رواية جديدة سيل جارف الفصل 45 للكاتبة ريما معتوق 2
قراءة رواية سيل جارف كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية جديدة - سيل جارف رواية جديدة قيد النشر
من قصص وروايات
الكاتبة ريما معتوق
تابع قراءة الفصل الخامس والأربعون
بصدمة عاشق
قال:
-لهذه
الدرجة أحببته ؟
نزلت دموعها
وردت:
-لهذه
الدرجة كنت بائسة كي أنال الحب وكي أرى شقيق ينقذ أخته .
لم تهتم
لزينتها التي مسحت بفعل الدموع كل مافعلته هو مسح أنفها وتابعت:
-لابد
أنك لاحظت علاقتي بإخوتي كم هي باردة في الحقيقة هي مبنية على الترهيب والخوف فقط،
فأنا تعودت على ضربهم لي على أقل خطأ يصدر مني أو حتى لايصدر مجرد أن يعلو صوتي أو
أشغل الأغاني أو غيرها من أمور البنات يكون الرد عليها الضرب رغم دلال والدي
الشديد لي إلا أنه في معظم الأحيان لم يكن متواجد بل كان يقضي أغلب أوقاته في
المدينة الساحلية بجوار عمله و أمي قصة أخرى لم أشعر يوما بكونها أما حقيقية لي .
زاد نحيبها ولم
تقدر على المتابعة فحاولت كتم عبراتها ليمد لها كوب ماء شربته دون أن تنبهه بأنه
من فعل ثم قالت:
-لن
أدعي بأني كنت مظلومة طوال الوقت أو أني ملاك بالعكس كنت أصر على العناد كلما
زادوا في الضرب بل أتعمد فعل ما يغضبهم لأني أعرف بأني سوف أضرب في كل الأحوال .
بنبرة أقل حدة
قال:
-هذا
لايبرر أبدا التلاعب في أرواح الناس و شراء أعضائهم .
هزت رأسها
وردت:
-أعرف
بأني مذنبة لكني لم أتلاعب بأحد كنت أخبر الجميع بأنها تحاليل من أجل اختبار معين
وعندما لا يتطابق المريض أعطيه مال و ينتهي الأمر المرة الوحيدة التي تضرر بها أحد
عندما دخل الرجل في غيبوبة لأنه كان مريض سكر و لم يكن يعرف بالأمر و بعد أن أفاق
وقد جعلت أبي يفتح له محل بسبب مرضه و تكفلت بعلاجه .
بدا غير مقتنعا
وهو يقول:
-حتى
لو صدقت ماتقولين لقد خاطرت بحياة إنسان .
مسحت وجهها
وردت:
-أعرف
هذا أول ماخطر لي و أنا أغسل رحيم.
تريد معرفة
الأسوأ حسنا إن أبي قد مات وهو يحاول منعي من الزواج من أيوب لأنه يعرف ببطلان
الزواج .
اتسعت عيناه
وهو يتلقى هذه الصدمة لتأتي القاضية عندما قالت:
-و
الأسوأ أو ربما أقل سوءا لست متاكدة من الترتيب هي أني شاركت في محاولة خاطئة
كادت أن تقتل أشماس و قريبها بمساعدة
صديقتي ظنا مني بأني أساعد أمي
سقطت آخر ذنوبها
أمامه ومعها سقطت كل فرصها في العيش بسلام للمرة الأولى في حياتها.
❈-❈-❈
في فيلا حارث
رمت ذراع اللعب
وقالت بحنق:
-أنت
تسخر مني لم أفز في جولة واحدة حتى
ضحك بملء شدقيه
و مال يقبل خدها ثم قال:
-أنت
تتكلمين مع خبير ألعبها منذ أن كنت طفلا صغيرا وليس مبتدئ لا يعرف كيف تسمك
الذراع؟
وضعت ساقها
أسفلها وعدلت جلستها لتقابله لترد:
-دعنا
نتفرج على فيلم إذن
غمز بعينه
وقال:
-لدي
فيلم آخر مشاهدته ممتعة أكثر .
وقفت متجهة
للمطبخ وقالت:
-تعال
كي نعد شيئا نأكله أولا بدأ الجوع يقرص معدتي.
لحق بها
يحتضنها من الخلف عندما فتحت الثلاجة ورد هامسا بأذنها:
-خسئ
الجوع كيف يتجرأ ويقترب من غصن الزيتون خاصتي.
لفت له رأسها
بحاجب مرفوع وقالت:
-غصن
الزيتون؟!!
قل حبيبتي
روحي
قلبي
عمري
أي كلمة من
التي نسمع بها في الأغاني وليس غصن زيتون!
زاد من ضغط
يديه حول خصرها وقال:
-هذه
الكلمات للمراهقين أما أنا فكلماتي تظل طوال العمر .
زاد ارتفاع
حاجبها و أبعدت يديه لتلف بكلها تواجهه وترد:
-لم
أعش تلك المراهقة لذلك أريدها منك، ثم طوال العمر غصن!
أغمض عينيه
وفتحهما في حركة مسرحية ورد:
-لا
تغضبي الغصن سيتحول لشجرة مع الوقت ليس كثيرا تعرفين بأنك أكبر مني جماني.
أبعدته عنها
وردت:
-كل
وحدك أو ابحث عن غضن يساعدك، طريقتك في الهروب من الحوار أصبحت مفضوحة ابحث عن
غيرها.
قلدت صوته وهي
تخرج من المطبخ غاضبة :
-أكبر
مني جمان !!
حك رأسه وقال:
-واضح
أني أثقلت العيار قليلا لا أعتقد بأنها سترقص لي اليوم؟
جلست فوق
الاريكة وأخذت تقلب في القنوات دون اهتمام وهي تفكر في كلام مبروكة ، هل عليها
إخباره بالمضايقات التي أصبحت تطالها مؤخرا أم لا؟
ليست أول مرة
في حياتها تتعرض للتنمر بسبب وضعها تذكر جيدا السنة الأخيرة في المعهد قبل التخرج
عندما علمت إحدى الفتيات بأن والدتها تعمل كطباخة في المناسبات كما تصنع الحلويات
في منزلها لتبدأ تلك الفتاة حملة مكثفة ضدها من تنمر ومعايرة لا نهايه لها وكأن
أمها عاهرة وليست تعمل بشرف لتساعد زوجها!
