ولا متردش الحمد لله إن أنا فوقت
بعد إنتهاء عبارته ، تركهما وذهب بطريقه ، فلم تعر فادية إهتماماً لحديثه ، بل عادت تكمل تجولها بين المتاجر ، بينما عاد حامد للمنزل ، وهو يشعر بالندم الشديد على تلك السنوات التى قضاها برفقتها ، وساهمت بأن ينشأ الجفاء والخصام بينه وبين زوجته الأولى وإبنته
ولج للمنزل ووضع ما بيده ، فأرتمى على الأريكة واضعاً رأسه بين يديه ، فتعجبت من حاله أروى ، التى خرجت من غرفتها بعد سماع صوت الباب يفتح ، فأقتربت منه وجلست بجواره
فربتت على كتفه قائلة بإهتمام :
– مالك يا بابا واضح إن فى حاجة زعلتك ، فى إيه أنت تعبان
رفع رأسه ونظر إليها قائلاً بإبتسامة هادئة:
– مفيش يا أروى أنا كويس بس شوفت أمك النهاردة ومعاها شاب
ردت أروى قائلة بعفوية :
–يبقى خطيبها مش كده
رفع حامد حاجبه متسائلاً:
– أنتى كنتى تعرفى بالموضوع ده ومقولتليش يا أروى
زفرت أروى بهدوء وردت قائلة:
– أيوة يا بابا كنت عارفة بس خوفت أقولك تضايق
هز حامد رأسه قائلاً بأسف :
– أنا اللى مضايقنى إن أنا ضيعت عمرى مع أمك بس خلاص ربنا أراد إن أنا أفوق وعلى فكرة الورشة الجديدة أنا كتبتها باسم سچى وإسمك يا أروى
عقدت أروى حاجبيها وقالت:
– ليه عملت كده يا بابا
قبض حامد على كفها وقال بحنان :
– جزء من تسديد دين فى رقبتى لسچى ، وكفاية أن بعد اللى عملته ده كله سامحتنى
إبتسمت أروى ورفعت يد أبيها تقبلها بحب وهى تقول:
– سجى طول عمرها قلبها طيب وحنينة ، عايزين إن شاء الله نروح نزورها ونطمن على جوزها ، كانت قالتلى أنه راجع بالسلامة النهاردة
أماء حامد برأسه قائلاً:
– أه ما أنا عارف علشان كده جبتلها هدية وجبتلك إنتى كمان. وإن شاء الله نروح نزورها
رغم ما تشعر به أروى من سوء لحال والدتها ، إلا أنها تشعر بالسعادة من أجل أبيها وشقيقتها ، فالأمور بين والدها وسجى بدأت بطور التحسن عن ذى قبل ، وأنعكس هذا بدوره على أبيها ، الذى صار هادئ البال قليلاً ، على الرغم من حزنه لعدم إستطاعته نيل الغفران من زوجته الأولى ، ولذلك يدعو الله ليلاً ونهاراً أن يمن عليه بالرحمة والمغفرة على ما أقترفه بحقها ، فما أن تركت أروى مكانها ، حتى وجدت أبيها يناولها النقود التي حصل عليها اليوم من أجل أن تذهب لشراء ما يلزمها من ثياب وما شابه من أجل زفافها ، الذى لم يتبقى على إقامته الكثير
❈-❈-❈
طوال الطريق من المطار للمنزل ، وهى تنظر من نافذة السيارة ، فى حين أن كف يدها الأيسر ، بين كفىّ زوجها ، الذى راحت أنامله تعبث بخاتم الزواج الذهبى وهو ينظر أمامه بشرود ، فهما لم يخططان لهذا ، وأن يكون هذا حال لقاءهما بعد الغياب ، ولكن إستطاعت مايا فى هدم أمنياتها ، التى طفح بها قلبها اليوم منذ إستيقاظها من نومها ، وعلمها بأنها سترى زوجها ، ورغم ما تشعر به من دفء كفيه ، إلا أن ذلك لم يكن كافياً بأن يجعلها تنسى ما رآته بالمطار ، فكلما تتذكر تلك القبلات التى تركت أثار شفاه مايا على وجنته ، تشعر بالنيران تلتهم قلبها دون رحمة أو هوادة ، وما أن أعلن السائق عن وصولهم ، حتى ترجلت من السيارة ، ودار رائف حول السيارة وأخذ يدها بين كفه وولجا للداخل وتبعهم باقى أفراد الأسرة
وما أن وطأ أكرم الصالة بقدميه حتى قال بهدوء :
– عن إذنكم هطلع أرتاح شوية يلا بينا يا ريهام
ردت ريهام قائلة:
– حاضر يا أكرم
أقتربت منه والدته وطوقته بذراعيها تربت على ظهره وهى تقول بحنان :
– حمد الله على سلامتكم يا حبايبى منها لله مايا ضيعت فرحتى برجوعكم
قبل أكرم جبين والدته قائلاً:
– حصل خير يا ماما عن أذنكم
صعد أكرم الدرج تتبعه ريهام ، فهو يشعر بالضيق والسوء لما حدث اليوم بالمطار ، فمايا لم تفسد لقاء رائف وزوجته فقط ، بل أفسدت لقاءه هو الأخر بزوجته وأسرته
أقتربت هدى من رائف ودمعت عيناها بسعادة بعد رؤيتها له عائداً لهم وهو يسير على قدميه كسابق عهده ، فأخذته بين ذراعيه وهى تشدد من ضمه إليها ، فقالت بحنو بالغ :
