-->

قراءة رواية جديدة روضتني لأسماء المصري - الفصل 18-1


قراءة رواية روضتني كاملة (الجزء الثالث من رواية أحببت طريدتي)
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى



رواية روضتني رواية جديدة قيد النشر
من قصص وروايات 
الكاتبة أسماء المصري


رواية روضتني 
الفصل الثامن عشر
❈-❈-❈


كل ثانية يوضع أمامك اختيار بسيط قد يجعل الحياة كلها مختلفة، وكل ثانية تختار أن تؤجل القرار خوفا؛ فتظل كما أنت.

محمد صادق

❈-❈-❈


تحركا وخلفهما ذلك الجيش من الحراسة متجهان للعيادة النسائية بعد أن شددت على عدم رغبتها بمتابعة كشفها بمشفى الفهد؛ فأختارت لنفسها طبيبة أخرى تبعد عن مقر سكنها بعدة كيلومترات؛ فكان خروجها بهذا الكم من الحراسة كنوع من الطمأنينة لدي كبير العائلة.


جلست أمام الطبيبة تحدثها عن تاريخها منذ بداية حملها وحتى تلك اللحظه وهو ينظر لها باهتمام مستمعا لوجهة نظرها الخاصة:

-ولحد الحمل كنت دايما بحس اني اصلا مش عايزه علاقة نهائي، بس الوضع ده اتغير دلوقتي بقيت فعلا عايزه، لكن معرفش ايه اللي بيحصلي أول ما بيقرب مني؟


رد هو نيابة عن الطبيبة:

-بيجيلك خوف مش مبرر ولا منطقي يا شيري.


نظرات الطبيبة له جعلته يصمت فورا من صرامة نظراتها وتحدثت بصوتها الجاد:

-أنا مش بس دكتوره أمراض نسا، وكمان اخصائية علاقات زوجية وعشان كده عايزه منكم الصراحه في كل حاجه بتقولوها.


ردت شيرين تؤكد:

-وأنا فعلا قولت الصراحة.


جاهدت نفسها حتى لا تبكي وأضافت:

-في البدايه وأول يوم جواز افتكرت موقف خلاني خوفت جدا من الجواز والعلاقة، وبعدها لما طلعنا شهر العسل فكيت شوية وحاولت انسى.


تعجب من حديثها فجعد جبينه ولكن نظرات الطبيبة له جعلته ينتظرها أن تكمل حديثها؛ فأطنبت:

-كان شهر العسل جميل لحد ما حصلت العلاقة، وبجد اتوجعت بشكل مش طبيعي بالرغم اني كنت مبسوطه في اﻷول ... ومن ساعتها وانا بقيت بهرب من أي محاوله منه انه يقرب، ولو حصل بيكون غصب عني وده لأني لحد اللحظة دي اي تواصل بينا بيكون مؤلم جدا ومفيهوش اي متعه، يمكن بس اللحظات اﻷولي ... وحتى دي مبقتش احبها لاني بكون عارفه الخطوة اللي وراها.


استمعت لها باهتمام مركزة انظارها بتواصل بصري مع مريضتها وأومأت لها بتفهم وعقبت:

-مكشفتيش ولا مره تعرفي سر اﻷلم ده ايه؟


ردت بحركة من رأسها:

-قالولي من قلة العلاقة هتتاقلمي، ومع اﻷستمرار الحالة هتتحسن بس أنا مش شايفة كده.


تنفست بهدوء وهي تدور بوجهها ناحيته وتسأله:

-وحضرتك؟ هل عندك أي كلام تضيفه غير استياءك الواضح جدا على وشك؟


زم شفتيه ورد فورا دون مماطلة:

-أنا متجوز من أكتر من سنه ونص ولحد دلوقتي أقدر اعدلك المرات اللي حصل فيها على صابعي.


رفعت يدها أمامه وقالت بحسم:

-أنا عايزه اعرف المشاكل اللي بتواجهك اثناء العلاقة مش خارجها.


زفر بقوة وقال:

-الرفض، اكتر حاجه بتضايقني رفضها ليا طول الوقت وزاد عليهم بقى الموافقة.


رفعت الطبيبة حاجبها تستفسر بايماءة صامته فوضح لها:

-أنا عارف أنها بتحاول، بس بقيت بضايق أوي من المحاولة لانها مش بتكمل وانا اللي بتضر في النهاية.


ردت عليه تشرح له بعملية:

-مين فهمك انك المتضرر الوحيد؟ بالعكس.. هي كمان الضرر واقع عليها وأكبر منك وبمراحل ... لانه مش بس ضرر نفسي وعضوي.