وقتها توقفت عن
الذهاب للمعهد لعدة أيام بل إنها فكرت بترك الدراسة نهائيا فأخذها والدها بجولة
وحدهما حول المدينة ليجلسا أمام الشاطيء في مكانهم المفضل ثم قال بنبرته الحنية :
-تعرفين
بأن سبب تأخر الحمل هو مني وليس من أمك ؟
التفتت له
باستغراب فهي كانت تظن العكس مثل الجميع حيث لم يسبق لها أن سمعت والدتها تقول بأن
العيب كان من والدها
مد لها علبة
العصير وتابع:
-صبرت
معي سنوات علاجي حتى رزقنا الله بك دون أن أسمع منها كلمة شكوى واحدة وعندما قررت
أنا ترك القبيلة لم تعترض أبدا رغم معرفتها بأننا سوف نبدأ من الصفر .
ردت بهمس:
-طبيعي
أن توافقك أنا ابنتها الوحيدة في النهاية.
أخرج حلوى من
جيبه و أعطاها لها مثلما يفعل منذ أن كانت صغيرة ورد:
-لا
تأخذي الأمر بأنه مسلم به، كثير من النساء يفضلن مصلحتهن ويغضضن النظر عن تلك العيوب بحجة أنه ابن عمها
وسوف يصونها ويتغير بعد الزواج.
أنزلت عينيها في
حرج تعرف جيدا بأنه محق هي فقط تعودت على حب و حماية والديها لها .
أخرج حبة حلوى
أخرى و أعطاها لها وقال:
-رغم
ضيق الحال الذي مر علينا منذ قدومنا للعاصمة تاركين كل شيء وراءنا هناك إلا أنها
لم تشتكي يوما، بل كانت المشجعة لي والصدر الحنون الذي يخفف عني كل المصاعب، عندما بدأت أمك العمل عارضت بشدة ثم رضخت تحت
إصرارها وقتها تغير الحال هي أصبحت أسعد لا أعرف السبب الحقيقي لكني أعتقد
انشغالها بالعمل عن التفكير المستمر خصوصا أنك كبرت ولا تحتاجينها مثل السابق
أعطاها إحـ ـساس بالأهمية و بدأت أحاديثها أكثر متعة وشكواها من العملاء فقط.
أكثر ما لاحظت
عن حديثه هو لمعة عينيه العاشقة و الاشراق في وجهه ، والديها لم يكونا من النوع
الذي يتبادل القـ ـبل علنا ولا حتى الأحضان الأمر بالنسبه لهم مختلف تماما والدها
دائما يحرص على إطعام والدتها كما أنه من يزرع الحديقة الصغيرة بالفل والياسمين لأنها تحب رائحته أشياء قد
تبدو تافهة لكنها بدأت في ملاحظتها مؤخرا ، بحثه عنها عندما يدخل المنزل، إحضار
حلولها المفضلة خاصة في رمضان ، مساعدتها في المطبخ رغم أنه فاشل دائما وطبعا
الخوف عليها وقت المرض.
تنهيدة خرجت من
القلب وهي تذكر آخر يوم لهما على قيد الحياة عندما علموا بخطة فتحي ابن عمها بخطفها واغتـ ـصابها
نكاية في عمه قرر أبوها أن يهربها فلم يعد الوضع آمنا ولايعرف أين يشكي في ظل
تدهور الأوضاع وعدم معرفة من هي السلطة الحاكمة بعد خراب دام قرابة العام ، اقترح
عليهم إمام المسجد أن يختبئوا عنده حتى يتوفر لهم وسيلة نقل لمدينة أخرى لكن
والدها رفض خوفا من معرفة فتحي عندها لن
يردعه شيخ ولا مسجد بل سوف يهجم عليهم لذلك قرر أن يبقى في المنزل كي يؤخرهم على
أن تذهب هي وأمها لمدينة أخرى ثم يلحق بهم
وعندما رأت والدتها فتحي ينزل مع اثنين آخرين لم تميزهما جمان محملين
بالأسلحة لم يطقها الصبر و أسرعت كي تخبر زوجها لكن فتحي سبقها وقتلها قبل أن تدخل
البيت ليخرج والدها صارخا كطفل فقد أمه للتو
لم تسمع في
حياتها رجلا يبكي بتلك الحرقة المنظر شلها لدرجة لم تستطع حتى البكاء والدها يجلس
أمام منزلها أرضا يحتضن جـ ـسد والدتها الهامد وقد أغرقت دماؤها ملابسه وصوت بكائه العالي يملأ المكان انتفضت عندما
أطلق فتحي الرصاص عليه لينحني رأسه على كتفها كأنه يستند عليها حتى موته
كل ماتذكره
بعدها أن إمام المسجد أوصلها للحدود و أعطاها رقم أقاربه مع بعض المال وأخبرها أن
تحافظ على نفسها من أجل والديها
وضع حارث صينية
كبيرة أمامها لتخرج من أفكارها فقال بمرح:
-سمعت
بأن أحدهم جائع فقررت أن أجهز له طعام كي
لا يأكلني.
تلك العينان
الضاحكتان كفيلتان بتغيير مزاجها من
البنفسجي القاتم للزهري في ثوانٍ !
وضعت خصلة من
شعرها خلف أذنها و ألقت نظرة على الصينية لتجد أنه وضع زيتون و أجبان و علبة تونة
مغلقة مع الخبر ولم ينسَ إحضار كوبين مكياطة .
تنتحت محاوله
إزالة الحزن من صوتها وقالت:
-هذا
إفطار وليس عشاء سوف آخذ المكياطة فقط.
قلب شفتيه ورد
ببرائة مصطنعة جالسا بقربها:
-جماني
تعرفين بأني فاشل في المطبخ لا أعرف كيف أجهز الطعام.
لم تنظر له بل
ردت ببرود:
-فاشل
جدا تجيد فقط صنع البكبوكي وخبز الجمر مع أصدقائك وبعض المأكولات السريعة صح؟
أخذ منها الكوب
و قال بحنق:
-لا
تعجبني صداقتك مع أيوب إنه يفشي أسراري ، اسمعي أمنعك من الحديث معه بعد الآن .
أخذت منه كوبها
وردت:
-لن
أفعل هو شقيقك و إلا عليك التوقف عن الحديث مع أشماس بالمقابل ما رأيك ؟
ارتشفت من
كوبها ليأخذه منه مرة أخرى وقال:
-هناك
فرق أشماس عمتي لا أستطيع التوقف عن التحدث معها.
حاولت أخذ
الكوب منه لكنه منعها بأن شرب مافيه على مرة واحدة لتأخذ الآخر وقالت:
-وأيوب
عم أولادي.
عقد حاجبيه ثم
أعادهما لطبيعتهما وقال بحذر:
-هل
أنت حامل؟
أخذت الكوب
الآخر وقالت :
-لا
أعرف أعني تأخرت يومين لكن لم يمر الكثير على زواجنا ربما تغير هرمونات فقط.
وضع كوبه ورد:
-لذلك
كنت جائعة ؟
تعالي لنأكل
بالخارج.