– حمد الله على السلامة يا رائف يا حبيبى ، ألف حمد وشكر ليك يارب أنك رجعتلنا بالسلامة يا حبيبى
أحنى رائف رأسه على كتف والدته قائلاً بحب:
– الله يسلمك يا أمى دا بفضل ربنا ثم دعواتكم ليا
ما لم يناله من ترحيب بالمطار ، ناله بالمنزل ، فتناوبوا جميعهم على تقديم أحر التهاني والمباركات بعودته إليهم ، وبعد إنتهاء ترحيبهم الحار
نظر لزوجته الجالسة بصمت وقال :
– عن أذنكم أنا كمان عايز ارتاح
قالت صفية بإبتسامة بشوشة :
–ماشى يا حبيبى يلا يا سچى روحى مع جوزك
إنتبهت سجى على نداء صفية لها ، فخرجت من شرودها ورمشت بعينيها عدة مرات وهى تقول:
– ايوة يا تيتة بتقولى إيه ، أسفة مسمعتش
أقتربت منها هدى ومسدت على رأسها قائلة بلطف:
– بتقولك يا حبيبتى روحى مع جوزك ، رائف تعبان من السفر وقال عايز يرتاح
نهضت سجى من مقعدها وقالت :
– أه تمام عن إذنكم
قبل إبتعادها ، قبضت صفية على ذراعها وربتت على وجنتها بحنان قائلة :
– اتفضلى يا حبيبتى وروقى يا سچى متخليش حاجة تبوظ فرحتك أن جوزك رجعلك بالسلامة
حاولت سجى الإبتسام ، فلم تفلح ، ولكن ردت قائلة بهدوء:
– إن شاء الله يا تيتة عن إذنكم
ما أن ولج رائف غرفته وتبعته سجى ، حتى نظر ماهر لزوجته ووالدته وشادى وهو يقول بنزق مما فعلته مايا :
– اللى حصل النهاردة فى المطار مهزلة بكل المقاييس
أرتمى شادى جالساً على الأريكة وهو يزفر بضيق وقال :
– فعلاً يا بابا حاجة محرجة أوى واحد يلاقى فى المطار مراته واللى كانت خطيبته
لوت صفية شفتيها قائلة بغيظ :
–لاء ومش بس كده تقوم مايا تعمل حركاتها الغبية دى قدام مراته
ضغطت هدى على عينيها وقالت بما يشبه الإرهاق :
– منها لله كنا كلنا مبسوطين جت بوظت كل حاجة وضيعت فرحتنا كلنا
جلس ماهر بجوار زوجته وحك ماهر جبهته بتفكير وهو يقول:
– أنا مش عارف هى عرفت إن رائف هيوصل النهاردة إزاى
نقرت صفية بسبابتها على طرف ذقنها وهى تقول بحيرة :
– حاجة تحير بجد على العموم روحوا ارتاحوا الواحد اعصابه تعبت النهاردة من اللى حصل
ذهب كل منهم لغرفته ، ولا ينفكون بالتفكير فيما حدث اليوم أو لما حدث كل هذا خاصة بعد عودة رائف من لندن
فبغرفة أكرم وبعد خروجه من المرحاض بعد إنتهاءه من الإغتسال ، جلس على طرف فراشه ووضع كفيه أسفل ذقنه وهو ينظر بالفراغ ، ولم ينتبه إلا عندما شعر بيد ريهام توكزه فى كتفه بلطف
فرفع وجهه لها فإبتسمت له قائلة بصوت عذب:
–حمد الله على السلامة يا حبيبى ، هو أنت زعلان بسبب اللى حصل
ترك أكرم مكانه ووقف أمامها قائلاً بإبتسامة :
–الله يسلمك يا روحى ، أكيد طبعاً دا رائف كان هيتجنن علشان يرجع يشوف مراته وأنتى شوفتى اللقاء كان عامل إزاى ، ربنا يستر ويعدى الموضوع ده على خير
تنفست ريهام بعمق وردت قائلة:
– وهى كمان والله يا أكرم دى كانت مشتاقة تشوفه أوى وكانت متحمسة أوى لما روحنا المطار ، بس إن شاء الله خير والموضوع هيعدى
رفع كفه وغمر وجنتها وهو يقول بحنان وصوت متهدج:
–بس أنتى وحشتينى أوى يا ريهام ، حتى معرفتش أنا كمان أسلم عليكى فى المطار
رفعت ريهام يدها وضغطت على كفه بمحبة قائلة بنعومة :
– وأنت كمان يا حبيبى وحشتنى أوى أوى يا كرومتى
أدنى بوجهه منها وقال بهمس عاشق:
– وحشتنى كرومتى منك دى أوى
طال العناق بينهما وطاب ، فكل منهما يحوى بقلبه لهفة اللقاء ونيران الشوق والحنين ، فلم يكن من الممكن أن يعبث أحد بتلك الأوقات الحالمة التى جمعت بين زوجين عاشقين ، لذلك بدأت رحلتهما العاطفية لبلاد الهوى ، ولم يكن بنيتهما العودة منها ، إلا بعد أن تكتفى القلوب من المحبة والود والوصال