صمتت قليلا واشارت بيدها صوب غرفة الكشف قائلة:

-اتفضلي عشان اكشف عليكي وبعدها نحدد الحالة والعلاج.


تحركت شيرين صوب الغرفة اﻷخرى؛ فهمست الطبيبة له فورا:

-المدام بتاعتك محتاجه دعم نفسي جامد خصوصا انها في فترات حملها اﻷخيرة، وحضرتك لازم تعرف ازاي تتعامل معاها في التوقيت ده بالذات.


رد بنفس النبرة الهامسة:

-هي قالت انها افتكرت موقف قبل جوازنا خلاها كده، وبصراحه أنا محبتش أسألها عن حاجه ممكن تكون خاصة بيها هي بس، وفي نفس الوقت تجرحني كراجل؛ فلو تقدري تعرفي منها وأنا هعمل كل اللي تقولي عليه.


ابتسمت له وتحركت للغرفة اﻷخرى وبدأت توقع الكشف عليها وهي تسألها:

-قولتيلي في موقف حصل قبل الجواز هو اللي خوفك من العلاقة؟ عايزة تحكي عنه؟


وافقت وهي تبتلع ريقها وأجابتها:

-هو محصلش معايا أنا، لكن حصل مع بنت عمي وبصراحه بقيت خايفة منه جدا.


لم تفهم فطالبت بتوضيح فاستطردت اﻷولى:

-بنت عمي منعت نفسها عن جوزها في البداية وده خلاه اغتـ صبها، وأنا من لحظة ما سمعت اللي حصل معاها وبقيت اخاف اوي خصوصا أنه قريب ساجد، ابن عمه برده وتقريبا شخصيتهم زي بعض.


شعر بارتياح لحظي بعد ان فهم سبب خوفها منه فتركها تكمل حديثها دون تدخل:

-طبعا بعد ما اتخطبنا وقربنا من بعض وبعدها كمان الجواز لقيت شخصيته مختلفه خالص عن ابن عمه لدرجة انه صابر عليا كل ده، عشان كده حاولت أكتر من مره وملقتش حل.


انتهت الطبيبة من الكشف فوقفت واخبرتها:

-طيب البسي هدومك واتفضلي معايا.


تحركت معها للخارج فجلست الطبيبة أمامها وقالت موضحة:

-من الكشف المبدأي فتشخيص الدكاترة كان صحيح بس كمان بيحصل تشنج لحظة العلاقة وده اللي بيسبب ألم وصعوبه.


سألها ساجد باهتمام:

-وده له علاج؟


أومأت مجيبة:

-طبعا، مفيش حاجه ملهاش علاج، بس اﻻثر النفسي السيئ اللي عندها من تجربة بنت عمها مخلياها دايما بتفكر والتفكير اثناء العلاقة بيجي بالسلب.


فهم حديثها وانتظرها تكمل:

-التشنج ده مش مرض نفسي وبس، لأ ده كمان مرض عضوي وبيحتاج وقت وعلاج زيه زي الضعف عند الرجال.... مريض الضعف بيحتاج علاج عضوي ونفسي ودعم من شريكه ونفس الكلام عند اﻻنثى.


ابتسمت وهي تكتب بعض الوصفات الطبية واخبرتهما:

-طبعا العلاج ده بيعمل ارتخاء للعضلات عشان يقلل التشنج، ومعاها هتعملي دايما التمارين دي قبل العلاقة بوقت كويس كتمهيد، وكمان محتاجه منكم تعملوا رياضة إسمها لاماز دي بتساعد على الولادة من غير الم وبتسهل الولاده الطبيعيه وبتعلم الكابل الدعم النفسي المشترك؛ فانا هسجلكم في الكورسات دي عندي هنا في المركز وان شاء الله قريب جدا مشكلتكم هتتحل.

❈-❈-❈


استقبله بترحيب حار ونظر لمساعده هاتفا:

-الغي كل مواعيدي.


اشار له بالجلوس فتحرك فارس صوب اﻷريكة وجلس عليها وتنهد قائلا:

-خلصت كل اللي قولت لك عليه يا عمر؟


أومأ له مجيبا بامتعاض:

-مع اني مش موافقك ولا مقتنع بس عملتلك كل اللي طلبته.


حرك رأسه نافيا ورد:

-صدقني ده الحل الوحيد، أنا مش هفضل عايش مهدد انا وعيلتي كده كتير.


وقف عمر متجها للخزينة الموجودة بمكتبه وأخرج منها ملف سميك وبعض اﻷظرف البيضاء ذات الحجم الكبير وعاد يجلس بجواره وتحدث وهو يفتح الملف قائلا:

-دي كل المعلومات اللي قدرت اجمعها عنه وعن نشاطه بره، ودي صور للڤيلا اللي هو عايش فيها في امريكا.