تخصرت وقالت
بغضب:
-إذن
لو كنت حامل فقط تاخذني للأكل بالخارج
غيرها يكفي حبات الزيتون وخبز طبعا المهم ابنك وليس من تحمله.
أمسك وجهها بين
كفيه وقال:
-ماذا
هناك لماذا تحاولين افتعال مشكلة منذ الصباح؟
هربت بعينيها
منه وردت بهمس:
-لا
أفتعل شيء أنت تتخيل فقط.
على عكس
ماتوقعت ترك وجهها و قال بجدية :
-لا
أعرف المشكلة بالضبط لكني فهمت من كلام عمتي و أشماس أنك تتعرضين للمضايقة اخبريني
ماذا يجري معك وأنا سوف أحل الموضوع.
نبرة الحزم
الممزوجة بالذنب بطريقة لم تسمعها سابقا جعلتها تشعر بأن ماحدث معها لا يساوي شيئا
مقابل هذا .
فسر سكوتها خوف
ليقول:
-عليك
أن تعرفي بأني دائما هنا بقربك عندما تشعرين بالغضب أو الحزن و إذا كنت لاتريدن
الكلام و متضايقة من كابوس مزعج مهما كانت الوضع تأكدي بأنني سندك دائما حتى ضد نفسي أنت أمانة في عنقي ولست زوجتي فقط.
هل تحتاج لدليل
أكبر ؟
لم تسعفها
الكلمات العادية للرد لتجد نفسها تحضن
وجهه بيديها وقالت:
-لقد
وقعت في بحر عميق يدعي حارث
أنت كل أحبتي
وموطني أنت رزقي وأنا لن أتخلى عنك أبدا .
عض برقه شـ ـفتها
السفلية ورد:
-رغم
أني أرغب في تكملة السهرة هنا لكن علينا الانتقال للغرفة كي لايقاطعنا أحد .
طوقت رقبته
بيديها فضحك واستقام يحملها وعندما دخل للغرفة قال:
-أعتقد
بأن وزنك زاد قليلا علينا إجراء تحليل كي نقرر إذا كان حملا أم
قـ ـبلته برقة
و ردت:
-قـ
ـبلني واصمت لا وقت لمزاحك السمج الآن .
❈-❈-❈
قررت أفطيم
العمل بنصيحة والدتها، عليها إيجاد حل لبرودها مع سفيان، الأمر لم يكن سهلا أبدا
بعد دفن مشاعرها لسنوات أصبحت عاجزة عن التعامل وفقا لها بل المحاولة متعبة لها
جدا لذلك قررت التوجه لطبيبة درصاف النفسية
بدأت الطبيبة
بالحديث قائلة :
-سبق
وذهبت لمعالجة نفسية حسب التقارير التي أمامي صحيح ؟
أومأت لها
أفطيم وردت بعد برهة:
-ساعدتني
في موت طفلي لكني لم أتطرق لباقي مشاكلي.
عادت لسكوتها
كأنها خافت من البوح بالمزيد لتقول
الطبيبة:
-اخبريني
عن زوجك كيف تعرفت عليه، أعني متى تأكدت من حبك له.
ظهرت ابتسامة
طفيفة على شفتيها وردت:
-هو
ابن عمي أعرفه طوال عمري، لا أعرف بالضبط
متى بدأت أحبه أعني لقد كبرنا معا تقريبا رغم أنه يعيش في العاصمة بعيدا عن مدينتي
لكنه يأتي دائما لزيارتنا.
لتقول الطبيبة
بعدها:
-متى
اعترف لك بحبه إذن؟
وكيف أعني هل
كانت بينكما تلميحات ؟
حكت أفطيم
حاجبها ثم سكتت قليلا كأنها تبحث عن كلمات لترد بعدها:
-الأمر
لم يكن علني أو مصرح أقصد أني عرفت دون أن يخبرني ، لا لم يكن بيننا لقاءات خاصة
وغيره بالمعنى المعروف تعرفين كونه قريبي ومقرب جدا من إخوتي يجعله لا يتخطى
الحدود
شعرت بأنها لا
تعرف كيف تصف العلاقة جيدا وربما الطبيبة ستأخذ عنها فكرة سيئة لذلك عدلت جلستها ومالت للأمام قائلة :
-هناك
فرق بين العادات هنا وعندنا، أعني أمر العلاقة ليس مرحب به أو شائع كثيرا خصوصا في
جيلي ربما الجيل الأصغر أكثر تفتحا أو انحلالا في رأيي لا يهم ، المهم لا لم تكن
بيننا اتصالات و لا هدايا و ورود و قلوب وغيرها لكني عرفت عن طريق اهتمامه ، مثلا
عندما انتقلت السكن الداخلي كان يداوم على زيارتي في الكلية مرة مع شقيقته وعشرة
بدونها ولا لم يكن يقول كلام حب و غزل أبدا
عادت بذاكرتها
لتلك الأيام حيث كان ينتظرها كل يوم أربعاء ليجلس معها في الكافتيريا ويقضي معها
معظم الصباح في حديث قد يبدو تافها في أمور لا تخصهما لكنه مريح ومبهج لها كثيرا
الوحيد الذي
كانت تطلب منه جلب روايات رومانسية لها رغم خجلها الشديد؛ كان دائما يعرف عصيرها
المفضل و نوع الشوكلاته التي تحبها فيحضرها لها دون سؤال، حتى في نزهات العائلة
والتي تضم معظم أطفالها الذين أصبحوا شبابا هو من كان المسئول عنها بطريقة أو
بأخرى ، مكان صيدليتها هو الذي اختاره معها، الديكور الاسم أشياء بسيطة لا ترى للغير لكنها جعلتها توقن
بأنه يحبها لتأتي الصدمة في تخليه عنها وسفره دون أي تبرير.
حاولت الشرح
انتهي ببكاء عندما وصلت لذلك اليوم عندما أهدرت كرامتها أمامه ليجيبها ببرود تام
ويذهب دون عودة .
قررت الطبيبه
إنهاء الجلسة لتذهب بعدها أفطيم لمنزلها لأن هالة سوف تأتي لزيارتهم.
تجمعت درصاف
وهالة و أفطيم في جلسة نسائية بحتة بدأتها درصاف بالشكوى من الكل كعادتها و أيدتها
هالة دون معرفة التفاصيل لتقول أفطيم بعد أن انتهت وصلة النكد تلك:
-اخبريني
صدقا من عزيت أنت كي تلومينهم الآن على عدم اهتمامهم بموت أمك ؟
شحب وجه درصاف
فهي لم تأخذ حذرها وقالت بأن والدتها ماتت أمامها وقد فهمت الأولى في ماذا تفكر
لتقول:
-لن
أخبر سفيان لقد حذرني عبدالخالق ومعه حق يكفي ما رآه حتى الآن ، لكن دعينا نعود
لموضوعنا، أنت تجاهلت الجميع حرفيا بما فيهم أنا حتى عندما أتيت لك كي أخرجك من
المشفى وأخبرتك بموت أبي لم تهتمي صحيح ؟
ردت بحدة :
-تعرفين
حالتي وقتها توقفي عن لومي أنت أيضا.