بالطابق الأرضي وداخل غرفة رائف ، كانت سجى تبحث عن أى شئ يعيد إليها هدوءها المفقود ، لذلك فكرت بالذهاب للمرحاض لعل الماء الدافئ يزيل عنها كأبتها ، لذلك تركها رائف تفعل ما تريده ، لعلمه أنها تحاول التخفيف من حدة توترها وإنفعالها ، فاستغرقت وقت طويلاً بالإغتسال ، ولكن ما أن أنتهت وأرتدت مأزر الحمام الأبيض ، خرجت من المرحاض وجدته جالساً على طرف الفراش
مرت ثوانى ثقال وهو يتأملها بتلك الطلة المغرية له ، فتتابعت أنفاسه بلهب إشتياقه إليها ، فلم يمهل ذاته دقيقة أخرى ، إذ نهض من مكانه وخطى بخطواته تجاهها وهى تقف أمام منضدة الزينة تمشط شعرها ، قبل أن تعى على شئ كان مطوقاً إياها بساعديه القويتين وأنفاسه تتصاعد بلهفة على وجنتها ، ولكن قبل أن يعانقها وجدها تحل ذراعيه عنها ، بل إبتعدت عنه كأنها تشعر بالنفور والإشمئزاز
فحملق بها رائف قائلاً بدهشة :
–مالك يا سچى بعدتى عنى ليه بالشكل ده ، كأنك مش طيقانى أقرب منك
ردت سجى قائلة وهى تحاول جاهدة ألا تنسكب عبراتها التى ملأت مقلتيها :
– ريحتها لسه موجودة فيك يا رائف ، ريحة اللى كانت حضناك وبتبوسك بكل وقاحة
إنتبه رائف على رائحة ذلك العطر الأنثوى الخاص بمايا ، فخلع عنه سترته قائلاً:
–خلاص يا ستى هاخد شاور والهدوم دى هولع فيها
ذهب لغرفة الثياب وأنتقى سروالاً قصيرًا ، وولج للمرحاض ، فخلع عنه ثيابه وألقاءها بسلة الثياب ، ووقف بالمغطس وفتح الماء الذى تساقط على رأسه بقوة ، جعلته يشهق بصوت خافت، وبعد قضاءه ما يقرب من الخمسة عشر دقيقة داخل المرحاض ، خرج وهو يرتدى سرواله القصير ، ولكن وجد سجى نائمة ولا يعلم هل هى نائمة حقاً أم تتظاهر بالنوم حتى لا تتحدث معه
أقترب من الفراش وجلس بجوارها ، فمد يده وتحسس وجهها ، وناداها بهمس إستطاع الوصول لكل حواسها :
–سچى حبيبتى أنتى نمتى ، أنا عارف يا عمرى أنك زعلانة بس بوصيلى
فتحت سچى عينيها ونظرت اليه بصمت ، فإستطرد قائلاً بهدوء:
– أنا عارف إن اللى حصل ده يضايق ، وأنا كمان أضايقت حتى ضربتها بالقلم لما بصيت ملقتكيش واقفة وكنا بندور عليكى بس وحياتك أنتى عندى أنا ما أعرف هى جت المطار إزاى أو عرفت ميعاد وصولى إزاى أو ليه هى عملت كده
هبت سجى جالسة بالفراش وقالت بإنفعال :
– بس هى خدت حاجة كانت من حقى أنا ، حقى إن أكون أول واحدة تحضنك ، و تقولك حمد الله على السلامة ، إن أنا أول واحدة تكون قربت منك لما ترجع مش هى ، هى ضيعت فرحتى برجوعك ، فرحتى بأن جوزى رجعلى بالسلامة وهو ماشى على رجليه زى الأول ، حركتها دى وجعتنى أوى يا رائف
كثرة إنفعالها جعلت تلك الدموع المختزنة بعينيها ، تنسكب على وجنتيها بغزارة ، فرفع يديه وعمل على مسح عبراتها وهو يقول بإشتياق :
–صدقينى يا قلبى أنا لو كنت أطول اقتلها كنت قتلتها لأنك أصلاً متعرفيش أنا كنت مشتاق ليكى قد ايه مشتاق اشوفك وأقرب منك ، مشتاق للمسة ايديكى و لريحتك ولعينيكى الحلوة دى مشتاق أسمع إسمى من بين شفايفك ، أنتى لسه مش متأكدة من عشقى ليكى يا سجى
نظرت إليه قائلة بوداعة :
–عارفة يا حبيبى أنك بتحبنى وأنها متهمكش فى حاجة بس المنظر مش سهل عليا لما أشوف واحدة فى حضن جوزى غيرى لاء وكمان بتبوسه بكل وقاحة وقلة أدب أنت إزاى كنت خاطبها وهى بالشكل ده وبلبسها ده
رد رائف قائلاً بنبرة مفعمة بالصدق :
– كنت أعمى بس ربنا أراد إن أفوق يمكن علشان كده أنا عملت الحادثة علشان أفوق واعيد حساباتى وكمان علشان أقابلك أنتى وأحبك وأتجوزك
ما أن تذكرت سجى وجه مايا قالت بغيظ شديد :
– كنت حاسة بنار جوايا ولسه لحد دلوقتى كان نفسى اقطعها حتت
إبتسم رائف وقال بتفكه :
– ومعملتيش ليه كده كنت هساعدك يا حبيبتى
ما أن رآى إبتسامتها على ما تفوه به ، حتى أدنى بوجهه منها وهمس لها بهمس عاشق:
– وحشتنى ابتسامتك وحشتينى أوى يا قلبى ، مش عايز أشوف دموعك ابدًا ، أنا مبحبش ولا هحب حد غيرك انتى يا سچى
قالت وعيناها ترصد حركة شفتيه اللتان تتوعدانها بفيض وسيل جارف من الشوق :
–ولا أنا عمرى حبيت حد فى حياتى غيرك أنت ، وأنت كمان وحشتنى أوى يا رائفى