بدأ فارس بتفحص محتويات الملف فقال اﻵخر:

-الڤيلا عليها حراسة ولا القصر الجمهوري، فكر كويس في الخطه دي يا فارس أرجوك.


لم يهتم حتى بالرد عليه؛ بل ظل يتصفح اﻷوراق حتى وقعت عينه على صورة فوتوغرافية شدت انتباهه فسأله:

-مين دي؟


أجابه وهو يسحب بعض اﻷوراق من الملف ويقرأ ما بداخلها:

-بنته الوحيدة، "لاميته غسان الصباخ" كانت عايشة مع امها لحد سن 14 سنه وبعدها أمها ماتت في حادثة بيقال انها مدبره منه عشان ياخد البنت، وحاليا هي عايشه معاه في امريكا وبتدرس هناك.


رفع حاجبه الأيسر وسأله:

-عندها كام سنه ودخلت جامعة ايه؟


بالرغم من اندهاش عمر باهتمام فارس تلك التفاصيل اﻻ أنه أجابه:

-عندها 17 سنه ودخلت جامعه خاصه في لوس انجلوس.


نظر له فارس وكأنه يطلب منه إجابات أكثر دقه فأضاف اﻵخر:

-كلية تكنولوجيا معلومات قسم من أقسام جامعات الهندسة والعلوم التكنولوجيه.


اتسعت بسمة فارس وكأنه وجد ضالته أخيراً؛ فتعجب عمر من ملامحه التي لا تبشر بخير فتمتم بضيق:

-مش معقول تكون ناوي تعمل اللي في بالي! انت كده بتفتح علينا أبواب جهنم.


لم يعقب عليه بل ظل كما هو يمرر اﻷوراق بتفحص؛ فتكلم عمر مجدداً بحدة:

-ما تفهمني ايه اللي في دماغك؟


نظراته تلك التي اخترقت ذلك الجالس أمامه جعلته يشعر بقبضة قويه تعتصر صدره؛ فتمالك نفسه وصر على أسنانه قائلا بتحذير:

-متخليش اللي بيحصل يفقدك توازنك يا فارس وتتصرف غلط، احنا مش شبهه عشان نفكر كده.


رمقه بنظره مبهمة وتحدث من بين زواية فمه المبتسم:

-انت قلقان من ايه؟ فارس الفهد مش هيستخدم بنت صغيره كدرع له، أنا بس هدوقه من نفس الكاس اللي أنا شربت منه.


حاول سبر اغوار عقله، ولكنه فشل فقضم شفته السفلى وتسائل:

-ناوي على ايه يا فارس باشا؟


رمقه بنظرة جادة وقال بجمود:

-هعيشه نفس القلق اللي انا عايشه على اهلي من غير ما المسها.


رفض عمر على الفور وهو يفسر:

-وتفتكر هو مش عايشه؟ انا يعني مش رئيس مخابرات عشان اجيبلك معلومات سريه، وكل اعداءه عارفين عنه المعلومات دي واكتر؛ فتفتكر انهم محاولوش يهددوه ببنته؟ اكيد يعني هو مأمنها ويمكن أكتر ما مأمن نفسه، واللعب معاه بجد خطر ...انا مش فاهم انت ليه عايز تصعب علينا الموضوع؟


وقف منتفضا بضيق وقال:

-طلبت اعرفلك مكانه وتحركاته وعرفت، طلبت مني اجهزلك طياره خاصه تكون رهن اشارتك عشان تقابله وهو ترانزيت في اقرب بلد ونفذت، طلبت حراسه وسلاح يطلع على طياره ونفذت، واﻻكتر من ده طلبت مني يكون ليا سلطه على المستشفى اللي محجوزه فيها اﻵنسه عاليا وأعين اللي يلازمها 24 ساعه في اليوم وقولت سمعا وطاعه، قولت لي ممكن في لحظه اطلب منك تجيبهالي تنفذ من غير ما حد يحس بيك ولا حتى المستشفى وقولت حاضر.


تنفس بغضب سببه القلق والحذر ايضا واكمل:

-كل ده لا اتناقشت ولا رفضت لك طلب، بس عشان افهم اللي في دماغك وبرده مفهمتش.


شكل حلقات دائرية وهميه على اﻷوراق التي بحوزته وهو يرى مدى قلقه ورهبته؛ فابتسم لهذا الصديق الذي اكتسبه وقت الضيق لا يفرق عن رفيق دربه وتوأمه الروحي شيئاً ورد بهدوء عكس ثوران عمر:

-اهدى يا عمر واقعد عشان افهمك.



تابع قراءة الفصل