لترد أفطيم
ببرودها المعتاد:
-لم
ألمك يوما بل لم يلمك أحد وكلنا تقبلنا عدم اهتمامك بموت أهلنا و راعيناه بحجة
مرضك رغم أنك تعرفين بأن ذلك ليس صحيحا ، لكن أن تتوقعي من أحد التعاطف مع موت
والدتك هو الجنون بذاته وأعتقد أنك تعرفين السبب جيدا .
قاطعتها هالة :
-لماذا
جنون ماهو السبب؟
يكفي أنكم
تقبلتم زواج حارث عليها
صبت لنفسها كأس
شاى ببرود كاد يقتل هالة وردت:
-تزوج
بعد أن طلقها و أنهت عدتها بعدة شهور ولم يتزوج عليها كما أننا جميعنا أخبرناها
برغبته في الزوج بل أشماس اتصلت بها مخصوص تخبرها قبل عقد القران وهي لم تهتم أبدا
السؤال الذي
يلح علي بشدة لماذا تهتمين أنت بهذه الدرجة بل وتكرهين جمان كأنها عدوتك؟
عقدت يديها
ودت:
-لأني
امرأة لديها مشـ ـاعر طبيعي أن أقف مع صديقتي و جمان خطفت زوجها هذه حقيقة لن
تستطيعوا الهروب منها ربما الأمر عادي
عندكم لكن هنا لا.
اتسعت عينا
درصاف و أفطيم بنفس الطريقة من الإهانة الموجهة لعاداتهم لتتبادلا النظرات ثم ردت
درصاف :
-هالة
حبيتي لا داعي لأن تجعلي الأمر يؤثر عليك كثيرا ماحدث قد حدث وأنا لست نادمة
صدقيني هي من ستندم بعد العيش معه لعدة أشهر
لتقاطعها أفطيم
بحدة :
-واضح
ياسيدة هالة بأن أمي محقة عليك تعلم عادات أهل زوجك وتقاليدهم قبل أن تنتقديهم
وتقللين منهم بهذه الطريقة.
شعرت درصاف بأن
المسألة ستتحول لشجار بين الاثنين فهي تعرف أفطيم عندما تتحدث بتلك النبرة لن تهدأ
بسهولة أبدا.
لذلك قالت بصوت
عال :
-لقد
تحصلت على عمل عمي إبراهيم وجد لي عمل في السفارة موظفة محلية بشهادتي المرتب ليس
كبيرا لكن الخروج والعودة سوف يغير نفسيتي كثيرا.
وضعت أفطيم
كأسها ثم وقفت قائلة :
-مبروك،
البيت بيتكم طبعا أعتذر منكم أنا متعبة سوف أذهب للنوم.
تركت الجلسة
دون السلام على هالة الأمر الذي جعل الأخيرة تكاد تبكي لتبدأ درصاف بالاعتذار من
أسلوب أفطيم الفظ وقلة ذوقها وانتهى الأمر بأن خرجت معها كي لا تعود غاضبة
لمنزلها.
قرر أن ينتهي
الموقع الإلكتروني لأشماس قبل سفرها فقد أخبرته جمان بأن الأولى ستذهب غدا لذلك
أخذ الكمبيوتر المحمول و جلس في قهوته المفضلة يسابق الزمن ولم يشعر بالوقت إلا
عندما حركت يـ ـدها أمام وجهه ليرفع رأسها فوجد نهى أمامه لم تتغير ملامحه
الجليدية فأجلت حلقها و قالت:
-أهلا
عبدالخالق يالها من صدفة جميلة .
خفض رأسه وعاد
ينقر على الكمبيوتر و رد:
-شعور
غير متبادل.
رفعت قدمها
تفكر في نزع حذاها ذو الكعب الرفيع وغرسه في رأسه ربما يقلل ذلك من غروره.
قال دون أن
يزيح أنظاره عن الشاشة :
-تؤلمك
قدمك من الكعب أم أنك تفكرين بزرعه في رأسي ؟
أعادت قدمها
لمكانها و ردت بسخرية :
-الفكرة
مغرية جدا لولا وجود الكثير من الشهود
تجاهلها من ما
زاد غضبها لكنها للأسف تحتاجه لذلك سحبت الكرسي و جلست عليه ثم قالت:
-أحتاجك
لنصف ساعة أو أقل .
نظر لها من تحت
رموشه لتلاحظ بأنه يمتلك رموش كثيفة وهو أمر غير شائع في الرجال أم لا؟
لا تعرف لكنها
لم تلاحظها من قبل، هزت رأسها تبعد عنه تلك الأفكار السخيفة وقالت:
-صديقتي
قادمة لمقابلتي وقد عرفت بالصدفة بعدأن وصلت بأنها قادمة مع مجموع من أصدقائها
وأناغير معتادة على الجلوس مع الشباب أعني تعرف الوضع هلا جلست معي .
عاد بظهره
للوراء ورد ببرود يحاكي برود شقيقته:
-بأي
صفة ؟
هي صديقتك وهم
أصدقائها ،أما أنا لا صديقك ولا أريد أن أكون .
قلبت مقلتيها
وردت :
-صبرني
يارب، افهم أخي ليس هنا ولا أستطيع الاعتذار منها كل ما أطلبه منك الجلوس معنا
لنصف ساعة فقط اعتبرها خدمة لوجه لله.
عادت ملامحه
للجمود لتردف:
-أنت
شقيق صديقتي كما أن بيننا عيش ومكياطة ألا يشفع ذلك لي عندك.
زفر وأغلق جهاز
الكمبيوتر خاصته ثم استقام ليعلو وجهها ابتسامة جميلة وذهب معها للمطعم الآخر حيث
توجد صديقتها التي لم تكن سوى ابنة خالتها ومعها شخص واحد فقط!
لم يعلق بل
انسجم في الحديث بطريقة فاجأتها كثيرا خصوصا أن طريقته كانت لبقة عكس الطريقة التي
يتحدث بها معها كانت تحدق فيه ببعض الغضب حتى مالت عليها نجلاء وقالت:
-عرفنا
بأنك مرتبطة به لاداعي لكل هذا التحديق
رمشت وعقدت
حاجبيها في غير فهم وردت:
-مرتبطة
بمن لا أفهم ؟
لترد نجلاء وهي
تتأمل عبدالخالق بإعجاب :
-بذلك
الوسيم الذي أحضرته معك لتنهي المقابلة قبل أن تبدأ !