شاهدت تلك النظرة العاشقة والشغوفة فى عينيه وذراعاه تمتدان لتطويقها وضمها إليه ، فما لبث أن وضع يده حول عنقها يتحسس ذلك العرق النابض ، الذى كان ينبض بسرعة جنونية ، فكاد قلبها يطير فرحًا لإقترابه منها ، وأمسكت رأسه وجذبته نحوها برقة وتمهل ، شعرت من عناقه لها ، أنه كان متلهفاً للقاءها ، وأنه يحبها ويريدها ، فازداد قربها منه ، فضمها إليه بقوة ، وكأنه يريد جعلها جزءًا لا يتجزأ من نفسه ، داعب شعرها وشد بيديه القويتين على كتفها حتى شعرت بأنه أذاب عظامها من لمساته الحانية ، فسكتت الألسنة عن الحديث ولكن القلوب تتحدث بذلك الشوق ، الذى كان مثل الجمر الملتهب بين ثنايا قلبيهما
❈-❈-❈
ألقى هانى تلك السيجارة ، التى كادت تحرق أصابعه دون أن ينتبه ، فتركيزه منصب على تلك التى ترجلت من سيارتها بمرآب النادى الرياضى ، فهما منذ فسخ خطبتهما وهو لم يراها إلا اليوم ، فهى لم تعد ترتاد تلك الأماكن التى كانت معتادة على الجلوس بها ، وكلما سأل أحد من أصدقاءها يخبره بأنها لم يعد يراها ، كأنها أعتزلت حياتها القديمة فجأة ، ولكن لم يكن يعلم بشأن مجيئها للنادى اليوم ، ولكن ربما هذا من حسن حظه ، فهو يريد تصفية الحسابات المتعلقة بينهما ، فهو لن يقبل بأن تتركه هكذا دون نيل عقابها على فعلتها ، بأن جعلته أضحوكة بين أصدقاءه ، خاصة بعد علمهم بأنها تركته قبل حفل زفافهما بأيام معدودة
وجدها تقترب من إحدى الطاولات ، ولكن رآى شاب أخر بإنتظارها ، ولا يعلم من يكون ، فهو لم يراه من قبل ، فحث الخطى تجاههما ووقف قريباً منهما
فتعجبت مايا من وقفته المتصنمة ، فهتفت به بضيق :
– عايز إيه يا هانى
لوى هانى ثغره وقال بسخرية :
–هو ده بقى العريس الجديد اللى سبتينى علشانه يا مايا
قطبت مايا حاحبيها قائلة بدهشة :
–عريس ايه اللى أنت بتقول عليه ده واحد معرفة
صفق هانى لها قائلاً بتهكم :
– معرفة ! الظاهر إن معارفك كتير أوى يا مايا ومبضيعيش وقت تخلصى من واحد تلاقى التانى ، عايشة حياتك على النظام ده
رمقه عصام بنظرة باردة قائلاً وهو يشير لهانى بالإنصراف :
– ما تحترم نفسك يا أخ أنت ويلا أمشى من هنا
رد هانى قائلاً بإنفعال :
– أحترم نفسى ! أنت اللى مش محترم وقليل الأدب كمان وأنتوا الإتنين زبالة واتلميتوا على بعض
إستقامت مايا بوقفتها وصاحت بوجه هانى قائلة :
– أهو أنت اللى زبالة يا هانى ، وإحترم نفسك لاجيبلك الأمن يرموك برا النادى أنت فاهم
رفعت سبابتها بوجهه وهى تحذره من مغبة الاستمرار في إهانته لها ولعصام ، فأمسك إصبعها الممدود بوجهه ، وقال وهو يكز على أسنانه بغيظ :
– أمن مين يا مايا اللى تجبيهولى أنتى ناسية انا إبن مين ولا إيه
جذبت مايا إصبعها ، فهو كاد يسحق عظامه ، فقالت بصياح ونزق :
– ميهمنيش أنت إبن مين ولا مش إبن مين شئ ميخصنيش ، وإياك تلمسنى مرة تانية
نهض عصام من مكانه ودفع هانى بصدره قائلاً :
–يلا بقى أمشى من هنا مش ناقصين وجع دماغ
كاد هانى يترنح بوقفته من دفع عصام له بصدره ، فرد قائلاً بإستياء عارم :
– وكمان بتطردنى يا حيوان
على حين غرة جذب هانى ثياب عصام ، وسدد له لكمة قوية ، أدت لنزيف شفتيه ، فتحسس عصام الدم ، ومالبث أن بدأ العراك بينه وبين هانى وهو يقول بوعيد :
– أنت كمان بتضربنى والله لأوريك يا كلب
ظل العراك بين هانى وعصام على أشده ، حتى إستطاع رجال الأمن فض الإشتباك بينهما ، فجذبت مايا ذراع عصام وهى تقول:
– بس بقى فرجتوا على نفسكم النادى
لم يكتفى هانى من شجاره مع عصام ، بل أراد أن يكمل ما بدأه ، ولكن مايا هى من تلقت باقى تلك الصفعات التى كان يريد صفعها لعصام ، ولم يكتفى بذلك ، بل جذب خصيلاتها بقوة كاد يقتلعها من جذورها ، فبجهد إستطاعت تخليص ذاتها من بين براثنه ، ولكنه ترك شعرها بحالة من الفوضى العارمة ، علاوة على أثار الصفعات على وجهها