كنت اخبريني
قبلا تعرفين بأني أحضرته بناء على زن والدتك كي تجدي عريس لماذا لم تخبريها عن هذا
الوسيم أم أنها ترفض ارتباطك من جنسية أخرى ؟
لم تستوعب كل
ماقالته نجلاء لها فأخذت دقيقة قبل أن ترد:
-أولا
أنت تعرفين برفضي هذه الطريقة وأنت من ضغط علي بأمي وخالتي، ثانيا لا يوجد شيء
بيني وبين عبدالخالق أنا فقط وجدته صدفة في طريقي .
مالت برأسها
قليلا وردت:
-صدفة!!!!
لم تجادلها نهى
لأنها تعرف بأن ابنة خالتها تحب تضخيم
الأمور لذلك حاولت الاندماج في حديث عبدالخالق مع عريس الغفلة كما أسمته مسبقا،
تكره ضغط والدتها عليها كي تتزوج بسرعة بل تتزوج أي شخص المهم أن لايفوتها القطار
على حد قولها هي ليست ضد الفكرة لكنها لم
تتأقلم بعد معها خصوصا بعد فسخ خطبتها السابقة فقد لاحظت أن هناك فجوة ثقافية
أحدثتها الغربة فيها عليها أن تتأقلم أولا مع تلك الفجوة كي تستطيع أن تجد من
يناسبها وهو أمر لا تريد أمها فهمه أو مناقشتها فيه أصلا .
استمرت الجلسة
لأكثر من ساعة حتى استقامت نجلاء وقالت:
-لقد
تأخر الوقت علي العودة الآن ليقف العريس بدوره و يستأذن متجاهلا تحية نهى أما
عبدالخالق فأخذ حقيبته التي تحتوي على الكمبيوتر لتقترب منه و تقول :
-شكرا.
ألقى عليها
نظرة باردة أغاظتها فتابعت:
-نحن
الآن متساويان وبالمناسبة لايوجد شيء اسمه تمرجية
تكاد تقسم بأن
عينيه ضحكت ضحكة لم تظهر على شفتيه ورد:
-لا
لسنا متساويين ثم ماذا تتوقعين بأن يناديك أسطى غير تمرجية ؟
ضحكت لطريقة
نطقه الغريبة خصوصا مع تثقيل الجيم و قالت وهي تسايره في المشي:
-هناك
تمرجي وهو لقب لم يعد مستخدم لعلمك كما أنه لا توجد مؤنث له كما أني دكتورة و
قاطعها:
-صيدلانية
لم تحصلي على درجة الدكتوراه لا داعي للتكبر.
زمت شفتيها
وقالت:
-المهم
لقد كلفني إزالة ذلك اللقب من الجهاز مبلغ وقدره تعرف لأن كل فاتورة من الصيدلية
كانت تطبع باسم التمرجية نهى ؟!!
وصل لمحطة
الباصات الداخلية للحي الذي يقطنوه ورد:
-لو
تنازلت واتصلت بي كنت أزلته بسهولة ، هيا اركبي الباص خاصتك أريد العوده لعملي.
باستغراب ردت:
-ستدعني
أعود لوحدي؟
رد ببرود:
-هل
أنا الحارس الخاص لسيادتك ؟
ثم من قال
لوحدك الباص يمتليء بعد قليل هيا لاتدعي أنك ( تشارليز ثيرون) هناك مقاعد فردية ثم
المرة القادمة لا تخرجي من منزلك لوحدك لو كنت تخافين.
تخصرت وقالت:
-تشارليز
من؟
تلك العجوز
عمرها ضعف عمري لعلمك فقط.
ضم قبضته بقوة
حتى ابيضت مفاصله وجز على أسنانه بقوة و رد :
-اخفضي
صوتك وانزلي يديك حالا وإلا سانسى أنك فتاة محترمة و
بلع بقية
كلماته بإغلاق فمه بقوة جعلت عضله فكه تبرز الأمر الذي أخافها لتسرع و تركب الباص
دون محاولة تخمين باقي كلامه أما هو فقد أخرج هاتفه واتصل بشقيقته بمجرد أن ردت
قال:
-إياك
وطلب مني أي مساعدة تخص تلك السخيفة واخبريها لو رأتني في أي مكان تدير وجهها
للجهة الأخرى مفهوم.
أغلق دون أن
ينتظر ردها لتقول درصاف التي كانت تجلس بقربها:
-ماذا
هناك ؟
لترد أفطيم
بنبرة بدت غريبة عليها:
-واضح
أن هناك اصطدام النار بالجليد قريبا
❈-❈-❈
رفض أن يوصلهم
أحد للمطار لذلك أخذ وداعهم وقت طويلا مبروكة أكثرهم حزنا بطريقة استغربتها أشماس
نفسها خصوصا عندما احتضنت أيوب و قالت:
-أعرف
بأنها مدللة قليلا لذك اصبر عليها أعني المرأة في الحمل تكون حساسة جدا ولن أوصيك
بها قد تتعبك أكثر خصوصا عندما يزداد الوحم.
تأفف عبدالخالق
الذي وضع الحقائب في السيارة وقال:
-سوف
تذهب الطائرة وتعود وأمي لازالت تبكي.
نزلت دمعة من
عينيها لتمسحها وردت:
-انظري
ماذا يحدث عندما تنجبين في الخارج، يكتسب برودهم مثل هذا الجلف
ثم رقت نبرتها
وتابعت:
-لو
كنت أقدر على ترك الكل والذهاب معكم لفعلت .
لتقول سنان من
ورائها بعتاب:
-وتتركيني
؟
التفتت لها
وردت:
-لا
طبعا لن أفعلها أنت أكثر من يجعلني أبقى هنا رغم أن اشماس تحتاجني .
لتقول أفطيم
التي عقدت يديها أسفل صدرها:
-هل
نسيت أني ابنتك الوحيدة هنا ؟
لا أصدق كيف
تتحدثين عن أشماس وسنان وتنسيني لا ينقص إلا أن تقولي لن أترك جمان وحدها؟
فردت سنان يد و
ضمت الأخرى لتحركها فوق المفرودة في حركة تعني موتي غيظا وقالت:
-هي
أمي أيضا شئت أم أبيت .
لتمسح مبروكة
عينيها و تقبل رأس سنان ثم ردت:
-كلكن
بناتي و طبعا لن أترك جمان وحدها هي أيضا في مقام ابنتي.
تدخل حارث
ضاحكا:
-لا
تقلقي عليها ليست صغيرة بل هي أكبر …
قاطعته مبروكة
بحدة :
-ما
بها يا ابن فتحية ؟
هل تقصد شيء
بكلامك هذا؟
أم أنك نسيت كم
الفرق بين فتحية و جبريل؟
جمان هل يعايرك
هذا الفتي؟
كتمت جمان
ضحكتها بصعوبة خصوصا مع منظر حارث الذي بدا كالطالب الفاشل أمام مدير المدرسة وهو
يلقي عليها نظرات خلسة يترجاها بها بألا تتكلم.