رحل هانى بعدما ترك مايا وعصام وهما يلهثان من شدة إنفعالهما فما حدث لهما فضيحة ستتغنى بها ألسن أعضاء النادى لوقت طويل ، لذلك أخذت حقيبتها ونظرت لعصام قائلة :
– إحنا لازم نمشى النادى كله أتفرج علينا
أغلق عصام أزرار قميصه الممزق ورد قائلاً بوعيد :
–يلا بينا وحسابى معاه بعدين الحيوان ده حاضر والله لأوريه مقامه كويس
هرولت مايا لمرآب السيارات ، فهى تريد الذهاب إلى منزلها على جناح السرعة ، ويبدو عليها أنها لن ترتاد هذا النادى الرياضى لوقت طويل ، فدائمًا ما كان ينظر لها الجميع ، على أنها نجمة متألقة ، ولكن اليوم إستطاع هانى الحط من شأنها وكرامتها ، فأن تتعرض للإذلال على يده ، ويشهد بذلك كل من كان حاضر ، ليس بالشئ الهين أو اليسير ، صعدت للسيارة وجلست خلف المقود وأدارت محركها وأنطلقت بها بأقصى سرعة ممكنة ، حتى أنها لم تعر إنتباهًا لصوت زمور سيارة عصام ، والذى أطلقه ليجعلها تقف بالسيارة ، ولكن هى ليست بحال يخولها الحديث معه أو مع أحد ، فكل ما تريده الآن هو العودة لمنزلها ، فآثار الصفعات على وجهها والتى رآتها بوضوح بمرآة السيارة ، جعلت نيران الحقد على هانى تتأجج بداخلها ، بل راحت تسبه وتلعنه بصوت مسموع ويديها قابضة على مقود السيارة بغيظ حتى أبيضت مفاصلها
❈-❈-❈
بعد مرور ثلاثة أيام
صار منزل " ماهر زيدان " يشع ببريق البهجة والسعادة ، بل أن هدى أقامت حفل خاص بالأسرة إحتفالاً بعودة رائف وأكرم ، وأصرت على صنع الحلوى بيديها من أجل إبنها البكر ، والذى عاد إليهم كما كان بالسابق ، فكلما تراه يسير بالمنزل ، يكاد قلبها يقفز من سريان نشوة السعادة بأوردتها ، فهى لم تكف عن قول عبارات الشكر والثناء لله على ما تفضل به على رائف من نجاح جراحته ، دلت تلك الرائحة التى ملأت المطبخ على نضوج الحلوى الموضوعة بالفرن ، فأخرجتها وزينتها وحملتها إليهم وهم جالسون بالصالة
أخذ كل منهم طبقه يتلذذ بطعم الحلوى الطيبة ، ودار الحديث بينهم ودياً لا يخلو من الطرائف والضحكات ، فنظر رائف لأكرم قائلاً بدهاء :
–فاكر يا أكرم البت اللى كانت مصممة أنك تكشف عليها
غص حلق أكرم بقطعة الحلوى ، فنظر لزوجته ، يخشى أن تفسر قول رائف على أهواءها الغيورة ، فإبتسم لرائف قائلاً:
– وضح كلامك الله يباركلك علشان إحتمال ريهام تكون مجهزالى تابوت دلوقتى وأروح أنا فيها
نظرت إليه ريهام وتساءلت بغيرة :
– بت مين دى يا أكرم وعملت إيه بالظبط
لوى أكرم شفتيه يميناً ويساراً قائلاً:
–شوفت أهو مجبتش حاجة من عندى فهمت غلط
حمحم رائف قائلاً بجدية مزيفة :
– لاء متظنيش فيه ظن وحش دى بنت كانت فى المستشفى شافت أكرم لابس البالطو الأبيض أصرت أنه لازم يكشف عليها كان ضرسها بيوجعها
رد أكرم قائلاً وهو يجارى شقيقه بمزحته :
– وأنا أحلف لها إن أنا مش دكتور أسنان والبالطو الأبيض أساساً كنت بجربه ، وهى ابدًا إلا لازم أكشف على سنانها
ضحكت صفية وقالت :
– ومكشفتش على سنانها ليه يا أكرم
وضع أكرم الطبق من يده وهو يقول:
– أكشف على مين يا تيتة دا كان باين عليها مجنونة
رفعت ريهام الشوكة ولوحت بها أمام وجه أكرم قائلة :
– لا يا راجل مجنونة قولتلى بقى
أبتلع أكرم لعابه بعدما رآى ريهام تنظر له بوعيد ، فحول بصره عنها ونظر لرائف قائلاً:
–بقى كده يا رائف طب أنا هقول لمراتك على الممرضة المسهوكة اللى كانت بتجيلك الاوضة
شهقت سجى بصوت خافت ونظرت لزوجها وقالت :
– ممرضة ! أنتوا كنتوا بتعملوا إيه بالظبط هناك ، رايح تعمل عملية ولا رايح تعمل غراميات
نظر إليها رائف قائلاً بوداعة :
– أبدًا يا حبيبتى والله ما عملنا حاجة ، برئ يا بيه
ضحك ماهر بصوت جهورى ونظر لرائف وأكرم قائلاً:
– شكلكم عاكين الدنيا جامد
هز شادى رأسه كأنه يشعر بالأسى ، فقال بصوت درامى :
– كده تعكوا وأخوكم الصغير قاعد غلبان هنا ، مش تاخدونى أعك معاكم أو أعك عليكم كنت أعمل أى حاجة