لتتابع مبروكة
:
-لو
قال لك كلمة واحدة اخبرني لأريه كيف يكون فرق العمر بين المرأة وزوجها.
أسرعت تقبل
رأسها و تقف ورائها بانتصار واضح وهي تلعب حاجبيها لحارث لتنفجر سنان بالضحك
شاركتها به أشماس و أفطيم بينما درصاف تتابع من مكانها في استغراب شيء ما تغير لا
تعرف ماهو ، لا ليست غيرة ما تشعر به لكن منظرهم منسجيمن معا يتضاحكون على أمر من المفروض
أن يكون محرج وسبب مشاكل كثيرة يثير
استغرابها جدا؛ كيف دخلت جمان بينهم وانسجمت بسهولة ؟
حتى علاقتها مع
أيوب و عبدالخالق تعتبر جيدة جدا وكيف
تقبلتها سنان و مبروكة ؟
كيف تتحمل ضغط
القبيلة عليها وهي عاشت وحدها مع والديها فقط كما علمت من أفطيم؟
الصورة ليست
صحيحة هناك خطأ لم تحدده بعده لكن عليها معرفة أين العلة !
❈-❈-❈
في الدولة
الأجنبية
منذ أن وصلا
اليوم التالي للزفاف وهو يتجنب الحديث معها يقضي يومه في العمل ولا يعود إلا آخر
النهار لكن ذلك لم يمنعه من إرسال وجبات طعام كل يوم لها وجلب جميع مستلزمات البيت
بل إنه كان يترك مال أمام غرفتها ليجده كما هو عندما يعود لايمس ، هي أيضا لم
تحاول الاقتراب منه بل انعزلت في الغرفة التي خصصها لها تأكل ما يسد جوعها
فقط وتبحث عن عمل في صفحات الانترنت، لم
يطلقها بعد بسبب كرم أخلاقه الذي سيدوم لشهر أو اثنين لتجد نفسها بعدها مطلقة
للمرة الثالثة !
ومن يلومه من
الذي يتحمل شخص بكل عيوبها التي لا تنتهي من يعرف ربما غدا يعلم بقصة محاولة
مساعدتها لمنار التي انقلبت لزواج فاشل بكل المعايير لاتستطيع الفكاك منه؟
رفعت عينيها
المبللة بالدموع للسماء وهي تجلس فوق السجادة وقالت :
-اعطني
القوة كي أتحمل أيامي القادمة لا أريد أن أنكسر فليس لي سند ولا مكان يأويني أريد
بعض الوقت فقط كي أدبر أمري ، لم تبخل علي سابقا يا الله بسترك .
غلبتها غصتها
لتبدأ في البكاء لا تعرف سببه الحقيقي هل هي حزينة على ما حدث لها أم حزينة على
فقدان هادي الذي لم تتجرأ حتى أن تعلن لنفسها حبه؟
هادي كبير
عليها كيف يحبها هي وهو بكل هذه المميزات ؟
هي كما وصفها الكثيرون
فتاة عابثة لا يحق لها أن تنظر له بإعجاب لا أن تقع في غرامه!
تتذكر نظرات
شقيقته و إبراهيم جيدا كانا يحذرانها من كسر قلبه وقد صدق حدسهما للأسف
عليها كسر
قلبها بدورها قبل أن يزدهر حبه أكثر في قلبها فالنهاية كتبت قبل البداية
❈-❈-❈
في مكتب هادي
-اممم
حسنا ما فهمت أنها كانت تحاول مساعدة شخص مريض بغض النظر عن الطريقة لكني لا أرى
أبدا بأنها مذنبة .
حرك قلمه على
ورقة يكتب شيئا غير مفهوم ورد:
-تعني
بأن الغاية تبرر الوسيلة صح؟
لا أنا لا
أتقبل هذا المبدأ أبدا كما أنها كادت تقتل شخص.
ردت جوليا:
-بل
اكتشفت مرضه أي أنها و شريكها أنقذا شخصا ولم يقتلاه ، من يعرف ربما لو لم يعرف
بتلك الطريقة لمات بغيبوبة سكر دون أن يعلم أحد .
هو أصلا مقتنع
بكلامها قبل أن يتحدث معها خصوصا بعد أن أرسل من يتأكد من القصة وأثبت صدقها لكنه
يريد سماعها من شخص آخر .
أخرجته جوليا
من أفكاره عندما قالت:
-لو
كنت تشـ ـعر بأنها مذنبة اعطني رقمها وأنا من سيقوم بمساعدتها، تعرف القاعدة
الذهبية عندما تبدأ المشاعر في التورط ابتعد.
رد هادي بسرعة
:
-أي
مشـ ـاعر تلك هي مجرد حالة أنا فقط لا أريد مشاكل قانونية .
ضحكت وقالت:
-أعرف
بأنك غارق في حب عروسك حتى أذنيك بل كنت أراهن مع ألبرتو متى ستسلم أسلحتك وتعلن
حبك لها.
لم يشعر بتلك
الابتسامة التي زينت وجهه عندما رد:
-هل
كان واضحا علي لهذه الدرجة؟
اقتربت بكرسيها
ذو العجلات وقالت:
-جدا
هي الوحيدة التي لم تقم بمغازلتها بل تتجنب الحديث معها دائما وتنتقدها، كنت تفعل
معها عكس ما تفعله مع باقي النساء في
حياتك وهذا لم يعنِ سوى أنها مميزة جدا.
يعرف بأنها
محقة فهو وقع في غرامها قبل أن يعي ذلك بفترة طويلة لكن هل هذا كافي كي يتخطى كل
شيء و يكمل حياته معها؟
والأهم هل
ستقبل هي به بعد أن خذلها كما فعل كل الرجال في حياتها؟
❈-❈-❈
في بلد أيوب
مر أكثر من
ساعة وهي تلف وتدور حول نفس الموضوع دون أن تقول جملة مفيدة وعندما تعبت من الكلام
قالت الطبيبة وهي تنظر في دفترها:
-در ،
هل تمانعين أن أناديك به؟
ردت بملل:
-نعم
ممكن طبعا.
لتكمل الطبيبة
:
-ما
فهمت منك أن هناك أمران يضايقانك جدا أولهما أنهم لم يقوموا بتعزيتك والثاني
انسجام زوجة طليقك في العائلة أو القبيلة كما تسمونها.