ضحكت هدى ومسدت على رأس شادى قائلة :
– أنا قلبى حاسس إن اللى بيقولوه ده محصلش اصلاً ، انتوا ولادى وعارفة تربيتكم كويس مش من النوع اللى بيحب يجرى ورا الستات
رمق أكرم زوجته بنظرة وديعة وقال :
–شوفتى يا ريهام شهادة معتمدة وموثقة من ماما ان احنا ملناش فى الحوارات دى
إبتسمت ريهام وردت قائلة بلطف :
– وأنا واثقة فى كلام طنط هدى
أهدتها هدى إبتسامة هادئة وقالت بحنان :
– حبيبتى أنتى وسچى دول لو عملوا حاجة تزعلكم أنا اللى هزعلهم
قالت سجى وهى تنظر لوالدة زوجها بمحبة :
–تسلميلى يا طنط ربنا يباركلنا فيكى
وضعت صفية يديها على صدرها وتنفست براحة وهى تقول بسعادة :
–أنا الدنيا مش سيعانى من الفرحة إن أنتوا رجعتوا بالسلامة وكمان رائف الحمد لله بقى كويس والحزن أخيراً هيبعد عننا
ترك رائف مكانه وأقترب من جدته وجلس أمامها القرفصاء ، فأخذ يديها بين كفيه قائلاً بحب :
– تسلمى يا تيتة الحمد لله البركة فى ربنا ثم دعواتكم ليا ، وأنكم صبرتوا على اللى أنا كنت فيه وفضلتوا جمبى
وضعت صفية قبلة على رأسه ، وسرعان ما طوقها رائف بذراعيه حباً وإمتناناً ، ولم يكتفى رائف بذلك بل عبر عن حبه لوالديه أيضاً
فربت ماهر على وجنته متسائلاً:
– أنت ناوى على إيه يا رائف إن شاء الله
رد رائف باسماً:
– ناوى إن شاء الله أجى مع حضرتك الشركة ، لأن أنا حابب أشتغل ، لأن فى حد قالى إن ممكن ربنا مش رايد أكمل ظابط بس رايد أكون مهندس شاطر ورجل أعمال ناجح
إلتفت برأسه ونظر لسجى بنظرة عاشقة ممتنة ، فبادلته الإبتسام على إستحياء ، ولكن أخرجه من تأمله لها صوت شقيقه شادى وهو يقول بفضول :
– من ده يا أبيه اللى قالك كده علشان اشكره
أقترب منه رائف وداعب شعره قائلاً:
– يخرب بيت فضولك يا شادى مش هتتغير ابدًا
نظرت والدتهما لهما بمحبة فقالت بإبتسامة حنونة :
– دا شادى ده فاكهة البيت
ترك شادى مكانه وهو يصيح :
– قلبى أه ماما بتقولى أنا كده ، حبيبة قلبى دا أنتى تجيبى بوسة بقى
أقترب منها وقبل وجنتيها ورأسها وقبل أبيه وجدته وشقيقه أكرم ، وعندما حان دور تقبيله لشقيقه الأكبر ، لم يدع الأمر يمر مرور الكرام ، بل قضم وجنة رائف ، مما جعله يقفز من مكانه كالملدوغ فصرخ بوجهه قائلاً بألم:
– ااااه ماشى يا شادى يومك خلص خلاص وربنا ما أنا سايبك ، تعالى هنا حالا يومك خلص ،أنت مش هتبطل ياض أنت العمايل بتاعتك ده ، هو مينفعش تبوس حد من غير عض
رد شادى قائلاً وهو يقف بعيداً عن رائف ، يتخذ من أحد المقاعد ملاذاً له :
– يومى مخلصش ولا حاجة يا أبيه لسه فى ساعتين نتفاوض فيهم ، ثم أن البوس من غير عض ملوش طعم ، العض بيدى لذة رهيبة
لم يكن رائف ليتركه قبل أن ينال عقابه ، فركض خلفه وكلما حاول الإمساك به يفر شادى هارباً من بين يديه ، فكز رائف على أسنانه قائلاً:
– بجرى ورا فار بس مش هسيبك برضه
نجح رائف فى الإمساك بشقيقه الصغير وعوضاً عن معاقبته له على فعلته ، أحتضنه بحب قائلاً:
–تانى مرة هتعمل كده هتنضرب فاهم يا شادى
رد شادى باسماً:
–حاضر يا أبيه مش هعمل كده تانى هات بوسة بقى
دفعه رائف عنه وهو يقول:
–غور يا شادى من هنا هو أنا خلصت من الأولانية علشان تعضنى تانى
شعرت سجى بنشوة حلوة تلفحها من رؤيتها لزوجها وهو يركض خلف شقيقه شادى ، فضمت كفيها وهى تردد عبارات الحمد والشكر لله ، فبعد إنتهاء جلستهم اللطيفة ، ذهب كل منهم لغرفته ، ودلفت سجى الغرفة ، وقفت أمام النافذة تستنشق نسمات الهواء المحمولة بشذى وأريج الورود والزهور ، شعرت بالدفء يغمرها بعد أن مد رائف ذراعيه وطوق خصرها ، فأدنى برأسه منها قائلاً:
– الجميل سرحان فى إيه
أسندت رأسها لصدره ورفعت وجهها له وقالت:
– أكيد سرحانة فيك هو حد بياخد عقلى وقلبى منى غيرك أنت
أرتد برأسه للخلف وأغمض عينيه قائلاً:
– يا ربى على الكلام الجميل ده
إستدارت بين ذراعيه فقالت ويديها تعبث بياقة قميصه :
–بجد أنا مبسوطة أوى يا حبيبى إن اللى كان نفسك فيه حصل ورجعت كويس وكمان هتروح تشتغل فى الشركة مع باباك
أسند جبينه لجبينها وهو يقول:
– وإن شاء الله أنا عند وعدى لما تخلصى دراسة هنروح نعمل عمرة
أماءت برأسها وقالت بهدوء:
– أه فكرتنى الامتحانات خلاص قربت
داعب أرنبة أنفها بطرف سبابته قائلاً بثقة :
– إن شاء الله مراتى الحلوة دى هتنجح وتجيب تقدير حلو وهتشتغل الدكتورة بتاعتى أنا بس
عبست بوجهها بطرافة وهى تقول:
– هو أنت مش هتخلينى أشتغل فى مستشفى أكرم
نقر على طرف ذقنه قائلاً:
–مين قال كده لاء هتشتغلى بس لأطفال وستات رجالة لاء ياسچى لو كده مش هخليكى تروحى تانى
جذبت ياقة قميصه قائلة بمشاغبة :
–حبيبى الغيور أوى
حاصرها بينه وبين الجدار مزمجراً :
– طبعاً أنا بغير عليكى من الهوا بس تصدقى أنا وحشتنى الجلسات من إيدك أنتى
وقفت على أطراف أصابعها وطوقت عنقه قائلة بحب:
– خلاص متزعلش هبقى أعملك كل يوم جلسة مساچ
رفعها عن الأرض قليلاً وهو يقول بدهاء :
–طب يلا بينا تعمليلى جلسة المساج السحري من إيدك الحلوة دى
ضحكت سجى وقالت:
– وتنام بعدها مش كده يا حبيبى
هز رأسه نفياً وهو يقول بصوت هامس:
– لاء متخافيش مش هنام ولو نمت صحينى يا روحى
راح يحدق فيها بقوة جعلتها تفقد توازن عقلها ، حدق بها بنظرة طويلة مليئة بعواطف لم تبح بها شفتيه ، فكانت منعدمة القوة ، وغير قادرة على إخفاء شوقها إليه ، فشعرت بالخدر وهى تنظر إليه ، وببطئ ونعومة كان يمرر يده على وجنتها ، فأمام فعلته الحانية ، شعرت بإرتجافة قوية ، وما أن جذبها إليه حتى إستسلمت ، فهى لم يعد بإمكانها السيطرة على خفقات قلبها ، فوضعت رأسها موضع قلبه ، حيث إستمتعت لنبضات قلبه الصاخبة ، فضمته إليها شابكة يديها حوله ، فأخذها حيثما يشاء إلى عالم العشق الجميل ، لقد خلقت لتكون له وخلق ليكون لها ولا معنى لبقاء أحد منهما دون الأخر
❈-❈-❈
بعد مرور بضعة أسابيع ، وبعدما بدأ رائف العمل بالشركة الخاصة بوالده ، شعر ماهر بالراحة من كونه سيستطيع تسليم مهام المصنع والشركة لرائف ، عندما يحين الوقت ويتقاعد هو عن العمل ، فبوقت قصير إستطاع رائف إكتساب محبة وإحترام العاملين لديه ، كان جالساً بغرفة مكتبه الأنيق ، مع أحد مدراء الأقسام بالشركة ، يطالع بعض الأوراق الخاصة بقسم المبيعات ، وبعد إنتهاءهما أنصرف الرجل لعمله ، بينما أسند رائف ظهره لمقعده وأغمض عينيه يشعر بالإرهاق من كثرة أعباء العمل ، التى وقعت مؤخراً على عاتقه ، ولكن لم تدوم راحته طويلاً ، إذ سمع صوت طرق على باب غرفة مكتبه ، فولجت السكرتيرة بعد سماحه لها بالدخول
فأقتربت منه قائلة بتهذيب :
– باشمهندس رائف فى واحدة عايزة حضرتك برا ، بس رفضت تقول إسمها
زوى رائف ما بين حاجبيه متسائلاً:
–واحدة مين دى ، خليها تدخل أما أشوف مين دى كمان
خرجت السكرتيرة وأذنت للزائرة بالدخول ، فما أن رآى رائف تلك الفتاة التى تريد مقابلته ، تجهمت ملامحه وعبس بوجهها ، بل أظلمت عيناه كأنها تنذر بسحابة سوداء من الغضب ، شعرت مايا بالخوف ، ولكن حاولت أن تتسلح ببرودها ، لعله بعد حديثهما سيكون أكثر وداً ولطفاً معها
حدجها رائف بنظرة مستاءة قائلاً بحنق :
–أنتى إيه اللى جابك هنا يا بنى أدمة أنتى
ردت مايا قائلة ببرود :
– وحشتنى جيت أشوفك بلاش يعنى يا حبيبى
دار رائف حول مكتبه ووقف أمامها وصرخ بوجهها بجماع صوته :
–مايا حركاتك دى مش عليا ثم مين اللى قالك إن أنا هنا فى الشركة ويوم المطار مين اللى قالك ؟
أزدردت مايا لعابها وردت قائلة بتلعثم :
– مـ ما هو أنا أصل يعنى
أمسكها رائف من معصمها وضغط عليه بأصابعه حتى كاد يسحق عظامها ، فقال بوعيد وتحذير :
– انطقى قولى مين اللى بيقولك على اخبارى دى علشان تيجى وتفورى دمى ، انطقى أحسن مش هيحصل ليكى طيب ووشك الحلو ده هغيرلك ملامحه وأنتى عارفة أنا ممكن أعمل إيه