ارادت درصاف
الاعتراض لكنها عدلت لسبب لم تعرف وقد لاحظت الطبيبة ذلك لتقول:
-دعينا
نضع بعض الخطوط الأساسية أولا ، سبق وقلت بأنك لا تهتمي بعودتك لطليقك ثم عدلت عن
رأيك و قلت هو من عليه أن يعتذر منك ويترجاك كي تعودي صح؟
ردت بحدة :
-هو
من طلقني لذلك يجب أن يعرف خطأه ثم أن الأمر لم يعد يهمني.
وضعت الدفتر
وقالت:
-هل
أحببته يوما في حياتك؟
فكرت لثوان و
قالت:
-لا
أعرف ، أحيانا كنت أشعر بالميل له و الغيرة عليه ونعم أحببت حبه لي كثيرا لكن حب
مثل حب أشماس لأيوب لا أعرف إذا كنت حملت له هذه المشاعر يوما.
لترد الطبيبة :
-لم
تقولي لا بل قلت لا أعرف وهذا يعني بأنك وضعت حاجز بينكما كي لا تتطور مشاعرك لذلك
لا تعرفين إذا كنت أحببته فعلا أم مجرد إعجاب فقط.
رفعت كتف واحد
و أنزلته لترد الطبيبة :
-دعيني
أخبرك بمعلومة قد تكون غائبة عنك وعن الباقين لسبب لا أعرفه بصراحة .
ظهر الاهتمام
جليا على وجه درصاف لتقول الطبيبة :
-عودتك
لطليقك مستحيلة سواء تزوج أم لا والسبب ببساطة هو أن والدتك ساهمت بطريقة أو بأخرى
في قتل أهله .
شحب وجه درصاف
وكادت تعترض لتكمل الأولى حديثها:
-هذا
مايؤمن به الجمع و قد اعترفت به والدتك سابقا كما أخبرتني صح؟
مرت لحظة صمت
قبل أن تقول درصاف بجمود:
-وماهو
الأمر الثاني؟
طلبت لها كوب
عصير ولم تتحدث حتى شربت منه أولا :
-الأمر
الثاني يعتمد على الأول ، أخبرتني كثيرا عن قبيلتك وكرهك لها وكم هي بغيضة لكن حسب
كلامك أنت وماحدث منذ عودتك ونزوحهم من الحرب لم يقم أحد بلومك على فعلة والدتك أو
التلميح لها صح؟
حاولت التحكم
بصوتها وهي ترد:
-لأنهم
يعرفون جيدا بأني لم أكن أعرف بها أصلا ابني كاد أن يموت كيف سأسمح بأمر كهذا
بالله عليك؟
لتقول لها:
-وماذا
عن أخذها لمال طليقك؟
ألم تساعدينها
فيه ؟
أعرف بأنك كنت
في أسوأ حالاتك النفسية وأنها استغلت ذلك لكنك لم تكوني مغيبة بالكامل صح؟
هذه المرة لم
تهتم لنبرتها وهي تصيح:
-هل
تتهمينني بالسرقة ؟
قصدك بأني كنت
أعلم ما تخطط له وسكت ؟
لا أسمح لك
بهذا أبدا .
وقفت تبحث عن
حقيبتها لترد الطبيبة :
-لا
طبعا لا أتهمك لكن الأمر واضح إنك لم تلومي أمك على سرقتها كما حاولت تبرير
تبليغها عن أهل طليقك.
عادت للجلوس في
كرسيها وقد صدمتها الحقيقة في الصميم، هي فعلا لم تلم والدتها الرحلة أبدا قد تكون
ما أشارت له الطبيبة من أحداث الأكثر تأثيرا لكنها ليست الوحيدة بالطبع.
أسندت جبهتها
لكف يدها وقالت:
-مادخل
هذا في علاقة جمان بالباقين لا أفهم أنت فقط تنتقدي أمي الراحلة مثلهم.
لتقول الطبيبة
:
-مهمتي
أن أوضح لك الحقائق لا أن أريحك بكلام كاذب، وكي تربطي بين هذا وذلك، ما عنيته بأن
عائلتك مراعية جدا لمشاعرك ولم تقول كلمة
سيئة عن والدتك وفي الوقت الذي لم تهتمي
أنت بتعزيتهم ومعرفة ماحدث لهم وقت الحرب.
قاطعتها بصوت
حزين:
-لم
أقدر على فعلها خشيت من رد فعلها ولم أرد أن أعرف ما عاناه ابني وأنا بعيدة
لاتعرفين شعور الذنب الذي يقطعني كلما شاهدت مقطع لانفجار أو موت طفل ، صدقيني كنت
أود مشاركتهم بالتفاصيل لكن الطبيب في الخارج طلب مني أن ابتعد عن أي شي يؤذي
نفسيتي خصوصا من العائلة كي لا أنتكس.
لأول مرة يظهر
تعبير على وجه الطبيبة وهو امتعاص شديد لتعود لطيبعتها العملية بسرعة وردت:
-هناك
فرق بين المدرسة الأجنبية ونحن، الدين والتقاليد و أهمية العائلة أيضا أشياء لا
يؤمنون بها لذلك دائما أنصح المريض بأن يذهب لطبيب نفسي من نفس بيئته إذا استطاع .
أعتقد بأنك
تعبت كثيرا اليوم لماذا لا تفكري في كل ما قلته ربما تجدين سبب انسجام زوجة طليقك
في العائلة وتقبلهم لها .
أومأت لها
درصاف لتتابع:
-ممتاز
المرة القادمة أريد جواب لنتناقش فيه معا.
❈-❈-❈
في الدولة
الأجنبية
لم تتوقع بأنها
اشتاقت لشقتها لهذه الدرجة شعور بالحمـ ـيمة عارم جعلها تبتسم بسعادة واضحة
ليحضنها أيوب من الخلف وقال:
-أخيرا
وحدنا لم أحظ بمعانية دقيقة منذ مدة طويلة .
نكزته وردت:
-لم
تحظ بماذا؟!!
تمزح صح حتى
بعد تحذير عمتي لم تهتم.
فك حجابها بيد
بينما اليد الأخرى تتحرك على جسـ ـدها في محاولة إزالة باقي ملابسها فالتفت
لتواجهه وقالت بدلال:
-واضح
أنك لا تسمع الكلام قلت متعبة وأريد أن أرتاح .
مال يقـ ـبل
رقبتها وهو يقول:
-أنا
أيضا متعب جدا جدا ويجب أن أرتاح حالا وإلا سيحدث انفجار.
لترد بدلال
أكثر:
-أيوب
توقف
لم يدعها تكمل
كلماتها بل اوقفها بطريقته الخاصة
استيقظت بعد
فترة وارتدت ملابسها لتسمع صوته يحضر شيء في المطبخ فأخذت دش سريع ثم خرجت لتأكل
معه فهي جائعة جدا ليقول لها:
-بعد
الغد لدينا موعد مهم مع الطبيب.