حاولت مايا جذب معصمها من يده فلم تفلح ، فردت قائلة وهى على وشك البكاء :
–هقولك بس سيب ايدى ، عصام هو اللى قالى وحتى هو اللى وصلنى المطار يوم أنت ما وصلت ، سيب إيدى بقى مش قادرة إيدى بتوجعنى
أماء رائف برأسه قائلاً بغيظ ووعيد :
–بقى كده يعنى عصام هو اللى ورا ده كله ، حسك عينك أشوفك تانى أو تقربى من حد يخصنى أو تعملى حركة غبية من حركاتها ساعاتها بس مش إيدك اللى هتنكسر لاء رقبتك كمان أنتى فاهمة يا مايا ، حاولى تنسى أنك تعرفينى أو شوفتينى أو إن فى يوم كنتى تعرفى واحد إسمه رائف زيدان ماشى أحسن أذيتى ليكى هتبقى جامد
حركت مايا رأسها قائلة بخوف :
– حاضر حاضر أنا هبعد عنك خالص بس سيبنى أرجوك
أفلت رائف يدها ، فأسرعت بأخذ حقيبتها وخرجت من المكتب ، وهى تلعن حظها إنها إستمعت لحديث عصام ، فهى إن حاولت أن تعيد الكرة ، لن تنجو من براثن رائف ، فهى خير من تعلم طباعه خاصة إذا تملكه الغضب
بعد خروج مايا ، فكر رائف بتلقين عصام درساً لا ينساه ، حتى يكف عن أفعاله ، فخرج من الشركة وأخذ سيارته وذهب لعصام بمقر عمله ، أقتحم غرفة مكتبه كالإعصار ، ففزع عصام من رؤية رائف يلج الغرفة ويبدو على وجهه سيمات الغضب والحنق
فنهض عصام من مكانه قائلاً:
– رائف فى ايه وداخل عليا ليه بالشكل ده
أقترب منه رائف وأمسكه من ياقة سترته وهو يقول:
– فى ايه ! أنا اللى المفروض أسألك فى إيه ، وإيه حكايتك بقى أنت والست مايا معايا بالظبط ، أنت مش عايز تبطل عمايلك دى يعنى
رد عصام قائلاً بإرتباك :
– وأنا مالى ومال مايا أنا ماليش دعوة بيها
إبتسم رائف وقال بتهكم :
–بجد الكلام ده يا عصام يعنى مش انت اللى وصلتها المطار ولا بتقولها كل أخبارى
زاغ عصام بعينيه عن مرمى بصر رائف ورد قائلاً:
–هى كدابة أنا مليش دعوة
ضم رائف طرفى سترة عصام كأنه على وشك خـ ـنقه وقال بتهديد صريح :
–هى كدابة مش كدابة سواء أنت مظلوم أو لاء دا شئ ميخصنيش اللى عايز أعرفهولك حاجة واحدة بس أبعد عن طريقى يا عصام أحسن ليك
دفعه عصام عنه ورمقه بكره وهو يقول :
– أنت ايه ليه كل حاجة حلوة بتبقى من نصيبك أنت ، حتى البنت اللى حبتها فى الكلية حبتك أنت وسابتنى ، أهلى دايما كانوا يقولولى شوف رائف عمل إيه شوف رائف بقى إيه ، بقيت أنت عقدة حياتى ، ولما أنت عملت الحادثة أنا فرحت فيك قولت خلاص رائف مبقاش له لازمة بس بالرغم من ده كله فى واحدة زى مراتك حبيتك واتجوزتك ، بالرغم من أنك كنت عاجز ، كان من نصيبك واحدة زيها ، ليه أنت دايما كده تفوز فيك إيه أحسن منى قولى
إن كان رائف يعلم بشأن غيرة عصام منه ، لم يكن يتخيل أن وصل به الحال لأن يكرهه هكذا ، فرد قائلاً :
–ماهو علشان الكره اللى فى قلبك من ناحيتى هو ده اللى مخليك دايما شايفنى أحسن منك ، سيبت كل حاجة وركزت فى إزاى إنك تعكنن عليا حياتى ، بقى هدفك أنك عايز تفرح وتشمت فيا وبس ، بس خلاص ده كله مش هسمحلك بيه تانى لأن أنا دلوقتى رجعت رائف تانى اللى هيعرف يوقفك عند حدك يا عصام ، اه ونسيت اقولك أنا كنت قايلك أن أول مفاجئة من مفاجأتى لما اعمل العملية من نصيبك أنت
قطب عصام حاجبيه متسائلاً بدهشة:
– هى ايه المفاجئة دى ؟
–هى دى المفاجئة يا عصام
قال رائف وعلى حين غرة لكم عصام بوجهه ، حتى سالت الدماء من فمه
فنظر عصام لأثار الدماء على يده بعدما تحسس فكه ، فقال بغيظ :
– أنت كمان بتضربنى
لم يفلح عصام بلكم رائف ، وكلما حاول تسديد لكمة له ، يتفاداها رائف بسهولة ، فقبض على كفه قائلاً :
–ريح دماغك مش هتقدر تضربنى بس يكون فى معلومك أنا لو شوفتك عندنا فى البيت تانى أنا مش هخليك تخرج على رجليك
خرج رائف من غرفة مكتب عصام بعدما أنهى تهديده ووعيده له ، فمسح عصام الدم النازف من فمه وهو يتوعده قائلاً بحقد:
– ماشى يا رائف إما وريتك هعمل فيك إيه مبقاش أنا عصام هخليك ترجع تمشى على عكاز تانى
يتبع...