ردت وهي منهمكة
في الأكل :
-متى
أخذت الموعد ثم ألم تخبرنا الطبيبة بأني لا أحتاج إلا لزيارة واحدة في الشهر؟
دعني أرتب
الأمر أولا مع طبيب مخ وأعصاب أفطيم أخبرتني بأنه يجب المتابعة معه.
مد له كوب حليب
و رد:
-لا
ليست طبيبة نسائية بل نوع آخر أهم كان علي أن أفعلها منذ أول الزواج، وقد ساعدني
هاشم في حجزها أنا فقط أبحث عنه عموما لا تقلقي عندما نذهب سوف تفهمين كل شيء .
خمنت بأنها
طبيبة تجميل لكن حتى لو كيف ستتعالج وهي حامل؟
بعد الغد ليس
بعيد لا داعي لتتعب نفسها
اليوم التالي
ذهب أيوب لعمله مبكرا أما هي فقد استيقظت متأخرة كما هي عادتها مؤخرا حاولت تمضية
الوقت في العمل على الموقع الذي بدأ عبدالخالق في تجهيزه لها لكنها شعرت بالملل
فقررت أن تذهب لعمل زوجها، جهزت بعض الشطائر و غيرت ملابسها ثم توجهت له لم يكن
المعرض مزدحما فقرر أن يخرج معها للحديقة القريبة كي يتناولا الشطائر بعيدا عن
أعين العالمين ، ليجلسان على كرسي وطاولة حجرية ، وضعت أشماس الشطائر أمامهم قائلة
:
-كنت
أرغب في عمل كبدة لكني تذكرت كلام عمتي فغيرت رأيي و..
لاحظت نظرات
أيوب الجامدة فرفعت رأسها لتجد والده يقف بقربهم ، لم يتحرك أيوب
فاستقامت هي ليقول والده:
-أعرف
بأنك لا تريد رؤيتي لكني أنتظر منذ أكثر من شهر كي أتحدث معك.
أشارت له ليجلس
في المكان الذي كانت تجلس فيه بينما هي ذهبت لتجلس بقرب أيوب فقد أتاها شعور
بالرغبة في حمايته فجأة
أجلي والده
حلقه و قال:
-عندما
تركتكم لم أكن أظن بأني سوف أستقر هنا، كنت أريد فقط جمع مبلغ كي أبدا مشروع في
الوطن.
رد أيوب بسخرية
:
-لذلك
طلقت أمي ؟
تقبض والده
ورد:
-الأمر
ليس كما تظن أعني أمك كانت أجمل فتاة رأيتها في حياتي لذلك صممت على الزواج منها
رغم أني كنت صغير في السن لكني لم أتحمل
نظرات الآخرين لها الجميع كان يحسدني
عليها وعلى صبرها وزاد الأمر عندما خسرت عملي وضاق بنا الحل كنت متأكد بأنها سوف
تتركني و تتزوج رجل غني.
قاطعه بحدة :
-لذلك
تركتها أنت مع طفلين وحدها دون أي مصدر رزق ولا حتى مكان يأويها صح؟
إذا كنت متأكد
بأنها من النساء الاتي يتركن أزواجهن للبحث عن واحد أغنى ألم تخش على أطفالك ؟
قد تتركنا في
الشارع مثلا بالطبع الرجل الغني لن يأخذ امرأة برقبتها طفلان .
نطت الإجابة في
رأسه ليتراجع برأسه عاقدا حاجبيه و قال مصدوما:
-بالطبع
تعرف بأنها لن ترمينا أنت من تعمد تركنا لها كي لا تتزوج مرة أخرى صح؟
يا إلهي كنت
تعاقبها على جمالها بنا؟
ضمت أشماس يدها
ونظرت لوالده بغضب الذي قال:
-أنا
لست وضيعا كما تظن صدقني الأمر أني اضطررت للزواج هنا كي أضمن الإقامة و بعدها
الحياة أخذتني لم أقدر على جمع المال كي أعود لكم.
ضرب بقبضته
الطاولة الحجرية و وقف قائلا:
-لم
تهتم بنا كي تعود أصلا ، تعرف بأن عمي طلب الزواج من أمي وعندما رفضت طردنا!!
تعرف بأنها
ماتت مقهورة بسبب شيكات لأنها أرادت ستر ابنتك بالمناسبة رنا تزوجت و أنجبت وهي
محترمة ومحجبة ليست مثل التي كانت معك يومها.
عقد حاجبيه
وقال:
-حتى
لو قصرت في حقك لايجوز أن تتحدث معي بهذه الطريقة أنا والدك.
ضحك باستهزاء و
رد:
-لا
لست والدي ولن تكون الوالد هو من يربي و من يمنح الحنان والأمان من يعطي دون
انتظار المقابل أنت بالنسبة لي ميت منذ اليوم الذي تركتنا ليتك فقط لم تشوه حتى تلك
الذكرى.
ترك المكان
يسحب أشماس بيده محاولا الابتعاد قدر الإمكان عنه لا يريد حتى أن يتنفس من نفس
الهواء.
لم ينطق بحرف واحد منذ ترك والده في الحديقة وهي لم تشأ أن تفتح معه الموضوع خصوصا بعد الذي سمعته بنفسها فقط أخذته بين يـ
ـدها لينام على صـ ـدرها وأخذت تخلل شعره وهي تقرأ عليه بعض الآيات التي حفظتها من
جدها لتهدئة النفس حتى بعد انتظم تنفسه
وعرفت أنه نام لم تبعده عنها بل ضمته بيدها وهي تفكر ما عليها فعله كي تخفف عليه
هذه المحنة ؟
❈-❈-❈
في بلد أيوب
((وداوني
بالتي كانت هي الداء))
مقوله تقال عند
الجرح في الحب في العادة لكنه قرر أخذ العبرة و البدء في التنفيذ، لم ينس نظرة
الخوف في عيني أخته يوم زفافها لذلك جمع المعلومات وضغط على عمته بشدة حتى عرف
منها بماذا تبتزهم تلك الشمطاء عندها فقط عرف معني كلام فتنة مع والدته يوم أعطاها
بطاقته المصرفية .
وضع رزم مالية
أمام زوج صافيناز وقال:
-لو
نفذت في هذا الأسبوع لك الضعف المهم الدقة ونظافة العمل.
أخذ المال
بابتسامة بلهاء و رد:
-بل
غدا سأنفذ.
لمعت عينا حسن
ورد:
-لا
بعد الغد أريد للفضيحة أن تملأ الدنيا في نهاية الأسبوع .
صحيح أن أذية
النساء ليست من سماته لكنها ليست من صنف البشر بل هي شيطان وقد حان وقد عودتها
لمكان الأصلي .
الفصل الخامس والأربعون
بقلم الكاتبة ريما معتوق